كيف تتواصلين مع طفلك بالشكل الأفضل؟

هبة الشيخ 22 يونيو 2019

قد يمثّل التواصل مع الطفل أصعب المراحل التي تعانيها الأم، لعوامل عدة تتغير مع مرور الوقت، بدءاً من حاجز اللغة عند الولادة، مروراً بقلّة إدراك الطفل في المراحل الدراسية الأولى، وصولاً إلى مشاكل سنّ المراهقة. لذا تسعى الأم دائماً إلى الاستعانة بإحساسها أولاً، وبالخبراء ثانياً للتواصل السليم مع طفلها. فما هي الوسائل الفضلى للتواصل السليم مع الطفل؟ وأي أثر يتركه هذا التواصل في نفسيته؟


● لماذا يولي الجميع أهمية كبيرة لعملية التواصل الفعّال؟

يشدّد التربويون على ضرورة التواصل الفعّال مع الطفل منذ ولادته، فعلى عكس ما يظن البعض بأن من الصعب التواصل مع الطفل قبل عمر الـ 3 سنوات، تبين أن التواصل معه يبدأ منذ الولادة والأسابيع الأولى. وتعود أهمية هذا التواصل إلى أسباب عدة، أهمها:

❀ التواصل الجيّد مع الطفل يعزّز إحساسه بالأمان والاستقرار، ويزيد من ثقته في العالم المحيط به، سواء داخل العائلة أو خارجها، مما يشجّعه على الانطلاق في الحياة بثقة وقوة أكبر واستكشاف العالم وبناء العديد من العلاقات السليمة.

❀ يساعد التواصل الجيّد بين الطفل ووالديه على تعليمه الكثير من طرق التواصل الاجتماعية الصحيحة، فهو يراقب ويتعلم ويقلّد المحيطين به، وخصوصاً الوالدين.

❀ التواصل الفعّال يساهم في تكوين صورة ذاتية إيجابية للطفل عن نفسه، تنعكس على حياته في المستقبل وقراراته المصيرية.

❀ التواصل مع الطفل منذ مراحل نموّه الأولى يساعده في تحقيق النمو اللغوي الصحيح، والذي يؤدي بدوره إلى نمو عقلي وإدراكي بأفضل الأشكال الممكنة.

❀ يساعد التواصل بين الأهل وطفلهم على إكسابه صفات الهدوء والتأنّي وسعة الصدر، وبالتالي اتخاذ القرارات الحكيمة مستقبلاً، خاصة إذا كان الأهل يستشيرونه في مختلف الأمور اليومية، سواء كانت بسيطة أو معقّدة.

❀ التواصل الجيّد مع الطفل يساعده في التعامل مع التجارب المريرة التي قد يمر بها في مختلف مراحل حياته، وخاصة في سنّ المراهقة، وذلك لقدرته على التواصل بشكل أفضل مع محيطه.

● ما هي أنواع التواصل الفعّال مع الطفل؟

يختلف الأطفال في ما بينهم بأساليبهم في التعبير عن مشاعرهم، لذا تنقسم أنواع التواصل إلى قسمين: التواصل اللفظي والتواصل غير اللفظي.

❀ التواصل اللفظي: وهو التواصل الذي يعتمد على النطق واللفظ واختيار المفردات والكلمات، سواء من الطفل أو الأم، وهذا التواصل مرتبط بشكل كبير بالتواصل غير اللفظي، فلا يمكن أن يختلف مضمون الكلام الموجّه إلى الطفل مع نبرة الصوت، مثلاً لا يمكن أن تقولي لطفلك "لست غاضبة منك" ونبرة الصوت تدل على العكس، لأن هذا الأمر سيجعل الطفل في حيرة من أمره ولن يتصرف بالشكل الصحيح.

❀ التواصل غير اللفظي: وهو عملية توصيل الفكرة بأساليب غير منطوقة، أولها نبرة الصوت التي تجعل الطفل قادراً على تمييز ما إذا كنتِ غاضبة منه أو راضية عن تصرفاته. وثانيها، تعابير الوجه التي يجب أن تتماشى مع ما يخبركِ به طفلك، فإذا كان يطلعك على أمر ما يحزنه، يجب ألاّ تبتسمي. وبالطبع أهم هذه الأساليب هو أسلوب التواصل بالنظر، فالنظر في عيني الطفل خلال حديثه سيشعره بأنك مهتمة لما يقوله.

● ما الذي يعوّق التواصل الجيّد مع الطفل؟ ومتى تحدث الصدامات؟

غالباً ما يتصرف الأهل بلا وعي مع أطفالهم، مما يؤدي الى انقطاع التواصل في ما بينهم، ذلك أن البعض لا يزال خاضعاً لأنماط تواصل مختزنة في ذاكرته من مرحلة الطفولة، أي يعتمد على العفوية والعشوائية، وأحياناً الاعتباطية في التواصل مع الطفل.

ولعل أبرز الأسباب التي تؤدي إلى انقطاع التواصل بين الأهل والطفل هو الاستخدام المتكرر لكلمة "لا" ومن دون مبرر واضح أو سبب معين، والتركيز على مخاطبته مباشرةً من دون أي مناقشة. كما أن انتقاد الطفل الدائم ولومه على تصرفاته يخلق مشاعر سلبية في داخله، والأسوأ من كل ذلك تهديد الطفل لينفّذ ما يُطلب منه.

أيضاً عدم الإصغاء الى الطفل بينما يتحدّث يجعله يشعر بأنه منبوذ من والديه، خاصة عندما لا يُفسح له في المجال للتعبير عن رأيه. والأسوأ من ذلك انتقاد الطفل على تصرفاته وملابسه وأفكاره وفرض رغبات الأهل على حياته وقراراته، وخاصة في مرحلة المراهقة فتتعقّد الأمور وتنقطع صلة الوصل بين الطفل ووالديه.

● ما الخطوات التي تحتاج إليها عملية التواصل الفعّال مع الطفل؟

ثمة خطوات عدّة تحتاج إليها عملية التواصل الفعّال، وهي تتوزّع بين الطفل وأمه، كما أن محتوى التواصل أو الرسالة التي ترغب الأم في توصليها يجب أن تكون في صلب هذه العملية، ولعل أبرز الخطوات الواجب اعتمادها:

❀ كوني هادئة وتجنّبي الانفعال والصراخ، فهذا الهدوء يساعدك على فهم طريقة تفكير طفلك، كما أن هدوءك يشجّع الطفل على التحدّث معك بكل ما يمر به خلال يومه، وبالتالي يتعزّز التواصل بينكما.

❀ تفادَي التحدّث معه بينما تكونين منهمكة مثلاً بالأعمال المنزلية، لأن ذلك سيُشعره بأن لا أهمية لحديثه، بل اختاري مناقشته في أوقات فراغك وانتبهي جيداً لكل كلمة يقولها.

❀ كوني مهذّبة دائماً معه واختاري تعابير لائقة، مثل "من فضلك"، "لو سمحت"، "أرجوك"، وتجنّبي بالطبع الشتائم والألفاظ النابية، لأنها ستردعه عن التواصل معك.

❀ اقتربي من الطفل واجلسي بمستواه في أثناء تحدّثه عن أمر ما، واحرصي على أن تكون تعابير وجهك مناسبة لما يقوله، وذلك كي يشعر بأن حديثه مهم بالنسبة إليكِ.

❀ ساعديه دائماً بكل ما تطلبينه منه وامدحي سلوكه الجيّد، وأثني عليه كلّما قام بعمل صائب.

❀ شاركيه في الواجبات المطلوبة منه لكن من دون أن تجعليه يعتمد عليك، بل قدّمي له المساعدة في ترتيب ألعابه أو في تنسيق ملابسه، فذلك سيخلق في داخله شعوراً بالتواصل الجيّد معك.

❀ حذاري أن يتناقض ما تخبرينه به مع ما يخبره والده، فهذا سيجعل الطفل ضائعاً مشتّتاً بينكما، وبالتالي لن يطلب المساعدة منكما مستقبلاً، وخاصة في مرحلة المراهقة التي يكون بأمسّ الحاجة إليكما فيها.

❀ تجنّبي الحديث مع طفلك وهو يشاهد التلفاز أو يلعب، لأن عملية التواصل الجيّد تتطلب انتباهك وانتباهه في الوقت نفسه.

❀ حاولي دائماً أن تكوني إيجابية في التعاطي مع طفلك، أي استخدمي صيغة "افعل" بدلاً من "لا تفعل"، لأن الطريقة السلبية لن تساعده في فهم ما يجب أن يفعله، مثلاً لا تقولي له "لا تأكل بيدك"، بل قولي "استخدم الملعقة للأكل"، فبهذا الأسلوب تساعدينه في فهم ما يتوجب عليه القيام به.