الولادة تحت الماء: تقنية تخفّف الألم وتقتصد الوقت

ميشال زريق 18 أغسطس 2019

شكّلت مشاعر الراحة للولادة تحت الماء عامل جذب للمواطنين والمقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة، ودفع بالسيدة شمّا المنصوري وزوجها السيد محمد المنصوري لأن يختارا أن تتم ولادة ابنهما في بيئةٍ هادئة يوفّرها المسبح المخصص للولادة تحت الماء الذي جرى إطلاقه حديثاً في مستشفى برجيل.


تجربة حيّة

الدكتورة سوسن عبد الرحمن، استشاري طب التوليد والأمراض النسائية، التي لعبت دورها في منح السيدة شمّا تجربة ولادة مميزة، تقول: "أدركنا أنّ الحوامل عندنا يستمتعن بتجربة ولادة فيها المزيد من الاسترخاء، بعيداً عن أيّ شعورٍ بالألم، ويعشن متعة كل مراحل عملية الولادة، وخصوصاً لناحية قدرتهنّ التامة على التحرك، من دون الحاجة لأن يتناولن أدوية تخفيف الألم، أياً يكن نوعها، بالإضافة إلى الشعور بخفة الوزن، لأنّ الماء يحمل الأمّ إلى الأعلى، خلال عملية المخاض. ويسعدنا أن عائلة المنصوري استمتعت بتجربة ولادة ملؤها الإيجابية والراحة، مع فريقنا من الإختصاصيين أصحاب الخبرة".

من جانبها قالت السيدة شمّا المنصوري: "كنت سعيدةً جداً وأنا أتابع كل مراحل عملية المخاض، مع امتلاكي القدرة على رؤية طفلي في اللحظة الأولى لولادته، والفرصة لأن أكون أول من حمله. كما أنّ قيامي بقطع حبل السرّة شكّل تجربةً مختلفة لي"؛ ونصحت جميع النساء الحوامل بتجربة عملية الولادة تحت الماء.

الفائدة الصحية

لا شكّ في أنّ الولادة تحت الماء تساعد جسم الحامل على إطلاق كمياتٍ منخفضة من هورمونات الإجهاد، والمزيد من هورمونات الطلق والأوكسيتوسين، ما يحفز بالتالي تقلصات المخاض، ويجعلها أكثر فعاليةً وانتظاماً.

مع الفوائد العديدة التي توفرها الولادة تحت الماء، بات لدى الحوامل خيارٌ متاح لاستخدام طريقة ولادة بديلة، وفريدة، حيث أنّ هذه الولادة والمعروفة بالـ"ولادة المائية" تتمّ في حوض كبير مليء بالماء الدافئ، يتم تدريب الأم على الولادة فيه على مراحل متعدّدة، وهي طريقة شائعة التداول في دول أوروبا والولايات المتحدة.

أهمية الماء

تكون درجة حرارة ماء الحوض تتراوح مابين 35 و 37.7 درجة مئوية، ويُفضّل ألاّ تكون أكثر من ذلك لأنّها قد تُسبّب ارتفاع ضغط جسم الأم والذي بدوره يمكن أن يرفع معدل ضربات قلب الجنين، وتُترك الحرّية للأم الحامل على النزول في الحوض في أي وقت حتى مع بداية مخاض الولادة، هذا ما يجعلها تسترخي ويساعدها على تسريع الولادة.

تستغرق الولادة المائية وقتاً أقل من الولادة العادية، ولا تتطلّب أي تخدير، حيث يمكن الإستغناء عن العديد من الأدوية والمسكّنات خلال الولادة، ناهيك عن انخفاض نسبة تمزق الجهاز التناسلي عند المرأة، أضف إلى ذلك كمية الماء التي تلعب دوراً في تخفيف الضغط عن منطقتيّ المعدة والظهر، ما يُساعد في الاسترخاء التام ما يُسهم في توسع الرحم وخروج الطفل دون الشعور به، فتكون الحامل أقلّ عرضة للتوتر، والطفل أقل عرضة للإلتهابات.

ويُشير الأطباء إلى ضرورة وجود عناصر صحية آمنة من بينها سنّ المرأة والذي يجب أن يرتاوح بين 17 و35 عاماً فضلاً عن إتمامها مجموعة فحوصات طبية نسائية للتأكّد من سلامتها وإمكانية خضوعها لهذا النوع من الولادة وأنّه لا يحمل لها أي مضاعفات صحية.

تخفيف آثار الصدمة

العديد من الدراسات الطبية أشارت إلى أنّ نسبة انخفاض ألم مخاض الولادة وصلت إلى 70 بالمئة، في وقتٍ لا زالت فيه العديد من الدول العربية والمستشفيات في مرحلة الإعداد لهذه التقنية، إلّا أنّها شائعة جدّاً في أوروبا، منذ العام 1960، حيث تمّت الاستفادة من هذه التجربة للتخفيف من آثار صدمة الولادة التي تنتاب المواليد الجدد، مع أول احتكاك لهم مع العالم الخارجي، حيث تعُتبر محطة وضعهم في الماء الدافئ تسهيلاً لمرحلة الانتقال من الرحم إلى العالم الخارجي.

أكثر من 9000 مستشفى في الولايات المتحدة الأميركية اليوم خصّصت أحواض ولادة للسيدات، في وقتٍ تعتمد فيه المستشفيات البريطانية هذه التقنية بنسبة 75 بالمئة، وتُشير الدراسات الحديثة إلى أنّ أكثر من 3000 إمراة حامل استغنينَ عن التخدير والبنج خلال وضعهنّ مواليدهنّ في الماء الدافئ.