الباحثة رئيفة أبو خزام: أنا محظوظة لأنني من جيل التغيير والدفاع عن حقوق المرأة!

دبي - "لها" 31 ديسمبر 2022
نشأت الباحثة رئيفة أبو خزام في لبنان وكانت مفتونة بالعلوم منذ صغرها. نالت منحة دراسية للحصول على درجة الدكتوراه في إيطاليا، ثم فتحت لها الإمارات العربية المتحدة أبواب البحث العلمي، حيث تعمل مع مجموعة بحثية مذهلة ومتماسكة بإحكام في معهد ثومبي لأبحاث الطب الدقيق (TRIPM) في جامعة الخليج الطبية. فازت أبو خزام بجائزة "لوريال- يونيسكو" للعلوم، وهي تأمل بأن تُلهم مسيرتها أخريات موهوبات في مجال العلم.


- حدّثينا عن الاكتشاف الذي هو سبب اختيارك من جانب "لوريال- يونيسكو" لجائزة أفضل عالِمة؟

يركّز عملي البحثي على توفير خيارات علاجية محسّنة لمرضى سرطان البنكرياس. أنا مهتمة باستهداف اثنين من العوامل المؤثّرة الرئيسية في هذا المرض،أحدهما ينشأ بسبب طفرة في الجين KRAS، والتي تسمح للخلايا بالتكاثر بشكل لا يمكن السيطرة عليه والهروب من موت الخلايا، وبالتالي يؤدي إلى ظهور الورم. أما العامل الثاني فيحدث داخل البيئة المكروية للورم نفسه، وهي حالة تُعرف باسم نقص الأوكسجين، أو نقص الأكسجة. يساهم نقص الأكسجة في عدوانية الأورام بطرق مختلفة، بما في ذلك مقاومة العلاج والحفاظ على الأوعية الدموية المتسرّبة وغير المنظّمة. ومن خلال استهداف كلٍ من منتج الجين KRASالطافر ونقص الأكسجة، من المتوقع أن يعكس العلاج أدوارهما السلبية ويوقف نمو الأورام. ستكون هذه المرة الأولى التي يتم فيها اختبار مثل هذا المزيج، والأمل هو أن يتمكن من تحقيق ترجمة إكلينيكية لتعزيز متوسط العمر المتوقع لمرضى سرطان البنكرياس.

- ما هي الصعوبات التي واجهتك؟

قبل الوصول إلى ما أنا عليه اليوم، واجهت الكثير من التحديات، بدءاً من العثور على منحة دراسية فعلية لمتابعة الدكتوراه. وأنا ممتنّة جداً لمبادرة Dunia BeamErasmus Mundus، التي أعطتني الفرصة للتقدّم والحصول على منحة. بعدها انتقلت إلى بلد لا أعرف فيه أحداً أو حتى أتحدّث لغته! لكنني تمكّنت من تكوين صداقات وعلاقات تدوم مدى الحياة. هناك دائماً تحديات في البحث، وفشل في التجارب، ويجب إثبات خطأ الفرضيات طوال الوقت. والهدف هو الاستمرار في تحدّي النفس والاعتقاد الدائم بأن العمل يستحق عناءً كبيراً. هناك شغف دائم للاكتشاف والابتكار.

- هل من تمييز في المجالات العلمية بين المرأةوالرجل؟

أنا محظوظة لأنني من جيل التغيير، الذي ينتقد عدم المساواة بين المرأة والرجل ويحاربه بنشاط، حيث تدافع المرأة عن حقوقها وترفض أن تُترك على هامش الحياة بعد الآن. كما أنني محظوظة لوجودي في العالم العربي، حيث تُمنح العالِمات، من واقع خبرتي وتجربة زملائي فرصاً متساوية، بناءً على الجدارة والخبرة. قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن نرى المزيد من النساء في مناصب أعلى، لكنّالمستقبل يبدو في رأيي مشرقاً. وهذا ينطبق بشكل خاص على المبادرات المشجّعة، مثل جائزة L’Oréal -UNESCO للمرأة في العلوم، والتي يمكن أن تكون حافزاً حقيقياً للفتيات، حتى مع وجود القليل من الفضول العلمي، لبدء ممارسة مهنة متجذّرة في العلوم.

- ما هو القانون المجحف بحق المرأة الذي تتمنّين أن يتغير في عالمنا العربي؟

لا أعتقد أن هناك قانوناً بحد ذاته يحتاج الى تغيير،بل إن العقلية والسلوك غير المعلن هما اللذان يحتاجان إلى التغيير. تزدهر المرأة بالفعل في مجالات متنوعة وتُتاح لها الفرص للقيام بذلك،ويتعلق الأمر بملاحقة باقي المجتمعات لهذا التحوّل. لدينا الآن أول رائدة فضاء عربية! كل هذا سيفتح الأبواب أمام المزيد من النساء العربيات ليشعرن بالتمكين، ويتابعن أحلامهن، ويقتنعنّ بأن الأمر يستحق ذلك! وكلما زاد عدد النساء اللواتي يقمن بذلك، قرّرن تولّي زمام الأمور بأيديهن وصياغة مساراتهن الخاصة، وبالتالي تتضاءل القيود الاجتماعية والأيديولوجيات التي عفا عليها الزمن.

- أي عالم تريدين لأطفالك أن يرثوا من بعدك، خصوصاً البنات؟

أريدهم أن يتأصّلوا في عالم لا يشعرون فيه بالإعاقة، حيث يكونون أحراراً في متابعة شغفهم في الحياة. عالم لا توجد فيه مفاهيم مسبقة أو تفاوت في الأدوار. عالم يكون فيه العلماء والنساء في مجال العلوم من المشاهير وممن يتصدّرونأغلفة المجلات. يجب الاحتفال بالعلم والاعتراف به. إنه لأمر مخزٍ أن تحتفظ بكل ما تمت تعبئته في المختبر، في قاعة المحاضرات، ويجب مشاركتهليتم زرعه كبذور في أذهان الأجيال القادمة. نحن المستقبل، والعالم بحاجة إلى الاستعداد.