فكّرا بإيجابية ونقلا يومياتهما بصدق... قصة نجاح الـ"يوتيوبرز" سحر ويحيى

فرح جهمي - فرنسا 13 مارس 2021

في ظل السرعة التي يشهدها عالم السوشيال ميديا اليوم، لم تعُد الشهرة حكراً على ذوي الموهبة الفنية أو القدرات التمثيلية فحسب، بل باتت مرتبطة بشكل أساسي بمثابرة وذكاء الشابات والشبان في مختلف الدول العربية كما الأجنبية من خلال إنشاء صفحات على "يوتيوب" وتطبيق "إنستغرام" بمحتوى متنوع ومتطوّر، ليصبح لديهم ملايين المتابعين بما يفوق أحياناً أرقام بعض الفنانين والنجوم.


نجحت اللبنانية سحر خليل بعفويتها وصدقها أمام الكاميرا في نقل يومياتها وتجاربها في لبنان على "فيسبوك" قبل أن تنتقل بعد زواجها من الشاب اللبناني يحيى قمر الدين إلى لندن وتطوّر محتوى قناتها الفرديّ على "يوتيوب" إلى عائليّ لطيف من خلال صفحة أطلقا عليها اسم YSFAMILY، في إشارة إلى حرفَي اسميهما الأوّلين، الأمر الذي زاد من أعداد متابعيها ومنحها فرصة أكبر للانتشار من خلال عرض تفاصيل عن حياتهما الشخصية التي نالت إعجاب الكثير من المشاهدين في فترة قصيرة.

وحقق الثنائي نجاحاً سريعاً وأصبحا من أهم "اليوتيوبرز" في الوطن العربي بمحتوى عائلي مع طفلتهما الأولى ميريام (8 أشهر) التي أضفت نكهة عائلية جديدة ومميّزة على القناة. وكذلك بالمثابرة والذكاء لتطوير محتوى الفيديوهات بأفكار عدة وأحداث خاصة بجودة كبيرة من خلال الاعتماد على تقنيات أفضل في المونتاج، إضافة إلى دراسة سحر للإخراج التي ساعدتها في نقل الأحداث اليومية مع عائلتها بطريقة مختلفة وتحسين الصورة لتصبح أفضل وتجذب العدد الأكبر من المتابعين.

التفاهم والمثابرة أساس النجاح والشهرة

ربما كانت سحر هي التي بدأت هذا المشروع من خلال استغلال صفحتها على "فيسبوك" للتعبير عن موهبتها في التمثيل من خلال مقاطع فيديو كوميدية، إلّا أن تشجيع يحيى ودعمه لها بعد انتقالها إلى بريطانيا كانا السبب الأبرز في تطوير قناتها من خلال توثيق يومياتهما وحياتهما عبر "يوتيوب". وتقول الشابة اللبنانية في هذا المجال: "يحيى شجّعني لنوثّق حياتنا ونرسم البسمة على وجوه المشاهدين عبر مشاركة تجربة جديدة عن انتقال فتاة عربية تزوّجت وانتقلت للعيش خارج بلدها بعيداً من عائلتها وأصدقائها وعالمها، ونقل لحظاتنا الجميلة والصعوبات التي واجهتها، كذلك المواقف المفرحة والمحزنة، والمشاكل التي تمرّ بها أي شابة عربية في الغربة، وقمنا بتوثيقها بصدق لحظة بلحظة".


الطبيعية والعفوية... سرّ النجاح على "يوتيوب"

وأرجع سحر ويحيى نجاح قناتهما العائلية على "يوتيوب" إلى الطبيعية والعفوية في نقل حياتهما الشخصية بأدق تفاصيلها، وهو ما جعل الناس قريبين منهما ويشعرون بصدقهما واعتبروهما عائلتهم الثانية على مواقع التواصل الاجتماعي. إضافة إلى أن عمل سحر لفترة في مجال التمثيل عزّز ثقتها بنفسها وأكسبها تجربة جيّدة لتكون أكثر عفوية وجرأة أمام الكاميرا وتنقل الروح المرحة والإيجابية التي يحتاج إليها أي مشاهد في زمننا هذا من أجل التسلية والترفيه عن نفسه من خلال دقائق معدودة على السوشيال ميديا. ويوثّق الثنائي اللبناني منذ أكثر من سنتين حوالى 80 في المئة من حياتهما اليومية بفيديوهات وVLOGS متنوعة بمحتوى متسلسل لمتابعيهما عن يومياتهما مع طفلتهما ميريام، وبمشاهد واقعية داخل المنزل أو في السوق والمطاعم والشارع، وأيضاً خلال رحلاتهما وتنقلاتهما ولقاءاتهما المؤثرة مع عائلتيهما وأصدقائهما في لندن والبرازيل ولبنان، ليصبحا مؤثّرين بطريقة إيجابية في قسم كبير من المراهقين والشباب في المجتمع العربي.

الـ"يوتيوب" والربح المادي

ورغم أن مصطلح الـ"يوتيوبرز" تخطّى فكرة هواة يصوّرون مقاطع فيديو بهدف التسلية، الى الكسب المادي، إلّا أن سحر ويحيى يعتبران أن الاستفادة المادية من "يوتيوب" تحتاج إلى جهد كبير ووقت طويل، لذلك فإن فتح أي قناة يجب ألاّ يكون هدفه الرئيس الربح المادي إنما التركيز على هدف معيّن أو موضوع محددّ. وينصحان أي شخص يرغب في الدخول الى عالم السوشيال ميديا أن يكون صريحاً أو شغوفاً بموضوع ما وينقله بصدق وإيجابية إلى المشاهدين، مع تطوير القدرات في المونتاج والأمور التقنية لمحتوى أفضل.

نصائح للفتيات حول كيفية الاندماج في الغربة

وعن الطريقة التي تساعد أي فتاة بالاندماج في المجتمع الأوروبي، أكدت الشابة اللبنانية أن زوجها كان له الدور الأكبر في ذلك، لأنه وُلد في بريطانيا ويعيش فيها منذ طفولته فسهّل عليها الكثير من الأمور وفي مقدّمها اكتساب أصدقاء أجانب جدد، إضافة الى دراستها التي ساعدتها في الاندماج. ويأتي بعد ذلك الـ"يوتيوب" الذي سهّل عليها الكثير من الأمور وجعلها لا تشعر بصعوبة الغربة من خلال استخدامها الدائم للغة العربية في المقاطع، إضافة إلى المحافظة على عاداتها اللبنانية وتقاليدها العربية داخل منزلها.

ونصحت سحر كل شابة مُقدمة على الانتقال والعيش في الغربة بأن تكسّر قيود الخوف من المجتمع الغربي وتحاول الاندماج به من خلال دراسته بدقّة وفهم طريقة أفراده في التفكير واحترام عاداتهم وتقاليدهم مع عدم نسيان ثقافتها وعاداتها وتقاليدها.

أوجه الشبه والاختلاف بين المجتمعَين العربي والبريطاني

وأشارت سحر وفقاً لتجربتها القصيرة (3 سنوات) في بريطانيا، إلى أن وجه الشبه بين المجتمعين البريطاني والعربي هو الثقافة، حيث هناك الكثير من البريطانيين المثقفين والذين يمتلكون حبّ الاستطلاع ومعرفة المزيد عن حضارات بلادنا وهويتنا، وهو ما ينطبق على العديد من الشعوب العربية التي تملك شغف معرفة الآخر واكتشاف كل ما هو غريب ومختلف عنهم. أما وجه الاختلاف فقد يكون في أننا في المجتمع العربي متمسكون أكثر في مجالات عدة بعاداتنا وتقاليدنا.

ويسعى يحيى وسحر من خلال قناتهما إلى نقل البسمة والإيجابية بمقالب طريفة وتحديات عفوية وتصوير مقاطع واقعية عن حياتهما، ويعملان على تطوير هذا الأمر من خلال محتوى عائلي أفضل وبتقنيات محترفة.