انتفاضة

فاديا فهد 31 يوليو 2019

يجد المواطن العربيّ نفسه منذوراً للحزن. الحزن بطاقة هوية يحملها أينما حلّ: في الوطن، في المهجر، في قصر من قصور أوروبا الفاخرة، أو في مخيّم حدودي للاجئين. حزنه يسبقه الى أقاصي الأرض. يهرول قبله الى قهوته وصحيفته الصباحية، يرافقه كظلّه طوال النهار. وفي الليل ينتظره في فراشه، ويلازمه حتى يبزغ الفجر. حزنه قدر. وجع متوارث. صمت يهدر في أعماقه. ملحمة تروي حكاية أمّة تتألّم، تنتحب، تصرخ، تنهار... ولا تقع. كأنها معلّقة: لا هي فوق، ولا هي تحت. تتنفس، لكنها لا تعيش... ولا تلفظ أنفاسها الأخيرة. تنتظر في مساحات رمادية بائسة يلفّها الضباب. أجيالٌ من الحزن تتدفّق، تتدافع، تتهافت الى هوّتها، ولا تقع. ممسوكة بخيوط خفيّة غير منظورة. ينقذها عشقها للحلم. لكن الحلم وحده لا يكفي. والاستسلام للمفردات الحزينة التي تعجّ بها قواميسنا العربية، لا ينفع. وقد يكون علينا أن نشرع في انتفاضة فكرية ولغوية على تلك المفردات الأسيّة التي تملأ معاجمنا ورواياتنا وكتب تاريخنا، كما على الخيبات والنكسات التي توارثناها أباً عن جدّ، والحروب الفاشلة التي حُمّلنا وزرها... لا من أجلنا، بل رأفةً بالأجيال القادمة من بعدنا.


نسائم

مغروسة في الرمال الدافئة،

يأتي الموج ويرحل، وأبقى مسمّرة

ذات شاطئ غريب...

أتنكّر بقبّعة ووشاح حرير

فلا تعرفني ذكرياتي،

ولا يعرفني الوقت.