من يقود بيت الزوجية في السعودية؟

الحياة الزوجية, المجتمع السعودي, الرأي النفسي

07 ديسمبر 2013

تتمتع معظم الزوجات بمعرفة دقيقة بعقلية الرجل وما يحتاجه، وتتمكن بذلك من قيادته بالطريقة التي تريدها، فتتحكم في الحياة الزوجية وتتخذ معظم القرارات، خاصة إذا تمكنت من جعل الرجل يثق بها وبحبها. هذا ما أكدته دراسة برازيلية تظهر أن ثلثي الزوجات يتحكمن في الحياة الزوجية، ومن هنا استطلعت مجلة «لها» بعض  الآراء في المجتمع السعودي في المسألة. فهل يمكن أن تنطبق هذه الدراسة على السعودية؟


دينا عناني: أزواجنا «عايشين» بالبركة

أكثر الأزواج ليس لديهم حس المسؤولية تجاه أي أمر في الحياة الزوجية، سواء كان يتعلق بالزوجة أو اﻻبناء أو حتى الزوج نفسه، وكما نقول بالمحكية «عايش بالبركة». هذا ما بدأت به حديثها دينا عناني، وهي أم لثلاثة أبناء، مؤكدة أنها توافق على هذه الدراسة التي تطبق لدينا كما تطبق في الخارج وربما بنسبة أكبر».
وأشارت عناني إلى أن تحكّم الزوجة في زمام الأمور يبدأ بفرض طريقة التعامل مع زوجها في كل الأمور، سواء في ما يخص الميزانية أو دراسة الأبناء أو مستلزمات المنزل، وأيضاً فرض الرأي في أموره الشخصية، وطريقة تعامله مع مشاكله اليومية في العمل أو مع الأهل والأصدقاء.
وقالت: «قراراتي تؤثر عليه بشكل كبير، فأنا مقنعة في أغلب الأحيان، حتى أنني لا أقبل الاستسلام في أي أمر أريد تنفيذه، ولا أعجز عن إيجاد الحلول لكل ما يتعلق بحياتنا كأسرة. لذا أجده دائماَ يستسلم لرأيي حتى لو لم يقتنع، لأنه يعلم أنني سأعيد المحاولة مرة تلو المرة حتى يوافق، فيفضل الاستجابة حتى لا أعيد محاولاتي التي لا تنتهي».


سلطان مشيقح: طريقة إقناعها وتفصيلها للأمور تجعلها المؤثر الأكبر في قرارات حياتنا الزوجية

يرى سلطان مشيقح (موظف في القطاع الحكومي) أن الدراسة مقنعة جداً «وتنطبق على مجتمعنا. زوجتي تتحكم في كل أمور حياتي، وأنا سلّمتها مفاتيح هذه الأمور لأنني وجدتها تحكم عقلها وتفكر قبل اتخاذ أي قرار، وكل القرارات التي اتخذتها منذ زواجنا وحتى الآن لم تخطئ في أي منها. فزوجتي تفكر في كل صغيرة وكبيرة داخل المنزل وخارجه، وتضع الحلول لكل المشاكل التي تواجهنا. وطريقة إقناعها وتفصيلها للأمور تجعلها المؤثر الأكبر في قرارات حياتنا الزوجية، وأعتقد أنني لم أرفض في يوم فكرة لها حتى لا تستمر في محاولة الإقناع، فهي لا تستسلم قبل موافقتي على قراراتها، ولا أخجل من قول ذلك».


أم عبدالله: المرأة تعتبر منزل الزوجية مملكتها الخاصة وهي المتحكمة داخله

وتتفق أم عبدالله  مع هذه الدراسة موضحة أن معظم النساء في المجتمع السعودي يحرصن على التحكم في الحياة الزوجية منذ البداية، وأن يكون لهن القرار داخل المنزل، «لأن المرأة تعتبر منزل الزوجية مملكتها الخاصة، وهي المتحكمة داخله، فتبحث عن الطريقة المثلى لكسب ثقة زوجها ومحبته».
وأضافت: «يحرص معظم الأزواج على ترك القرارات داخل المنزل للزوجة، لأن هذا الأمر يزيد تحملها للمسؤوليات وإيجادها الحلول لكل المشكلات، ويعود سبب ذلك لإدراك المرأة وتحليلها التفاصيل الدقيقة والصغيرة، وبذلك تبحث عن النتائج بعد تحليل الأمور بالشكل السليم والمرضي لجميع الأطراف».


فاروق رضوان: تحكّم الزوجة في الحياة الزوجية حاصل بدون إدراك من الغالبية

أما فاروق رضوان (موظف في القطاع الخاص) فيقول:» ثلاثة أرباع نساء المجتمع السعودي يتحكمن في الحياة الزوجية وهن لا يدركن ذلك، فتحكم الزوجة في الحياة الزوجية حاصل بدون إدراك من الغالبية. وهذه الدراسة صحيحة ومطبقة منذ أجيال ، فللزوجة الكلمة النهائية داخل المنزل ومتطلباته وتربية الأبناء، فهذا ما نشأنا عليه».
ونوّه رضوان إلى أنّ الزوجة هي الآمر الناهي في المنزل وكلمتها مطاعة، وحين يرفض الزوج أمراً ما أو قراراً لها، يحدث «انقلاب» داخل المنزل ويتكدّر الجو ويؤثر هذا الأمر على جميع أفراد العائلة، حتى تحصل على ما تريد، فهي عمود المنزل، وعلى الزوج أن يسلّمها مفاتيح زمام الأمور لأنها ستتمكن من تحقيق الاستقرار للأسرة بأكملها. 


الرأي النفسي:

الحب والتفاهم والثقة المتبادلة بين الزوجين هي أكبر المؤثرات في تحكم المرأة في الحياة الزوجية
فهم المرأة طبيعة الرجل واحتياجاته مفتاح استقرار الحياة الزوجية وطريق للإمساك بزمام الأمور

 تتفق الدكتورة رزان ناظر، اختصاصية علاج نفسي اكلينيكي واستشارية في العلاقات الزوجية والأسرية، مع هذه الدراسة عالمياً، أما بالنسبة إلى المجتمع السعودي فالتقاليد والعادات يمكن أن يكون لها تأثير. تقول: «الحب والتفاهم والثقة المتبادلة بين الزوجين والثقافة العامة هي أكبر المؤثرات التي تمنح المرأة هذه السلطة وتحكّمها في الحياة الزوجية، أما المستوى التعليمي فلا يعتبر مؤثراً، بدليل أن النساء منذ القدم كنّ المتحكمات داخل منازلهن».
وأوضحت ناظر أن النساء «لديهن نظرة مختلفة عن الرجال، فنظرتهن مفصّلة ودقيقة ويمكن للمرأة التركيز على عدة أمور في وقت واحد. فقدرتها على التركيز ورؤية التفاصيل وجمع المعلومات تعطيها ميزة أكبر لمشاهدة الأمور وتحليلها بطريقة مختلفة وصحيحة في معظم الوقت. أما الرجل فيكون تركيزه على الأمور بصورة سريعة بدون تمييز التفاصيل، فتركيزه يكون على الفعل وردة الفعل والأمور العامة فهو يبحث عن النتائج والوصول إليها بأسهل الطرق».

أضافت: «لا تتبع  جميع الزوجات سياسة التعامل مع أزواجهن كأنهم أطفال، وهذه الميزة تتوافر لدى القليل من النساء المدركات للحياة الزوجية، فبعض النساء يتعاملن مع أزواجهن بطريقة الند للند وفي هذه الحالة قد تكثر المشاكل.
أما الزوجات اللواتي يتعاملن مع أزواجهن كأطفال فيتمكن من استيعاب وجهات النظر المختلفة، وعلى الزوجة أن تستمع إلى ما يقال كما تحب أن تُسمع حين تتحدث».

وشددت ناظر على أن فهم المرأة لطبيعة الرجل واحتياجاته، مفتاح استقرار الحياة الزوجية وطريق للإمساك بزمام الأمور. فالحب وحده لا يكفي الرجل، فهو يحتاج إلى الاحترام، والحاجة إلى التقدير حاجة إنسانية عامة، لكنها تزداد عند الرجل مع زوجته. لذلك فالمرأة التي تقدم الحب والاحترام والتقدير تتمكن من كسب قلب زوجها. وأشارت إلى أن المظهر الخارجي للرجل يوحي بالسيطرة، لكن شعور ضعف الثقة كثيراً ما يلازمه، ويدهمه الشعور بأنه غير كفء، يصاحبه عدم الأمان والقلق. وقد يكون هذا الشعور غير عقلاني وغير واقعي، وهذه الأفكار تدور حول كفاءته في العمل وكفاءته الزوجية، وكفاءته حول القدرة في أن يكون أباً ناجحاً، وهنا يجب على الزوجة أن تمارس الطمأنة والتحفيز. وقالت: «إن المنزل هو أهم مكان يشعر فيه الرجل بالاطمئنان، وهو المكان الذي يجب أن يخطئ فيه دون أن يقلق من أن كل خطأ مرصود ومحسوب. ويجب أن تكون الزوجة مكاناً للأسرار، فتساند الزوج في الأوقات الصعبة والحرجة، مثل الأزمات المالية وضغوط العمل».


الدراسة البرازيلية

أظهرت دراسة نشرها موقع «ياهو» Yahoo قامت بها باحثة برازيلية في العلوم النفسية تدعى كلاوديا بونتي، أنه على الرغم من الاختلافات بين الجنسين فإنّ المرأة قادرة بذكائها ومعرفتها الدقيقة بعقلية الرجل على أن تقوده بالطريقة التي تشاء في المنزل وفي كل تصرفاته.
واعتبرت الباحثة أنّه في استطاعة المرأة أن تعوّد زوجها على لغة تواصل واضحة حول المشاركة في الأعمال المنزلية. وأضافت أن أكثر من 70 في المئة من النساء يتحكمن بالقرارات في الحياة الزوجية، والمرأة إن لم تتخذ القرارات فإنها تحض الرجل على اتخاذها، فيعتقد الآخرون أنّ الرجل هو صاحب قرار ما، ولكن في الحقيقة من يقف وراء هذا أو ذلك القرار هي امرأة.

وبالعودة إلى الدراسة، فإن المرأة تهتم بتفاصيل الأمور أكثر من الرجل، وتعدّ هذه من الحقائق التي تجعل الرجل سهل الانقياد. فغياب التفاصيل عنه يجعله يعتقد أنها على حق، وينفّذ ما تريده. واعتبرت الباحثة أنه بإمكان المرأة قيادة الرجل بالطريقة التي تشاء، فالرجل طفل لا ينمو من حيث طيبة القلب، وهذا الوصف لا يعني أنه ضعيف، بل هو قوي عندما يعلم فقط أنّ المرأة تحبه وتحترمه.