المرض والدخول إلى المستشفى مسألتان تخيفان الطفل

الطفل, طفل / أطفال, مرض, المستشفى, الأم والطفل, قضية / قضايا الطفل / الأطفال, تربية الطفل / الأطفال, مرض الطفل / أطفال

26 أبريل 2014

يبدو المرض والدخول إلى المستشفى أو زيارة الطبيب أو تناول الدواء أمورًا مخيفة بالنسبة إلى الطفل الذي يشعر أحيانا بأن أهله يعاقبونه خلال فترة علاجه.
فما هو سبب هذا الخوف؟ وكيف يمكن الأهل تحضير ابنهم نفسياً للدخول إلى المستشفى أو زيارة الطبيب؟ الإختصاصية في علم نفس الطفل فرح تميم تجيب عن هذه الأسئلة وغيرها.

لماذا يخاف الطفل من المرض؟
من المهم جدًا أن يعرف الأهل كيف ينظر الطفل إلى المرض. إذ أن مفهوم المرض لديه يختلف عما هو بالنسبة إلى الراشد، فالطفل يخاف من الأعراض التي ترافق المرض. وعندما يصاب بالرشح أو الإسهال يشعر بالقلق من هذه الأعراض، في حين ترى أمه أنها ليست خطيرة وتتعامل معه على هذا الأساس وتكتفي بإعطائه الأدوية المناسبة لأنها تدرك تمامًا أنه مرض عادي، فيظنّ الطفل أنها لا تكترث له.
مثلاً حين تقول: «له أمه كفاك غنجًا، إنه مجرّد ارتفاع في الحرارة أو رشح»، يسأل في سريرته: «كيف تقول ذلك؟ ألا ترى أنني مريض لا أستطيع أن أمشي أو ألعب؟». مما يعني أن الطفل يقلق من أعراض المرض في حين أن الأهل يقلقون من نوعه.
لذا على الأهل أن يضعوا أنفسهم مكان الطفل وينظروا بمنظاره أي كيف يفهم معنى المرض، وأن يتفهموا أسباب توتره وانزعاجه، و يعملوا على طمأنته بأن هذه الأعراض التي يشعر بها موقتة ولن تدوم. فالطفل في حاجة إلى اهتمام الأهل ورعايتهم للتخفيف من توتره.

لماذا يرفض بعض الأطفال تناول الدواء؟
غالباً ما يظن الطفل أن الإجراءات الوقائية التي تقوم بها الأم خلال علاجه هي عقاب لأنه يُحرم تناول بعض الوجبات أو اللعب أو الخروج من المنزل. لذا من الضروري أن تشرح الأم المرض لطفلها كأن تقول له مثلاً: «أنظر حبيبي أنت تسعل وعليك تناول الدواء كي تتحسن».

لماذا تنتاب بعض الأطفال نوبة بكاء شديده عندما يعاينهم الطبيب؟
قد يبدو الذهاب للمعاينة عند الطبيب عقابًا بالنسبة إلى الطفل والسبب في ذلك يعود إلى المفهوم الخاطئ الذي يعرّف الأهل به الطبيب. فمثلاً هناك بعض الأمهات يهدّدن أطفالهن بالطبيب إذا تصرّف في شكل مزعج كأن تقول له: «سوف أصحبك إلى الطبيب ليخزك بإبرة لأنك تتصرف في شكل سيئ» فيرتبط اسم الطبيب بالعقاب.
وحين يمرض الطفل وتصحبه أمه إلى الطبيب يظن أنه معاقب بسبب سلوكه السيئ. لذا من الضروري أن ينتبه الأهل إلى كيفية تعريفهم لدور الطبيب. كما ينصح باختيار طبيب الأطفال الذي يتمتع بصفات محببة أي الذي يعرف كيفية التصرّف مع الطفل ويكون لديه إلمام بعلم نفس الطفل.
كأن تقول لطفلها: «أنظر حبيبي أنت مريض ويجب الذهاب إلى الطبيب ليفحصك ويعطيك الدواء لتشفى، والطبيب إنسان لطيف وهو أب أيضاً ولديه أطفال في مثل سنك، ومهنته مساعدة الأطفال المرضى ومداواتهم».

هل من الضروري التحدّث إلى الطفل عن دخوله إلى المستشفى؟
من الضروري تهيئة الطفل نفسياً عندما يصاب بمرض يتطلب منه الدخول إلى المستشفى أو الخضوع لعملية جراحية، كأن تقول له والدته مثلاً: «حبيبي أنت مريض منذ فترة والعلاج في المنزل لم ينفع لذا صار من الضروري الذهاب إلى المستشفى لتخضع لعلاج يخلّصك من هذه الحرارة التي تلازمك منذ أكثر من أسبوع، وفي المستشفى سوف يبذل الطبيب والممرضات كل جهدهم حتى تشفى».
ومن الضروري أن تصف له المستشفى في شكل مفصّل كأن تقول: «هناك كل شيء نظيف وأبيض وسوف تنام في غرفة فيها سريران قد يكون لديك رفيق في الغرفة».
وقبل الذهاب إلى المستشفى من الضروري الإجابة عن كل أسئلة الطفل بوضوح وصراحة كي يشعر بالراحة. فمثلاً يمكن الأم أن تقول لطفلها: «أنظر حبيبي سوف تخضع لعملية جراحية ولن تشعر بالألم لأنك سوف تحقن بالبنج الذي لن يجعلك تشعر بأي شيء». وعلى الأهل أن يحاولوا عدم إظهار القلق الذي يشعرون به لأنه سينتقل إليه وأن يهوّنوا الأمر عليه قدر المستطاع.

متى يجب إعلام الطفل بدخوله المستشفى؟
يرتكز تحضير الطفل لدخول المستشفى والخضوع لعملية جراحية على سنّه فإذا كان الطفل في الثامنة يجب إعلامه قبل أسبوع من دخول المستشفى لأن إعلامه قبل شهر يسبب له قلقاً، أما إذا كان دون سن الثامنة يكفي إخباره قبل يومين كي لا يصاب بالتوتر والخوف، فالطفل في هذه السن لا يدرك مفهوم الوقت والأسبوع بالنسبة إليه يساوي دهراً.
صحيح أنه سيشعر بالقلق خلال هذين اليومين لكن قلقه هذا محدود. وقد يكون من المفيد زيارة المستشفى والتعرّف إليه عن قرب شرط ألا تضمن الزيارة التعرّف إلى غرفة العمليات أو الدخول إلى غرف المرضى إذ يكفي أن يمر الطفل بين الأروقة ويتعرّف إلى فريق العمل.

 لماذا يكون تصرف بعض الأطفال عدوانيًا عندما يدخلون المستشفى؟
من الطبيعي أن يكون سلوك الطفل المريض أو الذي سيخضع لعملية عدوانيًا، فهو سيتعرّض لكثير من الأمور التي تخيفه، فمثلاً هناك المشرط الذي سيخترق جسده أو الإبرة التي تسبب له ألماً فيشعر أن المحيطين به يعتدون عليه بإجباره على القيام بأمور لا يريدها.
فيتصرف في شكل غير لائق مع الممرضة أو الطبيب . وفي بعض الأحيان يظهر بعض الأطفال سلوكاً نكوصياً فيتصرّفون كما لو كانوا رضّعاً فلا يأكلون إلا حين تأتي الماما أو يتكّلون على الممرضة أو الأم في كل شيء.
وفي بعض الأحيان يشجع الأهل هذا السلوك النكوصي «لا تنزل من السرير لا تقم بهذا أو ذاك». وأحياناً يبتز الطفل الأهل: «إذا لم تحضر الماما لن آكل.
إذا لم تفعلوا لي هذا لن أتناول الدواء». وفي المقابل قد يعجب الطفل بالطبيب ويطرح عليه الكثير من الأسئلة حول الدواء ومدة العلاج ويخرج بانطباع جيد فيقول أنه سوف يصبح طبيباً عندما يكبر.

هل من الضروري المكوث مع الطفل في المستشفى؟
يعود هذا إلى شخصية الطفل وسنّه، فالطفل ما دون الخمس سنوات يحتاج إلى وجود أمه التي من الضروري أن تشرح لبقية أبنائها سبب مكوثها في المستشفى مع شقيقهم كأن تقول لهم: «عمر مريض وفي حاجة إلي، وهذا وضع طبيعي لأنني سوف أقوم بالأمر نفسه إذا ما تعرّض أحدكم لمرض».
وفي المقابل على الأم ألا تخدع طفلها الذي يمكث في المستشفى. فإذا وعدته بأن تمضي الليل معه في المستشفى ولم تفعل، يشعر الطفل بأنها خدعته ولن يثق بها بعد الآن.
لذا من الضروري أن تقول له الحقيقة وأن يكون الأهل أكثر واقعية ففي اليوم الأول بعد العملية من الضروري أن تبقى الأم مع طفلها في المستشفى وحين تتحسن حالته خصوصاً إذا كان في سن السابعة أو الثامنة يمكنها أن تطمئنه بوجود الممرضة الحاضرة لمساعدته. وألا تعده بالبقاء معه ليلاً.

هل ينتاب الطفل الخوف نفسه في ما لو دخل المستشفى في حالة طوارئ؟
يختلف الوضع حين يدخل الطفل المستشفى في حالة طوارئ بسبب كسر رجله أو جرح يده، فهو لن يخاف لأنه يعرف مسبقًا أنه مصاب.

لماذا نجد بعض الأطفال يرفضون نزع الكمادات أو الجبس بعد انتهاء العلاج؟
قد يحدث أحيانًا أن يخاف الطفل بعد فترة ويرفض أن ينزع الطبيب الجبس. وهذا طبيعي لأن الطفل عمومًا يخاف المجهول وقد كان الجبس يغطي يده أو قدمه فترة طويلة ويسأل خلالها كيف ستبدو بعد نزع الجبس أو الكمادات عنها.
وبعضهم تنشاْ لديهم علاقة وطيدة مع الشيء الغريب الذي لازمهم فترة لأن عليها تواقيع المحيطين بالطفل، أو لأنها كانت مصدر اهتمامهم.
لذا يمكن الأم أن تخفف عن طفلها وطأة مواجهة المجهول الذي يخافه أو التخلّي عن الشيء الذي تعلّق به، بأن تحضّره نفسياً كأن تقول: «كيف برأيك سوف يكون شكل رجلك بعد تغطيتها فترة. ربما يكون لونها فاتحاً لأنها لم تتعرّض للشمس». وعموماً دور الأم أن تحاول تهوين الأمر عليه مهما كان.


كيف يعيش الرضيع فترة المرض؟
أظهرت دراسة نفسية أن الطفل دون الثانية يظن خلال فترة مرضه أن أمه سيئة لأنها لا تستطيع أن تخفف عنه آلامه أو لأنها تحرمه الطعام لساعات تبعًا لإرشادات الطبيب، مما يزيد توتره خصوصاً انه في هذه السن لا يستطيع أن يعبّر عما يشعر به بالكلمات، فتنتابه نوبات بكاء وصراخ.
وفي المقابل تشعر الأم بالتوتر والأسى لأنها لا تستطيع أن تخالف تعليمات الطبيب، وأحياناً يكون رد فعلها على الصراخ والبكاء المتواصلين غضباً وتأففاً لأنها عاجزة عن القيام بما يريحه.
لذا ينصح الإختصاصيون الأم أن تتحلّى بالصبر وأن تمنح الطفل كل العاطفة أثناء مرضه وتتحاور معه بحنان كأن تقول له مثلاً: «أعرف يا طفلي أنك تعاني وجائع لكن لا أستطيع أن أخالف الطبيب، فأنت مريض، أنا بجانبك وأحبك».
فهذه الكلمات الحنونة سوف تشعره بالراحة ويدرك أن أمه ليست سيئة بل تحبّه وليست سبب آلامه، وأن هناك مشكلة تمنعها من تنفيذ رغباته، مما يزيل انطباعه السلبي عنها.