ناصر وهديل يوثّقان اختلاف العادات والحياة الزوجية بين الصين والعرب

فرح جهمي - بيروت 03 سبتمبر 2022

"اطلب الحب ولو في الصين"، انطلاقاً من هذا المبدأ اختارت هديل الدعمي شريك حياتها ناصر الدين الصيني وبدأت معه رحلة زواج مليئة بالمغامرات المختلفة والعادات والتقاليد المتنوعة والبعيدة كل البُعد عن بلدها الأمّ الأردن. اشتُهر الثنائي من خلال مقاطع الفيديو المنوّعة على مواقع التواصل الاجتماعي وتمكّنا بعفويتهما من توثيق الاختلافات الكبيرة لناحية اللغة والثقافة والفكر، وساهم الاختلاف الكبير بينهما واستغراب الناس لقصة حبّهما وزواجهما وفضولهم تجاهها لمعرفة المزيد عن الثقافة الصينية في انتشار مقاطعهما الكوميدية على منصات السوشيال ميديا. ومن خلال نقل حياتهما اليومية، تمكّنت الشابة من تعليم زوجها أهم العادات العربية الراسخة لناحية الطعام والأفكار والعادات وأسلوب الحياة. وتُرجع الشابة قصة حبّهما إلى الصدفة، حيث التقيا في الجامعة بالأردن وشعرا بالانجذاب لبعض لتبدأ بعدها رحلة تعارفهما التي استمرت لأكثر من سنتين، تعلّم خلالها الشاب الصيني اللغة العربية وتمكّن من دراسة الأدب العربي، وبعد صراع طويل للحصول على موافقة العائلتين، تمكّنا من الزواج واحتفلا بزواجهما الأول في الأردن، والثاني في الصين وكان حفلاً تقليدياً على الطريقة الصينية وأنجبا بعدها طفلتهما الوحيدة إيلين.


تؤكد الشابة الأردنية أن الدافع الأول لدخولها عالم السوشيال ميديا واليوتيوب من خلال قناة "ناصر الصيني وهديل" هو دراستها للصحافة والإعلام، وقد اتخذت هذه الخطوة بعد الدعم الكبير من زوجها لتتمكن من تحقيق حلمها. وتقول هديل: "حبّي للظهور على السوشيال ميديا وأي شيء يرتبط مباشرةً بالإعلام شجّعني على فتح القناة وتقديم محتوى مختلف. إضافة إلى دعم ناصر لي لأنه يؤمن بموهبتي وبقدرتي على تقديم محتوى جيد ومفيد، لذلك نحرص دائماً على نقل الأمور المضحكة والمختلفة التي يمكن أن تحصل بشكل يومي بين أي زوجيّن مختلفين من ناحية الجنسية واللغة والبيئة".

وتشير هديل إلى أن تخصّصها في مجال الصحافة ساعدها في دخول عالم اليوتيوب، فهي تعرف جيداً زوايا التصوير والإضاءة وتجيد المونتاج، كما أن حبّها لعمل التقارير الصحافية يؤمّن لها القدرة على إنتاج محتوى هادف ومختلف، ومجال الصحافة يسهّل عليها إيجاد الأفكار وتطويرها إلى مقاطع قصيرة وابتكار أفكار متنوعة تجمع بين المجتمعين العربي والصيني في قالب كوميدي، عفوي وصادق.

التنمّر وعدم تقبّل الارتباط بشاب صيني

تتحدث هديل عن الصعوبات التي واجهتها في البداية، وتؤكد أنها كثيرة، وفي مقدّمها "عدم تقبّل فئة كبيرة من الناس في وطننا العربي لهذا الزواج ولانضمامها كفرد جديد إلى عائلة وانغ الصينية، فالمسألة بالنسبة إليهم غير اعتيادية وتثير استغرابهم، فكيف لشابة عربية أن تتزوج من صيني؟! إضافة إلى أننا نواجه حالات تنمّر على أشكالنا وحياتنا الزوجية من جانب الكثير من المشاهدين، وقد تعرّضنا للعديد من التعليقات القاسية، خاصة خلال جائحة كورونا بعدما حاولنا أن ننقل للناس فكرة مختلفة وجيدة عن الصينيين مغايرة للأفكار والاتّهامات التي طاولت الشعب الصيني في تلك الفترة، ولكن هذه الصعاب باتت مختلفة الآن وأصبح ظهورنا معاً كزوجين محبّباً والناس يتقبّلون علاقتنا أكثر فأكثر مع الوقت".

ورغم أن الزوجين لا ينقلان الكثير عن حياتهما الشخصية وتفاصيل يومياتهما كباقي القنوات العائلية، إلا أنهما يحرصان على نقل الأمور المهمة والمواقف المضحكة والاختلافات التي تحصل بينهما لناحية التقاليد والثقافة واللغة، وهذا ما يلفت اهتمام المتابعين لمعرفة المزيد عن هذه التجربة النادرة في عالمنا العربي وعن العادات الصينية البعيدة عنهم.


العادات الصينية قريبة جداً من تلك العربية

وعن فكرة الزواج من أجنبي والحصول على موافقة الأهل، تؤكد هديل أن "العائلتين كانتا في بداية الأمر متخوفتين من الموضوع، ولكن بالتأكيد كان إقناع أهلي هو الأصعب، لأننا عائلة شرقية ملتزمة بعادات قديمة وتقاليد محدّدة سائدة في المجتمع، وموضوع الزواج من شاب صيني كان جديداً عليهم، وهو ما أثار حفيظتهم في البداية".

وتشير هديل في حديثها مع مجلة "لها" إلى أن العادات الصينية قريبة جداً من تلك العربية، خاصة لناحية موضوع الأهل واحترام الكبير في السنّ، كذلك هناك تقارب كبير في بعض العادات والتقاليد المتعلقة بالزواج، وبالتالي فإن أي شابة مقبلة على الزواج من شاب صيني وحصلت على موافقة العائلتين، لن تواجه الكثير من الصعوبات والاختلافات مع أهله الصينيين.

المسلسلات تروّج لصورة

مختلفة عن الواقع

وتلفت هديل إلى أن مسألة السفر إلى الصين والاندماج مع عادات الصينيين المختلفة تكون في البداية صعبة وتحتاج إلى بعض الوقت للتعوّد على الاختلافات وتقبّل الآخر الغريب عنك، وبالتالي "فإن المسألة في البداية صعبة، فقد كنت أعاني لوحدي من صعوبات كثيرة، خاصة عندما زرت الصين لأول مرة وبقيت في الغربة بمفردي من دون عائلتي، ولكن بعد فترة بدأت بالتعوّد على منزلي وعلى حياتي الجديدة، وحصل كل ذلك بمساعدة زوجي طبعاً".

وتوجّه الشابة مجموعة نصائح الى الشابات العربيات المنجذبات لفكرة الزواج من أجنبي، قائلةً: "بصراحة، حالياً يعتقد عدد كبير من البنات أن الارتباط بشاب آسيوي أفضل من الزواج بعربي بسبب المسلسلات الصينية والكورية وما تتضمنه من مشاهد الحب والرومانسية والاهتمام، ولكن في الواقع الرجل يبقى رجلاً مهما كانت جنسيته، والزواج هو مسؤولية. لذا، على كل فتاة مقبلة على الزواج أو تفكر بالزواج من آسيوي أن تعرف المزيد عن عاداته المختلفة عنها وأن تزور بلده قبل أن تُقدم على أي خطوة وتقتنع بأنها ستبدأ رحلة صعبة. الزواج بشكل عام ليس أمراً سهلاً، بل هو مسؤولية كبيرة، وتزداد صعوبته أضعافاً مع اختلاف البيئة واللغات والأفكار والعادات، وبالتالي فالارتباط بشاب أجنبي سيكون أصعب ويحتاج إلى قوة وقدرة على تخطي التحديات والصعوبات.

تقبّل الأكل الصيني

من أصعب الأمور

وتوضح هديل أن أوجه الشبه كثيرة بين المجتمعين العربي والصيني، والعادات جداً متقاربة في ما يخص اجتماع العائلة والكرم وتقديم الطعام للزوّار وغيرها من الأمور الحياتية التي تتكرر في البيئتين، لافتةً إلى أن نظام نوم الصينيين وأسلوب حياتهم الصحي من أفضل العادات التي نحتاج إليها في الوطن العربي. أما أصعب تلك العادات فيكمن في عدم احترام الخصوصية في بعض التصرفات، خاصة من جانب الأصدقاء والمقربين.

أما عن أصعب الأمور التي لا يمكن المرأة العربية أن تتكيّف معها بسهولة في الصين، فتقول هديل: "أظن أن أكثر الأمور صعوبة بالنسبة إليها هو عدم وجود أهلها بقربها، خاصة وقت الحمل والولادة، فالإنسان يمر بالكثير من المواقف التي يحتاج فيها إلى أسرته. ومن الأمور التي يصعُب تقبّلها أيضاً، نوعية الأكل والتوابل ومكوّنات الأطباق الصينية المختلفة عن المطبخ العربي، والتي تحتاج إلى وقت طويل للاعتياد عليها. وبالتالي فإن أي شابة عربية تفكر بالارتباط بشخص أجنبي، عليها أن تدرك مسبقاً أن المسألة ليست بسهولة ما تشاهده في الأفلام والمسلسلات، بل هي في غاية الصعوبة لناحية السفر والغربة والاحتكاك بمجتمع مختلف والاعتياد عليه وتقبّل تنوّع الثقافات والعادات في الأكل والحياة اليومية".