ابن مارسيليا فرنسوا شامبسور

ابن مارسيليا, فرنسوا شامبسور, تصاميم راقية, المهندس فرنسوا شامبسور, تصاميم عصرية, الرفاهية, إبداع, زخرفة, الإضاءة, ألوان, ركن

15 أغسطس 2014

أجواء تتسم بالأناقة والبساطة وطابع مميز تطرزه تفاصيل جميلة تنبض بحيوية الأشكال والألوان. مناخات متوسطية يجسدها المهندس فرنسوا شامبسور بصياغات حسّية رشيقة تتجاوز المألوف ليقدم من خلالها نهجاً جديداً في التصميم، يلامس بمظهره القلوب ويلهب الأحاسيس والمشاعر.
ولأنه ابن مرسيليا العاشق لتراثها الفني الأصيل وألوانها المشعة وآفاقها المفتوحة دائماً على الفرح والبهجة، تبث تصاميمه ومشاريعه التوهج والألق.
أسلوبه الخاص تحوّل الى علامة فارقة في مجالات الهندسة الداخلية والتصميم، تستوقف جميع محبي أجواء الرفاهية والتغيير.


التحق فرنسوا شامبسور بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة في مرسيليا لينال ديبلوماً في الهندسة الداخلية، ثم تابع دراسته في باريس عام 1980 في المدرسة الوطنية العليا للفنون الزخرفية وحصل منها شهادة عالية، مهّدت له دروب الإنطلاق في عالم هذه المهنة التي أحبّها وشكّلت حلمه الأكبر منذ الصغر.

دراسته واختباره للحياة العملية في باريس، أثناء عمله في العديد من مكاتب «الديزاين»، انضجا رؤيته الزخرفية ودغدغا أحلامه ودفعاه للإنطلاق في مجالاتها المتعددة من تصميم هندسي وزخرفي اضافة إلى مجالات الأثاث والأكسسوارات .

افتتح أول مكتب له عام 1996، فكان نقطة البداية وحصل على العديد من المشاريع الزخرفية المهمة في فرنسا، ومنها انطلقت شهرته الى خارج الحدود لتصل الى العديد من البلدان، مما فتح شهيته على المزيد من الإبداع وابتكار تعابير زخرفية متفرّدة، ميّزته عن الكثير من المصممين في الساحتين الباريسية والعالمية.

صياغاته الجميلة الملونة تتسرب من ذاكرة تفيض بالصور والأحاسيس المدهشة، تلفها أجواء متوسطية جذابة تنبض ألوانها وخطوطها البسيطة السلسة وموادها بحيوية مثيرة تتجسد في كل مشروع من مشاريعه رونقاً وأصالة.

أضاف شامبسور نفساً جديداً الى عالم التصميم، فيه الكثير من اللطافة والنعومة المحمّلة بالخفة والتي تتلاءم مع نبض أحاسيس الناس، بأسلوب لا تخلو تشكيلاته من الشاعرية.

منذ انجازاته الأولى لمنزل في مدينة روان ومقهى ألما في باريس، عمل فرنسوا على تقديم كل مشروع من مشاريعه برؤية كلية: هندسية معمارية وزخرفية لا يمكن تجزئتها.

ولعل ميزة هذا المهندس الرئيسية هي قدرته على المزاوجة وبشكل متواز بين نشاطين: فنون العمارة والهندسة الزخرفية.
ومن أجل ذلك شد أسلوبه الأنظار لقدرته الفائقة على تشكيل المساحات والتلاعب بالأشكال والأحجام والأضواء والظلال، لإضفاء أجواء أنيقة فاخرة متناغمة مشبعة بروح الفن الخالص حيناً وبشيء من الدعابة والمرح الجاذب أحياناً.

ولا تقتصر إبداعات فرنسوا شامبسورعلى الهندسة المعمارية والهندسة الداخلية، بل هو أيضاً مصمّم بارع ومتميّز.
توقيعه لمشاريع زخرفية كثيرة من شقق ومنازل ومخازن ومطاعم وفنادق ومقاه، ساهم في إنتشاره ليس في باريس وفرنسا فحسب، وإنما في معظم دول العالم.
كما أن حيويته في تصميم الأثاث والأكسسوارات وحرصه على الإبداع والإبتكار وتطوير مفاهيم زخرفية من خلال تعامله مع كل العناصر والمواد، جعلا منه قاسماً مشركاً بين العديد من العلامات التجارية الفرنسية الراقية والتي تهتم بالأثاث وبياضات المنازل والسجاد وغيرها من مستلزمات الديكور والزخرفة.

وكان من الطبيعي أن يحصد العديد من الجوائز، فنال عام 2008 جائزة أفضل مصمم للديكور الداخلي والديزاين في باريس.
وقد دفعه هذا النجاح الى تكثيف عمله وإبداعاته التي توّجها أخيراً بمشروع تجديد فندق Vernet الباريسي الراقي الذي احتفل بمرور 100 سنة على تأسيسه، فكانت مناسبة أمام  فرنسوا لكي يفتح باب عصر الحداثة أمام هذا المعلم الباريسي الشهير.

ويعتبر هذا الفندق الذي تملكه عائلة بيسيه من الفنادق العريقة الأكثر ارتباطا بتقاليد الزخرفة والأناقة الباريسية والتي عمل فرنسوا شامبسور على تظهير صورتها بلمسات فاخرة ونفحة عصرية.
فمن المدخل الى الصالات وغرف النوم، توالت المشاهد الزخرفية بايقاع ناعم مدهش تخللته محطات إبداعية مثيرة كان فيها ما يشبه الحوار بين الماضي والحاضر. فقد حافظ التصميم على روحية المكان بإبقاء بعض العناصر الزخرفية القديمة مع إضفاء لمسات من التجديد بارعة وحديثة، وكل ذلك بخفة ورشاقة.

في مقاربته الزخرفية للفندق تعامل مع المكان كما لو أنه منزل خاص فاخر، فألبس أرضياته رخام الكاريرا، كما غطى بعض مساحات هذا الرخام بقطع رائعة من السجاد المزخرف بنقوش بألوان رائعة، يظهر جمالها بين صف من الأعمدة والقباب والجدران البيضاء، فتبدو أكثر زهواً وبهاء.

وقد وزّع فرنسوا فوق جدران الفندق البيضاء مجموعة من الأعمال الفنية من رسوم ولوحات منفذة بألوان الغواش المائية، إضافة إلى المنحوتات والتحف والمرايا التي جعلت المكان يبدو كأنه منزل لهاوي جمع تحف.

كما اعتنى بتوزيع الإضاءة بتشكيلات ظاهرة وأخرى خفية، متلاعباً بالضوء والظل ليمنح فضاءات المكان رونقاً وشاعرية.
تتعدد الجلسات في صالات الفندق التي زينت أرضها الرخامية بقطع كبيرة من السجاد المزخرف برسومات زاهية. واحتلت صدر الجلسة كنبات وثيرة ملبسة بالجلد تتوسطها طاولة للقهوة مبتكرة مصنوعة من البورسلين.

ويتدلى من السقف مصباح أنيق من البرونز، تتناسق معه عناصر إضاءة جدارية مصاغة من النحاس المطوي، وتتناوب على الجدران مجموعة الرسوم المتتالية.
ركن الإستراحة، يتميز بتصميم غير منتظم، ملبس بالرخام تحيط به ألواح من الحواجز الزخرفية تتناغم ألوانها مع رخام طاولة الطلبات، بينما تحمل زخرفة السقف طابعاً خاصاً يتناغم مع زخرفة السجادة الفاخرة التي يوقعها شامبسور.


تظهير الهوية

يساهم هذا المزيج من الأشكال الهندسية المنحوتة وكذلك عناصر الإضاءة الجدارية في تظهير هوية الديكور الذي تزينه الإضاءة المباشرة والمموّهة خلف أفاريز تبرز المشهد الزخرفي بشكل باهر.
صالة المطعم بسقفها المبتكر بألواح زجاجية كبيرة مزخرفة تحمل توقيع غوستاف إيفل، تم تنسيقها بشكل أشبه بصالون خاص يسبح في بحر من الضوء.

وتحتل المكان سجادة كبيرة وُضع عند أطرافها مقعدان كبيران من اللونين الأخضر والآزرق نُسقا بشكل نصف دائري الواحد قبالة الآخر.
في الجهة الأخرى من الصالون، وضمن إطار الديكور ذاته، باب زجاجي ينكشف من خلاله المطبخ والذي يبدو في العمق وكأنه صالون صغير يكمل المشهد..

كل غرفة من غرف النوم تم تلبيس أرضيتها وجدرانها بخشب البلوط، وقد نُسّقت بسرير تزينه من كل جانب منضدة صغيرة مستديرة من اللونين الأبيض والذهبي النحاسي، يعلوها عنصر للإضاءة من المعدن المطوي.

يقابل السرير من الجهة الأخرى في الغرفة كونسول من الخشب الأبيض اللاك والنحاسي، تحيط به كنبات بيضاء مريحة وكرسي من الخشب تتكامل مع المشهد، وتعلو الكونسول مرآة بشكل حر تتكامل معها عناصر الإضاءة بتناغم تام، وبانسجام ملحوظ مع أغطية السرير الواسع المصنوعة من القطن الأبيض، كما يبدو متناسقاً مع ستائر مقلمة بخطوط سوداء وبيضاء مصنوعة من القطن الخالص.

الحواجز المقوّسة الأشكال المصاغة من خشب البلوط والتي تم استخدامها كعنصر هندسي زخرفي داخل الغرفة، تفتح الغرفة على صالة الحمام، المزيّن بروحية غرافيكية ناعمة من الخطوط الهندسية السوداء والبيضاء المنفذة من عجينة الزجاج، والتي يلطفها غطاء من الرخام نسقت فوقه تجهيزات الحمام من مغسلة ومغطس وحنفيات مصنوعة من الليتون المصقول والتي زادها مرور الزمن رونقاً وجاذبية.
استطاع فرنسوا شامبسور إعادة تصميم هذا الفندق بصياغات بارعة تجمع بين الحداثة والطابع التقليدي العريق، والتي تجلى رونقها في كل فضاءات المكان الذي حاوره الديكور بتعابير جميلة متزنة أنتجت في النهاية أجواء مشبعة بالدفء والحميمية