لارا الحلو امرأة تبرع في عالم سباق السيارات

بيروت - طوني بشارة 20 نوفمبر 2019

وفق دراسة أميركية حديثة أجرتها جامعة ولاية ميتشغان، لا يوجد اختلاف في اللياقة البدنية بين الذكور والإناث بالنسبة الى عالم سباق السيارات. والنساء اللواتي لديهن خبرة وحصلن على فترة تدريب مناسبة، يمكنهن التفوق على الرجال في القيادة لكون المرأة قادرة على التعامل مع الظروف القاسية بشكل أفضل من الرجل، وخير مثال على ذلك، لارا الحلو المتسابقة والبطلة في عالم السيارات، التي تخوض غمار سباق course de cote منذ عام 2012 ولا تزال تحتفظ بلقب بطلة السباق. "لها" زارت لارا الحلو وحاورتها حول سباق السيارات والبطولات التي فازت بها.


- بدايةً، حدّثينا عن سبب رغبتك بدخول عالم سباق السيارات؟

منذ صغري وأنا أهوى عالم السيارات، وقد تعلّمت القيادة في سنّ مبكرة، ثم تعرّفت على تقنيات القيادة السريعة، وفي عام 2008 راودتني فكرة المشاركة في course de cote، ولكي أحقّق حلمي، جمعت مبلغاً من المال، واستأجرت سيارة مخصّصة للسباق، واشتركت للمرة الأولى ولكن بإمكانيات محدودة. كنت الفتاة الوحيدة المشاركة في السباق، وفزت بالتزكية بالمرتبة الأولى في سباق السيدات عام 2008، لكنني اضطررت للابتعاد عن عالم السيارات حتى عام 2012، بحكم زواجي وانشغالي بتربية الأولاد.

- ما هي نقطة التحول في مسيرتك في عالم السباق؟

بعد الزواج ابتعدت عن عالم سباق السيارات لفترة معينة من أجل التفرّغ لتربية أولادي، ولكن في عام 2012 قررت أن أتحدّى ذاتي وأسعى إلى إثبات قدرتي على التوفيق بين مسؤوليات العائلة والأولاد من جهة، ومتطلبات السباق من جهة ثانية، وقد نجحت في التحدي وحصلت على كأس المباراة، وما زلت أحتفظ بها الى اليوم.

- من هو الداعم أو بالأحرى المشجّع الأساس للارا؟

داعمي الأول قبل زواجي كان شقيقي. وبما أنني في عام 2008 كنت لا أزال على مقاعد الدراسة، دعمني أخي مادياً ومعنوياً، وسعى الى أن يستأجر لي سيارة مجهزة بأحدث الإمكانيات المتوافرة آنذاك. أخي ساندني بقوة ووقف الى جانبي رغم معارضة الأهل الشديدة لخوضي سباقات السيارات. وأنا لا ألومهم، لأن معارضتهم نابعة من خوفهم عليّ، وليس انتقاصاً من مهاراتي القيادية، فسباق السيارات في رأيهم وما يرافقه من سرعة وتهوّر في القيادة يعتبر هواية خطرة وقد تؤدي الى الموت أحياناً.

- عدت الى المشاركة عام 2012 وحزت المرتبة الأولى، فما كان موقف زوجك وأولادك من المشاركة في السباق؟

زوجي لم يقف عائقاً أمام مشاركتي في السباق، لأنه يؤمن بأنه يحق لأي شخص ان يمارس هواية معينة، ومن هذا المنطلق دعمني مادياً ومعنوياً لكي أمارس هوايتي المفضّلة، إلا أنه في الوقت نفسه كان يلعب دور المرشد وينصحني بالتريّث قليلاً والانتباه في أثناء القيادة، وفي كل مرة أستعد فيها للمشاركة في السباق، يحرص على تذكيري بأن لي أولاداً من حقهم أن يعيشوا في كنف أمّ تتمتع بكامل قواها الجسدية. أما أولادي فيتباهون أمام رفاقهم بأن والدتهم تحتل المرتبة الأولى في سباق السيارات، ويرافقون والدهم دائماً في أثناء مشاركتي في أي سباق من أجل تشجيعي ودعمي.

- هل واجهتِ صعوبات بحكم عملك من جهة ومشاركتك في السباق من جهة ثانية؟

بحكم عملي كمسؤولة عن "باتيسري" يملكها زوجي، أواجه أحياناً صعوبة في إيجاد الوقت الكافي للتمرين، كما أعاني صعوبات مادية بسبب غلاء أسعار قطع الغيار الخاصة بسيارات السباق، هذا فضلاً عن تعرّضي خلال السباق لحوادث عدة ناتجة من الانزلاق أو التهور، حوادث تكون عواقبها المادية وخيمة ومكلفة كثيراً. فسباق السيارات من الرياضات المكلفة مادياً، والتي غالباً ما تدفع ممارسيها الى الابتعاد عنها لفترة محددة، وهي مصاعب لا تقتصر على السائقين العرب والمحليين فحسب، بل تطاول أبطال العالم.

- كيف تصفين موقف المجتمع من مشاركة الفتاة بسباق السيارات؟ بمعنى آخر، كونك بطلة في سباق يعتبره المجتمع رياضة ذكورية بامتياز، هل يعرّضك لأي نوع من الإحراج؟

بالتأكيد، البدايات كانت صعبة، إلا أن تطور الثقافة المجتمعية لكون لبنان من الدول الرائدة في العالم في دعم قضايا المرأة، حفّزني على الاستمرار في عالم سباق السيارات، فبمراقبة ميدانية أرى أن معظم مشجعيّ هم من فئة الشباب، مما يعني أن هناك قبولاً تاماً من الجيل الصاعد لحرية المرأة وحقّها بممارسة هواياتها، أما من هم أكبر سنّاً فلا تزال نظرتهم الى المرأة دونية ومجحفة بحقها، لا بل يؤكدون أن دور المرأة محدود ويقتصر على الاهتمام بالزوج ورعاية الأولاد، وأنا أتعرّض كل يوم لانتقادات لاذعة، لكنني أتجاهلها وأكمل حياتي بشكل طبيعي. وفي سياق الحديث، أحمد الله لأن أهلي وأهل زوجي يدركون مدى حبّي لهذه الهواية ويفتخرون بكوني بطلة في السباق، ولكن هذا لا ينفي قلقهم وخوفهم عليّ من أن يصيبني مكروه لممارستي هذا النوع من الرياضة.

- ما المخاطر التي تقف عائقاً أمام ممارسة المرأة لرياضة course de cote أو حتى الرالي؟

نعيش في زمن بات من أهم ميزاته أن عالم الرياضة لا يميز بين المرأة والرجل، وسباق السيارات من الرياضات الخطرة التي تتخلل صفحاتها لحظات قاتمة عبر متشاركين ودّعوا أهلهم ومحبيهم خلال مشاركتهم في سباقات محلية وإقليمية. فالمخاطر هي نفسها للمرأة والرجل في عالم السيارات.

- هل تشجعين أولادك على دخول عالم سباق السيارات؟

يوماً بعد يوم يتضح لي أن أولادي لديهم شغف واهتمام بسباق السيارات، ويكثرون من الأسئلة عن كل ما يتعلق بالسيارات كسرعتها وقوّتها وعدد الأحصنة... وأنا سأتولّى تعليمهم القيادة في سنّ مبكرة، وإذا استمر شغفهم بالسباق سأحرص على تلقينهم مبادئ القيادة السريعة وتقنياتها، تمهيداً لمشاركتهم الى جانبي في الـ course de cote.

- ما هي البطولات المحلية والإقليمية التي شاركت فيها؟ وكيف تصفين موقف الشباب من مشاركتك بالبطولة الى جانبهم؟

منذ عام 2008 وأنا أشارك ببطولات محلية وأفوز بلقب بطل لبنان للسيدات، كما شاركت ببطولة الشرق الأوسط وحافظت على لقبي. أما بالنسبة الى المتشاركين الشباب فهم دائماً يقفون الى جانبي ويدعمونني معنوياً، حتى أن البعض منهم يزوّدني بتوجيهات وإرشادات تتعلق بكيفية القيادة على الطرق، وهي إرشادات ونصائح تزيد من قدراتي وتقلّل من حجم الصعوبات التي قد أواجهها في أثناء السباق.

- كيف توفّقين بين متطلبات العمل والعائلة ومتطلبات المشاركة في السباق؟

على الرغم من دوام عملي الطويل، أحرص على تنظيم الوقت وفقاً لجدول زمني مدروس، فأهتم بأولادي من الرابعة حتى الثامنة من دون أي تقصير تجاههم، ومن ثم أتفرغ للواجبات العائلية والمناسبات الاجتماعية مع زوجي... أما التدريبات على السباق فتكون محصورة بشهر شباط/فبراير، فخلال هذا الشهر أعدّل دوام عملي، وبالاتفاق مع زوجي أخصّص الوقت الكافي للتمرين من دون أي تقصير تجاه أي كان. لكن تبقى الأولوية لأولادي وعائلتي، ومن ثم عملي وأخيراً هواياتي.

- من هو مثالك الأعلى في عالم سباق السيارات؟

كل متسابق يثبت ذاته ويسعى بطريقة ما الى التميز عن الآخرين، أكان بأسلوبه في القيادة أم بأخلاقه أم بكيفية تعامله مع زملائه المتسابقين، هو مثالي الأعلى... فكل بطل، سواء كان محلياً أو إقليمياً أو عالمياً يتسم بصفة معينة، يجعلني من دون أي مبرر أسعى لامتلاكها.

- هل من حلم معين تسعين لتحقيقه؟

ما زلت أشارك فيcourse de cote منذ عام 2008، وأحمل لقب بطلة لبنان لفئة السيدات، ولكن حلمي الأساس هو المشاركة في الرالي. وأسعى حالياً لتحقيق حلمي، وأتمنى أن أكون عند حُسن ظن من يدعمني، وسأحقق حلمي إن شاء الله، وسأتمكن من تحقيق رقم قياسي مع احتلال إحدى المراتب الأولى في السباق.

- هل من نصيحة معينة تسدينها إلى المرأة العربية؟

على المرأة اللبنانية بشكل عام والعربية بشكل خاص أن تسعى لإثبات ذاتها بذاتها من دون الأخذ في الاعتبار آراء أو انتقادات الآخرين. عليها أيضاً أن تسعى لإرضاء ذاتها من طريق اختيار مهنتها أولاً بملء إرادتها ، فما من وظيفة حكر على الرجال. كذلك على المرأة أن تمارس هوايتها من دون الاكتراث لأي كان، فبذلك تتمكن من إسعاد نفسها وإسعاد جميع أفراد عائلتها. والمرأة العربية أثبتت بالفعل جدارتها وقدرتها على دخول مختلف ميادين العمل، وها هي تبرهن يوماً بعد يوم أنها أهل للمساواة مع الرجل وقادرة على تحمل المسؤولية مثله وأكثر.