قبرص الجزيرة السابحة...

قبرص, متحف ميتروبوليتان النيويوركي, الجزر / جزيرة, المقاهي, مهرجان المدينة

21 يونيو 2012

عند أقصى البحر الأبيض المتوسط تسبح جزيرة الأساطير قبرص، تخبر البحر أسرارها منذ آلاف السنين ليلفظها على رمال شطآنها في كل مرة يبهت سحرها.

إنها جزيرة أفروديت أسطورة الحب والجمال التي تكوّنت من زبد البحر، فاختارت الجزيرة مسرحاً تروي في كواليسه قصص العشق والجمال الذي يشبه الزبد في ذوبانه.

ولعلّ موقع قبرص بما تحتويه من أساطير جذب العديد من الشخصيات التاريخية، أمثال الاسكندر الكبير وكليوباترا وليوناردو دافنشي وغيرهم ممن كان لهم بصمة في التاريخ الانساني القديم والحديث.

والقادم إلى جزيرة قبرص يدهشه تصالح الماضي بتاريخه وأبهته، و الحاضر المنهمك بصخبه العصري مع جمال طبيعي يحمل في نسائمه همس الأساطير .

فيتآمر الزمان والمكان عليه ليأخذاه إلى عالم قبرصي فريد يجمع بين الشرق والغرب مشكّلاً ملتقى الحضارات على اختلافها.

تحتفظ قبرص بطبيعة خلابة تأخذ الألباب فيحار زائرها من أين يبدأ.
شواطئ رملية لؤلؤية تتألق تحت خيوط الشمس الذهبية وريف مضمخ بعطر شجر الصنوبر والسرو، وسهول رحبة تنتشر فيها حقول الكرمة والزيتون والحمضيات وتندس بينها معالم تاريخية تتسرب بين أروقتها نسائم تروي حكايات تثير الخيال.
يقال «الطبع يغلب التطبّع» وطبيعة قبرص وسمت سكّانها بالألفة. فأينما تجول في أحياء قبرص خصوصاً الأسواق الشعبية تجد الباعة يتجاذبون أطراف الحديث،أو تلتقي سيّدة مسنة فرشت بسطتها بأجمل أعمال الحياكة والتطريز تعرضها عليك بفخر لتقول لك باللغة الإنكليزية وبلكنة قبرصية إنها شغتلها بأناملها الرقيقة، فتبدو التجاعيد التي حفرها الزمن في جبينها ويديها خطوطاً رسمتها أفروديت الجميلة.

نيقوسيا العاصمة شاهد حي على آخر مدينة مقسّمة في العالم
في وسط قبرص تقع نيقوسيا العاصمة التي قسّمها الزمن الإنساني قسمين عبر الخط الأخضر الذي يشكّل خط التماس بين قبرص اليونانية وقبرص التركية.
تحول «الخط الأخضر» الذي يشطر المدينة القديمة شطرين إلى نقطة جذب للسياح نظراً إلى أنه يمثل شاهداً حياً على آخر مدينة مقسّمة في العالم.
وفي التاريخ أن العثمانيين حكموا جزيرة قبرص خلال ثلاثة قرون وبعد الحرب العالمية الأولى تحوّلت الجزيرة إلى إحدى مستعمرات بريطانيا الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.

برزت خلال ذلك حركة تدعو للانضمام إلى الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية ظهرت في مقابلها حركة تريد الانضواء تحت راية الحكم التركي فانقسمت البلاد قسمين، تركياً ويونانياً.
والخط الأخضر في نيقوسيا رمز هذا التقسيم.
زيارة نيقوسيا تبدأ من جنوبها الذي يضج بالمتاحف ففيه المتحف البلدي» ليفنتيوس» الذي يروي تاريخ المدينة منذ عصور ما قبل التاريخ المدوّن، ويقع المتحف البيزنطي إلى يمين قصر البطريركية الذي يحتوي على مجموعة أيقونات ولوحات فسيفسائية، تضم حديقة المتحف جداريات تعود إلى القرن الثامن عشر.

وتحوّلت بوّابة فاماغوستا التي كانت مدخل المدينة الرئيسي إلى مركز ثقافي. وتتجاور المطاعم تحت أقدام السور لتقدّم الأطباق القبرصية ومازاتها التي تغري الأعين قبل المعدة، فيتحوّل الجلوس في أحدها إلى متعة فريدة من نوعها.

أما في القسم الشمالي من المدينة فيعتبر ميدان أتاتورك عبوراً إلى الوجه الآخر من نيقوسيا.
تنطلق الطريق الرئيسية من الشمال باتجاه بوابة كيرينيا المنفتحة على كاتدرائية تعود إلى القرن السابع عشر، وعند أقصى البوابة يقع مسجد السليمية الذي يعتبر نموذجاً لفن الهندسة المعمارية القوطية، ويوجد في جنوب المنطقة حمام بويوك التركي.
قد تأخذ مدن قبرص الساحلية الزائر إلى عالم من المغامرات البحرية حيث يتبادل الموج والهواء لعبة المد والجزر اللامتناهي.
بيدا أن جبال ترودوس ترفعه إلى قمم شاهقة خضراء أعلاها قمّة جبل أولمبوس.
وأولمبوس القبرصي قد يشبه أولمبوس اليوناني في الاسم لكنه يختلف في الأسطورة.
فأولمبوس اليوناني وبحسب الأسطورة كان شعراء الإغريق يصعدون إليه كي يستوحوا منه قصائدهم، بينما الوقوف في أولمبوس القبرصي يجعل النفس تحلق في مشهد عز نظيره في العالم.
حقول كرمة تقف عند أقدام ترودوس تنافسها أحراج الصنوبر وصخور تنبثق منها زهور الخزامى، تراقب قرى ريفية اندست بين حقول الزيتون.
ولعلّ بلدة بلاتريس أكبر بلدات جبال ترودوس من أجمل المنتجعات الجبلية التي تمنح زوّارها فرصة الحصول على أعلى درجات الاسترخاء.
تشتهر البلدة بالمقاهي والمخابز والفنادق الصغيرة التي تغصّ بهواة التزلج الذين يقصدون أولمبوس لممارسة هوايتهم المفضلة خلال فصل الشتاء.