سرطان الثدي.. هل أنتِ معرضة للإصابة به؟ وهذه خُطوتكِ الأولى لنجاح العلاج

16 أكتوبر 2022

يعتبر سرطان الثدي أكثر أنواع السرطانات انتشاراً بين النساء. وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أنه تسبب بوفاة نحو 685 ألف امرأة في العام 2020. وفي نهاية ذلك العام، كان هناك 7.8 مليون امرأة على قيد الحياة تم تشخيص إصابتهن بسرطان الثدي في السنوات الخمس الماضية، مما يجعله أكثر أنواع السرطان انتشاراً حول العالم. ولا يعتبر سرطان الثدي سارياً أو معدياً. بخلاف بعض السرطانات الأخرى المرتبطة بالعدوى، مثل فيروس الورم الحُلَيْميّ البشري وسرطان عنق الرحم،

وتظهر نصف سرطانات الثدي تقريباً بين سيدات ليس لديهن عوامل خطر محددة للإصابة بالمرض بخلاف الجنس (أنثى) والعمر (أكثر من 40 عاماً). وثمة عوامل محددة تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي، مثل التقدم في العمر والسمنة ووجود تاريخ عائلي للإصابة، والتعرض للإشعاع في وقت سابق، ناهيك عن التدخين الذي يسبب مختلف أنواع السرطان.

عوامل الخطر والأعراض

أكد الدكتور باسل جلاد، استشاري أمراض الدم والأورام في معهد الأورام - مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، على وجود عوامل معينة تزيد من احتمالية التعرض لسرطان الثدي، ويمكن التحكم في بعض هذه العوامل فيما البعض الآخر خارج عن السيطرة. وهنالك أشياء محددة يمكن القيام بها للوقاية من هذا النوع من السرطان مثل التخلص من الوزن الزائد، والالتزام بالرضاعة الطبيعية لأطول فترة ممكنة، وتجنب استخدام بعض أنواع حبوب منع الحمل التي أظهرت الدراسات دورها في تحفيز ظهور السرطان، وتجنب تأجيل الحمل الأول لما بعد سن 30 عاماً إذا كان ذلك ممكناً.


وأضاف: "رغم أن الرجال معرضون لسرطان الثدي، إلا أن هذا المرض يعتبر أكثر انتشاراً بين النساء. ومن أكثر أعراض سرطان الثدي شيوعاً هي التغير في حجم الثدي أو شكله أو محيطه، وظهور كتلة في الثدي، أو احمرار جلد الثدي، أو ظهور إفرازات سائلة مع قليل من الدم أو صافية. ويعتبر التشخيص المبكر أهم عوامل نجاح علاج سرطان الثدي، لذلك نوصي جميع النساء بالخضوع للفحوصات الدورية وفحص الماموغرام. ونبشر جميع النساء بأن التقدم الطبي الراهن جعل الشفاء من هذا المرض ممكناً، لاسيما عند تشخيصه في وقت مبكر".

التقنيات التشخيصية والخيارات العلاجية

أشار الدكتور ستيفن غروبماير، رئيس معهد جراحة الثدي في معهد الأورام، مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي إلى أن التطورات الطبية في السنوات الأخيرة أثمرت عن ظهور تقنيات تشخيصية وعلاجية سباقة لمرض سرطان الثدي. وأضاف: "أسهمت هذه التطورات في ارتفاع معدلات الشفاء من المرض ووضعت في متناول المصابات بالسرطان خيارات متنوعة تناسب حالتهن. وتضم خدمات التشخيص تصوير الماموغرام، وهو تصوير رقمي باستخدام الأشعة السينية يمكّن أخصائي الأشعة من تكبير وضبط الحجم والإضاءة والتباين لرصد أي تشكلات غير طبيعية بسهولة؛ والرنين المغناطيسي الذي يستخدم مادة صبغية للتمييز بين تراكيب الأنسجة المختلفة في الثدي؛ والتصوير بالموجات فوق الصوتية باستخدام جهاز موجات فوق صوتية على سطح الجسم؛ وخزعة الثدي التشخيصية القليلة البضع التي يُجريها عادة أخصائي أشعة باستخدام التصوير بواسطة الكمبيوتر لإرشاده أثناء أخذ عينات أنسجة صغيرة بواسطة إبرة معقمة؛ وخزعة العقد اللمفاوية الحارسة، التي تتضمن أخذ عينة أو أكثر من العقد اللمفاوية الموجودة تحت الإبط باستخدام إبرة معقمة، وغير ذلك من تقنيات التشخيص مثل مسوحات التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني للتحقق من انتشار المرض بما يتجاوز الثدي. وتلعب الفحوص الجينية اليوم دوراً هاماً في سبل الوقاية من سرطان الثدي وعلاجه".


وأردف: "بالنسبة للتقنيات العلاجية، تضم قائمة الخيارات العلاج الكيماوي والعلاج الموجه لبروتينات HER-2 والعلاج الهرموني للوقاية من سرطان الثدي وعلاجه والعلاج الكيماوي ما قبل الجراحة إلى جانب الإجراءات الجراحية. ونستخدم اليوم العلاج المناعي لسرطان الثدي حيث يتم تنشيط جهاز المناعة لمهاجمة الخلايا السرطانية في الجسم. وتتجاوز نسبة النجاة من سرطان الثدي لمدة 5 سنوات على الأقل بعد التشخيص 90% بين المرضى الذين يتم تشخيص إصابتهم مبكراً. وأثبت كل من الاكتشاف والعلاج المبكرين نجاحهما الكبير، لذلك نؤكد دائماً على ضرورة تقييم المخاطر والتشخيص المبكر والالتزام بالفحوص الدورية لأن اكتشاف المرض في مراحله الأولى يحقق أفضل النتائج العلاجية، لاسيما وأن الأعراض الجانبية للعلاجات المستخدمة تكون أقل بين المرضى الذين نشخص إصابتهم مبكراً".

المضاعفات

أوضح الدكتور رافي جورونيان، رئيس قسم الجراحة التجميلية في معهد التخصصات الجراحية الدقيقة في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي أن أكثر المضاعفات شيوعاً بعد الخضوع لجراحة استئصال مرتبطة بسرطان الثدي، هي الوذمة اللمفية. وقال: "تعتبر الوذمة اللمفية مرضاً مزعجاً يثقل كاهل المصابات به، ويؤثر على جودة حياتهن، ومن المحتمل أن يدفعهن للعزلة الاجتماعية والابتعاد عن التفاعل الاجتماعي. ويعتبر من أكثر مضاعفات جراحات سرطان الثدي شيوعاً، لاسيما في حال استئصال العقد اللمفية مع انتشار الورم إليها، و/أو الخضوع للعلاج الإشعاعي للسرطان. ونظراً لمعدلات انتشار سرطان الثدي التي لا يستهان بها، حيث تشير منظمة الصحة العالمية إلى إصابة 2.3 مليون امرأة بسرطان الثدي في العام 2020، هنالك العديد من النساء اللاتي يعتبرن عرضة للإصابة بالوذمة اللمفية، بمعدل مريضة واحدة بين كل خمس مريضات".



وإلى جانب المضاعفات التي تؤثر على جودة حياة المريضة كتلك المتعلقة بصعوبة تحريك الطرف المصاب، والوصمة الاجتماعية التي قد تدفعها للعزلة، يمكن للوذمة اللمفية أن تكون حالة صحية تهدد حياة المريضة حال إهمال علاجها، إذ تقود إلى التعرض إلى سلسلة من الالتهابات التي تؤدي لتفاقم الحالة وصولاً في أسوأ السيناريوهات إلى الإصابة بورم خبيث يدعى "الساركومة الوعائية اللمفية" (lyphangiosarcoma)، ناهيك عن دور الوذمة بحد ذاتها من إضعاف الجهاز المناعي للجسم الذي يعتبر خط دفاعه الرئيسي ضد جميع الأمراض.

أهمية الفحص المبكر

شدد الدكتور راشد اليوسف، معتمد في الجراحة العامة واستشاري الجراحة العامة في مستشفى دانة الإمارات للنساء والأطفال، أن المعايير الإرشادية لدائرة الصحة أبوظبي توصي النساء بالبدء بإجراء الفحوصات الدورية لسرطان الثدي من سن 40 عاماً، عن طريق الخضوع لفحص الماموغرام. وأشار إلى أن سيدة واحدة من كل خمس سيدات معرضة للإصابة بسرطان الثدي قبل سن 40 عاماً، لذلك نوصي دائماً بضرورة تعلم إجراء الفحص الذاتي بين الشابات من 20 إلى 30 عاماً، ولا مانع من الخضوع لفحص سريري كل عامين للاطمئنان، نظراً لأهمية الكشف المبكر في علاج هذا المرض. ويجب على النساء من سن 30 إلى 40 عاماً إجراء فحص بالموجات فوق الصوتية أو الرنين المغناطيسي، حيث تكون أنسجة الثدي في هذا العمر عالية الكثافة، وبالتالي تكون هذه الخيارات التشخيصية أكثر دقة من غيرها.

وقال الدكتور راشد: "أظهرت الدراسات أن معظم مريضات سرطان الثدي اللواتي تم تشخيصهن مبكراً، تغلبنعلى المرض وتمتعن بصحة جيدة بعد خمس سنوات من تشخيص إصابتهن، بينما ينخفض معدل الشفاء من المرض بشكل كبير بين السيدات اللواتي يتأخر تشخيص مرضهن. وأكدت الدراسات أن أكثر من نصف المصابات بسرطان الثدي من سن 40 إلى 55 عاماً واللواتي انضممن إلى برامج الفحوصات الدورية، ارتفع معدل شفائهن بشكل ملحوظ. ويمكن الوقاية من ثلث سرطانات الثدي عبر إدارة عوامل الخطر المعروفة لهذا المرض، والثلث الثاني يجب تشخيصه مبكراً نظراً لسهولة العلاج في مراحل المرض الأولى وارتفاع معدلات الشفاء بشكل كبير فيها، بينما يتم تشخيص الثلث الأخير من إصابات سرطان الثدي في مراحل متقدمة، وعلى الرغم من ذلك يرتفع معدل الشفاءبفضل تقدم العلاجات الإشعاعية والكيميائية والهرمونية".

يتم اكتشاف معظم أورام الثدي عن طريق فحص الماموغرام، وهنالك جزء صغير يتم اكتشافه عن طريق الفحص السريري نتيجة ظهور الأعراض مثل تغير حجم الثدي والإفرازات وتغير طبيعة أو لون الجلد. وقد شهدت تقنيات الماموغرام تطوراً لافتاً في الآونة الأخيرة، وأصبح أسلوب عملها شبيهاً بالتصوير المقطعي المحوسب، حيث تقدم صورة شاملة من مختلف الاتجاهات للثدي. وفي الحقيقة، لا يوجد تقنية تشخيص أفضل من غيرها، حيث يتم استخدام الفحص المناسب لكل حالة، فمثلاً: السيدات بين 25 و40 عاماً تكون كثافة الثدي مرتفعة لديهن، لذلك نفضل استخدام الرنين المغناطيسي أو الموجات فوق الصوتية.


أكد الدكتور راشد: "نشدد دائماً على أهمية نشر الوعي والحصول على المعلومات الدقيقة، ونؤكد على أنه من واجب الطبيب تقديم المعلومات الكافية والوافية للمريضة حول مرضها وخياراتها العلاجية. ونبشر جميع المصابات بسرطان الثدي أو اللاتي يعتبرن أكثر عرضة للإصابة به بأن العلاج بات ممكناً، لاسيما عند التشخيص في المراحل الأولى. كما يجب على جميع المريضات اتباع نصائح الطبيب وتوصياته والالتزام بالخطة العلاجية. ونشجع المتعافيات من سرطان الثدي على المتابعة الدورية مع الطبيب كل ستة أشهر ولمدة خمس سنوات على الأقل لكشف أي عودة للورم، وعلاجه سريعاً. فالتقنيات العلاجية باتت في غاية التطور اليوم".

خيارات حفظ الخصوبة لمريضات سرطان الثدي

قالت الدكتورة ناديا نجاري، استشارية الإخصاب وتأخر الحمل في مركز هيلث بلاس للإخصاب في أبوظبي: "ننصح مريضات سرطان الثدي بالتوجه نحو علاجات حفظ الخصوبة قبل البدء بالعلاج الكيماوي أو الإشعاعي، نظراً لتأثير هذه العلاجات على صحة المبايض، حيث تؤدي لتراجع جودة وعدد مخزونها من البويضات. ومن علاجات حفظ الخصوبة تجميد البويضات، حيث يتم أخذ البويضات من المريضة وتجميدها لاستخدامها عند الرغبة بالإنجاب لاحقاً. ونحرص دائماً على اختيار العلاج المناسب حسب حالة المريضة، والمدة الزمنية التي نملكها لبدء العلاج. وفي حال أوصى طبيب علاج السرطان ببدء الخضوع للعلاج خلال أسبوع، نلجأ للعلاج الهرموني لحماية المبايض من الضرر، أما إذا كان لدينا من الوقت ما يكفي لإجراء تجميد البويضات، نحو أسبوعين، فنبدأ بتجهيز المريضة عبر إعطائها حقن تنشيط المبايض، ونراقب حالتها لأخذ البويضات لتجميدها عندما تكون مستعدة لذلك. ونؤكد دائماً على أن هذا الإجراء متاح للمتزوجات والعازبات على حد سواء وحسب نصيحة الطبيب".


"ويمكن اللجوء للعلاج الهرموني لحماية المبايض أيضاً لدى السيدات اللاتي لازلن في سن الإنجاب، عبر إعطائهن حقنة كل شهر أو ثلاثة أشهر. ويوصى باختيار العلاج المناسب حسب حالة المريضة وعمرها... تعتبر عملية سحب البويضات لتجميدها بسيطة للغاية، ولا تتجاوز مدتها 10 دقائق، وتبدأ بالاستعداد عبر حقن تنشيط المبايض والانتظار لمدة تتراوح بين 8 أيام وأسبوعين للخضوع للإجراء الفعلي بعد التأكد من أن مخزون المبايض بات مناسباً. ونؤكد على ضرورة عملية تجميد البويضات قبل البدء بالعلاج الكيماوي أو الإشعاعي للسرطان، نظراً لآثار هذه العلاجات على المبايض".