لديهم كل شيء... فلمَ ينتحر المشاهير؟ شارلوت خليل:"المال والشهرة لا يمنعان الأمراض العقلية"

06 ديسمبر 2020

"إننا محكومون بالأمل، وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ"، هي العبارة الشهيرة التي قالها يوماً المسرحي السوري سعدالله ونوس، وهي الحقيقة التي تفلت من أذهان بعضنا في أويقات ضعف فينحدرون إلى اليأس وربما إلى هوّة أكثر عمقاً وظلمةً: الانتحار. واللافت أن بعض هؤلاء هم من المشاهير، الذين شُرّعت أمامهم نوافذ الحياة وجمعوا مجد الشهرة والمال من طرفيه. فلماذا ينتحر هؤلاء إذاً؟ هو السؤال الذي نطرحه جميعاً مع علامة تعجّب، والذي أجابت عليه في حديث لـ"لها" المعالِجة النفسية شارلوت خليل.


لديهم كل شيء... لمَ ينتحرون؟

عندما تنتشر أخبار انتحار أحد المشاهير، يسأل الكثيرون: كان لديهم كل شيء، فلماذا يريدون قتل أنفسهم؟ هو السؤال الذي أعادت المعالِجة النفسية شارلوت خليل التفكير به. وفي هذا السياق قالت: "لا يمكن أن يُنسَب الانتحار إلى عامل واحد، فالأبحاث تشير إلى أن 60 في المئة من حالات الانتحار تعود إلى محفّز أساسي، هو الاضطرابات النفسية. فواحد من كل سبعة أشخاص في العالم يعاني مشكلة في الصحة العقلية، فيما يحتاج واحد من كل أربعة في مرحلة ما إلى مساعَدة علاجية".

وفي الحديث عن المشاهير، أضافت خليل أن هؤلاء يتعرّضون باستمرار لضغوط ترتبط بالحفاظ على صورتهم ونجاحهم. وأردفت أن قائمة المنتحرين على مستوى العالم تضم الكثير من الأثرياء الذين قرّروا إنهاء حياتهم إما لإحساسهم بالتعاسة والاكتئاب، أو لإخفاقهم في تحقيق الكفاءة المطلوبة، أو المحافظة على مستوى النجاح الذي حقّقوه سابقاً. وتابعت أن مؤشر الاكتئاب والوحدة يرتفع لدى بعضهم بسبب نمط حياتهم وكثرة مسؤولياتهم، ما يزيدهم شعوراً بعدم الرضى رغم أنهم يمتلكون كل ما يحلم به الآخرون.

وأوضحت المعالِجة في هذا الصدد أن بعض المشاهير يعيشون حياة رغيدة ويختبرون كل ما في الحياة من سبل للمتعة ويسعون دائماً إلى تحقيق "وهم اللذة "، فقالت: "مع مرور الوقت وبفعل العادة يتوقفون عن الشعور بالاستمتاع، ويدفع ذلك بعضهم الى الإدمان على الممنوعات بهدف المحافظة على البريق فيفشلون وتزداد أوضاعهم مأسويةً. وهو ما لا تكاد تخلو منه سيرة أحد المنتحرين".

واعتبرت شارلوت خليل أن الدافع الأول للانتحار هو "فقدان معنى الحياة" و"عدم الإحساس بجدواها" و"الشعور باللاجدوى"، مضيفةً: "طبقاً للمنظور النفسي التحليلي فإن الرغبة في الحياة تعتمد على مشاعر تقدير الذات. فعندما يتولّد لدى الشخص المنتحِر الإحساس بعدم تقديره لذاته، أياً يكن السبب، فإنه يعود إلى حالة الرضيع المهجور الجائع الذي يرغب في أن يمحو موضوع الحب المندمج فيه. وبارتكابه فعل الانتحار فهو ينجح في ذلك ليجد "أنا" عليا أخرى".

ورأت خليل أن أسباب انتحار المشاهير تختلف من شخص إلى آخر، مع الإشارة إلى أنهم يبلغون في النهاية غالباً النتائج نفسها. وأشارت إلى أن هؤلاء يخجلون عادة من التحدّث عن مشاكلهم النفسية ومن طلب المساعَدة خوفاً من نظرة الإعلام والمعجبين. فهم يخضعون للمراقبة اليومية الدائمة، وتُطلق في شأنهم الكثير من الأحكام. وهذا يؤثر برأيها في صحتهم العقلية، وخصوصاً في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت الأمور أكثر صعوبةً وفتحت الأبواب على مصراعيها أمام التتبّع والتنمّر والإطراء أو الانتقاد. وأردفت خليل أن هذا يمكن أن يؤدي ببعض النجوم إلى عيش أزمة هوية بين طبيعتهم الحقيقية التي تظهر خلف الأبواب المغلقة فقط، وتلك التي يقدّمونها للجمهور.

وعمّا إذا كان انتحار المشاهير يشكّل خطراً مجتمعياً، أجابت المعالِجة بأن خطورة الأمر تكمن في أن هؤلاء يعيشون في دائرة الضوء، وأن لديهم القدرة على التأثير في معجبيهم. واختتمت بالقول: "يبقى الأساس أن المال والشهرة لا يشكّلان صمّام أمان في مواجهة الأمراض العقلية".


مشاهير انتحروا وآخرون حاولوا...


داليدا

من منّا لا يعرف قصّة الفنانة داليدا؟ فقد أنهت حياتها في لحظات رغم ما أُحيطت به من شهرة وثروة. والحقيقة أنها عاشت مسرحية مأسوية أُسدلت ستائرها في 3 أيار (مايو) من العام 1987 وأُعلن ختامها بجرعة زائدة من الحبوب المنوّمة. وتركت داليدا إلى جانب ذكرى اسمها ومأساتها، رسالة قصيرة وجّهتها إلى متابعيها وطلبت فيها منهم الصفح والمسامحة.


عبير شعبان

حدث هذا في العام الجاري (2020) يوم فُجع الوسط الفني العربي بإقدام الفنانة العربية التونسية عبير شوشان المعروفة باسم عبير شعبان على الانتحار شنقاً. وهكذا وضعت حداً لمسيرة حياتها قبل أن تبلغ الـ30 عاماً ولم تتضح الأسباب التي دفعتها إلى ذلك.


محاولات انتحار

أقرّت فنانات كثيرات في العالم العربي بإقدامهن على تجربة الانتحار في مرحلة من مراحل حياتهن لأسباب مختلفة.

رولا سعد

أعلنت في لقاء أُجري معها على شاشة قناة "الحياة" المصرية في العام 2018 أنها حاولت الانتحار مرتين، إحداهما بعد وفاة شقيقها، والثانية عندما شعرت باليأس وبأن لا جدوى من وجودها في الحياة.


شيرين عبد الوهاب

كشفت خلال مؤتمر صحافي أقامته في المغرب في العام 2016 أنها حاولت الانتحار مرات عدة. وفي الحديث عن الأسباب، قالت شيرين إنها تعرّضت للكثير من الضغط بعد الانتهاء من تصوير مسلسل "طريقي" في العام 2015. وفي مقابلة أخرى أُجريت معها على شاشة MBC في شباط (فبراير) 2019، أكدت أنها تذهب بانتظام إلى عيادة معالِج نفسي.


زهرة عرفات

اعترفت الفنانة البحرينية بأنها حاولت الانتحار 3 مرات خلال مرحلة المراهقة. وقالت في لقاء تلفزيوني: "حاولت الانتحار 3 مرات وأنا في سنّ المراهَقة... يا ليت الناس لا يعطون الموضوع أكبر من حجمه ولا يُدخلون ضعف الإيمان والدين بالموضوع. فالمراهق يشعر بأن العالم كله ضده لسببٍ تافه. وثمة مراهقون انتحروا بسبب شهادة أو "هوشة" أو تنمّر".


أصالة

في مؤتمر صحافي أقامته في العام 2008، أعلنت الفنانة السورية أنها حاولت الانتحار مرات عدة بسبب شعورها باليأس والاكتئاب. ولفتت إلى أن استماعها حينذاك إلى أغنيات السيدة فيروز أنقذها من هذه الحالة، حيث قالت: "الموسيقى علاج الروح وارتقاء للإنسانية وموسيقى الفنانة فيروز هي التي أنقذتني من إنهاء حياتي".


فنانون عالميون

بايرون بيرنستين

أنهى الممثل الأميركي حياته عن 31 عاماً. وأظهرت تغريدات نشرها على حسابه الخاص في "تويتر" أن السبب هو معاناته من خيبة عاطفية. ومما كتب: "يرجى فقط أن تعرفوا أن الشخص يكون في مثل هذه الحالات مثل المجنون ولا يمكنه التحكّم بأفعاله".


سوشانت سينغ راجبوت

أحدثت وفاة النجم الهندي ضجة كبيرة حيث عُثر عليه جثةً هامدةً في شقته. وأشارت التحقيقات والتحريات إلى أنه أقدم على الانتحار. إلا أن والده لم يبدِ اقتناعاً بهذه الخلاصة وتقدّم ببلاغ ضد الفنانة الهندية الشهيرة ريا تشاكرابورتي متّهماً إياها بتحريض نجله على إنهاء حياته من خلال توفير المواد المخدّرة له.