الفائزة بجائزة "لوريال-يونسكو للمرأة في العلوم" الدكتورة نوره آدم محمد: وجود عالمات في مراكز القرار ساهم في إيجاد أوقات عمل مرنة

دبي - "لها" 20 مارس 2022

الدكتورة نوره آدم محمد، باحثة مشارِكة في معهد البحوث الطبية الحيوية (BRC) في جامعة قطر، وباحثة مشاركة فخرية في "إمبريال كوليدج" في لندن. حصلت نورة على درجة البكالوريوس في العلوم الحيوية الطبية من جامعة قطر، والماجستير والدكتوراه من "إمبريال كوليدج" في لندن. وخلال فترة عملها في مجال الأبحاث الطبية نالت العديد من الجوائز المحلية والدولية، وقدّمت أبحاثها في مؤتمرات مرموقة محلياً ودولياً. كذلك هي عضو في الجمعية الصيدلانية البريطانية (BPS)، والمجموعة الاستشارية BPS، ولجنة اجتماعات BPS وستمثّل الـ BPS في المؤتمر العالمي للصيدلة الأساسية والسريرية عام 2023. كما أنها متخصّصة في تطوير مجموعات نانوية ذات تأثيرات واقية للقلب للمساهمة في تطوير وسائل علاجية متقدّمة لأمراض القلب ومرض السكري ومضاعفات القلب والأوعية الدموية المرتبطة به. مجال بحث الدكتورة نورة واعد يجذب الاهتمام الوطني والدولي، خاصة أن العالم يتجه نحو تطوير الأدوية المستهدفة والطب الشخصي وتقنيات الخلايا الجذعية. فازت الدكتورة نورة أخيراً بجائزة "لوريال-يونسكو للمرأة في العلوم"، وفي هذا الحوار نتعرّف أكثر إلى الباحثة العربية المميّزة. 


- أخبرينا عن الاكتشاف الذي حققته وعلى أساسه تمكنتِ من الحصول على الجائزة؟

مرض السكري هو من أكثر الاضطرابات الأيضية المزمنة شيوعاً في قطر ومنطقة الخليج العربي والعالم، وتُعد مضاعفات القلب والأوعية الدموية أكثر المضاعفات شيوعاً في داء السكري والمساهم الرئيس في الإصابة بالأمراض. وقد أظهرت الدراسات أن التشوّهات الأيضية الخارجة عن السيطرة والمتواصلة نتيجة مرض السكري تُلحق العديد من الإضرار بالأوعية الدموية الكبيرة والصغيرة، ويمكن أن تؤدي هذه التشوّهات إلى العديد من أمراض القلب والأوعية الدموية. ويكشف هذا الأمر أهمية تطوير أدوات علاجية غير تقليدية، ومن هذا المنطلق فإن أبحاثي تركّز على تطوير تركيبات نانوية واستخدامها كناقلات للأدوية، بالإضافة الى أن أدوية السكري تمتلك هذه الناقلات التي لها خصائص تمكّنها من تخفيف مضاعفات القلب والأوعية الدموية. ولدراسة هذه التركيبات، أقوم بعزل الخلايا الجذعية لاستخلاص الخلايا الأولية من دم المرضى، وابتكار نماذج مرضية معملية بشكل أفضل لدراسة الآثار المختلفة لاستجابة الأدوية النانوية على مختلف الأشخاص والمساعدة في تقريب هذه النماذج الأولية من مرحلة التجربة السريرية.

- ماذا تعني لك هذه الجائزة، وكيف ستحفّزك للسير قُدماً؟

في صغري كنت أحلم بأن أصبح عالِمة تساهم في بناء مجال الأبحاث وتطويره. كما أردت أن أكون مثالاً لزميلاتي وطالباتي وأن أشجّع المزيد من النساء على الانضمام إلى مجتمع البحث العلمي. هذه الجائزة ستساعدني على فعل ذلك وعلى تمثيل النساء الباحثات في قطر والخليج والشرق الأوسط بشكل جيد، كما ستساعدني في أن أكون قدوة للآخرين، وستمكّنني من بناء علاقات تعاون مع العلماء الرائدين على مستوى العالم في مجال طب النانو في كل من أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري. والأهم من ذلك، ستساعدني هذه الجائزة على مقابلة زميلاتي العالِمات من منطقة الخليج والشرق الأوسط، وبناء العلاقات ووضع صورة رائعة لمجتمعاتنا. أخيراً، على الرغم من كل الجهود المبذولة، لا تزال النساء تمثلن نِسباً قليلة في كل مجالات البحث العلمي بدءاً من البحوث الأساسية ووصولاً الى مراكز صنع القرار، لذا فإن هذه الجائزة ستسلّط الضوء بشكل أفضل على هذا الجانب.

- ما أبرز المصاعب التي تواجهها المرأة في عالم الاكتشافات العلمية؟

بعد تمكين النساء في المجال العلمي بالأدوات المطلوبة، يصبح في إمكانهن أن يلعبن دوراً محورياً في المجال العلمي من أجل ضمان تقدّمهن فيه. لكن الأمر ليس بهذه السهولة لأنهن غالباً ما يواجهن العديد من التحديات الداخلية والخارجية. وتشمل هذه التحديات الصور النمطية الاجتماعية المقيدة، الضغوط المرتبطة بالعمل، وعدم التوازن في الحياة العملية التي تقيّدهم في أماكن عمل معينة. لحُسن الحظ، كان تطور المجال البحثي مصحوباً بتحسّن ملحوظ في مكانة المرأة، حيث إن باحثات اليوم محاطات بنماذج علمية قوية، تعلّمن منها استراتيجيات لمواجهة التحديات المختلفة من أجل الحصول على حياة مهنية ناجحة في المجال العلمي. وهذه الاستراتيجيات تتضمن الثقة في النفس، التفاني والعمل الجاد، واختيار بيئة بحث إيجابية للعمل من خلالها. وقد ساهم وجود نساء عالِمات في مراكز صنع القرار في إيجاد أوقات عمل مرِنة، وسياسات إدارية صديقة للمرأة... كل هذه العوامل ساعدت في خلق بيئة بحثية مناسبة تساعد على تطوير أداء النساء في مجال البحث العلمي.

- كيف استطاعت المرأة الخليجية أن تثبت نفسها في المجال العلمي، وما هي الأثمان التي دفعتها لتحقيق ذلك؟ 

حققت المرأة الخليجية نجاحات ملحوظة في مختلف المجالات ومن ضمنها مجال البحث العلمي. هذه المكاسب مكّنتها من إحراز تقدّم ملحوظ في مكانتها كامرأة في العالم العربي ككل، وأن تشارك بفاعلية في بناء مجال البحث العلمي وترسيخه. بالتأكيد، ساهمت مشاركة المرأة الفعالة في تعزيز دورها في تطوير المجتمع، وحصل ذلك بفضل الدعم والتأييد المستمر من حكوماتنا. ولا ننسى أن المرأة أساس المجتمع ولبّه، فهي الابنة، والأخت، والزوجة، والأم، وعاملة مجتهدة تحرص على المساهمة في بناء كل أركان المجتمع وتطويره. ولنا فقط أن نتخيل حجم المسؤولية التي تتحملها في سبيل ذلك. ولذلك فإن هذا التقدّم والتطور في مكانة المرأة في مجال البحث العلمي لا يزال يتخلله بعض الصعوبات التي تواجهها، من ضمنها صعوبة التوفيق بين العمل والأسرة في ظل زيادة ضغوطات العمل والحاجة الملحّة لتعزيز الطاقة الإنتاجية، بالإضافة الى التحديات الاجتماعية والثقافية، ورغبة المرأة الخليجية في المحافظة على هويتها العريقة.

- ما هي نصيحتك للمرأة المتخرّجة حديثاً وتودّ خوض هذا المجال اليوم؟

نصيحتي لكل فتاة وامرأة ترغب في بناء حياة مهنية في مجال البحث العلمي ألاّ تخاف من ارتكاب الأخطاء، وأن تعتبر كل تجربة أو خطوة فاشلة خلال المراحل الأولي من الحياة المهنية في الأبحاث العلمية دافعاً للمضي قُدماً والتقدّم خطوة الى الأمام والسير على الطريق الصحيح. وتذكّري دائماً أن النجاح ليس سهلاً، وخلف كل قصة علمية ناجحة عدد كبير من المحاولات الفاشلة التي تساعدنا على التعلّم والنمو، وأن نكون أقوى لنساعد على بناء وترسيخ دعامات المجال العلمي.