مصابات بالإيدز عن طريق أزواجهن يحققن الكثير من المنجزات

مرضى الإيدز, الزواج, الحياة الزوجية, الحمل, مستشفى

13 يونيو 2013

أن يتحوّل الزوج من مصدر أمان وحماية إلى سبب لإنهاء حياة زوجته، ليس بالأمر الهيّن خاصة إذا ما تم ذلك بطريقة لا إرادية تشعر المرأة بأنها كانت ضحية خطأ ارتكبه زوجها في يوم من الأيام كلّفه حياته، لينهي أيضاً حياة زوجته بفيروس لا يرى بالعين المجردة، غير أنه كفيل بتدمير أسرة كاملة بعد وفاته.
«
الإيدز»، تلك المفردة التي تبثّ الرعب في نفوس الناس على اختلاف فئاتهم العمرية والاجتماعية وغيرها، مرض ارتبط في أذهان الناس بأنه موت محتّم، ولكنه بطيء ربما يمتد سنوات طويلة تتخلّلها الكثير من الآلام.
«
لها» زارت الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الإيدز، ووقفت وجها لوجه أمام نساء قدّر لهن الإصابة بذلك المرض عن طريق أزواجهن، غير أنهن استطعن التعايش معه والتوجه بمعاناتهن نحو الطريق الإيجابي، خصوصاً أنهن لم يصبن به نتيجة ممارسات غير شرعية، وإنما كانت العدوى في إطار العلاقة الزوجية
...


قبل 14 عاماً

أم راكان
، البالغة من العمر 44 عاماً، أصيبت بفيروس الإيدز قبل نحو 14 عاماً عن طريق زوجها بعد ما يقارب تسعة أعوام من زواجهما الذي كان حصيلته ولدين وبنتاً، إلا أن صدمتها في تلقّي الخبر لم تستمر سوى أسبوع واحد فقط كونها قررت أن تكافح من أجل تربية أبنائها الثلاثة.
تقول: « تزوجت المرة الأولى في سن 13 عاماً، وعشت مع زوجي الأول قرابة أربعة أعوام أنجبت فيها بنتاً وولداً، غير أننا تطلقنا ومكثت في منزل عائلتي نحو ست سنوات، ولكنني واجهت ضغطاً من أفراد العائلة كي أتزوج من رجل تقدّم لخطبتي وفعلاً تم الزواج الثاني، وتركت ولديّ لزوجي الأول».

قدّر لها أن يكون زوجها الثاني مدمناً للمواد الكحولية وكثير الأسفار خاصة إلى دولة كينيا، ولأنها أنجبت منه أبناءها الثلاثة قررت تحمّل حياتها معه دون أن تدري أنه سيكون سبباً لإصابتها بفيروس نقص المناعة المكتسبة.
وبعد السنوات التسع الأولى من زواجها الثاني، انتكس زوجها وأصيب بارتفاع في درجة الحرارة مع سعال مستمر، وبقي على هذا الحال قرابة ثلاثة أشهر لم يستفد خلالها من أدوية المستشفيات بشيء. وشخّص الأطباء بعد ذلك إصابته بمرض الدرن «السل»، وفي غضون أربعة أشهر بدأ يفقد وزنه بشكل سريع ليتم اكتشاف إصابته بفيروس الإيدز.


الابتعاد عن معاشرتها

هنا، كان لزاماً استدعاء المخالطين له وإخضاعهم للفحوص أيضاً، وبالفعل أجريت للأبناء والزوجة تحاليل الدم وأظهرت النتائج سلامة الأولاد فيما أكدت إصابة الزوجة بالمرض.
تقول أم راكان: « فور علمي بأنني أحمل الفيروس طلبت منه أن لا يقترب مني مطلقاً، وبكيت كثيراً حينها خصوصاً وأن أكبر أبنائي لم يتجاوز السابعة من عمره في حين كان يبلغ ابني الأوسط من العمر ستة أعوام، وكانت ابنتي ذات ثلاث سنوات.وعندما كنت أصلّي تمسّك أحد أبنائي بطرف ثوبي فنظرت إلى زوجي وقلت له أرجوك لا تقترب مني مطلقاً فأبنائي ما زالوا بحاجة إليّ».

بعد أسبوع كامل أمضته أم راكان في البكاء والنحيب كانت تترقب فيه إصابتها بالمضاعفات المتوقع حدوثها نتيجة إصابتها بالإيدز، قررت الكفاح من أجل تربية أبنائها. وبعد نحو خمسة أشهر توفي زوجها تاركاً أمامها درباً مجهول النهاية، فهي لم تكن تعلم مدى قدرتها على التعايش مع المرض ومتى ستلحق بزوجها لتدع خلفها ثلاثة أيتام لا تعرف كيف سيعيشون. تقول: «خلال فترة حدادي على زوجي بدأت التواصل مع عدة معاهد لأخذ دورات تدريبية في الحاسب الآلي واللغة الإنكليزية كوني لم أكمل تعليمي بعد المرحلة الابتدائية، وبمجرد انتهائي من الحداد التحقت بالمعهد لإتمام تلك الدورات». وفور انتهائها من الدورات التدريبية، تقدمت أم راكان إلى وظيفة في مستوصف صغير، وبعد نحو عامين عرفت إدارة المستوصف بمرضها وتحدثت معها رئيسة القسم بأسلوب فظ كونها تعتقد أن هذا المرض سينتقل إلى الجميع بمجرد المخالطة، فأجبرت على الاستقالة.

واستطردت أم راكان: «بعد استقالتي كنت أرغب في توديع زميلاتي اللواتي رفضن حتى السلام عليّ خوفاً من انتقال العدوى، وهرعن إلى المختبر لإجراء فحوص كي يتأكدن من سلامتهن، وهو ما أثّر على نفسيتي بشكل كبير».
وبفضل قوة إرادتها لكسب الرزق والإنفاق على أبنائها، التحقت بوظيفة أخرى في أحد المستشفيات كموظفة استقبال، إلا أن الإدارة ضغطت عليها لتقديم استقالتها أيضاً بعد انكشاف أمر مرضها، وتكررت معاناتها في مستشفى آخر، إلا أن إحدى زميلاتها تقدمت باستقالتها أيضاً تضامناً معها.


إدارة المستشفى تتواصل مع وزارة الصحة

بعد استقالتها من وظيفتها تواصل معها أحد الأفراد في صحة جدة لاستدعائها في ظل إدارة المستشفى الذي كانت تعمل فيه سابقاً، وهو ما أثار ذعر أفراد عائلتها خوفاً عليها من الحجر أو العزل.ولكنها كانت أقوى من كل تلك المخاوف وذهبت للقاء هذا الشخص الذي كان موظفاً بمستشفى الملك سعود المخصص لمرضى الإيدز والذي كانت وقتها ذا إمكانات محدودة جداً.
وتضيف: «كان سبب الاستدعاء هو متابعة حالتي بشكل طبيعي، وأخذوا مني كل المعلومات بشأن إصابتي وانتقال العدوى إليّ وبدأت معهم الخطوات العلاجية التي على إثرها انخفضت نسبة فيروس الإيدز لدي إلى الصفر، فأصبحت أحمل مجرد فيروس خامد في دمي ولن يسبب لي أي مضاعفات».
وتلفت أم راكان إلى أنها كانت تعتقد أنها المصابة الوحيدة في مدينة جدة بهذا المرض، غير أنها علمت بعد تأسيس الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الإيدز أن هناك غيرها من السيدات الحاملات لفيروس نقص المناعة المكتسبة، فتعرفت عليهن عن طريق مدير الجمعية موسى هيازع الذي اعتبرها بمثابة مرشدة للأخريات على خلفية ما تتحلى به من إرادة قوية.

وصل ابنها الأكبر الآن إلى 21 عاماً من العمر، ويصغره بعام واحد فقط شقيقه الأوسط، بينما تبلغ ابنتها حالياً 18 سنة، في حين تزوج ابنها وابنتها من زوجها الأول، وجميعهم يفتخرون بوالدتهم التي يرونها رمزاً للكفاح، إلى درجة أنهم يحضرون معها الندوات والفعاليات التي تشارك فيها للتحدث عن تجربتها مع المرض، بل يتسلّمون بالنيابة عنها الدروع التذكارية أمام جميع الناس. وفي ما يتعلق بأفراد عائلتها الآخرين، ذكرت أنهم يتعاملون معها بشكل طبيعي ولا تشعر بأنها مريضة، إضافة إلى أن والدتها تعتقد أن مرض الإيدز مثله مثل الأمراض المزمنة الأخرى، فتصر عليها كي تتزوج. ولكن أم راكان أوضحت لها طبيعة فيروس الإيدز والأمور المترتبة على زواجها في الوقت الحالي، إلى جانب رغبتها في تمضية ما تبقى من عمرها مع أبنائها.
وزادت: «أسعى إلى تحقيق الكثير من الأهداف مع زميلاتي المصابات، ولا أخجل من التحدث عن نفسي والظهور الإعلامي، وأنا على أتم الاستعداد للنقاش والحوار والمشاركة في ملتقيات حتى خارج المملكة كي أتحدث عن نفسي خصوصاً أن إصابتي بالمرض لم تحصل بطريق خاطئ».


في الشهر التاسع من الحمل

تزوجت ابن عمها وهي لم تكمل الـ12، ومكثت معه نحو خمسة أشهر فقط، ثم امتنعت عن الزواج مرة أخرى قرابة 11 سنة، إلا أن ابن خالتها تقدّم لخطبتها وكان يعاني من مرض وراثي في الدم، فوافقت على الارتباط به رغم ظروفه الصحية السيئة.
فترة عام وتسعة أشهر وهي مدة زواجها، كانت كافية لأن تنتقل عدوى الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة من زوجها إليها، وتقول أم يوسف إنها حملت مبكراً في بداية زواجها الثاني. وفي الشهر التاسع من حملها أجريت لها فحوص تقليدية قبل الولادة لتكتشف أنها مصابة بالإيدز منذ شهر حملها السابع. وتضيف: «رغم مرور ما يقارب 13 عاماً على إصابتي، لا أزال أتذكر ذلك الموقف حين أخبرتني الطبيبة بأنها أحالت أوراقي إلى مستشفى الملك سعود في جدة، وعندما سألتها عن السبب قالت لي إنني مصابة بالإيدز بدون أن تمهّد لي الأمر، فانهرت وتم إدخالي فوراً لتوليدي بعملية قيصرية مكثت على إثرها في وحدة العناية المركزة لمدة ثلاثة أيام».

وبعد استدعاء زوجها لإجراء الفحوص له اتضحت إصابته بالفيروس، وحين سألته إذا ما كان يعلم بمرضه قبل الزواج لم يرد عليها سوى بالبكاء، فلامته كثيراً لأنه لم يخبرها بذلك ولكنه لم يرد عليها بأية كلمة. واستطردت أم يوسف: «كانت ابنتي سليمة ولم تصب بالإيدز خصوصاً أن الأطباء منعوني من إرضاعها رضاعة طبيعية كي لا تنتقل إليها العدوى، ولكنها ولدت بعيب خلقي في القلب، إلى جانب إصابتها بالأنيميا المنجلية».
توفي زوجها بعد عام وتسعة أشهر من زواجهما، ولحقت به ابنتهما التي لم تكمل العامين، الأمر الذي دفع بأم يوسف إلى الخضوع للعلاج النفسي وتناول العقاقير المهدئة طوال عام كامل.
وفي تلك الأثناء، جاءها الخبر السار من مستشفى الملك سعود بوجود عقار يعمل على إخماد الفيروس في جسم المصاب ويمنع حدوث مضاعفات تتسبب بوفاته، وعلى الفور توجهت إلى المستشفى وبدأت في تلقي العلاج الذي بالفعل أوصل نسبة الفيروس في دمها إلى الصفر.
وأوضحت أم يوسف أنها لا تعلم حتى الآن سبب إصابة زوجها بفيروس الإيدز، غير أنها سمعت أنباء من أفراد كانوا مقرّبين منه بأنه كان دائم الممارسة لعلاقات غير شرعية قبل الزواج.


تزوجت من شخص سليم

وتؤكد أم يوسف على أن أفراد عائلتها دعموها كثيراً ولم يشعروها بأنها مريضة، خاصة والدتها التي توفيت قبل نحو خمسة أشهر، وهو ما منحها دافعاً للانخراط في البرامج التوعوية والمؤتمرات المتخصصة في الإيدز، إلى جانب التحاقها بالجمعية الخيرية منذ تأسيسها.
مضى على وفاة زوجها نحو 10 أعوام، وتقدم لخطبتها رجل سليم ازداد إصراره على الزواج منها عندما علم بقصتها، وبالفعل تزوجت منه قبل ما يقارب ستة أشهر لتعيش معه حياة طبيعية تقنّنها بعض الطرق الوقائية من أبرزها استخدام الواقي الذكري أثناء المعاشرة، خصوصاً أنها لا تفكر مطلقاً في الإنجاب.
وزادت: «سعيدة كثيراً مع زوجي الذي أصر على الارتباط بي رغم ظروفي، فهو مؤمن بأن كل شيء مكتوب من عند الله تعالى، ويخضع للفحوص الطبية كل ثلاثة أشهر ولله الحمد هو خالٍ من المرض».


جيرانها لا يعلمون بإصابتها

قررت أم يوسف وعائلتها عدم الإفصاح عن مرضها لأي من الجيران خوفاً من الأقاويل والمواقف المبنية على الجهل.
تقول: «قبل إصابتي بالمرض كنت أعيش حياتي بنوع من اللامبالاة، ولكن بعد الإيدز تقربت إلى الله عز وجل بشكل أكبر من السابق، وأصبحت إنسانة مسؤولة عن كل تصرفاتي، خاصة أنني أريد كسب آخرتي بالصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى».


موسى هيازع: 115حالة نسائية مسجلة في الجمعية على مدى خمس سنوات

كشف موسى هيازع المدير العام للجمعية السعودية الخيرية لمرضى الإيدز في جدة وجود نحو 115 امرأة مصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة مسجلات في الجمعية، وذلك منذ تأسيسها قبل نحو خمسة أعوام، مبيناً أن معظم هؤلاء النساء أصبن بالمرض جرّاء العدوى من أزواجهن.
وبيّن أن الجمعية سجلت لديها 15 طفلاً مصاباً بالإيدز، و10 عائلات أفرادها مصابون من زوج زوجة وأبناء، ومنهم عائلات مكونة من الزوج والزوجة دون أطفال، مشيراً إلى أنه على مستوى المملكة كل أربعة رجال مصابين بالإيدز تقابلهم امرأة واحدة.
ولفت إلى أن الخدمات المقدمّة للمرضى المسجلين في الجمعية تخدم حتى المخالطين لهم، وتستمر في حال وفاة المريض، مضيفاً: «منذ إنشاء الجمعية حتى الآن توفي أربعة رجال وامرأة واحدة فقط».


أكثر من 120 حالة زواج 

خدمة التزويج، تقدمها الجمعية لمرضى الإيدز الراغبين في الزواج من مصابين ومصابات، وتمت أكثر من 120 حالة زواج عن طريق الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الإيدز على مدى خمس سنوات، تمكنت فيها 15 عائلة من إنجاب أطفال سليمين رغم إصابة الزوجين بالفيروس.
وهنا، يقول المدير العام للجمعية: «أخيراً، وفّقنا بين ست حالات لتزويجهم، وتتم متابعة حالاتهم بعد الزواج وإعطاؤهم العقار الذي يعمل على تعطيل نشاط الفيروس في الدم ، تحت إشراف طبي».

وبالنسبة إلى الخطوات التي تتم لتزويج الحالات الرجالية والنسائية، يفيد هيازع بأن كل راغب في الزواج يتقدم بطلب يشمل مواصفاته ومواصفات شريك حياته، وتعمل الجمعية على التوفيق بين  المتناسبين بناءً على تلك المواصفات، ومن ثم التواصل مع إدارة فحص ما قبل الزواج في صحة جدة لإخبارها بحالة المتقدمين إليهم كي يتم التغاضي عن نتيجة الإيدز والاكتفاء بإجراء الفحوص الأخرى وتحديد التطابق بين الخاطبين والمخطوبات.
وبما أن مرضى الإيدز باتوا قادرين على الزواج وتكوين أسرة، طالب هيازع المؤسسات ورجال الأعمال والجهات المعنية بتوفير وظائف ملائمة لهؤلاء المرضى وإحسان التعامل معهم تفادياً لما قد يترتب على سوء المعاملة من نزعة عدوانية تدفع بهم إلى نشر المرض بين أفراد المجتمع بغرض الانتقام.


لا تزيد عن 40 في المئة

من جانبها، أكدت الاختصاصية الاجتماعية في الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الإيدز والمشرفة على عيادة المشورة والفحص الطوعي للإيدز باسمة عبد العزيز، أن الحالات النسائية المسجلة لدى الجمعية لا تزيد على 40 في المئة من إجمالي الحالات، مبينة أن بين كل 10 رجال هناك امرأتان أو ثلاث فقط مصابات بالإيدز.
وتقول إن المرأة التي ينتقل إليها المرض عن طريق زوجها يكون لديها إحساس كبير بالظلم، ويختلف إحساسها تماماً عن إحساس رجل أصيب بالمرض من جرّاء ممارسته علاقة جنسية غير شرعية.

وتشير إلى أن الخدمات المقدمة من قبل الجمعية متساوية للرجال والنساء، وتشمل سلالاً غذائية شهرية وجلسات للدعم وبرامج ترفيهية، إضافة إلى أجهزة كهربائية تقدم للمرضى والمريضات المحتاجين مرتين في العام وفق إجراءات معينة تقوم بها الجمعية لتحديد مدى احتياج المرضى إلى تلك المساعدات.
وتعلّق عبد العزيز على أكثر المواقف المؤثرة فيها بالقول: «يؤلمني الاحتياج المادي للمريضة التي  تكون إما مطلقة من زوجها أو أرملة، إلى جانب أن هناك نساء لا يكتشفن إصابتهن بالمرض إلا بعد وفاة أزواجهن من خلال أسباب الوفاة، والكثيرات منهن لا يجدن مصدر رزق لهن يعتمدن عليه في تدبير أمور حياتهن في ظل نبذ المجتمع لهن».


نسبة انتقال المرض تتعدى 65 في المئة

يؤكد استشاري مختبر المناعة في مستشفى الملك خالد للحرس الوطني في جدة الدكتور عبد الفتاح المولد أن أعلى نسب انتقال عدوى فيروس نقص المناعة المكتسبة تكون في العلاقات المثلية بين الرجال، تليها نسبة انتقاله من الرجل إلى المرأة بنسبة تراوح ما بين 65 و 70 في المئة، بينما تمثل نسب انتقال العدوى من المرأة إلى الرجل ما يقارب 40 في المئة.
ويشير إلى أن فيروس نقص المناعة المكتسبة «الإيدز» لا يكون موجوداً في كل سوائل جسم المصاب، وإنما في الدم والسائل المنوي للرجل والمهبل للمرأة، مما يؤكد أن انتقال عدوى الإصابة بالإيدز لا يكون مطلقاً عن طريق اللعاب أو المصافحة أو المخالطة الطبيعية.


حماية من الإصابة بنسبة 90 في المئة 

وبالاعتماد على نسب انتقال العدوى من الرجل إلى المرأة، أفاد المولد بأن المرأة المتزوجة من رجل مصاب بالإيدز تعد في أعلى درجات الخطر، وينبغي حينها استخدام العوازل الذكرية لمنع انتقال السوائل إليها، مبيناً أن علاج المصاب من فيروس الإيدز يعتمد على كمية الفيروس في الدم، ذلك أن فرصة العلاج تكون جيدة إذا ما حصلت العدوى بطرق أخرى غير الاتصال الجنسي.
وحول استخدام الواقيات الذكرية أثناء معاشرة الزوج المصاب لزوجته إذا ما كانت سليمة، قال: « قد يحمي استخدام الواقي الذكري المرأة من انتقال العدوى إليها بنسبة 90 إلى 100 في المئة، ولكن في بعض الأحيان تكون نوعية العوازل سيئة، مما يجعلها تتمزق بشكل غير مرئي فتنتقل من خلالها السوائل وبالتالي ينتقل المرض». وشدد على أفضلية الامتناع عن الاتصال الجنسي تفادياً لانتقال المرض من الزوج إلى الزوجة، فضلاً عن ضرورة استخدام الزوج للعقار الطبي فور اكتشافه المرض بهدف تخفيف نسبة الفيروس في الدم.
وشرح المولد أن المرأة إذا ما تم إخضاعها لعقاقير وقاية ما بعد التعرض، فإنها قد تساعدها في توقف العدوى شرط أن تأخذها خلال الـ24 ساعة الأولى من إصابتها، إلا انه لا توجد عقاقير تحمي المرأة بشكل قطعي إذا ما كانت سليمة ومتزوجة من مصاب.


وصمة العار وتمييز المجتمع

ترى الاختصاصية النفسية في الجمعية هديل عسيري أن أكثر المرضى والمريضات يعانون من ناحية اعتبار مرضهم بمثابة وصمة عار، إضافة إلى التمييز الذي يمارسه عليهم أفراد المجتمع، من حيث حرمانهم من الوظائف وغيرها، ما يجعلهم يفكرون في الانتحار بسبب اقتناعهم بعدم قدرتهم على التعايش مع المرض.
وتعتبر الإيدز مثله مثل أي مرض مزمن آخر، وإذا أعطي المصاب الدعم النفسي المطلوب فإنه سيساعد نفسه على التعايش الحقيقي مع المرض، خاصة أن مرضى الإيدز ليسوا بالضرورة مهددين بالموت السريع بخلاف المصابين بأمراض أخرى كالسرطان وغيرها.

وأوضحت أن المرأة المصابة تكون أكثر انهياراً من الرجل، لأن بعض الرجال قد يتعايشون بشكل سريع مع المرض، غير أن المرأة لا تستطيع فعل ذلك كونها عاطفية. كما أن هناك مصابات لا يعرفن مصدر انتقال العدوى إليهن، إلى جانب أن ما بين 3 و 4 في المئة من المصابات لم يخبرن أهاليهن بمرضهن، مشيرة إلى أن غالبية المسجلات في الجمعية هن من الأرامل.
وأكدت عسيري وجود مصابات تولدت لديهن نزعة الانتقام عبر نشر الفيروس بين أفراد المجتمع، اذ أنهن يعتبرن ما حدث لهن بمثابة ظلم من أفراد ضحكوا عليهن، الأمر الذي يدفع بهن إلى تجريع الآخرين مرارة الألم. وأوضحت أن الجمعية تحاول احتواء تلك الحالات والتعاطف معهن وإشعارهن بالأمان وتعزيز قدرتهن على التعايش بشكل سليم مع المرض.

CREDITS

تصوير : محمد يحيى