عضو الاتحاد السعودي للفنون القتالية هالة الحمراني تحوز الحزام الأسود في الجوجيتسو

جدة: آمنة بدر الدين الحلبي 13 أكتوبر 2019

منذ نعومة أحلامها، بدأت التدرّب على الفنون القتالية التي يُستخدم فيها العقل والجسد في آن واحد، وذلك نظراً لأهميتها في الحفاظ على رشاقة الجسم، والدفاع عن النفس، فتعلّمت أصول الملاكمة، ثمّ رياضة الجوجيتسو اليابانية، وتدرّجت في المهارات إلى أن فازت بالحزام الأسود، وانتقلت من ثم إلى رياضات مشهورة مثل الكيك بوكسينغ، حتى أصبحت مدرّبة معتمدة في الملاكمة وحصلت على شهادات خبرة في احتراف عددٍ من رياضات القوة والدفاع عن النفس. الرياضية والمدرّبة والملاكِمة السعودية هالة الحمراني الحاصلة على بكالوريوس في العلوم البيئية من الولايات المتحدة الأميركية، استضافت "لها" في نادي "FlagBoxing" الذي أسّسته في مدينة جدة منذ نيسان/أبريل 2003 لتعليم السعوديات رياضة الملاكمة، وكان هذا الحوار.


- ما كل هذا الشغف بالفنون القتالية؟

في صغري، عانيت صعوبة في التركيز، أو ما يُعرف بـ "ADD/ Attention Deficit Disorder"، مما دفعني لممارسة رياضة الفنون القتالية، مدفوعةً بإيماني بأن قوة العقل تتّحد مع قوة الجسد خلال التدرّب على هذه الرياضة، فبدأت في سنّ الثانية عشرة بممارسة رياضة الكارتيه في مدرسة "دار الفكر" في مدينة جدة، والتي كانت تعلّم كل أنواع الرياضة ككرة السلة وكرة الطائرة وغيرهما من ألعاب القوى، ففيها تعرفت على عدد من الرياضات... أما خارج نطاق المدرسة فتعلّمت التايكوندو، وتدرّبت على رياضة الجيوجيتسو اليابانية في كنف عائلة أميركية كانت تقيم حينذاك في جدة، وحصلت على الحزام الأسود في عام 1994، وسافرت بعدها إلى أميركا.

- من علوم بيئية إلى فنون قتالية، ما هذه النقلة النوعية؟

في العشرين من عمري، سافرت الى أميركا لمتابعة دراستي للعلوم البيئية لشغفي بهذا التخصّص، وحصلت على شهادة علمية رغم يقيني بأنني لن أعمل في هذا المجال. وبعد عودتي من أميركا في عام 2003، فكّرت ملياً قبل أن أختار مجال العمل الذي يتناسب مع طموحاتي، وكانت والدتي قد اقترحت عليّ العمل من المنزل، وهو تدريب الفتيات السعوديات على الفنون القتالية التايلندية، أي "المواي تاي – التاي بوكسينغ"، وخصّصت لي غرفة في المنزل لهذه الغاية.

- ما الذي يجذب الفتيات السعوديات لتعلّم الملاكمة التايلندية؟

"المواي تاي" مصطلح تايلندي يعني "فن الملاكمة"، وهي رياضة قتالية تنمّي الفكر والجسد معاً، وتعزّز الثقة بالنفس، وتحقق مستوى عالياً من اللياقة البدنية والنمو الذهني، من خلال التدريب المنتظم، فتستنفر كل أعضاء الجسم وتستجمع قواها للقتال دفاعاً عن النفس.

- ما هي أنواع الفنون القتالية التايلندية؟

ثمة أنواع كثيرة من فنون القتال التايلندية، ولكل فن حركاته وخصائصه التي تميّزه عن الفنون الأخرى، ومنها "البوكسينغ" و"الكيك بوكسينغ" و"التاي بوكسينغ" و"الكارتيه"، لكن تبقى لعبة "المواي تاي" من أشهر الرياضات في تايلندا، بحيث تُستخدم فيها الأعضاء الثمانية في الجسم وهي اليدان والركبتان والكوعان والساقان.

- ما الشروط المطلوبة من اللواتي يمارسن هذه الرياضة؟

تتطلب هذه الرياضة من مزاولاتها، احترام القواعد والأنظمة الرياضية التي تحفظ سلامة الجسم، وأن يُظهرن الاحترام والتقدير والامتنان للمدرّبة التي تتولّى تدريبهنّ.

- بعض الفتيات يلجأن الى هذه الرياضة بهدف إنقاص الوزن في الدرجة الأولى، فما رأيك بذلك؟

لكل امرأة نظرتها الخاصة والتي تميّزها عن الأخريات، لكن غالبية النساء يسألن: تُرى، هل تساهم هذه التدريبات في إنقاص وزني؟ ويأتي الجواب: بالطبع سينقص الوزن إذا واظبت المرأة على القيام بالتدريبات الرياضية اليومية، والتي تحفّز العقل والجسم على العمل في آن واحد، مع اعتماد نظام غذائي صحي متوازن، فبذلك تتحقق مقولة: "الجسم السليم في العقل السليم".

- بدأت منذ عام 2003 بتدريب الفتيات، فهل كانت المجموعات كبيرة؟

كانت المجموعات كبيرة، ففي ذلك الوقت لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي منتشرة بقوة، وكانت الفتيات يتناقلن في ما بينهنّ الأخبار التي تتعلّق بهذه الرياضة، ويحدّدن المكان الذي ستُمارَس فيه، وكذلك الزمان، واستمررن على هذه الحال ثلاثة عشر عاماً.

- ما الذي دفعك لافتتاح مركز FLAGBOXING عام 2016؟

احتاج والدي غرفة التدريب في المنزل، فاضطررت لتأسيس المركز، وقد تناغمت الفكرة مع رؤية 2030 التي سمحت للنساء بممارسة الرياضة بكل أنواعها، وبالتالي سهّلت عليّ الأمور بافتتاح المركز خارج المنزل، للاستمرار في تدريب السعوديات الراغبات في تعلّم كل أنواع الرياضات، والتي تساهم في تعزيز الثقة بالنفس، وحرق الدهون، والحصول على اللياقة البدنية، وإزالة التوتر والضغط النفسي، وتعلّم الدفاع عن النفس.

- ما هي الفنون القتالية التي تدرّبين الفتيات عليها في المركز؟

أُدرّب الفتيات على أنواع عدة من الفنون القتالية، لعل أبرزها: الـ Boxing والـ Kickboxing والـ Calisthenics وغيرها من الرياضات التي تحفّز الجسم على إفراز هورمون السعادة، أو ما يُعرف بـ"الأندروفين".

- ما صحة ما يُقال بأن ممارسة الفنون القتالية تؤدي الى ازدياد حجم الكتلة العضلية لدى المرأة....

هذه أفكار خاطئة، فمن الصعب جداً أن تبرز العضلات لدى المرأة، إلا إذا اتّبعت نظاماً غذائياً محدداً، ورفعت الأثقال بطريقة معينة.

- حزت الحزام الأسود، كم من الوقت استغرقتْ التدريبات؟

تدرّبتُ لمدة خمس سنوات على الجوجيتسو اليابانية في جدّة بإشراف عائلة أميركية، وحين سافرت الى أميركا، تدرّبت على فنون القتال التايلندية "المواي تاي"، والتقيت بملاكِمة روسية تأثّرت بأسلوبها في التدريب على "البوكسينغ"، وأصبحت أميل أكثر إلى الملاكمة.

- اليوغا رياضة جميلة، فهل تمارسينها؟

أزاول كل رياضة تفيد الجسم، وخصوصاً اليوغا، فهي تساعد على الصفاء الذهني والاسترخاء الجسدي والهدوء النفسي، وتخلّص الجسم من التوتر اليومي وتفرّغه من الطاقة السلبية.

- وهل من مخاطر للفنون القتالية؟

ثمة مخاطر كثيرة للفنون القتالية، ففي أثناء المباريات، تُسبّب اللكمات على الوجه الى فقدان الوعي أحياناً، هذا فضلاً عن الضربات التي يتعرض لها على الرأس، والكدمات الظاهرة التي تُصيب مختلف أنحاء الجسم.

- تستعدّين لإطلاق أولى البطولات النسائية للملاكمة في المملكة العربية السعودية بالتعاون مع الاتحاد السعودي للملاكمة خلال عام 2020، حدّثينا عن التحضيرات التي تقومين بها؟

كوني عضواً في الاتحاد السعودي للفنون القتالية المتنوعة، أطلقتُ أول بطولة لـ"الكيك بوكسينغ" للفتيات في نيسان/أبريل من العام الجاري، وشاركت فيها 20 فتاة، وسنعقد عمّا قريب اجتماعاً للتباحث في شأن بطولة عام 2020، وقد جاءت فتيات كثيرات من الرياض للخضوع لتدريبات تؤهّلهن المشاركة في البطولة.

- البطولة ستكون على مستوى عربي أم عالمي؟

على المستوى العربي، ستشارك فتيات سعوديات في بطولة عام 2020 التي تُقام ربما في دبي أو البحرين أو الأردن. أما التأهّل للمشاركة في الأولمبياد فيستلزم تدريب الفتيات منذ الطفولة، وهذا يستغرق سنين طويلة.

- وهل سنرى محكِّمات في البطولة المقبلة؟

هذا سؤال مهم، فقد التقينا بمحكِّمة أردنية في جدّة، لكن يتوجّب علينا تدريب فتيات سعوديات على التحكيم ليكون عندنا أكثر من مُحكِّمة.

- ما أهمية الرياضة للأطفال الصغار؟

الرياضة مفيدة لكل الأعمار، وهي نمط حياة، وإذا لم تعتد الفتاة على ممارسة الرياضة منذ الصغر فستشعر بخمول في الجسم يزداد كلّما تقدّمت في السنّ، وتغزو الشيخوخة ملامحها في وقت مبكر، فالرياضة كما أسلفنا، تحقق التوازن للجسم وتجعله رشيقاً على الدوام، وتقوّي التركيز، وتنمّي العضلات.

- هناك مَن تلعب الرياضة في الصغر وتنقطع عنها لفترة وتعود إليها في الكِبر، ماذا عن هذا السلوك؟

لا مشكلة في ذلك، فالذاكرة المتصلة بالعضلات تبقى مستيقِظة وحاضرة على الدوام، وبمجرد البدء في ممارسة الرياضة، وتلقّي التدريبات، تعود لتنشط كما كانت في الصغر.

- في أي عمر يستطيع الأطفال ممارسة الفنون القتالية؟

يمكنهم البدء من سنّ الرابعة، وابني بدأ في الثالثة من عمره، فحين لمستُ فيه الوعي والميل الى الرياضة، درّبته على الجوجيتسو، لكن في المركز أستقبل أطفالاً من عمر التاسعة، لأن الفنون القتالية تنمّي روح المشاركة والتعاون لديهم، وتساهم في إكسابهم العادات والسلوكيات الإيجابية، والتي تتمثل في الصبر والصدق والإخلاص، وهي صفات يستمدها الطفل من قوانين اللعبة.

- من يقف وراء نجاح هالة؟

شغفي بتعلّم الفنون القتالية هو الذي قادني الى النجاح فيها، ولا يمكن أن أنسى فضل أمي التي ساعدتني ووقفت الى جانبي كي أحقق رغباتي.

- أيّ الألعاب تختار المتدرّبات في المركز؟

"الكيك بوكسينغ" و"البوكسينغ".

- حصلت على شهادة معتمدة في تدريب الملاكمة التايلندية، و"البوكسينغ" بعد تدريب لأكثر من 20 عاماً، ماذا حققت لك؟

الشهادات لا تعني لي أبداً، وكل ما يهمّني هو التدريب المتواصل، والعمل الجاد.

- إلامَ تطمحين؟

أطمح للتوسع في مناطق المملكة العربية السعودية مثل الرياض والخبر، وإعداد برامج مدرسية متخصّصة بالفنون القتالية لتعليم الفتيات الدفاع عن النفس.

- ما هي نصائح هالة للمرأة السعودية؟

التوقف عن "الريجيم"، لأن لكل حمية غذائية سيئاتها، فـ"الريجيم" يُخفّض الوزن ليعود ويزداد أكثر مما كان عليه، ومن المستحيل أن تستمر الفتاة أو المرأة في اتّباع ريجيم معين، لأن المواظبة على "الريجيم" من دون فترات انقطاع، تُدخل الجسم في غيبوبة وتجعله عاجزاً عن الاستجابة لشيء. لذا يجب أن تمارس المرأة الرياضة باستمرار، وتتبع نظاماً غذائياً صحياً يفيد الجسم ويعتمد على الفواكه والخضر والبروتينات مع القليل من المعجنات والأرز والحلويات.

- وماذا عن الزيوت؟

أنصح النساء باستخدام زيت الزيتون وزيت السمسم وزيت جوز الهند أحيانا.

- كلمة أخيرة توجّهينها الى المرأة...

الرياضة أسلوب حياة، لذا جرّبي كل أنواع الرياضات، ومارسي الرياضة التي تناسبك، فكما يُقال: "في الحركة بركة".