أحلام اليعقوب: لا أجد مبرراً لأن تخفي المرأة سنها...

كأس دبي العالمي, مذيعة, إعلامية, شخصية , التلفزيون السعودي, أحلام اليعقوب

12 ديسمبر 2012

تعرف أنهم يصفونها بخفة الظل، فترد الفضل في ذلك الى متابعيها من المستمعين على إذاعة «إم بي سي أف أم».  تُسأل عن سبب تسمية برنامجها «تو النهار»، فتجيب المذيعة السعودية أحلام اليعقوب: «لأنه ببساطة يبث في فترة الضحى، ولو كان مسائياً لكان آخر النهار».
وعندما تُسأل عن سنها، بل وحتى مهر زواجها، فإن الجواب الفوري والتلقائي يكون دائماً حاضراً عند اليعقوب التي أكملت عامها الرابع في البرنامج، بعد أن بدأت مشوارها مع القناة الأولى للتلفزيون السعودي الرسمي على مدار عامين، لتقودها الصدفة بعد ذلك إلى الأثير.

حوار لا يحمل اعتذاراً عن الإجابة إذاً هو المتوقع هنا، والوجود في دبي بالأساس بالنسبة إلى أحلام اليعقوب لم يكن سوى مبرر قدري لوقوع تلك «الصدفة». تقول: «انتقل زوجي للعمل في دبي، وعندما قدمت للإقامة بصحبته كانت زيارة «إم بي سي» على رأس أولوياتي.

ولم تمض سوى فترة وجيزة حتى تم ترشيحي للالتحاق بـ «إم بي سي إف إم» التي أدخلتني عالم الأثير، ليأتي بعدها ترشيح آخر للعمل التلفزيوني، لكنه جاء متأخراً بعد أن كنت قد تعلقت بميكروفون الإذاعة».


العمل مرهق لكنه ممتع، «فالمذيعة هنا تتولى تنسيق بثّ الأغاني المختارة، وإجراء اللقاءات المباشرة مع الجمهور وضيوف البرنامج، وإخراجه أيضاً، وهذا يستدعي جهداً مضاعفاً يتجاوز ساعات البث الأربع بكل تأكيد. لكن أن تكون على تواصل حقيقي مع جمهور أصبح يألفك وتألفه، يسمعك وتحاوره يومياً، فإنك قطعاً لست أمام دوام عمل رسمي روتيني، بل هي رسالة إعلامية لا تخلو من المسؤولية والمتعة معاً».
حساب الوقت وتقدير أهميته هما أكثر ما تعلمته أحلام في عملها الإذاعي، فالانفراد بالمستمعين في ظل هذه العلاقة الحميمية عبر الأثير على مدار ساعات متتالية، تنبش خلالها في قضاياهم، وتسعى لبث ما يتوقعونه أيضا من الأغاني التي تناسب الفترة الصباحية، ليس مجرد دردشة غير محسوبة، فالفواصل تتوالى بدقة، وفقرات الضيوف ونشرات الأخبار وغيرها تنتظر مواقيتها التي تدفع المذيعة لحساب لا يغفل قيمة الثواني، فضلاً عن الدقائق.

الحياد الإعلامي للمذيعة
حول طبيعة المواضيع التي تفتح ملفاتها وكيفية اختيارها، تقول أحلام: «ليس هناك عدد محدد من المواضيع، فالأمر متروك لما يشغل الساحة السعودية عند بث كل حلقة، لكن يبقى دائماً معيار التنوع في القضايا المطروحة قائماً، لا سيما أن هناك تنوعاً كبيراً في الفئات العمرية للمستمعين واهتماماتهم».
وترى مذيعة «تو النهار» أن الإحساس بأولويات المشاهد يبدو محورياً هنا: «لا يمكن أن تكون الرسالة الإعلامية من طرف واحد هو المذيع، وخصوصاً في ما يتعلق بالبرامج الإذاعية، فالمرسل والمستقبل لا بد أن يتبادلا أدوارهما، وبالنسبة إليّ فإن التفاعل مع المشاهد يجعلني أراه عبر الأثير، تماماً مثلما يستطيع هو أن يصل إلى حالتي النفسية من خلال قراءتي للخبر.
لذلك فإن الحياد الإعلامي للمذيعة يبقى محالاً في هذه النوعية من البرامج، ومن الطبيعي أن يظهر انفعالها سلباً أو إيجاباً طبقاً لمحتوى الخبر وطبيعة القضايا المثارة».
ورغم أن البرامج الصباحية عموماً توصف بأنها «برامج خفيفة»، فإن هذا التصنيف لا يعني قبول أن يكون المذيع صاحب ثقافة سطحية، وتضيف أحلام: «المستمع السعودي ناقد جيد للمادة الإعلامية التي تقدم له، والمذيع لا يستطيع إرضاءه إلا إذا كان بالفعل يملك أدواته المهنية بحرفية عالية، لأنه مستمع بالفعل شديد المراس، وهذا في صالح الطرفين معاً.
فالمذيع يلح على تطوير أدواته والحفاظ على سعة اطلاعه، والمستمع يحصل على خدمة إعلامية متميزة».

أحلام والصمت عن الكلام
«المرأة الذكية هي من تعرف متى تتحدث»، نصيحة تطبقها بمبالغة شديدة أحلام في منزلها، فهي الأكثر لجوءاً إلى الصيام عن الكلام، مبررة ذلك بقولها: «كثيرات من المذيعات يصيبهن الخرس الزوجي بسبب طبيعة مهنتهن التي تفرض عليهن حضوراً أكبر وخصوصاً خلف ميكروفونات الإذاعة، لكن بالنسبة إلي هناك دوافع إضافية، فأنا أسعى إلى تثقيف ذاتي في مجال هو الحلقة الأضعف عندي وهو المجال الاقتصادي الذي يأتي على رأس أولويات زوجي العملية.
لكن بصفة عامة فإن على غالبية المذيعات في ظل هذا الواقع مراجعة أنفسهن من أجل علاج حالات فصام يعانينها، خصوصاً مع معايشتهن لأجواء تتبدل بتبدّل ما تحمله مضامين الأخبار والقضايا المطروحة».
لكن أحلام تشير أيضاً إلى ملحوظة تراها ذات دلالة مهمّة في هذا السياق، مضيفة: «صديقاتي يخبرنني هذه الأيام بأنني أصبحت (لا أتسولف) كما يقلن، وبعضهن يقلن لي أنني بدأت أفقد روحي القديمة، لكن الحقيقة أيضاً أنني أصبحت أكثر وعياً بالوقت، وأتجنب دائماً أن أمارس دور المذيعة خارج حدود الاستوديو».

«الحيطان لها ودان»
الإقامة في دبي لا تمنع مذيعة «تو النهار» من معايشة قضايا وطنها: «لا أكتفي بقراءة كل ما يخص المجتمع السعودي عبر الجرائد اليوميّة ومواقع الأخبار، بل أنتهز أي فرصة وأزور وطني، وهو أمر يساعدني على التفاعل بشكل أكبر مع كل ما يهم مستمعي البرنامج».
وفي ما يتعلق بما اصطلح على تسميته الخطوط الحمراء التي يجب عدم الاقتراب منها على الأثير، تقول أحلام: «هذه العبارة تحديداً أسمعها ولا أرى لها تطبيقاً في واقع «إم بي سي» التي لا تخبئ جدرانها آذاناً، على حد المقولة الشهيرة «الحيطان لها ودان».
والأمر برّمته متعلّق بوعي الإعلامي في عدم المسّ بقيم المجتمع وتقاليده الثابتة، وهذا واجب مهني، وليس قيداً رقابياً كما يصوّره البعض. بل إنني أتصور أن الخطوط الحمراء التي يتحدث عنها البعض هي تماماً مثل خط الاستواء، وهمية، ولا أساس لها إلا في تصوّرات مطلقيها».

زواجي ناجح وهذا عمري!
نجاح أحلام في حياتها المهنية ترده في حوارها دائماً إلى «النصيب الجيد»، قاصدة به نصيب زواجها، فهي زوجة وأم لطفلين: فيصل الذي أتم 6 سنوات، وطلال الذي يبلغ من العمر عاماً واحداً.
تقول: «عمل الإعلامية الأم ليس مستحيلاً أو حتى مربكاً لأسرتها، شرط أن يرزقها الله زوجاً متفهماً ومتعاوناً، وهذا ما أنعم الله به عليّ، رغم أن زواجنا في الأساس يندرج ضمن ما يعتبره البعض زواجاً تقليدياً».
الإحالة إلى دور الزوج في دعم زوجته عموماً، جعلت أحلام تسترجع أحداثاً مضى عليها نحو 7 سنوات، لكن أقل ما توصف به أنها شديدة الغرابة، مضيفة: «رن الهاتف الأرضي في المنزل وسأل المتصل عن والدي، فإذا به رئيسه المباشر في العمل وكانا قد افترقا منذ 19 عاماً، أي بعد مولدي مباشرة، ليسأله أن يقبل زيارة منزلية له في العيد، وكانت المفاجأة أنه قادم لخطبتي لابنه الذي لم يرني مسبقاً، وكل ما في الأمر أن والده لا يزال يتذكر أن زميلاً له رزق مولودة تصغر أبنه بخمس سنوات».
إخفاء سنة الميلاد، أو تقوقع المرأة بعد الزواج، من الأمور التي لم تعد تليق بابنة القرن الجديد من وجهة نظر أحلام التي تضيف: «أنا من مواليد تشرين الأول/أكتوبر 1984، ولا أجد مبرراً لأن تخفي المرأة سنها مهما كبرت، بل عليها أن تتفاخر بأنها تضيف إلى منجزاتها وخبرتها بمرور الأعوام».
وتضيف المذيعة الشابة: «الزواج في سن مبكرة أيضا من الأمور التي من شأنها أن تدعم المرأة كثيراً في مسيرتها العملية، ولكن هذا أيضاً يتوقف على الطرف الآخر الذي عليه أن يدعم زوجته لا أن يعرقل طموحاتها ومشاركتها الإيجابية في مجتمعها».

الشفافية والتلقائية عبر الأثير
فارس الأحلام من وجهة نظر أحلام لم يعد المحور الأول والوحيد للفتاة العربية العصرية، فتحقيق الذات والانجازات الشخصية جانب مهم الآن في ظل مجتمع يغلب عليه النزعة الاقتصادية التي فوجئت بسؤال من مستمع يستفسر فيه عن مهرها الذي تقدم به زوجها، فلم تتردد في إجابته قائلة: «ثلاثون ألف ريال»، وتضيف: «يجب عليّ كمذيعة أن أمتلك الشفافية والتلقائية عبر الأثير، وعندما أفتح قضية مثل غلاء المهور من المهم ألا يجري فتح هذا الملف وغلقه لمجرد ملء ساعات البث، لأن التأثير الإيجابي في أكبر شريحة ممكنة من المستمعين هو جوهر مهم للرسالة الإعلامية الواعية».
طموحات أحلام تبقى في كل الأحوال من دون حدود، إنما ثمة حلم يبقى متصدراً لأولوياتها: «أعشق عملي كثيراً هنا خلف ميكروفون الإذاعة، ولا أزال شغوفة به، لكن يبدو أن لكل عمل فترة صلاحية معينة، وأنا حالياً أشعر بالرغبة في جني ثمار خبرات إعلامية حققتها بالتوفيق بين عملي ودراستي ماجستير إعلام وعلاقات عامة. وأعتقد أنني لو اضطررت للاختيار الآن بين الإذاعة والتلفزيون، سأنحاز إلى الثاني، وسيظل قلبي معلقاً بالأولى».