الأمير هاري وزوجته ميغان ماركل يتنازلان عن مهامهما الملكية

جولي صليبا 23 يناير 2020
أعلن دوق ودوقة ساسكس، الأمير هاري وزوجته ميغان، تنازلهما عن مهامهما كعضوين بارزين في العائلة الملكية البريطانية والعمل لتحقيق الاستقلال المالي. وقال الزوجان في بيان صادر عن قصر باكينغهام إنهما يخططان للاضطلاع "بدور متقدم" ضمن المؤسسة الملكية...


أعلن الأمير هاري وزوجته ميغان ماركل اعتزال الحياة الملكية في بريطانيا ليصبحا مستقلين مالياً، وذلك بعد تقارير عدة تحدثت عن توتر داخل القصر الملكي وعدم انسجام في العائلة بعد انضمام ميغان إليها. وقال دوق ساسكس​ وزوجته في بيان إنهما ينويان العيش بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، وإن هذا العام سيشكل فترة انتقالية نحو الحياة الجديدة التي وعدا بالمزيد من التفاصيل بشأنها في وقت لاحق.

وجاء في بيان الزوجين الذي نشر عبر حسابهما في انستغرام: "بعد شهور عدة من التباحث والمناقشات الداخلية، اخترنا أن نصنع نقلة في حياتنا هذا العام... قررنا التراجع إلى الخلف كأفراد رفيعي المستوى في العائلة الملكية، والعمل لنكون مستقلين مالياً... سنواصل تقديم الدعم الكامل لجلالة الملكة". وتابع البيان: "هذا التوازن الجغرافي سيساعدنا في تربية طفلنا على تقدير التقاليد الملكية المطبقة حيث ولد، ويمنح أسرتنا في المقابل المساحة للتركيز على على كل ما هو آت، بما فيه مؤسستنا الخيرية الجديدة".

واختُتم البيان بالقول: "نتطلع إلى مشاركة التفاصيل الكاملة لهذه الخطوة التالية المثيرة في الوقت المناسب، حيث نواصل التعاون مع صاحبة الجلالة الملكة، وأمير وايلز، ودوق كامبريدج وجميع الأطراف ذات الصلة. حتى ذلك الحين، يرجى قبول شكرنا العميق لدعمكم المتواصل".

امتعاض الملكة

من جهة أخرى، أصدرت الملكة إليزابيث بياناً من قصرها في باكنغهام، قالت فيه: "نتفهم رغبتهما (هاري وميغان) باتخاذ نهج مختلف، لكنها أمور معقدة ستأخذ وقتاً للعمل عليها". وأضافت الملكة: "المباحثات مع دوق ودوقة ساسكس لا تزال في مرحلة مبكرة".

وكان غياب الأمير هاري وزوجته ميغان عن احتفالات عيد الميلاد قد لفت الأنظار وأوحى بوجود خلل في العلاقة، إذ عادة تحتفل العائلة الملكية البريطانية مجتمعة بالأعياد عادة، لكن الأمير هاري اختار قضاء فترة العيد في كندا مع زوجته ورضيعهما آرتشي.

وظهر التوتر جلياً في خطاب عيد الميلاد الذي ألقته الملكة إليزابيث، إذ وضعت بجوارها مجموعة صور لجميع أفراد العائلة المالكة البارزين، بينما غابت صور الأمير هاري وزوجته ماركل وطفلهما عن المشهد.

خلاف الأخوين

تحدثت تقارير إعلامية عن توتر كبير في العلاقة بين الأمير هاري وشقيقه الأكبر الأمير ويليام يعتقد أنه مرتبط بزواج الأمير هاري من ماركل. فالأمير هاري تغير تماماً منذ أن بدأت علاقته مع زوجته. ورداً على تلك التقارير، قال الأمير هاري إنهما يسلكان طريقين مختلفين. ويقال إن الخلاف الحقيقي يتمحور حول التعاطي مع البروتوكولات الملكية التي تطبقها العائلة منذ قرون عدة. فالأمير ويليام هو أكثر رسمية واحتراماً لتقاليد العائلة التاريخية، بينما يعتبرها الأمير هاري قيوداً خانقة تعيق حياته الزوجية مع ميغان. وعلى سبيل المثال، بدأ الأمير هاري يقضي وقتًا أقل مع أصدقائه القدامى، وتوقف عن كونه الشخصية المثالية التي كان يتمتع بها، وأصبح أكثر خصوصية.

اللافت أن مؤشرات الشرخ بين الأمير هاري وعائلته وصلت إلى ذروتها خلال فترة عيد الميلاد، فبدلاً من أن يمضي الأمير هاري هذه المناسبة مع العائلة المالكة كما هو متعارف عليه، قرر الابتعاد مع ميغان وابنهما الرضيع آرتشي، والسفر إلى كندا لمدة ستة أسابيع، حيث أقامت ميغان بضع سنوات خلال عملها كممثلة في المسلسل الشهير "سوتس".

يذكر أن الأمير هاري وزوجته الممثلة الأميركية ميغان ماركل تزوجا في أيار/مايو 2018 في حفل ملكي ضخم، ورزقا بطفلهما الأول آرتشي في أيار/ مايو 2019. وشكلت علاقتهما العاطفية محور اهتمام وسائل الإعلام البريطانية والعالمية، بسبب نمط حياتهما المختلف تماماً عن بعضهما البعض، والانقسامات التي أثارتها علاقتهما في العائلة المالكة.

وكانت ميغان قد قالت في وقت سابق إنها تواجه صعوبات في إيجاد توازن بين واجباتها كأم وكعضو في العائلة الملكية. كما رفعت دعوى في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي ضد صحيفة لاتهامها بنشر إحدى رسائلها الخاصة بشكل غير قانوني.

خيبة أمل

تشير المصادر إلى أن الجميع في قصر باكنغهام مقتنعون بأن ميغان هي السبب الحقيقي وراء انسحاب الأمير هاري من العائلة الملكية، لأنها راغبة في العودة للعيش في كاليفورنيا، وتربية ابنهما آرتشي بعيداً عن السياسة التقييدية والفضولية لقصر باكينغهام.

ولذلك، تشعر الأسرة المالكة البريطانية بالألم وخيبة الأمل بسبب قرار الأمير هاري التنحي عن أداء مهامه الرئيسة وقضاء المزيد من الوقت في أميركا الشمالية.

كما اعتبرت مصادر ملكية أن الأمير هاري خالف أوامر الملكة ولم يعلن عن هذا الأمر إلا بعد اتخاذ قرار نهائي. فالبيان الذي نشر على موقع انستغرام فاجأ الملكة إليزابيث والأمير تشارلز لأنه لم يتم التشاور معهما بشأن إصدار البيان.

وقارن معلقون وضع الأمير هاري وزوجته ميغان بأزمة الملك إدوارد الثامن الذي تخلى عن العرش في عام 1936، وتزوج المطلقة الأميركية واليس سيمبسون، وعاش حياته في فرنسا.

وتفجرت الأزمة آنذاك بعد تنصيب إدوارد على العرش وإعلانه عن زواجه من سيدة مطلقة مرتين، وهو الأمر الذي كان ممنوعاً من الكنيسة، لأن الملك هو الرئيس الأعلى للكنيسة. وقد عارض رئيس الوزراء ذلك الزواج، واتهم إدوارد بانتهاك البروتوكول الملكي. لكن ما زاد القضية تعقيداً واليس لم تكن قد انفصلت رسمياً عن زوجها الثاني بعد، وهو ما يعني أن الملك كان على علاقة غير شرعية بامرأة متزوجة، مما اضطر إدوارد الثامن للتنازل عن العرش بعد أقل من عام من تنصيبه، وقضاء ما تبقى من حياته في منفى حتى وفاته عام 1972.

ميغان ماركل المثيرة للجدل

لطالما أعلن الأمير هاري عن استيائه من تنمر "صحافة التابلويد" على زوجته، وملاحقة الإعلام لأسرته، واختلاق الأكاذيب بشأنهم. وأعلن مرات عدة أنه يخشى على أسرته من مصير والدته الراحلة ديانا. وما زاد الأمر سوءاً هو النبش في تاريخ ميغان ماركل الممثلة الأميركية متوسطة الشهرة، إذ كشفت الصحافة عن بداياتها كفتاة راقصة في برامج المسابقات، حيث ارتدت ذات مرة فستاناً أحمر مثيراً ضمن مجموعة من الفتيات في البرامج التلفزيونية، إلى جانب إعادة توزيع أفلام رديئة الإنتاج تقوم خلالها الممثلة الشابة بأدوار ثانوية ضعيفة. وتفاقم تفجر الشائعات حول ماركل بعد محاولات والدها الظهور المتكرر في الإعلام، وهو الأب الذي طالما حاولت الدوقة إخفاءه عن المشهد، لكنه أصر على التوسل لابنته بمسامحته، فأظهرها في صورة الابنة العاقة لوالدها.

من جهة أخرى، لم تنقطع الشائعات منذ اليوم الأول لزواج ماركل وهاري حول الخلافات بين الشقيقين هاري وويليام بسبب الغيرة النسائية بين ميغان وكايت ميدلتون. وقد دعمت الصحافة البريطانية ميدلتون على حساب الأميركية ماركل، إذ كانت توصف الأولى دائماً بالوداعة وبالبراءة، في حين تتهم ميغان بأنها وصولية ومتطلبة جداً.

ورغم المحاولات الملكية لإخفاء الخلافات بين الشقيقين، فإن قرار ميغان وهاري بالانتقال إلى بيت مستقل خلال الصيف الماضي أكد صحة الشائعات.

يذكر أن الأمير هاري هو المرشح السادس لعرش بريطانيا خلفاً للملكة إليزابيث الثانية. وتسري شائعات حول نية الملكة التنازل عن العرش لنجلها الأمير تشارلز، الذي من المرجح أن يتنازل مباشرة لولده الأكبر الأمير ويليام، وهو الأمر الذي يلقى استحساناً بين البريطانيين.

ماذا يعني اعتزال الحياة الملكية؟

وفقاً للتقاليد الملكية، لا بد من موافقة الملكة على قرار كهذا يتخذه كل شخص في العائلة الملكية، وربما يحتاج الأمر إلى موافقة البرلمان. لهذا سيحتفظ الأمير هاري وزوجته ميغان باللقب الملكي، لاسيما وأن خروجهما لم يكن مرتبطاً بفضيحة أو أزمة ملكية. وبحسب خبيرة العائلة الملكية البريطانية مارلين كونيج، فإن الأمير هاري وزوجته ماركل سيستمران في أعمالهما الخيرية وواجباتهما تجاه العائلة الملكية إذا أرادا ذلك.

الاستقلال المادي

كيف سيستقل دوقا ساسكس عن العائلة الملكية؟ إنه السؤال الأكثر تداولاً بعد إعلانهما اعتزال الحياة الملكية، خاصة أن الأمير هاري ليس لديه عمل خاص ويحصل على دخله الأساسي من إيرادات دوقية كورنول التي يديرها والده الأمير تشارلز. وقد بلغت إيرادات تلك الدوقية 21 مليون جنيه إسترليني في العام 2018. كما تغطي الحكومة البريطانية 5% من النفقات الرسمية لدوقيّ ساسكس، إضافة إلى أن الثروة التي ورثها الأميران هاري وشقيقه الأمير ويليام عن والدتهما الأميرة الراحلة ديانا تقدر بـ21 مليون جنيه إسترليني.

ومن المستبعد أن يطالَب الأمير هاري بدفع ضرائب حتى يجد عملاً بديلاً. ومن غير المرجح أيضاً أن تعود ميغان ماركل إلى التمثيل مرة أخرى، لا سيما أنها أكدت مرات عدة أنها سوف تكرّس حياتها للأعمال الخيرية وقضية تمكين المرأة.