رمضان في اللغة وفائدته الدنيوية

وليد حسين الخطيب 10 مايو 2021

بصرف النظر عن معنى رمضان الديني ومعناه الروحاني، وأهمّيته في ترويض النفس ومجاهدتها للانقطاع عن الملذّات كافّة، فهو لا شكّ يقوّي الشعور عند الصائم بالمساكين وبمَن يفتقدون النعم في حياتهم، ويعزّز التكافل والتضامن والتعاضد بين الصائمين من خلال قضاء الحوائج ومساعدة المحتاج وإغاثة الملهوف وتفريج الكروب. هذا فضلاً عن أنّه يجعل الصائم مثالاً يُحتَذى في التسامح والعفو. فإنّ ما نودّ توضيحه في هذه السطور هو معناه اللغوي واشتقاقه وفائدته الجسدية، حيث قيل الكثير عن المعنى الديني له وأسهب رجال دين كثر في شرح الآيات والأحاديث النبوية التي تناولت هذا الشهر الكريم.

ما سأورده هنا ليس درسًا في اللغة العربية، بل هو توضيلمعنى رمضان. نحن ندرك أنّ في اللغة العربية أسماء مشتقّة، أي مأخوذة من الأفعال وأسماء جامدة، أي ليس لها اشتقاق، ومن الأمثلة عليها امرأة، إنسان، أرض... أمّا إذا أردنا ذكر أمثلة عن الأسماء المشتقّة، فيمكننا أن نورد الكثير، منها على سبيل المثل لا الحصر قارئ ومقروء من الفعل قرأ، كاتب ومكتوب من الفعل كتب، دارس ومدروس من الفعل درس، وهكذا دواليك...

وقد كانت العرب تسمّي الشيء بمسمّاه من حيث المعنى– الشجار مثلاً وهو العراك مأخوذ من كلمة شجرة، فوجه الشبه أنّ الأيدي أو كلمات المتخاصمين تتشابك كتشابك أغصان الشجر – أو تفاؤلاً بعكس معناها، فقد سمّت الصحراء مفازة، لأنّ مَن ينجو منها يفوز بحياته.

من هنا، نقول أنّ رمضان اسم مشتقّ من الفعل رَمض مضارعه يرمض. وهذ الفعل يُستخدَم للنهار إذا اشتدّ حرّه، ويقال رمض الشخص أي مشى على حجارة حارّة... ومن هنا المثل القائل: أرضها وقد حميت من حرّ الشمس كالمستجير من الرمضاء بالنار. فالرمضاء اسم يُطلق على الصحراء لشدّة حماوة رمالها إذا توسّطت الشمس كبدَ السماء. وهذا المعنى لرمضان واحد من المعاني الكثيرة التي شرحها النحاة واللغويون.

ما علاقة الصائم بالرمض؟

ما يعنينا هنا المعنى الدنيوي لا المعنى الديني لما ذكرنا سابقًا. ذكرت إحدى روايات العرب أنّ الصوم في رمضان عبادة قديمة، والمعروف أنّ الناس قديمًا كانوا يعيشون في الصحراء، حيث لا تطوّر ولا رفاهية ولا وسائل نقل مريحة ومكيّفة... بل كانت الصعوبة سمة الحياة فيها. لذا، سمَي رمضان بهذا الاسم لأنّ الصائم يشعر بالعطش الشديد خلال النهار، كالساعي في الصحراء للعيش والعمل...

الفوائد الجسدية للصوم

كثر من الأطباء تناولوا أهمّية الصوم وفوائده على صحّة الجسد، وهي كثيرة لا يتّسع المجال لذكرها كلّها هنا، لذا سنتناول بعضها باختصار.

أوّلاً: على صعيد الدماغ

للصوم فوائد كثيرة على الدماغ، فهو يؤثّر فيعمله إيجاباً، حيث رأت دراسة أميركية أنّه يعزّز تركيز الذهن، ويحسّن وظائف الدماغ العصبية. لأنّ انخفاض مستوى هرمون الكورتيزول السترويدي الذي تفرزه الغدّة الكظرية، يجعل التوتّر ينخفض بشكل ملحوظ في شهر رمضان وقد يستمرّ إلى ما بعده.

ثانيًا: التخلّص من العادات السيّئة

إنّ الصوم يجعل الإنسان يتخلّى عن العادات السيّئة، كالتدخين وتناول الأطعمة المليئة بالسكّر المصنّع... لأنّ الإقلاع عنها فترة طويلة– من الفجر إلى المغرب – يساعد في التخلّص تدرّجًا من إدمانها. وقد اعتبرت الدائرة الصحّية في المملكة المتّحدة رمضان الوقت المثالي للتخلّي عن العادات السيئّة، خصوصاً التدخين.

ثالثاً: انخفاض الكولّيسترول

الصوم يجعل الإنسان يفقد الوزن، وهو من النتائج الجيّدة التي يحصل عليها الصائم. فانخفاض الوزن يؤدّي، في شكل مباشر، إلى انخفاض نسبة الكولّيسترول في الدمّ، وفق دراسة أجراها فريق من أطبّاء القلب في الإمارات العربية المتّحدة. وهذا لا شكّ ينعكس إيجاباً على صحّة القلب والأوعية الدموية، ويقلّل نسبة الإصابة بأمراض القلب والتجلّطات والسكتات الدماغية.

رابعاً: التخلّص من السموم

إنّ الصوم يعمل على إزالة السموم من الجسم، فالامتناع عن تناول الطعام والشراب طوال النهار، يمنح جسم الصائم فرصة ذهبية للتخلّص من السموم من الجهاز الهضمي طيلة الشهر الكريم. والجدير بالذكر أن الجسم يبدأ التخلّص من هذه السموم بعد اثنتي عشرة ساعة من الصوم. فبعد أن يبدأ استهلاك مخزون الدهون لتوليد الطاقة، يحرق في طريقه السموم فيها. بعد هذا كلّه، ألا يمكن أن يكون هذا الشهر شهراً كريماً فضيلاً!