متى أقول لا لطفلي؟

جولي صليبا 02 مارس 2019

يستغلّ الطفل عموماً حبّ أهله وعطفهم ليطالب بالعديد من الأمور، وإن كان بعضها غير منطقي أحياناً. لذا، نجد الكثير من الأمهات في حيرة من أمرهن مع هذا النوع من الأطفال. هل يجب الاستجابة وتنفيذ كل طلبات الأطفال لإثبات الحب الكبير لهم، أم يمكننا قول “لا” في الوقت المناسب...


يتفق علماء النفس والاختصاصيون التربويون على ضرورة إطلاق العنان لحرية الطفل، وعدم فرض القيود عليه في مجالات اللعب والإبداع، لأن حيوية الطفل الصغير هي الركيزة الأساسية لتكوين الشخصية الاستقلالية القوية.

لكن هذا لا يعني منح الطفل الحرية المطلقة الخالية من أية قيود، وعدم رفض أي طلب من طلباته. ففي بعض الأحيان، قد تكون رغبات الطفل أو طلباته بمثابة أخطار محدقة به (مثل رغبته في اللعب بالأدوات الكهربائية أو مستحضرات التنظيف المشتملة على مواد كيميائية، أو رغبته في تسلّق السلّم الشاهق...). لذا، ينصح الاختصاصيون كل الأمهات بألا يضعفن أمام رغبات أطفالهنّ، لا بل يجدر بهنّ قول “لا” للطفل الصغير في الوقت المناسب، وشرح أسباب هذا الرفض له. ويحدث أحياناً أن يبكي الطفل كثيراً إذا لم يستجب الأهل لرغباته، وقد يرمي نفسه على الأرض، أو يعمد الى الصراخ بطريقة غير مقبولة بهدف لفت الأنظار وحثّ الأهل على تلبية رغباته. لكن لا مجال أبداً للرضوخ والاستسلام والإذعان لاستبداد طفل صغير. فرضوخ الأهل مرة واحدة أمام صراخ الطفل وإعطاؤه ما يريد، يعنيان حتماً الدخول في متاهة تنتهي دوماً بفوز الطفل وحصوله على ما يريد.

الحالات التي تستدعي

كلمة “لا”

* عدم رغبة الطفل في تناول أنواع معينة من الطعام. في هذه الحالة، يتوجب على الأم التعامل بحزم مع طفلها وعدم الاستسلام لعناده، وإجباره على تناول الأكل بأية طريقة ممكنة. فمن المهم أن يعتاد الطفل على تذوّق مختلف الأطعمة من دون أية تحيّزات مسبقة.

* الإدمان على تناول الوجبات السريعة والحلويات والسكاكر. لا بدّ من أن يكون موقف الأهل حازماً في هذا السياق، لا سيما أن الإكثار من تناول الوجبات السريعة والحلويات يضرّ بالصحة، ويفضي إلى مشكلات صحية كثيرة. لا بدّ من إغراء الطفل بأطعمة صحية (مثل الفاكهة والخضر) عوض الحلويات.

* رفض الطفل غسل وجهه أو يديه، رغم الوسخ الظاهر للعيان. لا يمكن التغاضي عن هذه المسألة والاستسلام لعناد الطفل.

* رغبة الطفل في شراء كل ما يريده أو يشتهيه. فهذا غير منطقي البتة إذ لا بدّ من أن يتعلم الطفل قيمة الأشياء واستحالة الحصول على كل شيء.

* الجلوس أمام شاشة التلفزيون أو الكمبيوتر لساعات طويلة، وعدم القيام بأي نشاط رياضي أو بدني. فهذا يؤثر سلباً في صحة الطفل ونفسيته، ويجعله أكثر عدائية. لا بدّ من تحديد مواعيد معينة للنشاطات البدنية وإجبار الطفل على الالتزام بها كي لا يبقى مسمّراً لساعات طويلة أمام الشاشة.

* رفض الطفل للخلود إلى النوم وإصراره على السهر رغم حلول موعد النوم. لا بدّ من أن يعتاد الطفل الصغير على الخلود إلى النوم باكراً، لأن جسمه الصغير يحتاج إلى ساعات معينة من النوم والراحة، ولذلك لا يمكن التساهل في هذا الموضوع.

الطريقة الصحيحة لقول “لا”

* التعاطي مع الطفل بطريقة حاسمة وعدم إعطاء إجابات مموّهة، لأن التمويه يجعل الوضع سيئاً ومحيّراً بالنسبة الى الطفل. لا تعني لا بكل بساطة، وليس ربما أو يمكن.

* شرح الأمور بطريقة مبسّطة بعيداً من المبالغة والتكلّف. فإذا رفضتِ مثلاً شراء السكاكر والحلويات لطفلك الصغير، برّري له هذا الرفض من خلال شرح التأثيرات السلبية للسكاكر في صحة الإنسان. ولكن افعلي ذلك بطريقة تتماشى مع القدرات العقلية لطفلك وعمره.

* عدم ترك الرفض من دون إجابة. فإذا سألك طفلك عن سبب رفضك لتلبية طلبه، لا تجيبي بالصمت، ولا تتركي الأمر مموهاً، بل كوني واضحة وقدّمي تبريراً جلياً لرفضك.

* عدم الإكثار من استخدام كلمة “لا”. فالرفض الدائم لكل طلبات الطفل قد يفضي إلى نتائج عكسية بحيث يصبح الطفل أكثر عناداً ولا يستجيب لتعليمات الأهل. لا بدّ من الموافقة حيناً، والمساومة أحياناً والرفض في الحالات التي تستدعي مثل هذا الموقف الحازم.

* اعتماد المرونة والحوار بحيث يوصى بعدم إرغام الطفل على الطاعة بالقوة واستعمال الصراخ وصيغة الأوامر. فهذه الطريقة لن تُجدي نفعاً. يُستحسن بدل ذلك اللجوء إلى الأسلوب اللّين والمرن، لأن الضغط على الطفل يزيد من عناده.

* اعتماد الحوافز التشجيعية للطفل، بحيث يجب مكافأته في حال أذعن لرفضك والتزم بكل ما هو صحيح. يمكن أن تكون تلك الحوافز على شكل نزهة أو وجبة لذيذة أو زيارة إلى مكان محبّب على قلب الطفل. فالتشجيع ضروري لدفع الطفل إلى الطريق المستقيم، وحثّه على النجاح والتفوّق والإبداع.

* تنفيذ التهديد. فإذا قلت “لا” لطفلك لكنه قرر عدم الامتثال والمضي قدماً في قراره، عليك أن تكوني صارمة وتعاقبيه من دون أي تهاون، وإلا سيعتقد الطفل أن رفضك كان مجرد مزحة.