الفتاة الثلاثينية العربية والزواج
عمل المرأة, العانس والمجتمع, عادات وتقاليد, جائزة الأسرة العربية, نجاح المرأة, المهرجان القومي للمسرح المصري, سن الزواج, مواقع الزواج الإلكتروني, زواج مبكر, مريم عبد العزيز, ربّ العمل, الاستقلال الذاتي, شهادة جامعية, ضغط نفسي, تأخر سن الزواج, الدراسة
25 نوفمبر 2009 لامني المحيط على فسخ الخطوبة لأنني في سن لا تحتمل رفض الزواج أو تأجيله
سارة أيضاً (٢٤ عاماً) شابة لبنانية تدرس إدارة الأعمال في إحدى جامعات لبنان. تبدو على مظهرها ملامح العصر المتمثّل بسروال الجينز الضيق وسترتها الفاخرة والبسيطة وأكسسوارها الصاخب وحذائها العالي الكعب وطلاء أظافرها الجريء.
تقول سارة: «لقد إنفصلت أخيراً عن خطيبي الذي تقّدم بطلب يدي بعد شهرين من التعارف عبر صديقة مشتركة، ومن ثم تواصلنا عبر الهاتف والإنترنت، فهو مقيم في الإمارات العربية حيث يعمل موظفاً في مجال التسويق براتب مغرٍ. لقد لامني المحيط على فسخ الخطوبة لأنني في سن لا تحتمل رفض الزواج وتأجيله.
لا أنكر أن خطيبي السابق إنسان ذو مواصفات مثالية لكنه يريد سلبي حقوقي في ممارسة حياتي المهنية وإبقائي في المنزل، وهذا ما أعارضه بشدّة. فأنا أحمل أيضاً شهادة أخرى في الأدب الإنكليزي لكنه لم يتفهّم حاجتي إلى إثبات وجودي كإمرأة غير أمّية رغم أننا ناقشنا هذا الأمر قبل إتمام الخطوبة. اليوم أتطلّع إلى تأسيس مستقبل مهني ناجح ولا أكترث لأمر الإرتباط العاجل. فالزواج الناجح قد يحصل في الثلاثين وما بعدها.
كما أنني لا أُنصت إلى ثرثرة المجتمع والأقرباء. أنا فتاة متعلّمة وأوازي الرجل في حقوقه ولم أتابع تحصيلي العلمي للحصول على شهادة أضعها في درج، وفي الوقت نفسه أعي مسؤوليتي في المستقبل كامرأة متزوجة وأم. الحياة تبدّلت وعلى الرجل تقبّل ذلك».
تغيَّر العالم فتغيَّرت نظرة الفتاة الى الزواج
ومن السعودية، أشارت رانية فواز البدر العاملة في مجال التعليم أن مشكلة تقدم سن الزواج لا تعاني منها فقط السعودية بل تشترك كل الدول العربية في هذا الطور العمري لدى النساء. وقالت: «لم تعد الحياة هي ذاتها التي كانت في السابق حين كانت الفتاة تقبع في منزلها تنتظر ابن الحلال ويدفعها والداها الى الاقباط بأول عريس يطرق الباب.
فقد تغير العصر بما جعل الأيام تمر بصورة سريعة مما أفقد عامل الزمن أهميته وبالتالي لم تعد المرأة تتوقف كثيرا عند سنها، لأن هناك كثيراً من المتطلبات الجديدة التي دخلت على حياتها، ومن أولها التعليم الذي أصبح يستهلك كثيراً من وقتها. إضافة إلى خروجها للعمل سواء كانت متزوجة.أو لا لضمان مستوى مادي جيد».
وأكدت أن التنازلات لم يعد لها مكان في حياة الأنثى التي تبحث عن شريك الحياة الذي سيلازمها بقية عمرها. رأت أن نظرة المجتمع آخذة بالتغير حيال من تجاوزن الثلاثين لتخرج البنت من لقب العانس الى المكافحة.
تضيف رانية: «لعل أكثر من يشعر بالقلق في تأخر زواج الفتاة هما الأب والأم خصوصاً عندما تتزوج بنات العائلة الواحدة تلو الأخرى. من هنا تأتي كلمة التنازلات حيث تصبح الأم هي التي تمتلك شغف زواج ابنتها حتى يكون لها حفدة، وأيضا من منطق السترة، ولكن تبقى للبنت أهداف في زواجها تحاول تحقيقها من باب التكافؤ بينها وبين الشخص الذي ستشاركه قراراته وحياته».
وخلصت الى أن الزواج «في نهاية المطاف قسمة ونصيب، وقديما قالوا الزواج كالبطيخة إما حمراء أو... وهذا لا دخل له بسن الفتاة إن كانت في العشرين أو حتى تجاوزت الأربعين».
لا داعي للعجلة
أما أم بسام التي آثرت أن يكتب اسمها بهذه الطريقة لها قصة مختلفة، فقد كانت لها تجربة سابقة حين تزوجت صغيرة السن إلا أنها لم توفق في حياتها الزوجية، مما جعلها تعيد حساباتها أكثر من مرة عند كل طارق يطرق بابها لخطبة. وحاليا أم بسام تجاوزت الثلاثين من العمر إلا أنها تؤكد أنها لا تزال تأخذ وقتها عندما يطلب رجل ودها لأن تجربتها السابقة لن تتكرر.
وقالت: «بعد انفصالي قررت العودة إلى المقاعد الدراسية واستكمال دراستي الجامعية، وحالياً أحمل درجة الماجستير، وأعمل في وظيفة جيدة، وأطمح الى الأفضل. كل هذه الفروقات جعلت لتفكيري منطقياً مختلفاً، ولا أحسب أن هذا النضج في التفكير يولّد تنازلاً في المرحلة الحالية عن التكافؤ بيني وبين رفيق الحياة».
وتشدد أم بسام على مسألة التكافؤ في كل المجالات، خصوصاً العقلية منها والعائلية، «فلا اعتقد أنه يمكن التنازل عن الثقافة بعد هذه المرحلة العمرية من الحياة، ولا التكافؤ بين الأنساب، إضافة إلى الحالة المادية الجيدة ولا أقول الخارقة لأن الفتاة بطبعها تتطلع الى الرجل كونه يفوقها في كل شيء فما بالك إن كانت تمتلك الآن كثيراً من المقومات الفكرية التي تجعلها تستطيع الحكم على الأمور بطريقة أفضل وأوضح».
وأكدت أن تجربتها السابقة جعلتها أكثر حرصا من السابق على انتقاء الرجل المناسب لتعيش معه حياة متناسقة ومتناسبة وسعيدة.
غلاء المهور يحول بين الفتاة والزواج المبكِّر
من الإمارات ترى أمل الوهابي التي تعمل في احدي المؤسسات الحكومية أن الزواج «قضاء وقدر» ولا يمكن لأي شخص أن يتحكم في ذلك، فهناك زواج مبكر وآخر متأخر لكن يبقى لكل فرد نصيبه في هذه الحياة.
وعلى حد قولها: «لا يمكن الجزم بأن الإنسان هو الذي يتحكم في زواجه المبكر أو المتأخر، وأعتقد بان اللوم يقع على أولياء الأمور والأسرة أيضاً، حيث تقف حاجزا دون زواج الفتاة بمن تريد بدعوى عدم توفر العريس المناسب، أو التمسك بالمهر الذي لا يستطيع العريس توفيره، حيث تعتبر غلاء المهور من الأسباب الحقيقة لبروز ظاهرة تأخر زواج الفتاة، وترى أن الزواج هو نصيب وأي إنسان سينال من هذه الدنيا حظه، فهناك الكثير من الفتيات يتزوجن في سن مبكرة وأخريات في سن متأخرة، ولكن يبقى الإيمان بالقضاء والقدر مطلوب لأجل محاربة الإحباط واليأس».
استقلال المرأة المادي يحرِّرها من الزواج غير المرغوب
وتعتقد أمل الخاطري التي تعمل في احدي المؤسسات الصحية أن المسؤولية تقع على أولياء الأمور والعادات والتقاليد ورغبة الفتاة في استكمال تعاليمها وكلها من الأسباب التي تجعلها تتأخر في الاقتران بشريك، فالتعليم يجعل الفتاة أكثر نضجا وأكثر تفتحا، حيث أضحت تختار شريك حياتها على أساس علمي في أناة ودقة. ولكن قد يفوتها قطار الزواج وهي تفكر في عريس المستقبل.
وترى أمل التي لم تتزوج بعد أن عمل المرأة منحها الاستقلال المادي، الذي يؤمن مستقبلها ويشعرها بالأمان بعدأن كان الرجل وحده مصدر الأمن عندها، وهذه الأسباب وغيرها ربما تكون من الأسباب التي تقف حجر عثرة أمام قبول الزواج في سن مبكرة، وفي الأغلب لا تندم الفتاة على ما فات، إلا إذا كانت هناك فرصة كبيرة لم تنتهزها بسبب ظروف قاهرة، وفي النهاية كله نصيب في هذه الحياة ولكن أحيانا لا ينفع الندم.
التعليم على حساب الزواج
أمل الهياس ترى أن الزواج قسمة ونصيب، وعقدة النظر إلى الفتاة الثلاثينية بدأت تزول من تفكير العديد من الشبان الذين يحبذون الفتاة المتعلمة. ولكن بعض أولياء الأمور لا يهتمون بذلك، وهم من يتحمل تأخير زواج الفتاة لأنهم يريدون العريس من عائلة معروفة ويقدم المهر الكبير، وهذا بحد ذاته يكلف البنت الشيء الكثير، وترى الهياس أن التعليم قد أخد قسطاً من الأسباب التي تقف أمام اختيار الفتاة للعريس المناسب، فهي لا تستطيع التضحية بتعليمها من اجل الزواج.
المسألة الوحيدة التي أندم عليها هي التباعُد في السن بيني وبين ابني في المستقبل
حنان جمعوي لبنانية في الثالثة والثلاثين من عمرها تعمل منذ أربع سنوات في جريدة «السفير» اللبنانية. لم تلتقِ بعد شريك الحياة الذي لم يشكّل غيابه أي قلق لديها رغم ما تخشاه من تبعات الزواج غير المبكر الذي سيحول دون تمتين علاقتها بطفلها المستقبلي.
تقول حنان: «باتت النظرة إلى الرجل أكثر تعقيداً وصعوبة وتدقيقاً بعد أن مررت بتجربة فاشلة ألحقت بي الأذى وأصابتني بحالة إكتئاب لمدة سنتين، لكنني تخطيتها رغم كونها منعطفاً صعّب عليّ الأمور وقرار الإرتباط. لقد ولّت أحلام إبنة العشرين وحطّ طموحي الشخصي على الأرض، كما أدركت أن المرأة أكثر ذكاءً من الرجل بمراحل وأكثر ديبلوماسية وتخطيطاً وتلقائية أيضاً.
بكل بساطة، لم أعثر على الرجل الذي يستحقني ولست قلقة من السنوات التي تمر دون الإرتباط، لكنني في المقابل بتّ أتغاضى عن بعض المعايير السطحية وأبحث عن الرجل الأربعيني المسؤول. لم أعانِ من نظرة المجتمع لأن محيطي يشبهني إلى حدّ كبير كما أن أهلي قدريّون، لكن هذا لا يمنع الغصّة التي تشعر بها والدتي كلّما تلقت دعوة إلى زفاف وتمنّت أن أكون أنا العروس، رغم ذلك تفضّل أن أكون مستقلة ودون رجل على أن أحيا مع شريك يجلب لي التعاسة.
نظرة المجتمع إلى الفتاة بعد الثلاثين مربكة للبعض وبشعة، لكنني أبدو أصغر من سني الفعلية ولا أخجل من كوني عزباء في الثالثة والثلاثين رغم أن سؤالاً عما إذا أنا متزوجة أم لا بديهي لكنه يحرج البعض. أنا الإبنة الوسطى بين أشقائي، أختي الكبرى متزوجة والصغرى تتزوج قريباً وشقيقي مازال في الثامنة عشرة من عمره. لا تشكّل حياتي وواقعي قضية العائلة لأنني إمرأة مسؤولة.
المسألة الوحيدة التي أندم عليها هي أن فرصة قربي من أبني المستقبلي ستتقلّص حتماً لأنني سأكون تجاوزت عقدي الخامس حين يبلغ العشرين، وأدرك جيداً ذلك من طبيعة العلاقة بين شقيقي الصغير المراهق ووالدتي (58 عاماً). أنصح الفتاة العزباء التي في سن الزواج ألاّ تيأس بل تتصالح مع نفسها، فأنا أمتلك اليوم منزلاً إشتريته بالتقسيط ولم أنتظر الرجل لترتيب أموري وحياتي.
عليها أن تعيش يومياتها بسلام وتعتبر وجود الرجل إضافة في حياتها لا عموداً فقرياً لا تستطيع أن تحيا دونه أو تشعر بالضعف في غيابه.
خطبت أربع مرات والمشكلة في الضغوط النفسية
شيماء فايد مرشدة سياحية تبلغ من العمر ٣٢ عاماً. تقول: «أرفض لقب عانس فكلمة عانس تعني أنه لا يوجد عرسان يتقدمون لخطبة هذه الفتاة، والوضع تغير الآن فأصبحت الفتاة تختار بإرادتها أن يتأخر بها قطار الزواج لسبب أو آخر. أنا شخصياً لم أفرض شروطاً تعسفية لمواصفات الزوج بل على العكس كل طلباتي في حدود المعقول وشروطي متواضعة للغاية، فأنا أطلب الاستقرار النفسي لذا أبحث عن رجل يحبني ويحترمني وأجد عنده الأمان من غدر الزمن.
وقد خُطبت أربع مرات وفي كل مرة كنت أجعل فترة الخطبة طويلة نوعاً ما لنتعرف على طباع بعضنا. وعندما كنا نتصادم ننفصل في الحال وتصيبني حالة من الإحباط وأخوض تجربة جديدة... وللأسف لم أعثر على ما يناسبني حتى الآن علماً بأنني فتاة مقبولة شكلاً وناجحة جداً في عملي كمرشدة سياحية ولديّ مستوى اجتماعي راقٍ.
وأحياناً أتغاضى وأوافق على عريس أصغر مني سناً أو مطلّق ولديه أطفال، رغم انه لم يسبق لي الزواج. ويفشل أيضاً الارتباط. لقد سئمت من تعدد الارتباطات وينتابني أحياناً شعور بأنني لن أتزوج رغم أن أصدقائي يدعمونني نفسياً ويقولون انه لا يبدو عليّ الكبر خاصة أنني رشيقة وأهتم بملابسي وشكلي لأنني أعمل في مجال السياحة.
لكن أبي وأمي يضغطان عليّ ولذلك أحياناً أسعى بنفسي لإيجاد شريك العمر من خلال مواقع الزواج التي لا أقتنع بها على الإطلاق لكنني أخاطر للتخلص من الضغوط النفسية لأبويّ، وكأنني الوحيدة التي تعدت الثلاثين ولم تتزوج وأنها ليست مشكلة مليون بنت في الوطن العربي. وأنا اقتنعت بأن الزواج قسمة ونصيب وليس لي دخل في أمر زواجي على الإطلاق، فتوكلت على الله وقررت أن أركز على العمل وأبذل قصارى جهدي وابتعد عن المنزل أطول فترة ممكنة حتى أقابل نصيبي وأتزوج».
لم أندم على أي فرصة زواج فاتتني
رغم تقاليد المجتمع الشرقي التي تصم الفتاة الثلاثينية بالعنوسة فإن سهير عثمان (٣٠ عاماً) مدرسة الصحافة في كلية الإعلام تعيش أحلى فترات حياتها، كما تقول. وتضيف: «رغم خضوع المجتمع لعادات وتقاليد تجعله يطلق صفة «عانس» على المتأخرة في الزواج فإنه أصبح من العادي تأخر الفتاة المتعلمة في سن الزواج. وأنا أعيش أحلى فترات حياتي بعد وصولي الى الثلاثين ومستمتعة بتكوين نفسي، فهذا أفضل لي من الحياة مع الشخص الخطأ».
تكمل سهير: «كانت أمامي عروض زواج مختلفة لكنها لم تكن متماشية مع فكري، المشكلة الحقيقية أن العمل والاختلاط بأنواع مختلفة من البشر يطوران الشخصية ويجعلان الإنسان لمّاحاً ودقيق الملاحظة، وبالتالي كنت ألاحظ عيوباً مختلفة في كل عريس، منها البخل، ضعف الشخصية، الغيرة وعدم الثقة بالنفس.
لن أرضى بعيوب أي رجل لمجرد حاجتي الى تكوين أسرة، بل يجب أن أكون مقتنعة به، خصوصاً أنه يعلم مكانتي في الجامعة. وللأسف غالبية الرجال رغم مستواهم الثقافي والفكري العالي كارهون لنجاح المرأة على المستوى العملي أثناء الزواج، وكارهون لأن تكون حاصلة على الدكتوراه. وحتى في تقدم لي من زملائي أساتذة الجامعة يكرسون النظرة الدونية الى المرأة مقتنعين بأن المرأة مكانها الوحيد هو المنزل ولا داعي للدكتوراه».
وعن مواصفات زوج المستقبل وهل تغيرت بعد وصولها الى الثلاثين تقول سهير: «أبحث عن إنسان قريب مني، متفهم لا يكره نجاح زوجته ومؤمن بأنه عندما تكون زوجته دكتورة في الجامعة سيكون ذلك أفيد لأولاده في التربية ، لذلك لم أندم على أي فرصة ارتباط فاتتني، ولكنني نادمة حقاً على تجربة خطوبة سابقة أضعت فيها عامين من عمري مع شخص لم يكن يستحق أكثر من 24 ساعة وتسبب بتأخري في الدراسة. وأنا مازلت أنتظر الزوج الصالح ولا أشترط أن يكون طبيباً أو مهندساً أو أن يكون ذا مؤهل عالٍ، والأهم ألا يغار من نجاحي ويكون متوازناً نفسياً ويعطيني دفعاً وقوة».
فرصة أهمّ لاختيار زوج المستقبل
مريم عبد العزيز المديرة التنفيذية لخدمات العملاء و العلاقات الإعلامية في شركة علاقات عامة في السعودية أوضحت أن الخبرات الحياتية التي تكتسبها الفتاة تجعل عقليتها مختلفة عما كانت عليه سابقاً. تقول: «تتغير الشخصية، وتتبلور بعد انقضاء سن العشرين والوقوف على أعتاب الثلاثين من العمر، فيصبح الطموح أكبر، والتخطيط للمستقبل أعمق وأوضح وتشكل الخبرات الحياتية التي تمر بالإنسان على المستويات المهني والعائلي والاجتماعي وحتى الشخصي حيزاً كبيراً من معتقداته وطريقة حياته».
وفسرت هذا الاختلاف بأن الثلاثين هي سن النضج لكلا الجنسين بحيث يختلف أسلوب التفكير والاهتمامات، إضافة إلى أن هناك كثيراً من الأساليب لا تناسب إلا من هم في سن العشرين.
وتضيف مريم: «هذا التحول في الشخصية، والخبرات هو ما يشكل طريقة التفكير المختلفة في شريك الحياة، ونقر بأن الزواج في النهاية هو قسمة ونصيب، وأرفض كلمة تنازلات في سياق الزواج لأن اختيار شريك الحياة لا يتطلب التنازل، بل التفهم والتكافوء».
ولفتت الى أن فكرة تضاؤل فرصة زواج الفتاة بعد الثلاثين غير صحيحة، ولم تعد فتاة الثلاثين تحمل لقب عانس لأن الرجل لم يعد ذلك الشاب الذي يفكر في الارتباط في سن صغيرة كما في السابق.
وتقر مريم أن التطلعات تختلف تماما لدى الفتاة ما بين العشرين والثلاثين ولكنها لا تصنف تحت مسمى التنازل، قائلة: «في العشرين من العمر تكون البنت أكثر توقاً إلى الزواج لأنها تريد الخروج من منزل والديها للافلات من تحت سيطرتهما. وهي تفكر أيضاً في الرومنسية ولديها الحلم الوردي والفارس الذي يمتطي الحصان الأبيض. هذه النظرة تتطور لدى الشابة يوماً بعد يوم لتصير أكثر واقعية خصوصا بعد أن تكون خرجت إلى مضمار العمل واحتكت بكثير من الثقافات والأشخاص من عقليات متنوعة، مما يعطيها فرصة أعمق لاختيار زوج المستقبل».
المشكلة اقتصادية
أما ريما طه التي تعمل في احدى المؤسسات السياحية- لم تتزوج بعد- وهي تنتظر الزواج المناسب، فتعتقد أن الأعباء الاقتصادية كثيرة على الشاب والشابة، فبعد التخرج والعمل لا تكفي قدرتهما المالية لتكوين أسرة.
كما أن خروج البنت للعمل والاستقلال الاقتصادي، جعلها تؤخر الزواج، فلا تتزوج لمجرد الارتباط أو استكمالاً للشكل الاجتماعي. وقد تقبل المجتمع هذه الظاهرة، وبدأ يتأقلم معها، حتى كادت تصبح واقعاً. واليوم يريد الشاب فتاة حاصلة على شهادة جامعية، ولا يهتم بسنها حيث أن النظرة إلي الفتاة الثلاثينية قد انتهت من القاموس، وأصبح الزوج يقبل الفتاة في هذه السن.
وترى أن نظرة المجتمع قد تطورت تجاه الفتاة التي لم تتزوج، فقد كان دور المرأة الأساسي في الماضي هو الزواج والإنجاب.أما الآن فأصبح لها دور آخر يواكب الزوج ويوازيه.
الدراسة والعمل ثم الزواج
شيخة مزود من الامارات أيضاً، ترحب بفكرة الزواج المبكر، وتعتقد أن تعليم الفتاة قد يشغل وقتها وتفكيرها، وبذلك تتقدم في العمر، ولكن مهما كانت الأمور فهي تنتظر نصيبها، وترى أن العادات والتقاليد والمهور ورفض الأهل في بعض الأحيان للعريس المتقدم قد يدخل الفتاة في صراع من اجل القبول، ولكن نجد أن الأمور لا تسير بالشكل التي تريده، فالزواج عقد بين اثنين لتكوين نواة المجتمع، وهي الأسرة والتي تعتبر عماد المجتمع، ولكن لوحظ في الفترة الأخيرة ارتفاع في معدل سن الزواج لدى البنات بسبب التعليم، فاليوم تحرص الفتيات على التعليم على حساب التفكير في الزواج، لأنه يعطيها قيمة وضماناً اجتماعيّاً.
ثم يأتي بعده العمل، ثم بعد ذلك تفكر في الزواج، وبين هذا وذاك ربما تضيع الفرصة المناسبة، وتتأخر الفتاة عن سن الزواج وتدخل في الثلاثينات من عمرها، ولكن يبقى القدر والنصيب يتحكمان في المستقبل.
جاهزة للعريس
سهير محمد التي انتهت من دراستها الجامعية في شعبة الفنون تعتبر نفسها جاهزة للعريس، ولكن قد يتعثر حظها نظراً لرغبتها استكمال دراستها وانتظارا للزوج المناسب، ولذلك تتريث في الاختيار، ولا تهتم بتقدم السن.
وتعتقد أن كثرة التلاقي بين الشبان والشابات قلّل من التفكير في الزواج. ولم تعد فكرة الزواج هي الفكرة الأولى التي تسيطر عليهما، مما أخر سن الزواج، ولكن مهما كانت الأسباب يظل التفكير في الزواج هو الشغل الشاغل للفتاة، وكثرة التفكير في مواصفات عريس المستقبل قد تضيع الفرصة منها، وتصبح على مر السنين غير مرغوبة في نظر الكثير من الشبان الذين يفضلون العروس صغيرة في السن ولا تعمل أيضاً، بينما هذا لا ينطبق على المتعلمات اللواتي يفضلن العمل قبل الزواج.
كلما تقدَّم بي العمر أتنازل عن بعض الشروط في زوج المستقبل
مها صلاح محامية تبلغ من العمر ٣٥ عاماً تروي تجربتها قائلة: «أنا مؤمنة بمقولة جدتي رحمها الله «البنت جوهرة في علبتها حتى يأتي من يعرف قيمتها». لذا لن أشعر بالندم اذا مرت السنون ولم أتزوج اذا لم أجد الشخص الذي يناسبني ويتفق معي.
وأنا شخصياً لي بعض الشروط التي يراها بعض أصدقائي والمقربين مني تعسفية بعض الشيء، فأولاً يجب أن يكون هناك تكافؤ بيننا في المستوى الاجتماعي والمؤهل التعليمي والثقافة. كما أن لي متطلبات معينة خاصة بمهنته، فمن المهم ان يكون في وظيفه مرموقة كأن يكون دكتوراً أو مهندساً أو قاضياً وليس محامياً لأنني أكره الزواج من زملاء المهنة الواحدة. وأرفض أيضاً الإقامة في بيت عائلة أو مع أمه وإخوته.
ويجب أن يكون مقتدراً مادياً ويستطيع أن يغطي جميع نفقاتي خاصة أنني أدمن «الشوبنغ» كل يوم... وبالتأكيد أواجه حرباً من الأهل والأصدقاء الذين يتفننون في استفزازي الى درجة أنني قاطعتهم جميعاً لمحاولاتهم دفعي الى الزواج بأي طريقة. فأنا لا أقدم على أي خطبة وأخشى أن يدخل عريس البيت ونجلس معاً ونتسامر ونخرج معاً وفجأة ننفصل وتنطلق الأقاويل والشائعات والنميمة المتعارف عليها في البيوت المصرية، خاصة أنني متحفظة ولا أفضل الاختلاط بالناس. ولا شك عندما يتقدم بي العمر افكر في التراجع عن بعض الشروط لأكون أكثر مرونة حتى اتزوج واستقر بعدما مللت طبيعة الحياة الروتينية، فكل يوم البرنامج نفسه والذهاب الى العمل، وسئمت الاشخاص الذين أقيم معهم وحفظت وجوههم ويتحكمون في حريتي وحياتي.
ولكن كلما تقابلت مع رجل من خلال العمل وأعجبني في البداية أكتشف فيه صفات لا تطاق وتستحيل الحياة معه من الأساس، كالبخل والغيرة العمياء والشك المتواصل بداعٍ ودون داعٍ. وأحياناً ينتابنى شعور بأنني مخطئة في أفكاري وأنني معقدة. وعندما أتقابل صدفة مع زملاء الدراسة في الجامعة والمدرسة الأصغر مني وقد تزوجوا وأنجبوا ويسألونني عن الزواج أشعر بالضيق والحزن.
وعموماً أنا مقتنعة بأن الزواج هو مشروع العمر فلابد من دراسة جدوى له كأي مشروع من كل الجوانب، وقد يستغرق ذلك وقتاً طويلاً، لكن لا بأس اذا كنت سأجد في النهاية الرجل الذي أحلم به».
أعترف أنني أدفع ثمن غرور الصبا
رولا (٣٦ عاماً) فتاة لبنانية جميلة نشأت في أسرة لم تحجب عنها أي طلب. هي المدلّلة وآخر العنقود التي رفضت الكثير من طلبات الزواج، فهي «الجميلة والأنيقة التي ستجد فارس أحلامها حتماً دون عناء وإن تأخر الإرتباط». تعيش في منزل فخم مع والديها بعدما تزوّج كل أشقائها وحتى شقيقاتها اللواتي تزيدهنّ جمالاً وعلماً، فهي مجازة في الإقتصاد وأنهت أخيراً شهادة الماجستير. تمضي أوقاتها مع الصديقات وفي المهنة.
تقول رولا: «أعترف أنني كنت أنانية في طموح الإرتباط برجل الأحلام الذي لم يأتِ بعد لأنني كنت أملك كل سبل حياة الرفاهية ولا أحتاج إلى الرجل المعيل بل إلى شريك حياة بكل معنى الكلمة، يحترم خصوصية حياتي كامرأة مثقفة وعاملة ومستقلة وتنتمي إلى عائلة ميسورة. لكنني أدركت حين بلغت التاسعة والعشرين أنني جازفت كثيراً وأن قرار الإنتقال إلى حياة الشراكة يتطلب التخلّي عن بعض إمتيازات حياة العزوبية وتقديم تنازلات لصالح تمتين العلاقة مع الشريك.
أدركت متأخرة أهمية الأمومة المبكرة، ولا أقصد أن أصبح أماً دون العشرين أو حتى الثالثة والعشرين. وأعترف أنني أدفع ثمن غرور الصبا ووقد أخفض سقف متطلباتي من الشريك. فأنا اليوم في حاجة إلى الرجل التي يمدّني بالعاطفة التي كنت أسخر منها منذ سنوات ورفضتها، وأنا أنتظر الشخص المناسب بمفهوم آخر لبناء حياة بسيطة وتكوين أسرة تملأ حياتي.
أندم كثيراً على الفرص الذهبية التي ضاعت مني، فالفتاة اللبنانية بعد تجاوز عقدها الثالث وخصوصاً في الريف تفقد حظوظها في الزواج من رجل بلا ماضٍ، أي مطلّق أو أرمل أو حتى وضعه المادي غير ميسور. وأظنني سأقبل الزواج من أي منهم اليوم إذا توافرت فيه مواصفات الرجل المحترم».