قصة نخنوخ أسطورة 'البلطجة' في مصر

سلمى المصري, قضية / قضايا إجتماعية, البلطجية

14 سبتمبر 2012

ربما كان صمته محيراً للجميع، لأنه لم يكشف العلاقة الحقيقية بينه ومشاهير المجتمع، سواء رجال السياسة أو الفن. ارتبط اسم صبري نخنوخ، أسطورة البلطجة في مصر, الذي ألقي القبض عليه أخيراً بعدد من الأسماء الشهيرة للفنانين وبعض لاعبي الكرة، وأكدت بعض التحريات غير المؤكدة أنه كان يستقبل المشاهير في دارته بمنطقة «كينغ مريوط» بالإسكندرية. وتسعى الآن أجهزة الأمن إلى البحث عن تفاصيل علاقة نخنوخ بالنجوم، وذلك بعد أن ترددت في وسائل الإعلام أسماء النجوم أحمد السقا وأحمد رزق وسعد الصغير ونجم منتخب مصر محمد زيدان، وأكدوا جميعاً علاقاتهم الطيبة بنخنوخ. «لها» ترصد حكاية «البلطجي» صديق الفنانين من وقائع الأوراق الرسمية.

ربما كانت منطقة الحديث عن علاقاته بالفنانين من المناطق المحظورة لديه، فخلال التحقيقات سئل نخنوخ عن علاقاته بالفنانين، لكنه ببساطة قال: «كلهم أصدقائي ولا يوجد بيننا سوى كل خير». والتزم الصمت ليظل صندوق أسراره مغلقاً... أكدت مصادر أمنية أن الفنانين لم يزوروا نخنوخ بعد القبض عليه، وعُلم أنه تلقى مكالمات من بعض المشاهير على هواتف أقاربه أثناء الزيارة المقررة، لكن المصادر لم تفصح عن أسماء الأشخاص الذين اتصلوا بنخنوخ، علماً أن الشرطة عثرت في ألبوم نخنوخ الشخصي على صور تجمعه بأحمد السقا وسعد الصغير الذي كان يؤكد دائماً لوسائل الإعلام أن نخنوخ صاحب فضل عليه.


الأسطورة

يعد نخنوخ أسطورة في عالم البلطجة، بدليل أنه تم القبض عليه في قصره الفخم الذي يعيش فيه بين خمسة أسود وستة من الكلاب المفترسة، ويخبِّئ داخله كميات كبيرة من الأسلحة المتنوعة الخفيفة والثقيلة، وكميات مماثلة من المخدرات بأنواعها المختلفة. وقال البعض إن رجال الأمن عثروا على زرافة وغوريلا نادرة داخل القصر بعد القبض عليه.

اسمه بالكامل صبري حلمي نخنوخ، أوقف قبل أيام بقصره في منطقة «كينغ مريوط» بالإسكندرية. لم يكن بلطجياً ينحصر نشاطه في منطقة محددة، فالرجل مليونير حقيقي، ثروته وسطوته امتدتا من الإسكندرية إلى القاهرة والجيزة.

ذاعت شهرة نخنوخ كأهم قائد للبلطجة في أحياء القاهرة مع بداية عام 2000، حين كان يملك مكاتب لتوريد البلطجية في مناطق البساتين والمهندسين والهرم وفيصل، ليستخدمهم الحزب الوطني المنحل ّفي تأمين صناديق الانتخابات وتسويد البطاقات لصالح أعضائه. وتحاول ألاجهزة الأمنية التحقق مما أشيع عن مشاركة نخنوخ في تخريب المنشآت العامة والسجون خلال ثورة 25 يناير لنشر الذعر، على أمل أن يخاف المواطنون ويخضعوا للأمر الواقع ببقاء حسني مبارك في السلطة لحمايتهم وتوفير الأمان المفقود.

جمع نخنوخ مبالغ طائلة من خلال فرض الإتاوات على أصحاب المحلات وسائقي الميكروباص، وقيامه بتأجير بعض المحال التجارية في منطقتي الهرم والمهندسين، فهو يحكم شبكة بلطجية تتوزع أعمالها على نشاطات عديدة، منها حماية الكازينوهات التي تتعرض من وقت الى آخر لمشاكل وتهديدات.

أصبح يملك قصوراً وفيلات على طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي، وشاليهاً فارهاً في الساحل الشمالي بمارينا، فضلاً عن فيلا في شرم الشيخ، إضافة إلى ملايين الجنيهات.

عرف أهالي الإسكندرية نخنوخ بواقعة مرعبة، فقد ذبح عدداً من الحمير وألقي رؤوسها وعظامها في الطريق العام عام 2009، فظن الأهالي أن بعض الجزارين ذبحوها لبيع لحومها، خاصة أن الواقعة تزامنت مع موجة غلاء شديدة في أسعار اللحوم، إلا أنه كان قد ذبح الحمير لإطعام خمسة أسود تحرس دارته الفخمة.


في عرين الأسد

وصفت محاضر التحقيقات القصر الذي يملكه المتهم في «كينغ مريوط» بأنه أشبه بترسانة قوية يصعب الاقتراب منها، اذ يحيط به سور ارتفاعه يتجاوز ثلاثة أمتار ونصف المتر، وله بوابة رئيسية من الحديد ارتفاعها يصل إلى أربعة أمتار، وعليها ثلاثة شبابيك بفتحات ضيقة، يدعي أنها نوع من الديكور، فيما يعتقد أنها مكان لإطلاق الرصاص، لأنها تشبه الفتحات الموجودة في مدرعات الشرطة. وفي القصر كاميرتان للمراقبة، الأولى ترصد الباب الرئيسي والداخل والخارج منه، وترصد الثانية شارعاً طويلاً مؤدياً إلى القصر، وفي الحديقة حوض سباحة كبير وفيه نافورة على جانبه.

وعندما تدخل من الباب تجد ثلاثة أقفاص في داخلها ستة كلاب حراسة كبيرة، وفي الجهة المقابلة قفص كبير فيه خمسة أسود، جميعها كبيرة في السن. وكان مسؤولو حدائق الحيوان أجلوا نقلها من الفيلا بعد القبض على نخنوخ للإتيان بمخدر يحافظ على هدوئها قبل النقل.

وعلى مسافة أمتار قليلة من أقفاص الأسود توجد الحيوانات الأليفة التي يعشق نخنوخ تربيتها، مثل النعامة وأنواع من الغزلان ونسناسين ونحو عشرة كلاب من أنواع مختلفة. وفي داخل القصر ثلاثة مبانٍ، الأول قيد الإنشاء، والثاني مبنى مجهز فيه صالة ديسكو كاملة في الطابق الأرضي ونظام صوت كامل وفي الصالة ثعبان كبير، وقال قريب لـ«نخنوخ» إن القفص كان فيه ثعبانان، أحدهما اختفى داخل الفيلا بعد القبض على نخنوخ. وأعلى الصالة أو في الطابق الثاني مكان يشبه الشاليه مكون من ثماني غرف.

وفي التحقيقات نفى نخنوخ تهمتي البلطجة والاتجار بالسلاح والمخدرات، وقال: «معروف عني عمل الخير، وأقوم بمساعدة الجميع دون مقابل، ولا يوجد لديَّ محضر بلطجة واحد. كما أنني غني ومستور ولا أحتاج إلى ممارسة البلطجة لأعيش، فأنا أعمل في تقسيم الأراضي ولديَّ كم هائل من الأراضي في برج العرب والعامرية والإسكندرية، وبالنسبة إلى الأسود والحيوانات، فالإهتمام بالحيوانات هي هواية أحبها».

يكمل نخنوخ قائلاً: «أما خروجي من البلاد فكان بالطرق الشرعية، وجواز سفري مع الضباط وفيه كل الأختام الدالة على ذلك، فقد سافرت من مصر إلى بيروت ومن هناك إلى تايلاند ثم عدت إلى بيروت ومنها إلى القاهرة، وأمضيت معظم الوقت في محاولة لإقامة مشروع مزرعة في لبنان».

 وأضاف: «سلّمت نفسي في هدوء، ولا يوجد عندي ما يدعو للمقاومة، ولو كانوا طلبوني هاتفياً كنت سآتي إليهم بنفسي»، واتهم الدكتور محمد البلتاجي القيادي في جماعة الإخوان المسلمين بأنه المحرض للقبض عليه.

وقال نخنوخ إن عمره 49 عاماً، وهو غير متزوّج. وقد خطب فتاة لبنانية لكن الزيجة لم تتم، وأنه جاء لتوزيع العيدية وكان مسافراً يوم القبض عليه. وأكد أنه لم يؤذ أحداً، واستشهد بكل الذين تعاملوا معه، جازماً بأن القضاء سوف ينصفه لأنه بريء.

وعن أجهزة الاتصالات التي تم العثور عليها في دارته، قال: «هذه أجهزة لاسلكية مرخصة، وتصل بيني وبين مواقع أعمالي، لأنني أبني فيلات في طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، والمنزل ومكتبي في القاهرة. أما المخدرات فأنا لا أعلم عنها شيئاً، لأنني لا أدخن من الأساس، والأموال الكثيرة مصاريف عادية، فأنا الحمد لله مستور».

 وقد قرر النائب العام المستشار الدكتور عبد المجيد محمود حبس نخنوخ بتهم البلطجة واستغلال النفوذ وحيازة سلاح بلا ترخيص، وكذلك حيازة مواد مخدرة.