ميراز أحمد باضريس: مثّلتُ المرأة العربية والسعودية في مؤتمر "حوار الشباب العالمي" في بكين خير تمثيل

جدة: آمنة بدر الدين الحلبي 18 يناير 2020

شابة طموح، جريئة، تتطلع الى مستوى دراسي عالٍ، وينتظرها مستقبل واعد. استطاعت خطف أنظار العالم بعدما أجمعت على اختيارها كل الدول العربية والإسلامية لتكون المتحدثة الرسمية في مؤتمر "حوار الشباب العالمي" الذي عُقد في العاصمة الصينية بكين. ميراز أحمد باضريس طالبة سنة أولى في قسم الحاسبات في جامعة الملك عبدالعزيز في جدّة، اختارتها الحكومة الصينية وجامعة التجارة الدولية والاقتصاد لتكون الذراع الأكاديمية لمبادرة "طريق الحرير" في الصين. "لها" التقت ميراز بعد عودتها من بكين لتطّلع منها على آخر ما وصلت إليه المبادرة الصينية لإعادة إحياء "طريق الحرير" والدول التي يمر فيها.


- لماذا وقع الاختيار عليك لتكوني المتحدثة الرسمية في مؤتمر "حوار الشباب العالمي" دون غيرك من طالبات الوطن العربي؟

منذ مدة، تقدّمت لدراسة اللغة الصينية في جامعة بكين في الصين، وأرسلت لهم معلومات عني، فطلبوا مني تسجيل فيديو أُعبّر فيه عن رأيي في التطور الحاصل في حياة المرأة العربية عامةً والسعودية خاصةً، وأكشف خلاله عمّا يعني لي التبادل التجاري والثقافي والأكاديمي بين الصين وكل الدول العربية، فلبّيت طلبهم وصوّرت الفيديو وأرسلته إليهم، وعلى الأثر اتّصلت بي إدارة الجامعة تدعوني للمشاركة في مؤتمر "حوار الشباب العالمي" والتحدّث عن واقع الفتاة السعودية والتطور الحاصل في الجانب التعليمي والأكاديمي لديها، وانخراطها في سوق العمل.

- كيف كان رد فعلك حين تلقّيت الدعوة؟

تمّ اختياري بإجماع من كل الدول العربية، فشعرت بالفخر والاعتزاز وسعادة لا توصف، لكن بدأت أفكر كيف لي أن أمثّل الفتاة السعودية والعربية بالأسلوب الذي تليق بها؟! وحاولت أن أكون موضوعية إلى أبعد حد في حق الفتاة العربية والسعودية.

- وكيف مثّلت ميراز الفتاة السعودية؟

مثّلتها أفضل تمثيل، وكنتُ الفتاة الفخورة بوطنها والمعتزة بحكومة المملكة الرشيدة التي أحدثت في حياة الفتاة السعودية نقلة نوعية، فما كان حكراً على الرجل في المجالات العلمية والعملية في الأمس، أصبح اليوم متاحاً أمام الفتاة السعودية.

- ما أبرز ما جاء في رسالتك كمتحدثة في مؤتمر "حوار الشباب العالمي"؟

الفتاة السعودية كسرت كل الحواجز، بفضل الحكومة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان الذي أخذ المملكة العربية السعودية برؤية 2030 الى تطور مختلف، وأعطى المرأة حقها، وفتح أمامها مجال العمل في القطاعات الهندسية والطبية والتقنية والإدارية، فحققت نجاحاً باهراً على صعيد المال والأعمال.

- ماذا حققت رؤية 2030 للمرأة السعودية في سوق العمل؟

من أهم محاور الرؤية، مساهمة المرأة وتمكينها في سوق العمل لترتفع النسبة من 22% إلى 30%، وأثبتت المرأة وجودها في كل مكان وأظهرت قدرتها على العمل في مختلف المجالات، وهذا يدل بوضوح على تحقق الرؤية، ويؤكد التطور الحاصل في المملكة العربية السعودية.

- ألقيت في المؤتمر كلمة تحت عنوان "الثقافة الحديثة للشابات السعوديات"، برأيك هل وصل مضمونها كما يجب الى المشاركين؟

بعدما ألقيتُ كلمتي في المؤتمر، والتي تتمحور على الانفتاح الفكري والثقافي نحو مستقبل واعد، شعرت أنني أدّيت الأمانة، وكانت ردود فعل الحضور رائعة حيث أثنوا جميعاً على كلمتي وما قدّمته في رسالتي كمتحدثة مثّلت الفتاة السعودية بفخر واعتزاز.

- جذبت أكثر من 300 خبير ومختص ومهتم من 60 دولة حول العالم، كيف كان رد فعل المرأة في السعودية؟

حين وصل الخبر الصحافي والإعلامي الى المملكة العربية السعودية، لم أتوقع أن تنهال عليّ ردود الفعل الإيجابية والرائعة، بدءاً من أساتذتي في الجامعة الفخورين بكلمتي التي عبّرت فيها عن حال كل فتاة سعودية، وزميلاتي على مقاعد الدراسة اللواتي عبّرن عن سعادتهن بما قدّمت في رسالتي، وانتهاءً بعدد من صديقاتي اللواتي لم أرهنّ منذ فترة واتصلن بي وباركن خطواتي وردّدن "أنت فخر لنا"... تلك الكلمات غمرتني بالحب والمحبة والشموخ، وامتد الخبر ليكون على صفحة الجامعة في "تويتر"، فاستقبلت التهاني من القاصي والداني.

- هل أخبرتِ أساتذتك في الجامعة قبل السفر؟

أخبرتهم وقرأت في عيونهم شارات العزة والكرامة، فقد أثنوا على اختياري لتمثيل شابات الوطن العربي، وسألوني كيف تم الاختيار ومتى؟ وتضمنت كلماتهم التشجيع والدعم لأكون مثلاً أعلى لكل الطالبات.

- تحدّثتِ عن تمكين المرأة السعودية ونقلتِ ثقافتها الى مجتمع مختلف كلياً، ما الفائدة التي تعود على المملكة من تلك المشاركة الثنائية الصينية- السعودية؟

ترغب الجامعة الصينية في بكين بالارتباط أكاديمياً وثقافياً وتجارياً مع المملكة العربية السعودية لتحقيق رؤية 2030، وتضمنت كلمتي الصغيرة في لفظها، الكبيرة في معناها كل شيء عن المملكة وما حققته المرأة السعودية من نجاحات في كل المجالات الأكاديمية والثقافية والاقتصادية.

- من أهم بنود رؤية 2030 التبادل الثقافي والمعرفي بين البلدين، هل تمّ توقيع مذكرة تفاهم؟

وقّعت السعودية مذكرة تفاهم تركّز على التبادل الأكاديمي بين الطلاب في الجامعات لتبادل الخبرات العلمية بين البلدين، كما وقّعت السعودية اتفاقية تعزيز تنمية طريق الحرير المعلوماتي، وهناك العديد من الاتفاقيات والمذكرات التي تعود على البلدين بالفائدة المرجوة من خلال التبادل الأكاديمي والمعرفي والثقافي والسياحي.

- ماذا تعرفين عن "طريق الحرير"؟

هو طريق تاريخي قديم يربط أكثر من 60 دولة موزّعة بين أوروبا وأفريقيا وآسيا، وبدأ استخدامه للتجارة في القرن الثاني قبل الميلاد وحتى القرن السادس عشر حيث تم عبره نقل البضائع الصينية وأشهرها "الحرير" إلى باقي مناطق العالم القديم لتطوير تجارتها وتحويلها من تجارة محلية إلى تجارة دولية من أجل تنمية اقتصادها، وبذلك كانت الصين تقايض الحرير مع الدول الغربية والعربية بالبخور والتوابل والعطور والأحجار الكريمة.

- لماذا كانت الصين تخاف على الحرير من باقي الدول؟

لأنها كانت تنتج الحرير أكثر من باقي الدول وترفض أن ينافسها أحد فيه، وكانت الصين تردّد عبارة "طريق واحد، حزام واحد".

- كيف تتطلعين الى مستقبل "طريق الحرير"؟

كوني أدرس علوم الحاسب الآلي في جامعة الملك عبدالعزيز، أطمح لأكون مُبَرمِجة عالية المستوى في تلك العلوم حتى أصبح محط أنظار العالم والكل يتمنى التعامل معي من خلال "طريق الحرير"، مما يفتح المجال أمامي للتواصل مع رجال وسيدات الأعمال لتنفيذ برامج تخدمهم على محطات "طريق الحرير".

- هذا يعني أنك تخططين لمستقبل جميل؟

أخطّط لنشر عملي بين تلك الدول كلها، لأنني أتطلع لأن أكون جزءاً من "طريق الحرير"، وأقدّم الفائدة للآخرين، وخاصة بعدما وُضع قسم من هذا الطريق عام 2014 على لائحة التراث العالمي، حيث يمتد هذا القسم على مساحة 5000 كلم عبر ثلاث دول هي: الصين، كازخستان وأوزبكستان.

- ما الذي تحقّق بين الأمس واليوم؟

التطور السريع الذي حصل من خلال رؤية 2030 جاء لصالحنا نحن الشبان والشابات، لأنه أظهر الكثير من المواهب السعودية، وكشف عن الإبداعات المختلفة التي كانت بعيدة عن الأنظار، وجاء اليوم لتظهر على الملأ وتحقق مشاركات جميلة.

- ما هو دورك كطالبة حاسب آلي ونُظم معلوماتية؟

أحلامي كبيرة، وما زلت في السنة الدراسية الأولى في الجامعة، وأحلم بالمساهمة في العلوم الأكاديمية من خلال تدريسي لعلوم الحاسب الآلي في المواقع الموجودة على "طريق الحرير".

- كيف تقرئين طلبات رئيسات ورؤساء الجامعات العربية التي يدعونك فيها لإلقاء المحاضرات في صروحهم الجامعية؟

هذا الموضوع مهم جداً بالنسبة إليّ، فليس سهلاً أن تختارني تلك الجامعات لو لم أكن مُقنعة في كلمتي القصيرة، والتي أحدثت صدى كبيراً حين تمكّنت من إثبات وجودي ومثّلتُ المملكة خير تمثيل، وهذا دليل على اقتناع الآخرين بما قدّمت، مما حمّلني مسؤولية كبيرة لتطوير نفسي باستمرار وتحقيق المزيد من النجاحات.

- كيف كان ردّ فعلك حين انهالت عليك الطلبات من الجامعات الغربية لتقديم محاضرات فيها؟

شعرت بالفخر والشموخ، لأن تركيز المملكة كان على "طريق الحرير"، وأنا بدوري استطعت ربط هذا الطريق بفكر الفتيات السعوديات وعلمهن وثقافتهن، واليوم أحاول معرفة ما يركّزن فيه للمؤتمرات المقبلة، لكي أربط فتيات المملكة بما يفكرن.

- وهل ستلبّين الدعوة إذا وصلتك؟

سأقوم بواجبي تجاه وطني ومملكتي الحبيبة إذا لم تتعارض شروط الدعوة مع دراستي.

- ماذا أضافت رؤية 2030 للمرأة السعودية؟

رؤية 2030 حققت الكثير للمرأة السعودية، كتمكينها في مجال عملها، ومنحها الحرية المطلقة في حياتها الشخصية، فأصبحت مثلاً تستحصل على جواز سفرها بنفسها، وتسافر للدراسة من دون موافقة ولي أمرها.

- ما هو انطباعك عن المرأة الصينية؟

المرأة الصينية نشيطة جداً، طيبة القلب، تحب النظام وصارمة في تطبيقه، ليس هي فحسب بل كل الشعب الصيني ملتزم في تطبيق القوانين إلى أقصى الحدود مقارنةً بشعوب الدول الآسيوية الأخرى.

- إثر عودتك الى الوطن، ماذا أحضرتِ معك من مفاهيم؟

أسئلة رسمتها على جسد ذاكرتي لطرحها على الجهات المعنية، لماذا لا ترعى السعودية مثل تلك المؤتمرات، لتستقطب كل الوفود الأكاديمية وتصبح مهوى الأفئدة، لا سيما أن المملكة تسعى اليوم لانفتاح كبير على العالم سياحياً واقتصادياً وثقافياً من خلال رؤية 2030.

- حدّثينا عن شوارع بكين؟

رغم الكثافة السكانية في بكين، لم أرَ ازدحاماً في شوارعها، وهذا يعود الى نظام السير الرائع عندهم، واعتماد غالبية أفراد المجتمع الصيني على المواصلات العامة في تنقلاتهم، كما لاحظت ركوبهم الدرّاجات النارية بدون أصوات تزعج المارّة في الشوارع.

- وعن جامعتها؟

جامعة بكين ليست قديمة، فهي تأسست عام 1951، لكن أكثر ما لفتني أثناء إقامتي في السكن الجامعي هو ضمّه كمّاً هائلاً من الطلاب الأجانب على اختلاف جنسياتهم، فعدد هؤلاء يفوق عدد الطلاب الصينيين، وحين استفسرت عن الموضوع عرفت أن جامعة بكين الدولية تتبع سياسة الفصل بين الطلاب الأجانب والطلاب الصينيين في الدراسة.

- بعد كل هذه الرحلة، ما هي خطط ميراز المستقبلية؟

أستغل كل أوقات فراغي وإجازاتي لتعلّم أشياء تفيدني في البرمجة، وسأتعلم اللغة الصينية، مما يدفعني للتركيز في دراستي.

- ومتى ستبدئين بتعلّم اللغة الصينية؟

طالما أن تلك الخطوة أوصلتني الى مؤتمر "حوار الشباب العالمي"، ربما أبدأ تعلّم اللغة الصينية في الإجازة الصيفية، لأن الدورات لا تقتصر على تعليم اللغة الصينية، بل تتضمن أيضاً تعلّم الاقتصاد الصيني، والثقافة الصينية.

- هل كرّمتك الجامعة الصينية؟

قدّمت لي الجامعة الصينية هدية عبارة عن كتاب مصنوع من الحرير مصكوك عليه تاريخ "طريق الحرير"، وبضعة تذكارات صغيرة كانت سعادتي بها لا توصف.

- هل وجدت تشابهاً ثقافياً أو اقتصادياً بين المملكة والصين؟

لا يمكنني التقييم كما يجب، لأن فترة إقامتي في الصين كانت قصيرة، لكنهم يختلفون عنا في كل شيء، مثلاً طعامهم يعتمد على البط والخضروات المطبوخة على البخار بحثاً عن الطعام الصحي، بينما طعامنا غني بالدسم والبهارات المتنوعة.

أما من الناحية الاقتصادية فالصين بلد مُصَنِّع ومنتج وكل سلعة مكتوب عليها "صناعة محلية"، مما ساعدهم على غزو العالم بإنتاجهم المتنوع.

- من يقف وراء نجاح ميراز؟

والدتي، فهي سهرت على دراستي وزرعت فيّ الحب والحنان، ووالدي الذي رافقني في كل خطواتي وتحمّل مسؤولياتي لأكون ميراز التي تحاضر اليوم في جامعة بكين الدولية، وأختي الصغيرة التي أستشرف منها المستقبل، جميعهم فخورون بما حققت من نجاح على الصعيد العلمي والثقافي.

- ماذا تقولين للمرأة السعودية؟

احلمي وحقّقي حلمك مع رؤية 2030 ولا تتوقفي عن الأحلام، وكلما حققت حلماً اتبعيه بحلم آخر، فالطريق أمامك ممهد.