من الأوبرا إلى الباليه: هجمة شرسة على الفنون الراقية في مصر والنجوم يدخلون المعركة

دار الأوبرا المصرية, مصر, نسمة محجوب, إيناس عبد الدايم, هاني شاكر, إيمان البحر درويش, غادة رجب, حلمي بكر, طارق الشناوي

11 يونيو 2013

بمجرد تولي الدكتور علاء عبد العزيز منصب وزير الثقافة في مصر، فوجئ الجميع بإصداره قرارات صادمة وغريبة أشعلت الساحة الثقافية والفنية بأكملها، ومنها إقالة الدكتورة إيناس عبد الدايم من منصبها كرئيسة لدار الأوبرا المصرية، وهو ما اعتبره البعض بداية لإسناد مناصب الوزارة إلى أشخاص من الإخوان المسلمين والهجوم على الفنون الراقية في الأوبرا. وتسبب هذا القرار بحالة من الغضب في صفوف عدد كبير من المثقفين والفنانين وأيضاً العاملين والموظفين في دار الأوبرا الذين أكدوا وجود هجمة شرسة تتعرض لها الفنون الراقية في مصر، خاصة أن قرار إقالة عبد الدايم جاء بالتزامن مع فتوى تحريم فن الباليه... في السطور التالية نرصد ردود فعل الفنانين والمثقفين والنقاد على ما تشهده الساحة الثقافية والفنية في مصر.


في البداية، يؤكد الموسيقار أن القرارات التي أصدرها وزير الثقافة لا تتعلق بمصير دار الأوبرا المصرية فحسب، موضّحاً أن هناك هجمة شرسة تتعرض لها الفنون الراقية في مصر، ويقول: «ما يحدث الآن يعتبر اعتداءً صارخاً على الثقافة المصرية، فقرارات وزير الثقافة الأخيرة لا تسعى لتدمير دار الأوبرا المصرية فقط، بل هي جزء من الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الثقافة والفن في مصر منذ أكثر من عام».

 ويضيف: «رغم كل هذه القرارات، سعدت بردود فعل الفنانين والمثقفين، ورفضهم لما حدث ليس فقط من أجل التضامن مع شخص إيناس عبد الدايم، لكن للإعلان عن حرصهم على الحفاظ على الفنون المصرية ودعمهم لرموزها». وكشف خيرت أنه لن يتراجع عن قرار إلغاء كل حفلاته المدرجة على أجندة دار الأوبرا، ويقول: «قررت وقف كل نشاطاتي الفنية في الأوبرا حتى يعود الحق إلى أصحابه ويتراجع الوزير عن هذا القرار، لكني مازلت مؤمناً بأن الحل الوحيد لمواجهة هذه الهجمة الشرسة هو العمل الدائم والاستمرار في تقديم هذه الفنون التي تسعى للارتقاء بالمجتمع المصري. وعلى أي حال لن أتخلى عن دعم الدكتورة إيناس عبد الدايم، وسأظل أساند هذه القضية، خاصة أنها تتعلق بمصير الفن الراقي في مصر». ويكمل: «لم أنزعج عندما علمت بالفتوى التي تحرم فن الباليه، فنحن اعتدنا على خروج الفتاوى التي تسعى لتحريم كل الفنون الراقية. فبعد وصول التيارات الدينية إلى الحكم أصبحت هناك محاولات صريحة لتغيير هوية مصر، إلا أنني واثق أن الشعب المصري لن يسمح بحدوث هذا الأمر، ولن ينصت إلى الدعاوى التي تحرّم الفن».


صدمة

أما الفنان هاني شاكر فيؤكد وجود محاولات لإعدام الفن الراقي في مصر والتضييق على المطربين بل وإرهابهم، كما وصف ما يحدث بالهجمة الشرسة على الفن المصري، مبدياً استياءه الشديد من قرارات وزير الثقافة ومن الفتاوى التي صدرت أخيراً عن بعض التيارات الدينية في مصر. ويقول: «بعد علمي بقرار إقالة الدكتورة إيناس عبد الدايم وبالفتاوى الخاصة بتحريم بعض الفنون الراقية في مصر، أصابتني حالة من الصدمة، وحتى الآن لا يمكنني استيعاب ما حدث، فهناك محاولة لمحاربة كل شخص يعمل بجدية وبإخلاص في مهنته. لكننا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام ما يحدث، وسنتخذ موقفاً حاسماً للتصدي لهذه الهجمة، لأننا إذا صمتنا سيأتي الدور على الفنون الأخرى والنقابات الفنية لتدميرها وهدمها».


استياء

أما الفنان إيمان البحر درويش فيقول: «لا يمكن أن أصف مدى استيائي وصدمتي بعد علمي بالفتاوى التي صدرت بشأن بعض الفنون الراقية، وأيضاً بعد القرارات المضطربة لوزير الثقافة الأخيرة. لكن رغم هذه الأحداث المحزنة، أنا سعيد برد الفعل العنيف الذي اتخذه مثقفو مصر وفنانوها، وأعتقد أن هذا أقوى رد فعل شهدته الساحة منذ تعرض الفن لهجمات من بعض التيارات السياسية الدينية». ويضيف: «أعتقد أن الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو تقديم وزير الثقافة استقالته، خاصة بعد شعور كثيرين بأنه يتخذ القرارات بطريقة عشوائية لا تدل على وجود خطة واضحة لتحقيق النهضة الثقافية. فإذا تحدثت عن قرار إقالة دكتورة إيناس عبد الدايم، فأرى أنه قرار ظالم، خاصة أن هذه السيدة حققت العديد من المنجزات منذ توليها منصب رئاسة دار الأوبرا ولم يحدث أي أخطاء في عهدها».


إرهاب الفنانين

وتصف الفنانة غادة رجب الهجمة التي تتعرض لها الفنون الراقية في مصر بالمذبحة، وتقول: «ما يحدث يعتبر مذبحة جديدة تساهم في تنفيذ المخطط الذي وضعه كارهو هذا البلد للقضاء على مصر وشعبها، فسياسة الحكومة تهدف إلى طمس معالم الفنون والثقافة في مصر، فهم يعلمون جيداً أن الفن واحد من أهم معالم حضارتنا العريقة. وصدمت من قرار إقالة الدكتورة إيناس عبد الدايم، خاصة أنها لم ترتكب أي أخطاء خلال فترة توليها هذا المنصب، بل نجحت في فترة وجيزة في تحقيق العديد من المنجزات، وجعلت دار الأوبرا تشهد حالة من الانتعاش والنهضة، لكن يبدو أن إخلاص هذه السيدة الناجحة في عملها لم يعجب البعض». وتضيف: «رغم كل المحاولات التي يلجأ إليها البعض لتدمير الفن خاصة الراقي، الذي يخدم هذا البلد ويرتقي بعقلية الشعب المصري، أنا متأكدة من فشل كل هذه المحاولات، فلا أحد بإمكانه تدمير الفن أو إرهاب الفنانين والمثقفين. مصر ستظل هوليوود الشرق، لكني أعتقد أن الحل الأمثل أمامنا هو تنظيم العديد من الوقفات الاحتجاجية تصدّياً لقرارات الحكومة الأخيرة والفتاوى التي أصدرها أحد التيارات المتشددة، فالأسبوع الماضي دعوت جمهوري وأصدقائي الفنانين للمشاركة في أكثر من وقفة احتجاجية أمام دار الأوبرا، وطلبت من كل محبي الفن ومن كل مواطن يخاف على ثقافة وعلوم وفنون مصر أن يشاركوا في الوقفات الاحتجاجية التي ينظمها العاملون في دار الأوبرا، ليس فقط لمساندة دكتورة إيناس، لكن للتصدى للهجمة التي تعرضت لها الفنون الراقية، كالفتوى التي تحرم فن الباليه والاستماع إلى الموسيقى والأغاني».


هجمة جديدة

«الفن ينهار بعد تعرضه لهجمة في عموده الرئيسي»، بهذه الكلمات وصف الموسيقار حلمي بكر الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الفنون الراقية في مصر، ويقول: «أعتقد أن الجميع يسألون «الدور القادم على من؟»، فبعد الهجوم على الفنانة إلهام شاهين فوجئنا بهجوم آخر على يسرا ثم عادل إمام وهالة فاخر، والآن أصبحنا نواجه هجمة جديدة في اتجاه آخر من خلال قرار إقالة الدكتورة إيناس عبد الدايم وخروج بعض الفتاوى الغريبة التي تحرم بعض الفنون كالباليه. بصراحة أنا لا يمكن أن أصف مدى قلقي على مستقبل الفن ولا أعرف ما هو الحل، لكني أريد أن أوجه رسالة إلى وزير الثقافة وإلى كل شخص في هذه الحكومة، وهي أن يتقوا الله في مصر وأن يحافظوا على هذا البلد».


المقاطعة

وتؤكد نجمة ستار أكاديمي نسمة محجوب أن الحل الوحيد للتصدي لأي قرارات حكومية تسعى للتضييق من حرية الفنانين والمبدعين هو المقاطعة، وتقول: «يجب أن نقاطع أي حفلات تقيمها وزارة الثقافة، كمحاولة لتأكيد رفضنا أي قرارات تحاول هدم الفن وإرهاب الفنانين».


مخطط

أما الناقد الفني طارق الشناوي فيقول: «هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الفن والإبداع لهجوم، فالهجمة التي تعرض لها فن الأوبرا والباليه في مصر تعتبر جزءاً من المخطط الذي يحاول البعض تنفيذه لهدم الفن وتدميره. لكني أعتقد أن الاختلاف هذه المرة في رد فعل الفنانين والمبدعين، فهو أقوى من كل مرة وهذا الأمر يجعلني أشعر بالتفاؤل، لكني أخال أن هذه الهجمة لن تكون الأخيرة بل سنشهد خلال الفترة المقبلة هجمات أخرى على بقية الفنون المصرية، خاصة أن مخطط الحكومة مع الفن أصبح واضحاً، فالقرارات التي صدرت حديثاً لا تنفذ سياسة الحكومة، بل تتعامل مع الفن بشكل ظالم وبطريقة فيها نوع من الاضطراب والتعسف».  ويضيف: «رغم إعلان الفنانين حالة التمرد ورفضهم لما يحدث، أنا مؤمن بأن الحل ما زال في يد الشعب، فلا يمكن للمبدعين أن يدافعوا عن فن الباليه ونحن نعلم جيداً بوجود قطاع كبير من الشعب المصري لا يؤمن بأهمية هذا الفن ولا يعرفه من الأساس، لذلك فالحل الوحيد أمامنا هو غرس حب الفنون لدى الناس حتى يثوروا على أي قرارات ظالمة تتخذها الحكومة».


سألجأ إلى القضاء

وتعبر الدكتورة إيناس عبد الدايم عن سعادتها بتضامن عدد كبير من الفنانين والمبدعين معها ومساندتهم لها، وتقول: «القضية لا تتعلق بشخصي، لكنها تخص الفن بأكمله. فقرار إقالتي هو بداية لحرب ستواجهها دار الأوبر المصرية والفنون الراقية خلال الفترة المقبلة، خاصة أن وزير الثقافة ليس لديه خطة للارتقاء بالثقافة والإبداع في مصر، بل إنه يملك مخططاً لأخونة الفن وإخضاعه لسياسات الحكومة، فالقرارات التي أصدرها يمكن أن نصفها بالعشوائية والمضطربة، وأعتقد أن قرارات الإقالة التي طالت عدداً من القيادات في أكثر من جهة ثقافية هدفها إرهاب الفنانين وهدم الفن. لكننا لن نصمت وسنواجه هذه الهجمات، فأنا إقامة دعوى قضائية عليه للطعن بقرار إقالتي». وتضيف: «الغريب في الأمر أنني سمعت بخبر إقالتي قبل صدوره بأسبوع، وعندما تقابلت مع الوزير في أول اجتماع أقامه لقيادات الوزارة أكد لي أنها مجرد شائعات، حتى فوجئت بقرار الإقالة يصل إلى مكتبي. كنا نتوقع من الدكتور علاء عبد العزيز أن يجلس مع الجهات الثقافية لمعرفة المشاكل والأزمات التي تمر بها، لكن من الواضح أن هناك مخططاً واضحاً لديه يريد أن ينفذه، وليس من ضمنه بالطبع الاهتمام بالأوبرا التي لم يحضر لها أي حفلة يوماً».