علماء يتوصلون إلى القاتل الخفي للإنسان!

12 سبتمبر 2022

من المعروف أن ملوثات الهواء هي القاتل الخفي للإنسان، لأنها تتسبّب بعدد من سرطانات الرئة لأشخاص غير مدخّنين، وقد أوضح علماء من معهد "فرانسيس كريك" ومن كلية لندن الجامعية أخيراً أن الجسيمات الدقيقة (أقل من 2,5 ميكرون، أي ما يعادل قُطر الشعرة) التي تُعتبر من أسباب التغيّر المناخي، تؤدي إلى تغيرات سرطانية في خلايا الجهاز التنفسي.

ويمكن تشبيه الجسيمات الدقيقة الموجودة في غازات العوادم أو غبار مكابح المركبات أو الأدخنة الناجمة عن الوقود الأحفوري بـ"القاتل الخفيّ".

وأكد تشارلز سوانتون من معهد "فرانسيس كريك" لوكالة "فرانس برس" أن "ضرر تلوث الهواء معروف منذ مدة طويلة، ولكن العلماء لم يكونوا متأكدين مما إذا كان هذا التلوث يتسبب مباشرة في الإصابة بسرطان الرئة، ولا حتى من كيفية حصول ذلك".

ودرس الباحثون بدايةً بيانات أكثر من 460 ألف شخص من سكان إنكلترا وكوريا الجنوبية وتايوان، وبيّنوا استناداً إليها أن هناك ترابطاً بين التعرض لتركيزات متزايدة من الجسيمات الدقيقة وزيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة.

وتوصلوا الى الاكتشاف الأبرز والذي يتمثل بفهم الآلية التي تتسبب من خلالها هذه الملوثات بسرطان الرئة لدى أشخاص من غير المدخنين، حيث أثبت الباحثون من خلال دراسات مخبرية على الفئران أن الجسيمات أحدثت تغيّرات في جينين، هما مُستقبِل عامل نمو البشرة (EGFR) وكيراس (KRAS) مرتبطين أصلاً بسرطان الرئة.

من ثم حلّل الباحثون نحو 250 عينة من الأنسجة الرئوية البشرية السليمة التي لم تتعرض إطلاقاً لمواد مسرطنة من التبغ أو التلوث الشديد. وظهرت طفرات في جين EGFR في 18 في المئة من العينات، وتغيرات في KRAS في 33 في المئة منها.

وقال البروفيسور سوانتون إن "هذه الطفرات قد لا تكون بذاتها كافية لتؤدي إلى الإصابة بالسرطان، ولكن عند تعريض الخلية للتلوث يُحتمل أن يحفّز ذلك نوعاً من التفاعل الالتهابي"، مضيفاً أن "الخلية ستؤدي إلى نشوء سرطان في حال كانت تؤوي طفرة".

ورأى سوانتون الذي يرأس الجهة الرئيسة الممولة للدراسة، وهي مركز "كانسر ريسيرتش يو كيه" للأبحاث المتعلقة بالسرطان، أن هذه الدراسة هي بمثابة "فك لشيفرة الآلية البيولوجية لما كان لغزاً، والخطوة التالية تتمثل في فهم سبب تحول بعض خلايا الرئة المتغيرة إلى خلايا سرطانية بعد التعرض للملوثات".

ولفت إلى أن هذه الدراسة تؤكد أن الحدّ من تلوث الهواء مهم أيضاً للصحة، قائلاً: "لدينا الخيار بين أن ندخّن أو لا ندخّن، ولكن لا يمكن أن نختار الهواء الذي نتنفسه. وهذه بالتالي مشكلة عالمية نظراً إلى أن عدد الأشخاص المعرّضين لمستويات غير صحية من التلوث أكبر بخمس مرات على الأرجح من أولئك المعرّضين لدخان المنتجات التبغية".