حقل ألغام للنجوم
أم كلثوم, سلاف فواخرجي, صفاء سلطان, منى زكي, نهال عنبر, ليلى مراد, دراما سورية, أشرف عبد الباقي, محمد نجاتي, حسن يوسف, تيم حسن, بليغ حمدي, صابرين, مجدي كامل, شادي شامل, منة فضالي , محمد رجب, عبدالله غيث, عبد الحليم حافظ , محمد الغيطي, الملك فاروق, أس
30 نوفمبر 2009مقارنة
أما النجم الشاب محمد نجاتي الذي تعاقد على تجسيد حياة الملحن بليغ حمدي وسيبدأ تصويرها بعد عيد الأضحى، فيؤكد أن «المقارنة في أدق التفاصيل بين صاحب السيرة والفنان الذي سيجد الشخصية تكون أول معيار نجاح أو فشل للعمل، وتكبر المقارنة وتحتل مكانة أكبر كلما كانت الشخصية المعنية لها باع وتاريخ طويل وبصمة واضحة في أذهان الجميع، كأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وسعاد حسني. أما المعيار الآخر فهو الاهتمام بمنظومة العمل كاملة من إخراج وسيناريو وأداء تمثيلي وعناصر أخرى». وأشار نجاتي إلى أنه سعيد لأنه سيقدم بليغ حمدي كونه شخصاً لا يعرف حياته الخاصة وأبعاده النفسية الكثيرون لأن جمهوره كان يهتمّ بإبداعاته دون النظر إلى حياته الخاصة، على خلاف حليم وسعاد وأم كلثوم، ويرى أن فكرة الاستعانة بشبيه فقط للفنان دون إجادته ملامح الشخصية ومفاتيحها ستجعل المسلسل فاشلاً مهنياً، فالمحك الرئيسي أن تصل إلى الجمهور روح الشخصية وأن يصدقها ويتعايش معها.
العرض الثاني
يرى إسماعيل كتكت منتج مسلسلي «الملك فاروق» و«قلبي دليلي» أن مسلسل «ليلى مراد» لم يفشل وأن «ما يحدث من هجوم أغلبه غير مفهوم وقد يكون لمصالح شخصية، وهذا الهجوم لا يعني فشل المسلسل لأن «الملك فاروق» هوجم بالأسلوب نفسه مع بداية عرضه، وعندما عرض للمرة الثانية قوبل بالتصفيق وبالترحيب. وأتوقع نجاح «ليلى مراد» كما حدث مع «الملك فاروق»، وهذا ما بدأ يحدث حين كرمت أنا وأسرة المسلسل عن قوة الموضوع والتناول من يوسف الأميري ورئيس اتحاد منتجي الخليج. وهناك تكريمات أخرى.
وربما يكون الهجوم سببه ان «قلبي دليلي» عرض على ١١ قناة كعرض أول، وعموماً النسخة الثانية بعد تصحيح المونتاج ستكون ممتازة». ويكمل كتكت: «حتى لو كانت صفاء سلطان قد أخفقت في أداء الشخصية فليس الهدف من المسلسل حياة «ليلى مراد» بقدر تقديم الظروف السياسية والمحيطة بمجتمعنا وقتها، وكونها يهودية جعلنا نضع حياتها في سياق تاريخ الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي ونشأته، وهو الذي سيجذب الجمهور خاصة أن الصحف الإسرائيلية هاجمت مسلسلنا لكشفنا الحقائق». وعن رؤيته لأسباب نجاح مسلسلات السيرة الذاتية يقول كتكت: «يجب قبول بطل العمل أياً كانت خبرته الفنية، كما حدث عندما نجح تيم الحسن في «الملك فاروق»، وتوفير إنتاج ضخم لا يبخل على المسلسل في مصاريفه وأماكن التصوير وتوفير الإمكانات. والموضوع أكيد لا بد أن يكون له هدف. أما الورثة فلهم حقوق مادية فقط دون أي تدخل في سيناريو العمل من قريب أو بعيد».
هل تحولت مسلسلات السيرة الذاتية إلى حقول ألغام تهدد كل من يتجرأ على الاقتراب منها؟ سؤال يطرح نفسه بعد أن تسببت تلك المسلسلات في الهجوم على نجوم ونجمات كثيرات مثل منى زكي في «السندريللا»، وصفاء سلطان في «ليلى مراد»، وأشرف عبد الباقي في «إسماعيل يس»، وشادي شامل في «عبد الحليم حافظ»، وغيرهم ممن تصدّوا لتقديم حياة المشاهير ولم يستطيعوا عبور حقل الألغام بسلام. وفي المقابل، هناك حالات قليلة لنجوم آخرين نجحوا في هذه النوعية من الأعمال الشائكة: صابرين في «أم كلثوم»، وتيم الحسن في «الملك فاروق»، وسلاف فواخرجي في «أسمهان». فلماذا ينجح فنان ويفشل آخر؟ هل المشكلة في الشخصية نفسها أم في النجم الذي يقدمها، أم أن هناك أسباباً أخرى، «لها» تفتح هذا الملف الشائك...
روح الشخصية
أما مجدي كامل الذي جسد شخصية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فيقول: «الممثل نفسه عليه مسؤولية كبيرة في إنجاح مسلسلات السيرة الشخصية فلا بد أن يكون ملماً بكل تفاصيل الشخصية ويقرأ كل ما يتعلّق بها، بالإضافة إلى مشاهدة كل الأحداث التي ظهرت فيها الشخصية، مع محاولة الوصول إلى روحها وليس الشكل الخارجي فقط. وأضاف: «الوصول إلى روح الشخصية والتعايش معها وامتلاك كل أبعادها هي سر نجاحي في «ناصر»، مع الاهتمام بالإطار الخارجي لتصرفات الشخصية كطريقة المشي أو أسلوب الجلوس وغيرها من التصرفات التي تميز الشخصية». وأعرب عن استيائه مما حدث في مسلسل «أنا قلبي دليلي» من تشويه للشخصيات، وهذا «يدل على أن صناع المسلسل لم يحضّروا العمل بشكل جيد فأخرجوا شخصية العبقري أنور وجدي كـ«المسخ»، وأيضاً هذا ما حدث في مسلسل «أدهم الشرقاوي». وهنا لابد أن نستفيد من آراء النقاد لنتعلم ونقدم تجارب مميزة».
أم كلثوم
تقول الفنانة صابرين التي جسّدت شخصية أم كلثوم: «أهم العوامل التي تساهم في إنجاح تلك المسلسلات هو السيناريو ووجود أبعاد درامية في الشخصية، بالإضافة إلى مدى تأثير تلك الشخصية في مجتمعها وما تركته من بصمات، مثل «أم كلثوم» التي يعشقها الجميع وضحت بالكثير من أجل فنها وشعبها». وتضيف: «عند سرد تفاصيل حياة العمالقة يجب التعرض لإيجابياتهم أكثر من سلبياتهم التي لن تفيد أي شخص إذا علم بها. وإذا كان من الضروري عرض السلبيات فيكون بنسبة بسيطة، أو بالمعنى الأدق السلبيات التي أثّرت في المشوار الشخصي لمن نتناوله. ولهذا نحن تعرضنا فقط لاستغلال أم كلثوم لحب الشاعر أحمد رامي الذي أخذت منه أجمل الأشعار والكلمات لأغانيها، وتصرفها العصبي مع رياض القصبجي بطرده من الفرقة في عز توهجه، وغيرها من التصرّفات. لكن حب الناس غفر لها مثل تلك الأخطاء. ولهذا لا يحب ورثة هؤلاء العمالقة التطرّق إلى السلبيات خوفاً من تشويه صورتهم في أعين الجماهير». وأكدت صابرين أن المسلسل الناجح يفرض نفسه أياً كان وقت العرض، وأن كلام البعض عن فشل أعمالهم بسبب توقيت عرضها مجرّد ذريعة لإخفاء سلبيات تلك الأعمال.
الاختيار
أشار المؤلف مجدي صابر الذي قام بكتابة مسلسل «قلبي دليلي» وتناول فيه السيرة الشخصية للمطربة ليلى مراد، إلى أن «مصداقية التناول وعرض الشخصية بكل ملامحها وأبعادها السلبية والإيجابية شيء في غاية الأهمية في كتابة السيناريو، ويجب مراعاة الاختيار الصحيح من البداية للشخصية التي سيتناولها، المسلسل بحيث تكون أثرت في المجتمع الذي عاصرها، وكان لها من الإبداعات والإنجازات ما يستحق سرده وعرضه في مسلسل خاص بها، مع الاهتمام بعرض جزء من الأحداث المهمة التي حدثت متزامنة مع حياة هذه الشخصية.
وليس ضرورياً سردها كلها وإنما التعرض لأهمها الذي لا يمكن إهماله». وأضاف إنه «يجب عند عرض سلبيات الشخصية الاعتماد على معلومات موثقة دون الاعتماد على الشائعات حتى لا نتعرض للمساءلة القانونية، كما أنه يستحسن تعاون الورثة مع فريق العمل كونهم يعلمون ببعض التفاصيل التي لا يدركها أحد، وألا يعترضوا عند التعرض للشخصية بمصداقية وسرد كل سلبياتها قبل إيجابياتها، فتلك الشخصيات بشر وليست ملائكة».
وعن تجربته يقول إنه كان له هدف وكانت ليلى مراد وسيلته لتحقيق هذا الهدف «والغاية تبرر الوسيلة»، ألا وهي «سرد تاريخ الصهاينة والقصة الحقيقية لكيفية ظهورهم واستيلائهم على فلسطين، ونشوب الصراع الدائم مع الفلسطينيين. وهذه الأحداث مواكبة لعصر ليلى مراد، ولهذا كانت هي وسيلة جذب المشاهد ليتابع العمل بما أنها كانت يهودية».
الرقابة
من جهته أكد المؤلف محمد الغيطي الذي كتب «أدهم الشرقاوي» أن كل عناصر العمل الفني في غاية الأهمية لأن كل عنصر يكمل الآخر، كالسيناريو القوي والمخرج المدرك والواعي لأهمية الشخصية وطريقة تناولها في السيناريو وتجسيد الشخصية ببراعة، مع الاهتمام بالملابس والديكور وغيرها من عناصر. كما يجب اختيار الشخصية التي تستحق تسليط الضوء على حياتها. ولفت الغيطي إلى أن مشكلة أعمال السيرة الشخصية أن الكثيرين ممن عاصروا الشخصية أو من كتب سيرتها الذاتية بنفسه لا يتحرّى الدقة ولا يتوخّى الحياد في كتابة الأحداث والتفاصيل. فشعور المؤرخ أو المحلل حيال الشخصية يؤثر في كتابته، كما حدث عندما تحدث بالسلب المطلق مؤرخنا الجبرتي عن فترة «محمد علي» فأصبح التاريخ وجهات نظر.
أما أبرز عوائق ظهور عمل جيد فهو الرقابة على المصنفات الفنية التي قد تحذف بعض المشاهد لأنها قد تسيء للشخصية في عيون الناس، رغم أن العالم كله تناول رموزه بشكل موضوعي كما حدث في أفلام تناولت حياة نابليون بونابرت وهتلر، و«هذا ما حدث معي عندما تعرضت لحياة الزعيم «سعد زغلول» في مسلسل «حواري وقصور» وأظهرته في مشهد يلعب «القمار»، فحُذف المشهد.
ثم تأتي اعتراضات النجم الذي سيجسّد الدور على الكثير من المشاهد، كما اعترض النجم يوسف شعبان في مسلسل «حواري وقصور» على بعض المشاهد. كما أن اعتياد الجمهور على نجم معين جسّد شخصية ما كفيل بالقضاء على أي عمل يتناول تلك الشخصية مرة أخرى، فعندما جسد محمد رجب «أدهم الشرقاوي» هذا العام كان الجميع عالقاً في أذهانهم أن عبدالله غيث هو الوحيد القادر على أداء الشخصية رغم أن «أدهم الشرقاوي» توفي في نهاية العشرينات في عمره، وهذه سن محمد رجب، بينما عبد الله غيث جسّده بعدما تخطّت سنه الأربعين».
التعجل
ترى أنعام محمد علي مخرجة «أم كلثوم» و«قاسم أمين» أنه عند تقديم الشخصية يجب مراعاة جوانب عدة، وهي ألا تقدم الشخصية بمفردها «وإنما نقدم الأشخاص المحيطين بها وشكل علاقتهم بها والمناخ العام الذي عاشت فيه الشخصية، بالإضافة إلى وجود هدف من تقديمها. فمسلسل «أم كلثوم» كان الهدف منه محاربة موجة الغناء الرديئة والإسفاف المنتشر، و«قاسم» أمين كان هدفه إبراز قضية المرأة وتحريرها، وشخصية العالم مصطفى مشرفة التي أستعدّ لتقديمها هدفها إبراز أهمية العلم. كما أنه يجب التركيز في الكتابة وعدم التعجل في الانتهاء من السيناريو أو في التحضير للتصوير، فأنا أعمل على كل مسلسل عامين كاملين، بينما هناك من أنهى مسلسله كتابةً وإعداداً وتصويراً في أشهر قليلة».
رمز من رموزنا
يقول المؤلف والكاتب يسري الجندي الذي رصد حياة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في مسلسل «ناصر» وتناول رحلة كفاح «هدى شعراوي» لمناصرة المرأة وتحريرها، إنه يجب أن نفرق بين مفهوم السيرة الذاتية والشخصية، فالسيرة الذاتية هي ما يكتبه المشاهير عن أنفسهم في مذكرات شخصية، مثل «الأيام» للأديب طه حسين وأفلام يوسف شاهين التي رصدت رحلته في عالم السينما، بينما مفهوم السيرة الشخصية يخص كتابات الآخرين عن هؤلاء النجوم وتناولهم تفاصيل حياتهم. وأضاف الجندي: «من أساسيات كتابة أعمال السير الشخصية السيناريو فهو حجر الأساس، ولكي ينجح العمل يجب الإلمام بتفاصيل الشخصية من خلال قراءة كل المراجع والكتب التي تحدّثت عنها والسعي لجمع كل وجهات النظر المؤيدة للشخصية أو المعارضة لها. وكلما اتسعت قراءة كاتب سيناريو العمل سيكون تناوله للشخصية أكثر موضوعية وشفافية.
لكن دائماً يقع الكثيرون في هذا المطب الفني بكتابة سيناريو يجعل الشخصية دون أي أخطاء وهذا لتجميل رموزنا والحفاظ على صورتهم في أعين جمهورهم، ذلك إن ثقافة المصريين بالأخص لا تسمح على الإطلاق بالمساس بأي رمز من رموزنا كأم كلثوم وعبد الحليم. ولكن مع هذا النهج ستختفي الأمانة في الكتابة ولن يرضى المشاهد المثقف المدرك لحياة هؤلاء. ولا أعلم لماذا لا نتخلص من تلك الثقافة كما يحدث في الغرب عندما يعرضون إيجابيات الشخصية التي يتعرّضون لها وسلبياتها».
وأشار إلى أن العائق الذي يجعل الكاتب لا يتحرى الدقة «يكمن في إصرار الورثة على أن تظهر الشخصية بشكل إيجابي جداً، وهذا رغم أن الشخصية ملك للتاريخ. وأخيراً يجب إيجاد الهدف من تقديم الشخصية واختيار الزمان المناسب لتقديمها، فعندما قدمت «ناصر» فعلت ذلك من أجل طرح أفكاره ورؤيته السياسية عن للقضية الفلسطينية – الإسرائيلية، والصراع القائم. وقدمت هدى شعراوي لتفعيل الاهتمام بالمرأة بصورة أكبر، وقدمت «عبد الله النديم» للتعريف بمدى عبقرية هذا الرجل».
الدراما السورية
يقول الفنان حسن يوسف الذي قدم حياة الشيخ الشعراوي والإمام عبد الحليم محمود، إن سيناريو السير الشخصية أصعب من حيث البناء الدرامي من باقي الأعمال «لكونه يعرض حياة شخص له أهل وأقارب ودائرة معارف طويلة على قيد الحياة وإنجازات عديدة وإسهامات طويلة لا يجوز إغفالها، فتشعر بأن كاتب السيناريو يمشي على الحبل وعليه أن يذكر كل الوقائع. كما يجب توفير إنتاج ضخم لتلك الأعمال ليخرج العمل بالصورة اللائقة دون وضع نصف الميزانية أجراً للبطل. وإذا حصل الأمر الأخير تتأثّر جودة العمل سلباً إذ تضعف الميزانية فيعمد المنتج إلى خفض المصاريف مما يجعل العمل مهلهلاً ومشوّهاً كلياً، وهذا ما لم تقع فيه الدراما السورية مما جعل أعمالها على درجة كبيرة من المصداقية والفاعلية ونالت نصيب الأسد من الجوائز كما حدث في مهرجان الإعلام العربي العام الماضي». وأضاف حسن يوسف إن «القانون يحمي كل الشخصيات التي يتم تناولها في الدراما حتى لا نسيء إلى الشخصية، ولكن أنا أدبياً كنت أستأذن أسرة الشخصية التي أقدمها».
الممثل
ترى الناقدة إيريس نظمي أن اختيار المخرج للممثل الذي سيجسد الدور «هو العنصر الأول لنجاح المسلسل. فـ «أسمهان» و«أم كلثوم» نجحا لاختيار البطلتين المناسبتين وأدائهما المميز، وعبد الحليم وليلى مراد فشلا لعدم اختيار الممثل بعناية وبالأخص ليلى مراد. ويجب الإلمام بعناصر الشخصية والتحدث الى الموجودين ممن عاصروا الفنان ليخرج سيناريو مميزاً كما يجب الاهتمام بعرض السلبيات دون المبالغة فنياً مع تحري الدقة في الأحداث التاريخية. وبعد الاختيار الذكي للممثل والتحضير الجيد للسيناريو يأتي دور قائد العمل المخرج، فكلما كان موهوباً ومتحمساً لتقديم السيرة الذاتية نجح. ولا يمكن أيضاً أن نتجاهل أن هناك مسلسلات سيرة ذاتية فشلت لضعف الإمكانات الإنتاجية، فأعمال السيرة الذاتية تحديداً لكي تنجح لا بد أن تكتمل عناصرها لأنه إذا كان هناك عنصر ضعيف لا يمكن إخفاؤه مهما كانت بقية عناصر العمل جيدة».