قصة عائلة...

عيسى حموتي, رجل / رجال مباحث, النيابة العامة, محاولة قتل, جريمة سرقة, رجل / رجال شرطة, قسم الشرطة

07 يناير 2013

خرجت الكلمات صعبة من الأب الذي نجا من الموت بمعجزة، بعدما كان الموت يرفرف خارج مسكنه... فقد اعتزم ابن شقيقة زوجته مع زميل له على ذبح الأسرة كلّها وسرقتها، وكادت الخطة تسير في الطريق الذي رسمه المتهمان لولا يقظة رجال الشرطة الذين أحبطوا خطة الشابين...


الزمان: الثانية صباحاً

المكان: قسم شرطة الجيزة

الحاج صلاح تاجر اللحوم كان في حالة من الذهول وهو يتبادل النظرات مع زوجته سعاد. راح ينظر إليها ولسانه يعجز عن النطق، وأخيراً قطع حبل الصمت بقوله: «هل هذا  معقول، ابن شقيقتك الذي كنت أعطف عليه، ولم أبخل عليه بأي شيء كان على وشك قتلنا؟!».

انهمرت دموع الزوجة بغزارة، وبصعوبة بالغة قالت: «أشعر بأننا نعيش كابوساً أتمنى أن نفيق منه. يا إلهي، أكرم الذي ربيته، وكنت أعتبره ابني، يفعل كل هذا! ومن يدري ربما كنا سنصبح في العالم الآخر في حالة غياب الشرطة عن المنطقة التي نقيم فيها».
احتضنت الأم ابنتها وهي تتخيل حالة قيام ابن شقيقتها بقتل الصغيرة ندا... الأمر كان مريعاً، وربما لا يصدقه كثيرون، لكن التفاصيل ترصدها أوراق القضية التي تحقق فيها الآن نيابة الجيزة الكلية.


اعترافات مثيرة

هي لحظة فارقة بين الحياة والموت... ربما كانت الغلطة التي وقع فيها أكرم، الفتى المراهق الذي خطط للجريمة، سبباً لنجاة أسرة بكاملها من الموت... كان من الممكن أن نستيقظ على خبر مذبحة في شارع البحر الأعظم بالجيزة، حيث تقع القرية الفرعونية أحد أهم الأماكن السياحية في مصر.
عقارب الساعة قاربت الثانية صباحاً، الظلام كان يلف المنطقة، توقفت سيارة الدورية الأمنية في أحد الشوارع الجانبية في المنطقة، وقرر ضابط المباحث أن يتفقد المكان ولا يكتفي بالمرور على الطرق الرئيسية. ربما أرشدته الحاسة الأمنية التي يملكها إلى أنه في سبيله إلى إحباط جريمة مروّعة.

توقفت سيارة ملاكي حديثة قرب الشارع الرئيسي، وترجل منها شابان واتجها بخطوات واثقة نحو إحدى العمارات العالية. حينها لمح الضابط في يد أحدهما حقيبة ضخمة، فأسرع الضابط الخطى وراءهما رغبةً منه في التثبت من هويتيهما.
ولم تخطئ أذنا الضابط عبارة سمعها من الفتى الصغير لزميله، الذي شارف الثلاثين من عمره:

«أسرع، الضابط يشك فينا». نهر الشاب الآخر الفتى وطلب منه أن يتصرف بشكل تلقائي حتى لا يشك فيه أحد، لكن الضابط أدرك أنه يسير في الطريق الصحيح، وارتفع صوته مطالباً إياهما بالتوقف فوراً، فيما كانت يده تتحس مسدسه تحسباً لأي مفاجآت.
وتوقف الشابان، واقترب منهما الضابط الذي لم يتخل عن حذره، فسألهما عن هويتيهما، وطلب منهما تفسير سبب وجودهما في هذا المكان. تلعثم الفتى فيما زعم الشاب أنه قادم لزيارة أحد أقاربه في البرج الذي يقع في نهاية الشارع.

لم تقنع هذه الإجابة ضابط المباحث الذي قرر تفتيش الحقيبة التي يحملها الفتى الصغير، وكانت هذه القشة التي قصمت ظهر البعير، فأشار الفتى لزميله ودفعا الضابط حتى كاد يسقط على الأرض، وانطلقا هاربَين بسرعة.
أطلق الضابط عيارات من مسدسه في الهواء وطلب من المتهمين التوقف حتى لا يطلق عليهما الرصاص، لكنهما لم يمتثلا واستمرا في هروبهما، وفي دقائق وصلت سيارة الدورية الراكبة لتشارك ضابط الشرطة في المطاردة التي امتدت إلى الشوارع المجاورة .

لم تكن المهمة سهلة بسبب إلمام المتهمين بكل تفاصيل المنطقة، واستمرت المطاردة أكثر من نصف ساعة، وأخيراً تمكن رجال الشرطة من محاصرة الفتى وشريكه في أحد الشوارع الجانبية التي ليس لها سوى مدخل واحد.
استسلم المتهمان بعد أن شعرا بأن الضابط قد يطلق النار عليهما في حالة المقاومة، وامتدت يد الضابط لتنتزع الحقيبة من الفتى الذي تسمر في مكانه وهو يتابع ضابط الشرطة الذي فتح الحقيبة وكست الدهشة وجهه. فقد وجد فيها سكيناً وأشرطة لاصقة وقفازات وأجهزة لفتح خزانة من حديد، وأقنعة وأقراصاً مخدرة وحبالاً ووصلات كهربائية، وهواتف محمولة...


«سأقتل خالتي»

سأل الضابط أكرم الذي لا يتجاوز عامه التاسع عشر عن سبب وجوده في هذه المنطقة، وسر الأدوات التي كان يحملها، ولم ينس الضابط أن يطالب الفتى بعدم الإنكار، خاصة أنه ضُبط متلبساً بحيازة أسلحة بيضاء بشكل يؤكد أنه على وشك ارتكاب جريمة.
لم يجد الفتى مفراً من الاعتراف قائلاً: «كنت ذاهباً لقتل خالتي!».

ارتسمت الدهشة على وجه الضابط الذي سأل المتهم أكرم عن سر رغبته في ارتكاب هذه الجريمة، فأجاب الفتى: «لم أكن أرغب في قتل خالتي فحسب، لكنني كنت أنوي قتل أسرتها بالكامل وذبح زوجها وابنتها الصغيرة ندا، كنا نخطط لسرقة خزانة زوج خالتي الثري».
يكمل أكرم: «احترفت السرقة منذ عامين، بعد أن تعرفت على صديقي عبد الله، الذي احترف هو أيضاً هذه المهنة الحرام. كسبنا الكثير بعد أن ارتكبنا عدة جرائم سطو على محلات تجارية، سرقنا محلات بويات وأكثر من سوبر ماركت، ومنازل عدد من الأثرياء».

ويواصل مؤكداً أن حصيلة السرقات لم تكن ترضيه، لأنه كان يرغب في المزيد. وراودته فكرة سرقة شقة زوج خالته الثري لأنه كان يعلم أنه يحتفظ في منزله بمئات الآلاف من الجنيهات، وعرض الفكرة على عبد الله الذي رحب بها. ووضع الفتى اللمسات الأخيرة على الخطة، وحدد ساعة الصفر.
وجاءت اعترافاته لتؤكد أنه عقد العزم على دخول الشقة التي تقع في الطابق الأرضي من خلال نافذة، والاتجاه فوراً إلى غرفة الزوجين وشل حركتهما وذبحهما ثم الإجهاز على الطفلة، وسرقة المقتنيات الثمينة.
 قررت النيابة حبس المتهمين، وفي جلسة تجديد الحبس تمت مواجهة الفتى بخالته، ولم يستطع أكرم أن يجيب عن سؤالها: لماذا؟...