ماذا لو كانت زيادة الوزن دليلاً على مشكلة صحية؟

جولي صليبا 08 أغسطس 2021

نظن جميعاً أن زيادة الوزن تنجم عن الإفراط في الأكل والاستهلاك الكبير للوحدات الحرارية. لذا، نحاول دوماً تقليص كمية الطعام التي نستهلكها كلما أردنا التخلص من بعض الكيلوغرامات. لكن ماذا لو كانت زيادة الوزن ناجمة عن مشكلة صحية؟


قصور في الغدّة الدرقية

القصور في الغدة الدرقية يعني عدم إفراز هذه الغدة لكمية كافية من الهورمونات، إلا أن هذه الغدة الصغيرة، الموجودة في قاعدة العنق، مسؤولة عن تنظيم أيض الجسم. وهكذا، عند إفراز كمية قليلة من الهورمونات الدرقية، يتوقف الجسم عن حرق الوحدات الحرارية التي يستهلكها، مما يؤدي إلى زيادة الوزن حتى لو تناولنا الطعام الصحي، وبكميات معتدلة. لمعالجة هذه المشكلة، لا بد أولاً من إجراء تحليل للدم للتأكد من حُسن عمل الغدة الدرقية. وفي حال وجود قصور في عمل هذه الغدة، يمكن تناول أقراص الهورمونات بشكل يومي للتعويض عن ذلك النقص، علماً أن الفائدة تبدأ بالظهور خلال 15 إلى 30 يوماً. وفي بعض الأحيان، لا تبرز الحاجة إلى تناول الأدوية، بل يمكن تنشيط عمل الغدة الدرقية من خلال تغذيتها باليود عبر تناول ثمار البحر والملح الميوّد.

خلل في توازن جراثيم الأمعاء

في حال حدوث خلل في توازن جراثيم الأمعاء (microbiote)، بسبب التوتر، أو التهابات في الجهاز الهضمي، أو عدم القدرة على تحمل بعض الأطعمة، أو تناول بعض مضادات الالتهاب والمضادات الحيوية، تفقد هذه الجراثيم جزءاً من خصائصها، وتفسح في المجال أمام الالتهاب، لا سيما في النسيج الدهني للجسم. لإعادة التوازن إلى جراثيم الأمعاء، لا بد من استهلاك البروبيوتيك (probiotiques) لثلاثة أشهر متتالية. فهذه الجراثيم الحيّة، الموجودة أساساً في اللبن والمكمّلات الغذائية واللفت المخلّل، تحلّ مكان الجراثيم غير المرغوب فيها. وهكذا، يعود التوازن إلى الأمعاء ويختفي الالتهاب من النسيج الدهني، ويعود شكل الجسم إلى سابق عهده.


خلل في توازن الهورمونات

في النصف الثاني من الدورة الشهرية، أي بعد الإباضة قرابة اليوم الرابع عشر، يحصل خلل في التوازن بين معدلات الأستروجين والبروجسترون إذ يرتفع معدل البروجسترون فجأة، علماً أن هذا الهورمون يحضّر الرحم لاستقبال البويضة. كما ترتفع حرارة الجسم، ويحصل احتباس للماء في الأنسجة، وتزداد الشهية. وفي سنّ اليأس، تختلف العملية، إذ يقع الخلل في إنتاج الهورمونات الجنسية ثم يتوقف نهائياً. إلا أن هذه الهورمونات تساهم في توزيع الدهون بشكل صحيح في الجسم. لذا، عند حصول خلل فيها، تتضاءل الكتلة العضلية ويحرق الجسم بالتالي عدداً أقل من الوحدات الحرارية، لاسيما أن العضلات هي أكبر مستهلك للطاقة. كما يحصل تبدّل في توزيع الدهون في الجسم، إذ تتركز هذه الدهون في النصف العلوي من الجسم.

لمعالجة هذه المشكلة، لا بد من زيارة الطبيب النسائي الذي يصف علاجاً هورمونياً حسب احتياجات كل امرأة. وبالنسبة إلى الطعام، يُستحسن الابتعاد عن الأطباق النباتية 100 في المئة والتركيز على البروتينات الحيوانية، لأنها قادرة على الحدّ من التسرّب المائي في الأنسجة. ولا ننسى طبعاً ضرورة تحسين الكتلة العضلية من خلال ممارسة النشاط الجسدي مدة 30 دقيقة يومياً.

التوتر

يؤثّر التوتر المزمن سلباً في الجسم، فنشعر دائماً بالجوع، ونلتهم كميات كبيرة من الطعام، ويحصل احتباس للماء في الجسم، ويتضاءل حرق الوحدات الحرارية بنسبة 25 في المئة تقريباً. لا بد إذاً من ممارسة التمارين الرياضية التي تقضي على التوتر، أي التمارين التي تعزز القدرة على الاحتمال، مثل الركض، السباحة، ركوب الدرّاجة الهوائية، والمشي السريع... فهذه النشاطات الرياضية تحفز إفراز الأندورفينات وتقلّل الجوع الناجم عن التوتر. وبالنسبة إلى الطعام، لا بد من التركيز على الأطعمة المعزِّزة للسيروتونين، أي الناقل العصبي الذي ينظّم العواطف. لذا، تناولي السلمون، والسردين، والإسقمري، والتونة، والرنكة، والبيض، والباذنجان، والحبوب الكاملة.

مشاكل النوم المزمن

تؤدي المشاكل المزمنة في النوم مثل الأرق، أو الاستيقاظ الليلي، أو النوم المتأخر إلى خلل في توازن الهورمونات المسؤولة عن إبلاغ الدماغ باحتياجاتنا الجسدية إلى الطاقة. هكذا، يبقى الإحساس بالشبع ضعيفاً أثناء تناول وجبات الطعام، فيما يزداد الإحساس بالجوع ونتناول بالتالي كميات كبيرة من الطعام. يمكن القول نوعاً ما إن الدماغ يحثنا على تعويض قلّة النوم بتناول الطعام.

لا بد إذاً من معالجة مشكلة النوم، عبر شرب أنواع الشاي المهدّئة في المساء، وتفادي الضوء الأزرق، لا سيما المنبعث من الأجهزة الالكترونية والهواتف الذكية لأنه يؤدي الى خلل في إفراز الميلاتونين. يُستحسن اختيار الضوء البرتقالي الخفيف في غرفة النوم لأنه يحفز على النوم. كما يمكن الخضوع لجلسات علاج ضوئي (luminothérapie) لمدة 30 دقيقة يومياً، على مدى 4 إلى 6 أسابيع.

مقاوَمة الأنسولين

مقاوَمة الأنسولين تعني انخفاض تأثير هورمون الأنسولين في الجسم، وقد يشير ذلك إلى احتمال التعرض لداء السكري. وفي هذه الحالة، تتراكم الكيلوغرامات في البطن.

ثمة حلّ بسيط لزيادة فاعلية تأثير الأنسولين و"صدّ" تلك المقاوَمة. فممارسة نشاط جسدي لمدة 30 دقيقة، ثلاث مرات أسبوعياً، كفيل بمعالجة المشكلة. جرّبي المشي السريع، أو الركض، أو السباحة، أو ركوب الدرّاجة الهوائية. وبالنسبة إلى الطعام، ابتعدي في وجبة الفطور عن السكريات السريعة مثل الخبز الأبيض والعصير والمربّى، وركّزي على البروتينات مثل الجامبون، واللبن، والجبنة البيضاء، والسكريات البطيئة مثل الخبز الأسمر. وفي وجبتَيّ الغداء والعشاء، تناولي البروتينات، مثل اللحم الأحمر أو الأسماك أو الدجاج، مع الخضر والقليل من البقول أو النشويات، إضافة إلى حصة واحدة من الفاكهة.