قتلا طفلتهما ثم انتحرا...

قتل, كأس دبي العالمي, إنتحار, علم إجتماع, رجل / رجال مباحث, علم النفس, جريمة قتل, شرطة دبي, بلاغ, المحاكم , قضية / قضايا الأسرة, العميد خليل إبراهيم المنصوري, العقيد جمال الجلاف

27 فبراير 2012

وقع حادث مؤلم في دبي قبل أسابيع شغل الرأي العام والمحلّلين النفسيين والاجتماعين، بعد أن تجرد رجل وزوجته من عاطفة الأبوة والأمومة ونفذا عملية انتحار مزدوج، وقبل أن يقدما على فعلتهما البشعة قتلا طفلتهما التي لم تتجاوز الرابعة.


تفاصيل الواقعة كما يرويها العميد خليل إبراهيم المنصوري مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية بشرطة دبي تعود إلى ورود بلاغ من شقيقي الزوج والزوجة أكدا فيه أن هناك غموضا في اختفاء الأسرة، فعلى غير العادة لا أحد يرد على الهاتف، وعندما حاول المبلغان طرق باب الشقة لم يستجب أحد. وعلى الفور توجهت قوة من رجال المباحث الجنائية إلى منزل الأسرة في منطقة الرفاعة بدبي، وفُتح باب الشقة بالقوة حيث عثر على الزوج معلّقا بحبل في مروحة الصالة وقد فارق الحياة، بينما وجدت جثة طفلة ممددة على سريرها. وأثناء معاينة بقية غرف الشقة تعالت أصوات صراخ من الحمام الذي كان مغلقا من الداخل، وبكسره عثر على الزوجة على أرضيته غارقة في دمائها، بعدما أقدمت على قطع شرايين يديها.

وعلى الفور نقلت إلى المستشفى تحت حراسة مشددة. وأشار المنصوري إلى  أنه باستجواب عدد من أفراد أسرتي الزوجين تبيّن أن هناك بعض المشاكل المادية، وبمعاينة مسرح الجريمة عثر على رسالتين بخط يد الزوج احداهما موجهة الى رجال الشرطة يقول كاتبها انه أقدم وأسرته على الانتحار لمروره بلحظة ضعف، ونتيجة لخلاف حدث بينه وبين كفيله من جنسيته، وهذا الخلاف أصابه بعدم الاتزان، ولذلك طرح على زوجته فكرة الانتحار فوافقته على ذلك، وقاما بالتنفيذ.

أما الرسالة الثانية فكانت عبارة عن اعتذار لأسرتيهما للآلام التي سوف يتسببان لهما بها نتيجة إقدامهما على الانتحار، طالباً من الجميع مسامحتهما على تلك الفعلة. وأضاف المنصوري أن النيابة العامة أصدرت أمرا بتشريح جثة الطفلة، فتبيّن أنها قد ماتت نتيجة عملية خنق. وتم التوجه الى الأم التي سمح الأطباء باستجوابها لبعض الوقت نظرا الى حالتها الحرجة للغاية، فأدلت بعبارات فهم منها أنها اشتركت وزوجها في قتل الطفلة، عندما أمسكت هي الطفلة لمنع تحركها في الوقت الذي قام فيه الأب بخنقها بالوسادة.

وبعد لحظات من وفاة الطفلة أقدمت الأم على قطع شرايين يديها بموسى حلاقة، وظلت تنزف أكثر من ساعتين حتى جاء البلاغ ودخلت الشرطة الشقة.
وأكدت الزوجة أن زوجها مر بلحظات يأس  وكان ضعيفا للغاية، نتيجة الخلافات المتواصلة مع شريكه، ولذلك قرر التخلص من حياته، بيد أنه خاف أن يتركها وطفلتهما وحيدتين فعرض عليها فكرة الانتحار معاً. ولأنها تحبه وتحب طفلتها وافقته. وأكدت أيضاً أن حظها السيئ هو أنها بقيت على قيد الحياة، فقد كانت تتمنى الموت حتى لا تتذكر لحظة  إقدامها وزوجها على قتل طفلتهما.


الهنود يتصدرون جرائم الانتحار

حول جرائم الانتحار وأسبابها ونسبتها بين الجرائم الأخرى  أعدت شرطة دبي دراسة أشارت إلى  تسجيل نحو 40  بلاغ انتحار، و37 بلاغ شروع في انتحار خلال العام الماضي، وذلك بانخفاض أكثر من 60 % عن العامين السابقين.

وقال نائب مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية لشؤون الرقابة والإدارة العقيد جمال الجلاف إن «نسبة بلاغات الانتحار لا تزيد على 0.1٪ من إجمالي البلاغات الجنائية خلال العام الماضي، لكن بعضها كان مأساويا مثل حادث انتحار الأم التي ألقت بنفسها من الطابق التاسع بعدما شاهدت طفلها ابن الخامسة يسقط من شرفة الشقة التي تقطنها، وكانت وقتها أسفل البناية لإيصال ابنتها الكبرى إلى حافلة المدرسة، فلم تتمالك نفسها وركضت مسرعة إلى شقتها وهي في حالة هستيرية وألقت بنفسها من المكان الذي وقع منه الطفل  لتجاور جثة طفلها في الشارع.

وأضاف أن هناك حالة أخرى مماثلة، حين طعنت أم تحمل جنسية دولة عربية نفسها بآلة حادة لتتوفى متأثرة بطعنات نافذة حزناً على ابنها المراهق الذي توفي في حادث مروري، لافتاً إلى أنها أصيبت بحالة من الاكتئاب انتهت بانتحارها على هذا النحو المأسوي، إضافة إلى حالة فتاة انتحرت داخل مدرستها. وأشارت الدراسة إلى أن الآسيويين يتصدرون قائمة المنتحرين، وتحديداً الهنود، فيما لم تسجل خلال العام الماضي سوى حالة انتحار واحدة لمواطن إماراتي مقابل ثلاث حالات العام الأسبق.

ويؤكد الجلاف أن المنتحرين من دول آسيوية يتصدرون قائمة مرتكبي هذه الحوادث خلال السنوات الثلاث بنسبة 90٪، يتقدمهم الهنود بنسبة 74٪، يليهم البنغاليون بنسبة 7.8٪ والباكستانيون 5.6٪، فيما سجلت حالة انتحار واحدة بين الإماراتيين، مقابل ثلاث حالات خلال العام 2010بنسبة 0.04٪ ومثلها في عام 2009 بنسبة 0.05٪.  وبينت الدراسة أن «الرجال يمثلون النسبة الكبرى من المقدمين على الانتحار ، وذلك  لأنهم أكثر عرضة للضغوط الاجتماعية والنفسية والاقتصادية»، مشيرة إلى أن أكثر طرق الانتحار شيوعاً بين الرجال هو الشنق، فيما تلجأ النساء عادة إلى تناول جرعات زائدة من الدواء.


أسباب الانتحار

وأوضح الجلاف أن «الدراسة لخصت أسباب الانتحار في ثلاثة عوامل رئيسة: نفسي ويشمل الاضطرابات العصبية والذهنية، ويلجأ المنتحر في هذه الظروف إلى قتل نفسه انتقاماً منها في حالة ارتكاب خطيئة ما، وانتقاما لنفسه إذا تعرّض لنوع من الظلم أو الضغوط، سواء في عمله أو منزله، وقد يلجأ الى الانتحار لإثارة الانتباه ولفت الأنظار إلى الظلم الذي كان يتعرض له».

وتابع أن «العامل الثاني اجتماعي وينتشر عادة بين الأسر المفككة التي لا تربط أفرادها أواصر اجتماعية»، موضحاً أن طلاق الوالدين وخلافاتهما التي تمتد غالباً إلى نوع من العنف الجسدي ترسخ فكرة الانتحار عند بعض الأبناء للتخلص من هذا العذاب، كما يشمل هذا العامل بعض الحالات العاطفية التي تتولد لدى فتاة تجبرها أسرتها على الزواج من شخص معين أو بسبب قصة حب فاشلة أو زواج لم يستمر.  واعتبرت الدراسة أن العامل الثالث اقتصادي، وهو أكثر أسباب الانتحار شيوعاً، وينتشر عادة لدى فئة العمال الذي يعملون ساعات طويلة ولا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الشخصية.


محاكمة الأم القاتلة

أكد العميد خليل ابراهيم المنصوري انه في حالة شفاء أم الطفلة المنتحرة واعترافها بما حدث في محضر رسمي، سوف توجه إليها تهمتي الشروع في الانتحار والاشتراك في جريمة قتل الطفلة عمدا.