جرائم اغتصاب الأطفال

كأس دبي العالمي, قضية / قضايا الطفل / الأطفال, إعدام, جرائم, المخدرات, الإمارات العربية المتحدة, الإعتداء الجنسي, تحرّش جنسي, النيابة العامة, إغتصاب, أمراض نفسية, عيد الأضحى, حالات التحرّش, شرطة دبي, حمام مسجد, المجتمع الإماراتي, العميد خليل إبراهيم

08 فبراير 2010

أربع جرائم اغتصاب لأطفال خلال شهر واحد أثارت استياء المجتمع الإماراتي والأجهزة الأمنية والنيابة التي طالبت بالإعدام لمرتكبيها في محاكمة علنية، ولعل أبرزها اختطاف طفل باكستاني من أمام مسجد أثناء صلاة عيد الأضحى المبارك، واغتصابه في حمام المسجد نفسه قبل قتله. وقد انفردت «لها» بنشر تفاصيل الجريمة في العدد ٤٨٢ في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، وهي واحدة من الجرائم الأربع التي لا تزال قيد التحقيق لدى النيابة العامة في دبي. محاكمة المتهم بجريمة عيد الأضحى تتم في جلسات علنية مفتوحة بناء على أوامر صادرة من جهات مسؤولة في الإمارة، علماً ان النيابة العامة تطلب الحكم  على المتهم الإماراتي من أصل بحريني بالإعدام حتى يكون عبرة لأمثاله.

استخفاف متهم
اللافت في أولى جلسات محاكمة طفل المسجد في عيد الاضحى قول المتهم أن اغتصابه للطفل البالغ من العمر أربع سنوات حصل برضى الضحية، وهو ما استهجنته هيئة المحكمة وأعضاء النيابة العامة والحضور، وما أدى إلى انسحاب محاميه من الدفاع عنه. وعندما استدعت هيئة المحكمة أحد المحامين للقيام بالمهمة اشترط أن يقوم المتهم بالاعتذار عما بدر منه من استخفاف بالجريمة أولاً، والاعتراف بارتكابها، وأن يطلب الرأفة به عند صدور الحكم، وهو ما نفذه المتهم أمام الجميع. وتتواصل المحاكمة حالياً وسط تعاطف جماهيري كبير مع أهل الضحية ومن بينهم أهل المتهم نفسه الغاضبون للتصرف الشيطاني الفاضح الذي قام به، مما جعل أخوته من أبيه وزوجة أبيه التي ربته في وضع لا يحسدون عليه أمام أهل المنطقة التي يقطنونها.

اغتصاب معاق!
أما ضحية الاغتصاب الثانية فكان صبياً معاقاً ذهنياً يبلغ من العمر ١٤ عاماً من جنسية آسيوية أيضاً. وقد  عثر عليه والده في أحد البيوت المهجورة أواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي في حالة من الإعياء الشديد بعد غيابه عن المنزل ساعات، وعندما أبلغ الشرطة أحيل الفتى على الطب الشرعي حيث تبين تعرضه للاغتصاب مراراً. وبدأت أجهزة البحث والتحري في البحث عن الجاني، إلا أن مشكلة كبرى واجهت الفرق التحقيق، خاصة أن الفتى لم يتعرف على مرتكب الفعل كلما ألقى القبض على مشتبه بهم، نظراً الى تفكيره المشوش، حتى أنه أثناء مروره على طابور عرض لعدد من المشتبه بهم أثناء وجود رجال البحث الجنائي كان يشير إلى رجال المباحث باعتبارهم الجناة!

ووفقا لمدير إدارة البحث الجنائي في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية بشرطة دبي، فقد استعين ببعض المتخصصين في التعامل مع هذه النوعية من الأطفال، وهم من رجال الشرطة، فعملوا على تهدئة مخاوف الفتى والتعامل معه بالطريقة اللازمة. وكان ان تعرف الفتى على شخص من المشتبه بهم. وبعد اجراء التحاليل المخبرية تبيّن أنه مغتصب الفتى، وكان هندي الجنسية يعمل في موقع إنشائي قرب منزل الضحية، وكان يشاهده دوماً، فاستدرجه إلى منطقة صحراوية بدعوى شراء حلوى له ثم اغتصبه. كما ألقى القبض أخيراً على متهم آخر اعترف أيضاً بارتكابه جريمة اغتصاب بحق الفتى نفسه في وقت سابق، ولا تزال الشرطة تبحث عن ثالث اغتصبه أيضاً. 

أمام مركز تحفيظ القرآن
أما الحالة الثالثة للاغتصاب فكانت لطفلة تبلغ من العمر ثماني سنوات، اختطفت أمام أعين زميلاتها من أمام مركز لتحفيظ القرآن وهي حاملة لكتاب الله، على يد شخص يقود سيارة، بعدما وعدها بجلب حلوى لها ولصديقاتها من دكان قريب، مع إعطاء كل منهن عشرة دراهم. إلا أنه وبمجرد صعودها الى المقعد الخلفي للسيارة أسرع وأغلق الباب عليها منفردة، وفر من المكان، فقامت صديقاتها بإبلاغ والدتها التي قامت بدورها بإبلاغ الأب والاتصال بالشرطة.

وروت الطفلة  نورة في تحقيقات النيابة أن المتهم الذي تعرفت عليه عقب ضبطه بعد ارتكابه الواقعة بخمسة أيام، انه وبعدما فر بها دخل أحد مواقف السيارات، وطلب منها خلع ملابسها مهدداً إياها بسيف إذا حاولت الصراخ، ومن ثم انتقل إلى المقعد الخلفي واعتدى عليها جنسياً مرتين. ثم أمرها بارتداء ملابسها، وأوصلها الى أحد الشوارع الجانبية قرب مركز تحفيظ القرآن طالباً منها عدم إبلاغ أي شخص عما حدث وإلا قتلها.

وأضافت انه أثناء الاعتداء عليها كانت تحمل القرآن ولم تتركه من يدها رغم ضربه لها أكثر من مرة، مشيرة إلى أنها عادت إلى البيت وروت لأمها ما حدث، وحددت أوصاف الجاني. فتمكنت أجهزة الشرطة من القبض عليه بعد خمسة أيام من الواقعة، وهو أيضاً باكستاني يبلغ من العمر ٢١ عاماً.

ورغم أن المتهم ينكر الواقعة برمتها، إلا أن رجال البحث الجنائي يؤكدون انه الفاعل، وأن هناك أدلة دامغة تؤكد ارتكابه الجريمة. وتطالب النيابة العامة بإعدامه أيضاً. 

عامل الصيانة
ضحية القضية الرابعة كانت طفلة أوروبية تبلغ من العمر ٥ سنوات، اغتصبها عامل صيانة كان يعمل في منزل الأسرة مع زميل له. واستغل الجاني خروج الأم مع الزميل لشراء متطلبات استكمال صيانة المنزل تاركة طفلتها داخل البيت، فأقدم العامل البالغ من العمر ٢٤ عاماً على اغتصاب الطفلة. وعندما عادت الأم ووجدت طفلتها في حالة من الفزع والصراخ وآثار الاعتداء عليها، أمسكت بسكين المطبخ وسددت طعنات عدة للعامل، ثم أبلغت الشرطة. وتنظر في القضية النيابة العامة في رأس الخيمة.

قضايا أخرى
حول بعض قضايا التحرش والاعتداء الجنسي التي ارتكبت ضد أطفال وتم التحقيق فيها وضبط المتهمين خلال العام الماضي، يؤكد المقدم جمال الجلاف أن أبرزها كان لمدرس شاب استغل ثقة أسرة من جنسية آسيوية بإدخاله منزلهم وتركه مع ابنهم وعمره ٨ سنوات لفترات أثناء التدريس له، فقام بالاعتداء على الطفل مرات عدة إلى أن تم كشفه وتقديمه للعدالة.

وأيضاً هناك رجل ترك طفله البالغ من العمر ٧ سنوات لدى حلاق وخرج قليلاً، ليعود ويجد الحلاق قد اغتصب الطفل. وثمة عامل مغسلة اعتدى على طفل عمره ٩ سنوات يسكن قرب المحل، وظل يتربص به كلما رآه إلا أن الأم تصدت للأمر وأبلغت عنه.

وفي واقعة أغرب، رجل يتربص بطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة ويعتدي عليه، وهو حاليا ماثل للتحقيق أمام الجهات المختصة، بينما تتواصل الشرطة مع الطفل عبر والده ويتم ترشيده ومحاولة إعادته الى حالته الطبيعية.

وأشار المقدم الجلاف إلى ان برنامج التواصل مع الضحية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية يتعامل مع هؤلاء الضحايا بأسلوب مناسب بهدف إعادة الثقة إلى الصغار، والحد من التأثير السلبي لهذه  الجرائم عليهم مستقبلاً.

وحول التعامل القانوني مع هذه الجرائم قال إن المشترع الإماراتي تصدى لهذه الجريمة بحزم وأقر لها عقوبة مشددة تصل إلى الإعدام إذا وصل الأمر إلى حد المواقعة، وكان المعتدى عليه يقل عمره عن أربعة عشر عاماً وقت ارتكاب الجريمة. كما يعاقب القانون مجرد التحرش حتى لو لم يصل الأمر إلى حد الاعتداء الجنسي، وهو ما اصطلح عليه في قانون العقوبات بجريمة هتك العرض والمعاقب عليها بالسجن الموقت، أي خمسة عشر عاماً إذا كانت سن الطفل تقل عن أربع عشرة سنة، وقد تم تحديد سن الرابعة عشر كسن معينة مقصودها فقدان الطفل فيها لرضاه، واعتبار قبوله إكراهاً كونه يتأثر بالمغريات أحياناً أو يسترهب النظرة أو التهديد المفزع.

حالات فردية
عن جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال، أكد العميد خليل إبراهيم المنصوري مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي أن جرائم الاعتداء على الأطفال ووفقاً لما يؤكده حجم البلاغات الواردة الى مراكز الشرطة بلغت ٢١ بلاغا خلال العام الماضي، لافتاً إلى أن ضبط المتهمين في تلك الجرائم أدى إلى خفض حجم هذا النوع من الجرائم مقارنة بالأعوام السابقة.

وأفاد أن شرطة دبي بشكل عام والإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية بوجه خاص تلعبان دوراً كبيراً في التعامل مع ضحايا تلك الجريمة ومحاولة إعادة الطفل إلى طبيعته وإزالة حالة الهستيريا التي يصاب بها نتيجة الاعتداء الذي وقع عليه.

وجزم بأن هذه الجرائم تشكل حالات فردية لا ترقى إلى مستوى الظاهرة على الإطلاق، مشيراً إلى أن الأسباب الرئيسية لحدوثها تكمن في نفوس البعض الضعيفة، والمعاناة أحياناً من أمراض جنسية شاذة، أو مؤثرات عقلية كالمسكرات والمخدرات، إضافة إلى أمراض نفسية أخرى. ولفت إلى أن غالبية المرتكبين في هذه الجرائم من العازبين، فيما قد يؤدي عدم تأهيل من يخرجون من مراكز علاج متعاطي المسكرات والمخدرات بشكل جيد إلى ارتكاب البعض منهم هذه الفعلة. وأيضاً مرتكبو هذه الجرائم يفتقرون إلى الوازع الديني، فضلاً عن قصور تربيتهم بشكل عام، علاوة على الإفراز السلبي الذي أحدثه تعدد الجنسيات في الإمارات، إلى جانب التفكك الأسري.

غير أسوياء
من جانبه، تحدث المقدم جمال الجلاف مدير إدارة الرقابة الجنائية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية، مؤكداً أن الإحصاءات تؤكد انخفاض تلك الجرائم بنحو ٥٠  في المئة عن عام ٢٠٠٨، وأشار إلى انه تم القبض على كل المتهمين في تلك القضايا وعددهم ٢٩ متهماً.

وأضاف أنه ومن خلال التحقيق مع المتهمين في تلك الجرائم يتبين أنهم أشخاص غير أسوياء، يستدرجون الأطفال بالتقرب منهم وإغوائهم بعرض المال أو الحلوى أو غيرها من الأساليب الاحتيالية التي لا يعرفها الطفل.

وأوضح أن شرطة دبي تنشر رجالها قرب المدارس وداخل الأحياء السكنية التي تقطنها تجمعات عمالية لمنع هذه الجرائم، لكن هناك بعض الحالات الفردية التي تحصل في أماكن متفرقة نظراً الى استهتار الأسر بأبنائهم وتركهم يخرجون وحيدين لشراء بعض الأغراض أو للعب مع أترابهم دون أدنى مراقبة، وبالتالي قد يستغل الطفل أو الطفلة أثناء ذلك شخصٌ لا يملك ذرةً من ضمير.