روحية 'اللوفت' لأريك جيزار...

أثاث, قاعة /صالة / غرفة طعام, ماجد المهندس, متحف ميتروبوليتان النيويوركي, الحديقة السرية , عروض باريس, عروض نيويورك, قاعة /صالة / غرفة نوم, الرفاهية المنزلية, ديكور عصري, طاولة, كنبة, مساحة الحرق / حروق, مياه معدنية, المطابخ, التراس, قاعة /صالة / غرف

06 ديسمبر 2011

هذه الشقة الواقعة في أحد مباني الدائرة السادسة عشرة الباريسية الراقية تبدو للوهلة الأولى وكأنها في طور الولادة. ولكن التدقيق في التفاصيل ومعاينتها يشيان بأن وراء هذا التنسيق المتميّز والمتفرّد، أسلوباً يؤسس لجيل جديد من عمل تتقاسمه التفاصيل المتّقنة الى حدّ المنمنمات.
والمظهر
البسيط الذي يمكن منحه هوية جمالية عالمية، فتنتفي معها الحدود، ويصبح من الصعب التكهّن بموقع الشقة، هل هي على ضفاف نهر هدسون في نيويورك أم هي على ضفاف نهر السين في قلب باريس؟ في هذه الشقة، يقترح المهندس الشاب أريك جيزار تعريفاً شخصياً للديكور.
ومنذ
أن نال جيزار لقب أفضل مصمّم لعام 2005 في باريس. وهو يشق طريقه في مجال التصميم والتنسيق الداخلي، بإحساس فني عال، تدعمه معرفة عميقة بالمواد، وهوس لا ينقطع بإضافة مفردات جديدة لقاموسه الجمالي - الوظيفي.

أول ما يلفت النظر في هذه الشقة المساحات التي تمّت المحافظة عليها دون أن تكون على حساب الأثاث، فبدت الأحجام أكثر وضوحاً.
ورغم طغيان اللون الداكن، لا يزال الضوء سيد المكان، يغمره من كل جانب، فيمنحه إشراقاً يضيف الى فضائه وضوحاً أكثر. ويختصر أريك جيزار هذه المسألة بعبارة مقتضبة فيقول: «أنا لا أحب الغموض».
والتنسيق الذي اعتمده المهندس الشاب أضفى على هذه الشقة روحية «اللوفت». ومما أضاف الى هذه الروحية صلابتها، أن المهندس الشاب لم يلجأ الى عملية التراكم، بل إعتمد البساطة في اختياره الأثاث الذي بدا مندمجاً الى أقصى الحدود بهيكل الشقة، وأضاف اليها صيغة العملية ولكنها عملية لا تنقصها الرفاهية.
فجاءت الخطوط النقية والصافية والمستقيمة، لترسم حدوداً لكل تفصيل من دون أن تؤثر صرامتها على نعومة الجو الذي أضفته على المكان.
هذه الخطوط الواضحة هي التي جعلت من هذه الشقة تبدو ضعفي مساحتها، وجعلت مساحاتها محدّدة الوظائف.
وبنظرة متفحصة على الصالون سنجد أنه يوفر أقصى درجات الراحة والاسترخاء بالإضافة الى مظهره الشاب والمضياف.
ففيه كنبة ربع دائرية جلدية تتناغم مع لون خشب الأرضية (الباركيه) تتيح للجالسين عليها التمتّع بمنظر التراس الخارجي والذي يبدو من خلال باب كبير وكأنه حديقة زاخرة بالخضرة والنباتات.
وفي الوقت نفسه تتيح هذه الكنبة الكبيرة التمتع بالمدفأة المدمجة بالحائط، وإلى جانبها عنصر إضاءة مودرن بديع التصميم.
وامتداد الحائط عند الباب المطل على التراس، أقام رفوفاً خشبية بلون داكن، تحمل إضاءة مدمجة، وتستخدم لعرض التحف أو الكتب.
والرف الأسفل اتخذ لون خشب أرضية الشقة (الباركيه) ويمكن الإستفادة منه بالإضافة الى خاصية العرض، بتحويله الى مقعد يتّسع لجلوس أكثر من خمسة أشخاص.
وتنتهي رفوف الجدار بعنصر أثاث يتبع لها، وهو على شكل خزائن معلّقة.. والمجموع من تصميم أريك جيزار. وفي مقابل جدار الرفوف وضعت كنبة جلدية سوداء من طراز الأندية الإنكليزية، ولكنها بتصميم حديث.
ويتاح للجالسين عليها مشاهدة برامج التلفزيون من خلال شاشة مسطحة معلّقة بين الرفوف.
لقد نجح أريك جيزار مرة جديدة في مزاوجة المعدن والخشب في هذه الشقة الأنيقة.
ينتهي امتداد مساحة الصالون بالمطبخ وغرفة الطعام. ولم ينجح جيزار في دمج المطبخ بغرفة الطعام فحسب ولكن بالصالون أيضاً وبطريقة جمالية ووظيفية بديعة. فبدا المطبخ بخشبه الداكن اللون وكأنه امتداد لأثاث الصالون المعلّق.
ومن ناحية ثانية، بدا وكأنه تتمّة منطقية وجمالية لغرفة الطعام، التي تتوسطها طاولة خشبية مستطيلة الشكل بقوائم معدنية، تحيط بها كراسٍ خشبية بقوائم معدنية أيضاً.

وعلى طول الجدار الى جانب طاولة الطعام ابتكر رف خشبي بلون الحائط الأبيض، فبدا في غاية النعومة بقائمته المفردة والتي أضافت إليه فرادة وغرابة، وفوق طاولة الطعام عنصر إضاءة عصري بخطوط هندسية تتناغم مع كل خطوط الأثاث في الشقة كلها. وهي جميعها من تصميم جيزار.
المطبخ يطلّ على الصالون عبر جزء تتقدّمه كراسي ركن، على نسق المطابخ الأميركية المفتوحة.

ويطلّ من جهة ثانية على طاولة الطعام ككل المطابخ التقليدية، غير أن محتوياته المدمجة كلياً، لا تمنحه طابع المطبخ العادي، بقدر ما تظهره وكأنه امتداد جمالي لفضاءي غرفتي الطعام والصالون.

بين الصالون وغرفة الطعام والمطبخ وغرفة النوم، مساحة تلعب دور الموزع بين الفضاءين وكذلك ترتبط بغرفة الضيوف التي تقع في الدور الأسفل، عبر سلّم خشبي يكاد لا يظهر.
وقد تم تأثيثها بصوفا جلدية حديثة من تصميم جيزار تعلوها لوحة كبيرة، بينما خلت المساحة من أي عنصر آخر للأثاث، حيث يمكن من خلال باب فيه الوصول الى غرفة النوم التي يشكل مدخلها غرفة للملابس بالغة الأناقة، تغطي خزائنها الخشبية الداكنة والمدمجة جدرانها، وتقود الى غرفة نوم بسيطة وأنيقة ولا تختلف بخطوطها عن بقية عناصر الشقة.

ويتوسط الغرفة سرير عملي أنيق يتصل بأثاث خشبي معلّق يشكل امتداداً لأثاث غرفة الملابس. ويوفر إضاءة مخفية للسرير الذي تحيطه طاولتان منخفضتان (كومود) تعلوهما بعض الكتب.
على الجدار المقابل تم إبتكار أثاث خشبي يستخدم كرف لعرض التحف، ومزود أدراجاً مخفية.

تعلوه شاشة تلفزيون مسطحة ومعلقة فوقه على الجدار. ورغم بساطة مظهر هذه الغرفة، فإنها توفر رفاهية بالغة، تبدو معها وكأنها غرفة نوم في «سويت» فخم لفندق خمسة نجوم.

ولا تختلف غرفة الحمام عن بقية الأشياء في هذه الشقة، فهي تقدم مساحة مفتوحة فيها مغاسل واسعة ومغطس كبير. والحمام غطيت جدرانه المحيطة بالمغطس.
ببلاط صغير داكن اللون يحيلنا الى لون الأثاث الجلدي في بقية الشقة، بينما المغسلة التي تعلوها مرآة كبيرة على مساحة الجدار فوقها، تم تزويدها من الجهة السفلى أثاثاً خشبياً هو امتداد لأثاث الصالون والمطبخ.

أما المواد والخطوط والألوان، بالإضافة الى زاوية خاصة بالدوش، تشكل امتداداً طبيعياً لزاوية المغطس.

بينما تم تجهيز حمام الضيوف بمغسلة مستديرة، حديثة التصميم ومضيئة بلونها الأبيض وخشبها الفاتح. وقد خصصت زاوية للدوش تمت تغطية جدرانها ببلاط فسفوري لامع وعاكس للضوء، فأضفت جواً مرحاً وأخاذاً على الفضاء المحيط.

ولا يمكن مغادرة الشقة دون زيارة سريعة للتراس الذي يقدم مساحة خضراء من خلال أحواض كبيرة، لنباتات منسّقة بعناية وأرضية من الخشب «الباركيه»، ويوفر الإطلالة على منظر خلاب للمدينة.
ويتحول هذا التراس في أيام الصحو الى مساحة رائعة لتمضية سهرة هادئة أو لاستقبال الأصدقاء حول مائدة سخية.