تحية إلى كارل لاغيرفيلد بيكاسو الخياطة!

ليلى حمداوي Laila Hamdaoui 04 مايو 2019

تحية إلى المبدع كارل لاغيرفيلد الذي تربّع على عرش شانيل لعقود طويلة، ولُقّب بـ"بيكاسو الخياطة"، لأنه بدّل مفهوم الأزياء بشكل جذري.


لم يكن كارل لاغيرفيلد مجرد اسم، بل هو أحد أشهر المصمّمين في عالم الأزياء، وكان ماركة بحدّ ذاته. عمل لعقود طويلة مع شانيل وفندي، إضافة إلى اهتمامه بماركته الخاصة، فكان من دون شك علامة فارقة في صناعة الأزياء.

وُلد في عائلة ألمانية ثرية، وأكمل علومه في "الليسيه مونتاني" في فرنسا، حيث تعلّم أصول الرسم وركّز على التاريخ. وبعد فوزه بجائزة تصميم المعاطف برعاية International Wool Secretariat، عام 1955، عمل مع مصمّمين ودور أزياء مختلفة طوال عقد من الزمن إلى أن تعاون مع كلويه عام 1964، ومن ثم تعاون مع فندي واستمر هذا التعاون لستة عقود كاملة.

كان لاغيرفيلد مصمّماً مثالياً ونجح في تبديل اتجاهات الموضة. أحدث ثورة في بعض الماركات الأيقونية، بما فيها شانيل.

وفي العام 1982، عندما طلب منه ألان ويرتهايمر، رئيس مجلس إدارة شانيل، التصميم لصالح الدار، لم ينصحه أحد بالموافقة على العرض. "قال لي الجميع: لا تقبل. فالدار فاشلة ولن تنجح أبداً. لكني وجدت حينها في الأمر تحدياً مهماً"، قال ذات مرة لصحيفة "نيويورك تايمز".

كما خشي بعض الأشخاص من قدرة المصمّم لاغيرفيلد على إكمال إرث شانيل الشهير، ولذلك تحدّى كارل الجميع وبدّل مفاهيم التصميم في الدار. حافظ على إرث شانيل، لكنه أضاف أفكاره مع لمسة شبابية بحيث باتت الماركة أكثر ملاءمة للجيل الجديد.

سرّ تصاميمه الشهيرة يكمن في مفاهميه الجمالية الذكية المرتكزة على الثقافة والتاريخ. لقد كان لاغيرفيلد مراقباً مميزاً يعرف كيف يستفيد من كل لحظة لتحويلها إلى صور أزياء. عمل من دون كلل لتطوير أفكار ومواضيع مختلفة، واستمرّ حتى أعوامه الأخيرة في ابتكار ما يقارب اثنتي عشرة مجموعة كل سنة. "أضجر بسهولة، ولذلك فإن تمضية حياتي في العمل على الفكرة نفسها مراراً وتكراراً أشبه بكابوس بالنسبة إليّ"، قال لصحيفة الـ"غارديان" عام 1985.

لطالما تميّزت منصّات عروض كارل لاغيرفيلد عن غيرها. فقد ظهرت العارضات مع لوحات تزلّج، أو قضبان هوكي، أو حتى عربات تسوّق، مما أبهر الجمهور في كل مرة. إلا أن أفكاره كانت مستفزة أحياناً، مثلما حصل عندما قدّم مجموعة شانيل على وقع موسيقى الراب ورقص الهيب هوب، أو عندما وجّه رسائل سياسية من خلال ظهور العارضات مع شعارات تدعو إلى المساواة بين الجنسين.

ولا ننسى طبعاً عرض الكروز الذي قدّمه في دبي عام 2014، وقال يوماً عن المدينة: "ما أراه لم يكن متوقعاً البتة. لم يكن في وسعي تخيّل ذلك قبل 50 عاماً".

حقّق لاغيرفيلد نجاحاً هائلاً في صناعة الأزياء، وكان في الوقت نفسه مصوّراً موهوباً، ومخرجاً مبدعاً، وظهرت أفكاره جليةً في العديد من إعلانات شانيل.

تكلّم أيضاً لغات عدة، فكان طليقاً في الألمانية، والفرنسية، والإسبانية، والإنكليزية. عاش السنوات العشر الأخيرة من حياته مع قطّته "شوبيت" في باريس.

"لا أريد أن أكون حقيقياً في حياة الآخرين. أريد أن أكون مثل السراب الذي يظهر ويختفي"، قال لاغيرفيلد في العام 2007. إلا أن إرثه الغنيّ والمتنوّع كان حقيقياً جداً، وسوف يبقى حتماً لسنوات طويلة مقبلة. لقد خسر العالم أيقونة حقيقية في 19 شباط/فبراير 2019 برحيله وهو في سنّ الـ 85.

من أبرز أقوال لاغيرفيلد

● "لا تضحِّ بنفسك كثيراً، لأنه إذا ضحّيت كثيراً فلن يكون في وسعك تقديم أي شيء ولن يهتم بك أحد".

● "الحِمية المنحّفة هي اللعبة الوحيدة التي تربح فيها عندما تخسر".

● "المظهر المحترم كافٍ لجعل الآخرين أكثر اهتماماً بروحك".

● "السروال الرياضي دليل الهزيمة. تفقد السيطرة على حياتك ولذلك تشتري السروال الرياضي".

● "تبقى الكتب أروع نوع من الإدمان، إذ لا خطر للجرعة القاتلة. وأنا سعيد لكوني ضحية الكتب".

● "الموسيقى تلوّن أجواء اللحظة".

● "الأزياء لغة تعبّر عن نفسها من خلال الملابس".

● "لن تكون هناك مجموعة لشانيل من دون الأسود".

● "الشباب مرتبط بطريقة عيشك وليس بتاريخ ميلادك".

● "الفخامة هي راحة القميص القطني في فستان باهظ الثمن".

● "الموضة مثل الشعر... لا تفرض شيئاً وإنما تقترح فقط".

● "املأ دماغك بالمعرفة".

● "لا أحب الجمال العادي. فلا جمال من دون غرابة".