عندما تهتف الفتاة: لن أعيش في جلباب أمي
غادة عبد الرازق, فتاة / فتيات, التواصل الإجتماعي, زيزي مصطفى, علم إجتماع, أمجد خيري, منّة شلبي, عيد الأمهات, شهادات حيّة, د. سامية خضر, صراع الأجيال
13 ديسمبر 2010أماني الشريف: ورثت موهبة أمي وطورتها من الهواية الى الاحتراف
ورثت أماني الشريف عن أمها حبها للتفصيل، ولكنها اختارته طريقاً لها ولم تجعله هواية مثل أمها، وأصبحت إحدى مصممات الأزياء في مصر. وتؤكد أن قرارها احتراف تصميم الأزياء هو سبب اختلاف حياتها عن حياة أمها.
وتوضح قائلة: «حب التفصيل لدى أمي كان مقصوراً على المنزل، ورغم أنها سيدة مجتمع لم تفكر في استغلال علاقاتها الاجتماعية في تطوير هوايتها إلى الاحتراف.أما أنا فلم أكتفِ بالهواية، بل قررت الاحتراف، وبالفعل سافرت إلى الخارج، وتعلمت تصميم الأزياء في أميركا، وتابعت دورات تفصيل في القاهرة أيضاً، وقررت أن أعمل ما أحب رغم أن أمي لم تكن امرأة عاملة، وبفضل الله نجحت في مجالي وأصبحت من أشهر مصممات الأزياء في مصر».
وتضيف: «العمل جعل حياتي مختلفة تماماً عن حياة أمي، فقد تعلمت الاعتماد على النفس والإصرار على تحقيق هدف معين يجب أن أصل إليه. وتعلمت أيضاً أن أضع لحياتي خطوطاً عريضة وأخطط لمستقبلي، فالحياة العملية زاخرة بالخبرات التي غالباً لا تملكها ربة المنزل، فأمي مثلاً عندما تغضب تنفجر وتخرج جميع الغضب الكامن في داخلها، أما أنا فلا أحب الانفعال، وعلمتني الحياة كيفية السيطرة على الغضب وتناول الأمور بهدوء حتى أتصرف بشكل صحيح، لأني لا أقبل أن تحكمني انفعالاتي وعواطفي».
رغم كل هذه الاختلافات فإن أماني تؤكد أنها تتشابه مع أمها في العديد من الصفات، مثل حب الصداقة وتقديرها، والقدرة على تكوين علاقات اجتماعية ناجحة، بالإضافة إلى حب السفر.
التغيير سُنَّة الحياة
من جانبها، تتفق أستاذة علم الاجتماع الدكتورة سامية خضر مع الدكتور أمجد خيري في الرأي وتؤكد أن التغيير سُنَّة الحياة، ولولا تعاقب الليل والنهار لما استمرت الحياة. وترى أن اختلاف حياة البنت عن أمها يرجع إلى العديد من الأمور:
أولاً: زيادة نسبة تعليم البنات واختلاف المفاهيم، فقديماً كان عدد البنات المتعلمات أقل، ولكن الآن زادت النسبة وبالتالي زاد وعي المرأة وأصبح تفكيرها منظماً أكثر.
ثانياً: التطور التكنولوجي. فقد اختلفت ميول البنات وأصبحن أكثر انخراطاً في التكنولوجيا والاتصال بالعالم الخارجي، وأصبح من الطبيعي أن يكون للفتاة العديد من الأصدقاء المختلفي الجنسيات على الإنترنت، وبالتالي أصبحت أكثر احتكاكاً بالثقافات الخارجية وأكثر وعياً.
ثالثاً: زيادة نسبة المرأة العاملة، فالإحصاءات تؤكد أن 90 في المئة من المعلمين في المرحلة الابتدائية نساء، بالإضافة إلى اقتحامها العديد من المجالات الجديدة في العمل. كل هذه التغيرات السريعة المستمرة كانت المرأة جزءًا منها، وبالتالي تطورت الأجيال واختلفت عن أجيال الأمهات، وأصبحت حياة الفتاة مختلفة عن حياة أمها وأصبحت أيضاً أكثر وعياً.
فتيات كثيرات، إن لم نقل معظم الفتيات اللواتي ينتمين الى الأجيال الجديدة قررن أن تختلف حياتهن عن حياة أمهاتهن، ورفعت كل منهن شعار «لن أعيش في جلباب أمي». فالعالم يتغير بإيقاع سريع على جميع المستويات، ويغير معه الأفراد والجماعات، بحيث لم نعد نتعجَّب. عندما تقرر الفتاة أن تعيش حياة مختلفة عن حياة والدتها؟ والذين يريدون أن تقلد الأجيال الجديدة الأجيال السابقة، يجهلون أن ذلك لم يعد ممكناً في عصر مثل عصرنا، وهذا لا يعني عدم الاصغاء الى الأهل وسماع نصائحهم والإفادة من تجاربهم، فهذا لا يتناقض مع الأخذ بالجديد الذي يغزو حياتنا في كل يوم، ويفرض علينا استيعابه والتأقلم معه. في هذا التحقيق تعالج «لها» موضوع العلاقة المستجدة بين البنات وامهاتهن.
نظرة نفسية واجتماعية
يرى الاستشاري النفسي المصري الدكتور أمجد خيري أن البنت تتأثر بأمها وتتعلم منها، ولكن لا توجد قاعدة تؤكد أن تكون البنت صورة مماثلة لأمها كما نشهد في بعض الأقوال والأمثال.
ويرجع خيري تشابه البنات مع أمهاتهن في الطباع أو الشخصيات إلى الجينات الوارثية، وإلى حب البنت منذ الطفولة لتقليد أمها، لأنها تراها قدوة. بينما يرجع اختلاف شخصية البنت واختيارها حياة مختلفة عن أمها إلى الميول الفردية. ورغم أن ميول الأسرة تشكل ميول الطفل الى حد كبير، فإن الميول الفردية والتطور التكنولوجي الهائل الذي نعيشه تشكل عاملاً كبيراً في اختلاف شخصيات الأبناء عن الآباء.
ويوضح الدكتور أمجد قائلاً: «قديماً كانت هدية البنت الصغيرة عروسة جميلة، ولكن الآن البنت لن تفكر في العروسة، وأنسب الهدايا إليها «لاب توب»، وقد تفضل الموبايل الذين تدخل عبره إلى الإنترنت، وتتصل بمجتمع. مختلف عن مجتمعها، إن هذه التكنولوجيا لها تأثير كبير وواضح في تطور شخصيات الأطفال أو الأبناء وتغيير أسلوب تفكيرهم ونضجهم السريع».
منَّة شلبي: التطور التكنولوجي سبب اختلاف شخصيتي عن شخصية أمي زيزي مصطفى
الفنانة الشابة منَّة شلبي تتشابه في العديد من الصفات مع والدتها الفنانة زيزي مصطفى، ولكنها في الوقت نفسه تعيش حياتها بشكل مختلف عنها. تقول منة: «أتشابه مع أمي في العديد من الصفات الوراثية، فأمي صديقتي الصدوقة وينطبق عليها المثل القائل «الصديق وقت الضيق»، فنشأت على أن أكون صديقة حقيقية وأقف بجوار أصدقائي بحكم الجينات الوارثية التي أخذتها من أمي».
وتضيف: «حياتي اختلفت عن حياة أمي بحكم عوامل متعددة، أولها عصر السرعة الذي نعيشه والتطور التكنولوجي، فأنا مثلاً أجلس أمام الكمبيوتر بالساعات لأطلع على الجديد أو أقرأ كتاباً عبر الإنترنت. وأحب أيضاً الاطلاع على الأدب العالمي وأقرأ لشكسبير، بينما أمي بارعة في استقبال الثقافة السمعية، ولا يوجد لديها صبر لقراءة كتاب. ومن الممكن أن أحكي لها ملخص الكتاب. وأختلف عن أمي أيضاً في بعض الصفات، فهي دائما ما تخبرني بأنني أكثر تسامحاً منها عندما كانت في سني».
لميس سلامة: الطموح العريض أبرز الفوارق بيني وبين أمي
«أشبه أمي في أشياء عديدة إن لم أكن أشبهها في كل شيء، فأنا وهي شخص واحد، ولكن الفارق الوحيد بيننا هو أن طموحي أكبر، وهذا سر اختلاف حياتنا». هكذا بدأت لميس سلامة المراسلة التلفزيونية في قناة «المحور» الفضائية كلامها، وأضافت: «أمي أفضل صديقاتي، وتعمل معدة برامج في القناة الرابعة في التلفزيون المصري.
وعندما دخلت كلية الإعلام وقررت العمل في التلفزيون بذلت قصارى جهدها لتدربني معها ومع زملائها في التلفزيون، فهي ماهرة جداً في مجالها. لكن اختلافي عنها كان الطموح، فهي تريد أن تظل في محافظة الاسماعيلية، حيث نشأتنا وأنا طموحي كان العمل في القاهرة، فالعاصمة المصرية مليئة بالأحداث. وبالفعل عملت في قناة المحور الفضائية كمراسلة لبرنامج «90 دقيقة»، والحمد لله الجميع يشهدون لي بالكفاءة».
وتتابع لميس: «أختلف عن أمي أيضاً في كيفية إدارة الأزمات الزوجية، فأنا مدركة تماماً أن شخصية زوجي مختلفة عن شخصية أبي، وبالتالي لن يجدي أسلوب أمي في إدارة الأزمات بيني وبين زوجي».
نقاط التشابه والاختلاف بين الفتيات والأمهات في شهادات حيَّة
وهذه شهادات لعدد من الفنانات العربيات وأخريات من خارج عالم الفن يتحدَّثن فيها عن وجوه التشابه والاختلاف بينهن وبين امهاتهن، ونبدأ بشهادات من مصر:
روتانا: أنا أكثر خجلاً من غادة عبدالرازق
لا تختلف روتانا ابنة الفنانة غادة عبد الرازق في ملامحها الشكلية كثيراً عن ملامح والدتها، لكن روتانا سلكت حياة مختلفة تماماً واختارت طريقاً جديداً لنفسها. وتقول: «لتشابهي مع أمي كثيرون يسألونني عن عدم طرقي لباب التمثيل، والحقيقة أنني لا أملك جرأة أمي في مواجهة الكاميرا والوقوف أمامها، فأنا خجولة جداً وأكثر انطوائية، وبالتالي لا أصلح لهذه المهنة ولن أكون ناجحة مثلها.
ومن هنا احترنا عندما انتهيت من دراستي الثانوية، واقترحت عليَّ دراسة الطيران، ولأنني أقل جرأة منها كنت متخوفة في البداية، خاصة أنني اضطررت لاستكمال دراستي في الأردن. وأعترف بأنها ساندتني معنوياً ودعمتني نفسياً، وهي السبب في أنني دخلت هذه المهنة التي عشقتها، وهكذا اختلفت حياتي عنها وسلكت طريقاً مختلفاً».
لمياء لطفي: أمي لا تهتم بالقضايا العامة مثلي
لمياء لطفي ناشطة في مجال حقوق المرأة، اختلفت حياتها كثيراً عن حياة أمها بعد انشغالها بقضايا المرأة وعملها في إحدى مؤسسات حقوق المرأة. تقول: «أمي تعمل مأمورة ضرائب وكانت تعي جيداً أهمية العمل الذي يمنحها استقلالاً مادياً واجتماعياً، ولكنها لم تكن تهتم بالشأن العام على الإطلاق.
لقد رأيت أمي نموذجاً للمرأة العاملة الاجتماعية، والأم المثالية التي لا تقصر في حقوق بيتها وأولادها، ولا تهمل عملها في الوقت نفسه. إضافة إلى ذلك فإنها امرأة اجتماعية، حياتها ليست منغلقة على نفسها. وعندما تشكل وعيي وبدأت أهتم بالشأن العام، خاصة قضايا المرأة، وجدت أن أمي خير نموذج للمرأة العاملة، واكتشفت خطأ كل الأقاويل المؤكدة أن المرأة العاملة فاشلة أسرياً».
وتتابع: «أختلف عن أمي في بعض الطباع الشخصية أيضاً، فأنا أكثر جرأة في اتخاذ القرارات. بينما هي تأخذ وقتاً طويلاً كي تتخذ القرار، كما أن دائرة علاقاتي أوسع بحكم اهتمامي بالشأن العام وبحكم أنني سافرت أكثر منها، فكونت علاقات وخبرات أكثر».