كيف كانت حركة الديزاين لعام 2013؟

الديزاين, زخرفة, ألوان, تصاميم, أثاث, الديكور

21 ديسمبر 2013

من البساطة الى التكلّف، من الرصانة الى الجسارة، من النقاء الى التعقيد، ومن الأبيض والأسود الى مهرجان ألوان تحضر فيه كل الإيقاعات والنغمات والتدرجات، هذا ما يكتنزه عالم الديزاين، ليقدّم في النهاية نتاجاته المدهشة والمثيرة والجذابة، من زهري ناعم، أخضر نعناعي، أصفر حامض، أو أزرق سماوي... ألوان توشحت بها تصاميم هذا العام لتطبع أجواء الديزاين بعلامة الأناقة والجاذبية..


قطع الأثاث وأكسسواراته كلها، بدت وكأنها دعوة للعودة إلى الجذور واستثمار المواد الطبيعية النبيلة، مثل الخشب، الزجاج، المعدن، القطن، وغيرها من المواد التي تختزن في طبيعتها خصائص مميزة وجماليات تعكس وجوهاً من حالات الإنسجام بين الإنسان وبيئته الطبيعية.

مناخات جديدة تصدّرت المشهد الزخرفي واختصرت اتجاهاته وميوله، حاملة الى عالم الديكور قيماً جمالية أصيلة ومؤكدة.. فبعد سنوات من التطرف والجنون في إبداع السيناريوهات والأجواء الزخرفية الغريبة الصادمة، تتجه الموضة نحو أسلوب جديد من التعبير، مسكون بالبساطة والهدوء مع البعد كل البعد عن الأساليب الرتيبة المضجرة.

فالنعومة تصدّرت كل المشاهد بخيارات من الألوان الثمرية والمائية الصافية المكررة والتي تسلل إليها بعض من النغمات مثل الأبيض، والرمادي اللؤلؤي والداكن، والتي ساهمت في اعادة ابتكار الأجواء الداخلية ورفدها بنفحة رشيقة من التصادم.

وكان حضور الطبيعة طاغياً داخل المشهد الزخرفي الجديد، فتجلى من خلال النقوش والألوان التي تذكّر بها، أو من خلال موادها المختلفة التي نجح المصممون في استثمارها إلى أبعد حدود، خصوصا مادة الخشب بأنواعه وألوانه المختلفة المصقولة المطلية  أو الخام.

كما تمّت الاستعانة به في أكثر من مجال، وذلك لتنفيذ قطع الأثاث وتلبيس بعض الأرضيات والجدران بتكوينات وصياغات تكاد تلامس في بعض خطوطها طابع الـ«زن» الذي يشي بالهدوء ويستدعي الطبيعة والتأمل.

وأبدى المصممون الزخرفيون اهتماماً بالغاً بالمساحات الصغيرة، فاستعادوا من أجلها بعضاً من التصاميم المستوحاة من أجواء إسترجاعية « الريترو» من خمسينات القرن الماضي وستيناته، وكان الخشب واحدة من المواد الرئيسية القادرة على إعطاء المشهد رونقه المطلوب، وذلك إضافة إلى بعض التصاميم التي أخذت طابع  «المينيماليست» بأشكاله البسيطة وخطوطه المجرّدة، والذي يتمتع بجاذبية خاصة رغم غياب التفاصيل.   

كما حرص مبدعو هذا النهج الزخرفي الجديد على استبعاد مختلف الأنماط الزخرفية الصارمة والتصاميم المركبة، إضافة إلى الطرز المعقدة أو الأجواء الصناعية القاسية  و التي تفتقد صياغاتها لمسة من الخصوصية.

فأجواء الديزاين التي كشفتها معارض الأثاث والديكور في باريس وميلانو، لم تقتصر على رفد عالم المنزل بأثاث وأكسسوارات وعناصر زينة جميلة فقط، بل قدّمت مشاريع متكاملة يتناغم فيها المظهر الجمالي للتصميم وأصالة المواد مع الطابع العملي الوظيفي، وقد تجسّدت بعض مظاهره في نماذج عديدة من قطع الأثاث القابل للتعديل والذي صُمّم وعولج بأساليب تقنية بارعة، لتجعل منه قابلاً للتكيف مع مختلف المساحات والأجواء الهندسية ليرضي كل الأذواق ويلبي حاجات الجميع.

ورغم تراجع الأجواء الصناعية بشكل عام، فإن الأثاث المعدني لم يُستثنَ من المشهد، فقد ظهر بملامح متعددة بسيطة، تحمل بأشكالها وموادها وألوانها الفاتحة والداكنة طابع أثاث اللوفت، والتي يبدو بعضها وكأنه يخرج لتوّه من أروقة المصانع وأقبيتها.

أما الصيغ الأخرى التي تكشفها التصاميم فهي كثيرة مشبعة بتأثيرات مختلفة، وتجسّد ذائقة العصر وميوله الجديدة والتي كان للأزمات الاقتصادية التي تتخبط فيها بعض المجتمعات، دورها في التأسيس لهذه الرؤى والتي حاولت الأبتعاد قدر الإمكان عن الإهدار أوالتبذير، وسعت إلى تثمين كل ما هو أساسي  وجوهري.

وكان لهذه التوجهات أهمية في منح «التدوير» موقع السيادة والاهتمام. ورفد فن التدوير عمليات الابتكار بحيوية واضحة، وقدم حلولا زخرفية جذابة، أصيلة، تحكي مسيرة من التقاليد الحرفية الأصيلة وتساهم في خلق أجواء زخرفية جديدة بأقل التكاليف.

ولا ننسى في غمرة هذا كله، تلك الموتيفات الجميلة التي زرعت الأقمشة القطنية النبيلة أزهاراً وأشكالاً ملوّنة من الثمار والخضار والنباتات المختلفة لتطرز برونقها الأماكن وتجعل من فضاءات المنازل لهذا العام واحات سلام يسكنها الهدوء والفرح.