دانييلا رحمة بعد "ريم"... تبحث عن دور تتحدى فيه قدراتها التمثيلية

حوار: فاديا فهد 16 مارس 2023
دانييلا رحمة، امرأة بوجوه متعدّدة. تجمع كلّ الأضداد في شخصها: الحكمة والجنون، الاحتراف والهواية، الجدّية والمرح. هذه الازدواجية تجعل منها امرأة استثنائية، وها هي تتألّق في الموسم الثالث من"للموت" نجمةً، وتتربّع في قلوب المشاهدين. في هذا الحوار، تتكشّف لنا شخصيّة امرأة جميلة قلباً وقالباً.

تصوير: جيريمي زاسنجر

انتاج: رانيا خوري

تنسيق الملابس: كالين دال

شعر وماكياج: ميلاني ماير

المجوهرات كلّها من بوتشيلاتي Buccellati


- كيف تعرّف دانييلا اليوم عن نفسها بعدما اكتسبت خبرة واسعة في التمثيل والأداء كما في الحياة؟

سؤال صعب من البداية، لكنه جميل وذكي. لا يمكنني أن أختصر السنوات الماضية بكلمة، ويسعني القول إننّي اليوم نتيجة تراكم تجارب. مجموعة ممثلات في ممثلة. مجموعة نساء في امرأة. كأي امرأة تعيش تجارب مختلفة في الحياة. الفارق أنّني أعمل في مهنة التمثيل، التي تساعدني على عيش أكثر من حياة وأكثر من شخصية وأكثر من إحساس مع كل عمل وكل دور أقدّمه. الحياة تعلّمنا وتغيّرنا، تبدّل أفكارنا وشخصياتنا وطريقة رؤيتنا للأمور، والتمثيل كذلك يغيّر الممثل، ويضيف إليه المزيد من الخبرة، ويمنحه القدرة على التنويع والتلوّن والتغيير في الشكل والصوت والحركة وكل تفاصيل الإنسان. صرتُ أنضج، أقوى نفسياً وجسدياً وروحياً، متمكنة من أدواتي بقدر ما تعلّمت حتى اللحظة، وأسعى دائماً لتطوير نفسي والتنويع، أي لأكون متلوّنة ومختلفة، لأترك أثراً في هذه المهنة... هكذا ألخّص تجربتي.


- "للموت ٣"، ماذا أعطاك وماذا أخذ منك؟

"للموت" كان نقلة نوعية في مسيرتي المهنية. جماهيرياً،حقّق لي انتشاراً أوسع، خصوصاً أنه حصد نجاحاً كبيراً على المستوى العربي. لمست ذلك حين زرتُ السعودية أكثر من مرة. كثر ينادونني هناك باسم "ريم"، ويسألونني عن الشخصية والمسلسل. كذلك في الإمارات والأردن وأوروبا وأستراليا، حيث إنه خلال زياراتي المتكررة في الأعوام الفائتة، لمست تفاعل الجاليات العربية هناك مع الشخصية والعمل ولهفتهم إلى كل ما يتعلق بـ "للموت". المسلسل أخذ مني وقتاً، كأي عمل، لكن المختلف أنني أصوّره للسنة الثالثة في جزئه الثالث، وشخصية "ريم" هي أطول شخصية ترافقني. هذا الأمر ممتع ومقلق في آن. ممتع لأنني أحببتُالشخصية واعتدت عليها وتعاطفت معها، ولأنها شكّلت لي تحدّياً كبيراً، بحيث أُظهرها في كل موسم مختلفة عن الموسم الذي سبقه... ومقلق لأنّ الممثل يخاف أن يلتزم بشخصية واحدة، أو يعلَق في أداء دور واحد، وهو ما نتجنّبه جميعاً، وأحرص عليه أنا أيضاً. أريد أن أقدّم شخصيات مختلفة، واليوم عيني على دور كوميديّ، يكسر طبيعة "ريم" وعالمها.

- ما الذي أحببته بشخصيتك في "للموت" وماذا تكرهين؟

أحب "ريم" في "للموت". أتعاطف معها ومع ظروفها. أعرف أنها تريد التوبة، وترغب بحياة أفضل، لكنّ الظروف تعاكسها دوماً. تقف بوجهها وكأن الحياة ترفض أن تعطيها فرصة ثانية. لا شكّ في أنّ "ريم" أخطأت في حياتها، لكنها أيضاً ضحية مجتمع وعالم وُلدت فيه وكبُرت. لا أبرّر الشرّ، لكنني أحلّل الشخصية بكل جوانبها. لقد أخطأتْ ودفعت ثمن أخطائها، بخسارة كل مَن تُحب. الموسم الثالث من "للموت" مختلف. حتى "ريم" في هذا الجزء مختلفة.باتت أقوى، متمردة، ومصرّة على حياة جديدة. تواجه كل المصاعب، لكنها تبقى صامدة، لا تضعف ولا تنكسر. سنرى ما الذي يخبّئه هذا الموسم لـ"ريم"، وماذا ستفعل أمام كل المتاعب التي ستواجهها. كنت أكره في "ريم" انكسارها أحياناً. لا أحبّ المرأة الضعيفة أو  المستسلمة. لكنني عموماً أحبّ هذه الشخصية وستبقى علامة فارقة في حياتي ومسيرتي الفنية.


- ماذا عن الثنائية مع ماغي بو غصن؟ كيف أثّرت فيك؟

ثنائية جميلة ومختلفة. قلّما رأينا في الدراما العربية ثنائية نسائية ناجحة. الشراكة عموماً تكون بين ممثل وممثلة، لا بين ممثلتين. وهذا ما جعل من "ريم" و"سحر" مثالاً ممتعاً للجمهور الذي تعلّق بهما وأحبّهما معاً. هاتان الصديقتان لديهما قصة مؤثّرة، وحياة مشتركة صعبة ومعقّدة. متانة صداقتهما هي الأساس، وهو ما تراه كل شابة في نفسها، وترغب كل صبية بأن يكون لديها صديقة حقيقية في الفرح والحزن، في زمن يصعب فيه وجود الأصدقاء الحقيقيين.

- ما المفاجآت التي يتضمنها "للموت- ٣"؟ وهل من جزء رابع؟ وهل تشاركين فيه أم اكتفيت؟

"للموت ٣" يحمل الكثير من المفاجآت. لا أستطيع البوح بشيء طبعاً. أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق الموسم الثالث، والمُشاهد هو مَن سيحكم. ما يمكنني قوله هو أنّ هذا الموسم مختلف عن الموسمين الأول والثاني، وكأننا أمام مسلسل جديد، بحكايات مختلفة، وشخصيات جديدة، وانعطافات لم نرَها سابقاً. العمل ممتع، وأعتقد أنّ الجمهور سيتفاعل إيجاباً مع الأحداث ويتعلّق بها حتى الحلقة الأخيرة. بالنسبة الى إمكانية إنتاج موسم رابع من "للموت" فهذا قرار الشركة المنتجة. لا كلام عن موسم جديد بعد. سننتظر ونرى. بالنسبة إليّ، قدّمت أفضل ما لديّ في مواسم ثلاثة، وأتطلع إلى شخصيات جديدة من باب التنويع والتغيير. الأيام ستحكم. لننتظر ونرَ.

- أثبت "للموت" أن النهايات ليست نهائية. ثمّة ولادة بعد كل موت، هل تؤمنين بالأمل؟

طبعاً، ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل. هناك نهايات في الحياة، لكنّ الولادة الجديدة نتيجة لكل نهاية. نعمة الله علينا أنّنا نحلم ونتأمّل. ننتظر الغد بما يحمل، نأمل دوماً بشيء ما أفضل لنستمر. الأمل ضمانة للاستمرارية، إذا انتهى الأمل انتهى الإنسان.


- هل في علاقاتك أيضاً شبّاك مفتوح على الأمل؟

سؤال واسع جداً. إن كنتِ تقصدين العلاقات الشخصية، أي الصداقات والعائلة، فطبعاً هي محكومة بالأمل والتجربة. كذلك العلاقات الخاصة. الأمل بأيام أفضل مع شركاء الحياة، الأمل بعلاقات صداقة طويلة الأمد. الأمل بأن نعيش الرحلة برفقة داعمين ومؤيدين وأشخاص يخافون علينا ويحرصون على الاهتمام بنا، كما نفعل نحن في المقابل. لكن لا قاعدة للعلاقات عموماً، فمنها ما يكون صالحاً للاستمرار، ومنها ماينتهي لتولد حكاية جديدة. هذه هي الحياة.

- بعد "للموت"، أيّ مسلسل يُشبع نهم دانييلا الى النجاح؟

كل عمل جميل يستفزّني. كل شخصية مختلفة عن التي قدّمتها تغريني وأرغب بتقديمها. لعبتُ أكثر من شخصية، في "تانغو"، "بيروت سيتي"، "الكاتب"، "العودة"، "أولاد آدم" الذي قدّمت فيه دور المرأة الشعبية البسيطة خفيفة الظل وكان من أمتع أدواري، و"للموت" وغيرها. أبحث عن الجديد دوماً كأي ممثل يريد أن يقدّم نسخة جديدة منه. ذكرت سابقاً أنني أرغب بتقديم شخصية كوميدية، أو شعبية، وعيني على التجدّد لأختبر نفسي كممثلة أولاً.

- أقمتِ شراكات مختلفة في مختلف أعمالك. أي شراكة كانت الأجمل؟

لا يمكنني أن أُقيم هذه الشراكات وحدي. الجمهور يحكم. لا شكّ في أن شراكتي مع باسل خياط في "تانغو" و"الكاتب" كانت مميزة وممتعة ووصلت الى الناس. كذلك مع محمد الأحمد في "للموت" بجزءيه الأول والثاني. علاقة "ريم" و"هادي" علّمت عند الجمهور بشكل غريب، والكل يسألني حتى اليوم عن إمكانية اجتماعنا مجدداً في عمل.أيضاً نجحت مع قيس الشيخ نجيب في "أولاد آدم" وكانت تجربة ممتعة وصعبة. استمتعت في كل التجارب، والجمهور هو مَن يقيّم أي شراكة كانت الأنجح.


- أيّ دور تتوق إليه دانييلا اليوم؟

كل دور مركّب، يتطلب جهداً في الشكل والحركة. وكلما كانت الشخصية لا تشبهني أبداً، استمتعت بأدائها أكثر. وأرغب بأداء مسلسل سيرة ذاتية، لشخصيات ناجحة وشهيرة مرّت في التاريخ وتركت أثراً. تعجبني مسلسلات السيرة الذاتية كثيراً. وكما ذكرت سابقاً، أرغب بدور رومانسيّ كوميديّ من جديد.

- أيّ مسلسل رمضاني ترغبين بمتابعته؟

بصراحة، خلال شهر رمضان الأعمال كثيرة. وهذا العام المنافسة على نار حامية. أعمال كثيرة متحمسة لمشاهدتها. سأتابع بقدر ما أستطيع. متحمسة لأعمال كثيرة في العالم العربي، منها مسلسل منى زكي، منة شلبي أيضاً، أمير كرارة، قصي خولي ونادين نجيم طبعاً، تيم حسن ودانا مارديني... أعمال كثيرة ويبدو أنّ عدداً كبيراً منها سيكون حديث الناس في رمضان. والأولوية طبعاً لمسلسلي. أتمنى أن يحظى "للموت 3" بالنجاح الذي حققه موسماه الأول والثاني. الآمال كبيرة، والجمهور متحمّس لهذا العمل الذي خلق حالة جماهيرية نادرة. أتمنى التوفيق لي ولكل فريق العمل الذي اجتهد على هذا الموسم، من الممثلين شركاء النجاح، الى المخرج فيليب أسمر، الكاتبة نادين جابر والمنتج جمال سنان. كل ما يمكنني أن أطلبه اليوم أن يكون "للموت 3" ضيفاً ممتعاً في رمضان، ومتحمّسة لسماع رأي الناس والنقاد في المسلسل.


أنا والحبّ

- هل طرق الحبّ بابك؟

صرّحت سابقاً بأنني أعيش قصة حبّ. لكنّها أمور شخصية لا أحب الكلام فيها.

- أي فارس على حصان أبيض تنتظرين؟

لا أنتظر فارساً على حصان أبيض. لم يعُد هذا الزمن زمن فارس وحصان (تضحك)... بحثتُ كما كل فتاة عن رجل محترم، ناجح وطموح، يشبهني وأشبهه، يشبه والدي وعائلتي، وأشبه أمّه وعائلته. يجب أن نتشابه لنترافق.

- بين الرجل الغربي والرجل العربي، أيهما تختارين ولماذا؟

الحبّ لا يعرف قواعد وخيارات وقائمة بالطلبات والمواصفات. لا فرق بين رجل عربي وأجنبيّ. الميزة تكمن في الشخصية والأفكار والأخلاق والعادات وأسلوب الحياة، في الطبع والتصرفات. هنا يكمن كل الفرق. لا أعتقد أنّ علينا تعليب خياراتنا بجنسية أو لون أو شكل معيّن. العلاقة الناجحة تتطلب أموراً أعمق، منها التفاهم، الثقة، القبول من الطرفين، الحب والرغبة بحياة مستقرة. هذه هي أسرار نجاح أي علاقة.

- ما هي الصفة التي يمكن أن تغضّي الطرف عنها إن لم تتوافر في رجل الأحلام؟

لست كاملة، لذلك لا أطلب الكمال في أحد. لكن هناك صفات أساسية أحرص على أن تتوافر في الشريك، وهي: الاهتمام، الكرم، الأخلاق العالية، الشراكة وحب التعاون، الصبر، الذكاء، الطموح، الرغبة بالتطور.


- ما هي الصفة التي تجذبك من النظرة الأولى إليه؟

حضور الشخص، طلّته، كيف يتصرف ويتكلم، ماذا يقول ومتى وكيف. الشخصية تجذبني بدايةً قبل الشكل. الرجل في ما يقول.

- كيف يبدأ نهار دانييلا وكيف ينتهي؟

حالياً، يبدأ نهاري بـ Action وينتهي بـ Cut، لأنني أقضي أيامي في التصوير للانتهاء من تصوير العمل قبل الدخول في شهر رمضان.

- كيف تهتمين بجمالك ؟

أعطي الكثير من الوقت للاهتمام بشكلي، وخصوصاً بشرتي. أهتم بها وأستخدم أفضل الكريمات للحفاظ على نعومتها ونضارتها وحيويتها.

- ما هي علاقتك بالمجوهرات؟

جيدة عموماً. كل امرأة تحبّ المجوهرات لأنها تضفي أناقة وسحراً خاصاًعلى كل إطلالة. أحب المجوهرات الأنيقة واللافتة بدون تكلّف. أميل الى البساطة والنعومة في حجم المجوهرات وشكلها.

- ما هي أحلامك اليوم؟

أوف. كثيرة هي الأحلام. لا يمكن أن أتوقف عن الحلم طالما فيّ حياة. قيمة هذه الحياة في أن نحلم، وكلما حققنا حلماً، سعينا خلف آخر. التطوّر والنجاح أساسهما الحلم، وأؤمن بأنّ ما نحلم به ونصرّعلى تحقيقه، سيتحقق يوماً ما، ما دام الاجتهاد موجود، والرغبة والسعي أيضاً. أحلم بأيام أفضل لأهل بلدي، باستقرار اقتصاديّ على مستوى العالم، بانتهاء الحروب، بحياة آمنة وسقف متين وأرض لا تهتزّ تحت أرجل الناس. أحلم بعالم أفضل، ليس موجوداً اليوم، لكن لا بدّ من أن يتغلّب الخير على الشر، وينتصر العدل على الظلم، إنها سُنّة الحياة وركيزتها الأساسية، وهذه قناعتي الدائمة، مهما طال الزمن وجار.


CREDITS

تصوير : جيريمي زاسنجر

شعر: شعر: ميلاني ماير

مكياج : ماكياج: ميلاني ماير

تنسيق: تنسيق الملابس: كالين دال