طلال شتوي و"زمن زياد" «الرجل هو نفسه لكن بمعطف مختلف»

بيروت ــ إسماعيل فقيه 16 فبراير 2019

حقق طلال شتوي روائع الكلمات والكتابات والإطلالات من خلال نشاطه الصحافي، إن في الكتابة الصحافية أو في الصحافة المرئية، خصوصاً الصحافة الاجتماعية والفنية و«التوك شو»... تجربة بدأت بالكتابة اليومية في الصحافة وامتدت الى برامج التلفزيون، واستقرت في التفرغ للكتابة، وإصدار الكتب المتّصلة بالذاكرة والذكريات والرواية. وكانت كتبه مشوّقة لما تحمله من الذاكرة الجميلة والوقائع المعيوشة. ولمناسبة إصداره كتباً عدة تحاكي الزمن الجميل، خصوصاً كتابه «زمن زياد»، تحدّثت «لها» مع شتوي عن التجربة والنشاط والعمل والفعل الذي مارسه...


- ماذا تقول عن نفسك بعد تجربتك الغنية في الصحافة والكتابة؟

أنا لا أزال أنا، تغيرت الوسيلة لكن الغاية بقيت هي هي، تماماً كما القول الشهير «إنني الرجل نفسه لكن بمعطف مختلف. عملي في الصحافة ومن ثم في التلفزيون، كان دائماً محكوماً بمزاجي القلق والمتطلّب، بحيث لم يكن يرضيني ويقمع جموحي ومللي من المهنة سوى القدرة على ابتكار شيء جديد ولربما غير مسبوق، وهو ما أدّعي أنني فعلته في ميدان الصحافة الاجتماعية والفنية، كما في ميدان «التوك شو» التلفزيوني. واليوم، أكرر الحكاية مع الكتابة، أسعى الى أنماط جديدة وأساليب جديدة، وربما بنضج أكثر، وبطبيعة الحال بحرية أكبر.

- كتابك الأخير «زمن زياد» لافت ومثير وفيه انحياز كبير الى زياد الرحباني، لماذاهذا الانحياز؟

هل حقاً كنت منحازاً الى زياد الرحباني في الكتاب؟ لا أعرف! ربما مجرد اختياري له محوراً لكتابي الأخير هو انحياز، لكن الكتابة بكل أشكالها هي عمل انتقائي، ولا أجد غضاضة كما لا أعتقد أنني في حاجة الى تقديم مبررات. فأنا لست ناقداً ولست رجل أرشيف، لكن لا أنكر أنني سلّطت أنواراً كاشفة وقوية على تقاطعات زياد الرحباني مع مدينة بيروت، ومع أمكنة وأشخاص وأحداث مسرحها لبنان وكل الكوكب. والأهم أن هذه التقاطعات لم تكن مصطنعة، بل أتت تلقائية الى درجة أدّعي معها أنني صنعت حبكة غير مسبوقة في هذا النوع من الكتابة.

- تجربتك الصحافية قادتك إلى الكتابة الإبداعية، كيف ولماذا؟

قد تندهش إذا كشفت لك أن العكس هو الصحيح، فأنا دخلت عالم الكتابة من باب الشعر والقصة القصيرة، ونشرت في مطبوعات كثيرة وشاركت في مسابقات وفزت في بعضها، ولعل ذهابي الى الصحافة أتى بسبب تخصصي الجامعي في الإعلام، ومن ثم تكفل النجاح السريع الذي حققته في المهنة بأن تسحبني الصحافة بشكل كامل، خصوصاً أنها صارت عملي ومورد عيشي الوحيدين. هذا لا يمنعني من الاعتراف بأن الصحافة عرقلت خياراتي الحقيقية والعميقة، وأنا الآن ومع صدور كتابي الرابع خلال سنتين تقريباً، أعرف كم تأخرت في ما كان يجب أن أفعله، وكم كانت المهنة متوحشة بنجاحاتها وضغوطاتها بحيث لم تقبل شريكاً لها، وبحيث كانت كتاباتي القليلة خلال سنوات المهنة أشبه بالنصوص المهرّبة.

- ماذا تعني لك الكتابة أو لماذا تكتب؟

أكتب للوصول الى الناس ولإقامة صلات سوية مع الحياة! لا أكتب لنفسي ولا أؤمن بمفهوم الفن للفن، كما لا علاقة لي بكل ما يقال عن الكتابة كوسيلة للتعايش مع الآلام أو المعاناة. وبالطبع، أستطيع العيش بسعادة كاملة من دون كتابة، فهي لا تسري في دمي كما يقول كثيرون، أحترم خصوصية علاقتهم بالكتابة لكنني لا أشبههم فيها. نعم أنا أكتب للناس، وإذا لم أجد رواجاً سأتوقف فوراً، وأساساً أنا لم أصل الى الكتاب الرابع اليوم سوى بسبب إقبال الناس وإعجابهم.

- كتبك الصادرة حديثاً توحي بأنك أقرب إلى الكتابة الروائية. لماذا لم تباشر بكتابة الرواية أو القصة؟

لا بد في نهاية المطاف من الرواية، وسأكتبها كما أعتقد حين أتيقن أن روايتي ستكون إضافة في الشكل والأسلوب الى فن الرواية. كما قلت لك، أنا متطلّب ولست مضطراً لتقليد أحد، لا بل أرفض تقليد نفسي. كل مشروع كتابي جديد لا بد أن يكون مغامرة، وببساطة أنا لا أحب الرحلات الى المدن التي يزورها كل البشر، أنا مشغوف بالفتوحات، ولن أكتب إلا إذا تمكنت من أن أطأ أرضاً لم يمر فيها أحد قبلي.

- ماذا استخلصت من تجربة التدوين؟

ما استخلصته من تجربتي القصيرة نسبياً في ميدان إصدار الكتب، أن القارئ العربي مظلوم حين يتم اتهامه بأنه ليس بقارئ، والحقيقة هناك مشكلتان، الأولى في التوزيع العربي المتراجع وفي صعوبة وصول القارئ الى الكتب سواء لأسباب رقابية أو مالية.

- تعتبر ما كتبته مذكراتك؟

ليست مذكراتي. أنا موجود في كتبي كشاهد عيان. لا أروي قصة حياتي إطلاقاً، بل أروي حيوات أمكنة وأزمنة صودف أنني عشت فيها أو قربها أو أحياناً مررت بها عبوراً خاطفاً.

- مشاريعك المقبلة؟

المشاريع موجودة وكثيرة، المهم أن أجد الطريقة التي تشجعني على الشروع في تنفيذ أحدها، وكلها.