الثلاثاء في السعودية اليوم الذي تسيطر فيه النساء على الشوارع والمرافق العامة صباحاً ومساءً

المملكة العربية السعودية, نساء, يوم المرأة العالمي, المجمعات التجارية, مطاعم

15 أبريل 2013

 «الثلوثيّة» أو «ليلة السيدات»، مسمى جديد بات متعارفاً عليه بين الأوساط النسائية في مدينة جدة، ويعني تخصيص يوم الثلاثاء من كل أسبوع لخروج النساء بمختلف فئاتهن العمرية ومستوياتهن الاجتماعية إلى الأماكن العامة من مطاعم ومقاهٍ ومجمعات تجارية وغيرها، في موازاة يوم الخميس لدى الرجال.
وفي هذه الظاهرة تقليد لما يعرف بـ»ليديز نايت» في دول أخرى.
ولأن إقبال النساء على الأماكن العامة يوم الثلاثاء لا يزال مستمراً، كان ذلك سبباً مقنعاً لبعض المدن الترفيهية في جدة كي تخصص هذا اليوم أيضاً لدخول السيدات فقط، فمن ينتمين إلى أسر محافظة ترفض تنزههن في أماكن عامة مفتوحة، وجدن ضالتهن من خلال التقاء صديقاتهن داخل تلك المدن كونها تخلو يوم الثلاثاء من الرجال تماماً.

حنين
طلال: خروج الفتيات يوم الثلاثاء مرتبط بسمعة سيئة لكثرة تعرض الشباب لهن في
الشوارع
«يوم المرأة العالمي» أصبح يتكرر أسبوعياً من وجهة نظر إحدى طالبات جامعة الملك عبد العزيز في جدة حنين طلال التي أطلقت هذا الاسم على يوم الثلاثاء من كل أسبوع، وذلك نتيجة اكتظاظ شوارع مدينتها بسيارات السائقين الذين يقلّون مجموعات متفرقة من الفتيات سواء في النهار أو الليل.
وتتحاشى طلال الخروج في هذا اليوم معتقدة أنه قد يسيء إلى سمعتها كفتاة، خصوصاً أن من تخرج فيه تكون عرضة بشكل أكبر للمضايقات من الشباب الذين يكثّبون أرقام جوالاتهم حول المجمعات التجارية والمقاهي والمطاعم لاصطياد الفتيات، على حد قولها.
وتضيف: «طالبات الجامعة اللواتي يدرسن بنظام الانتساب ربما يفضلن الخروج في هذا اليوم تحديداً أثناء فترة الدوام نتيجة عدم توافر أجواء جميلة عند اجتماعهن داخل الجامعة، إلى جانب وجود ما لا يقل عن ثلاث ساعات أحياناً بين كل محاضرة وأخرى، مما يجعلهن يقصدن أقرب المقاهي الموجودة حول منطقة الجامعة لتبادل الأحاديث براحة بعيداً عن الرسميات والرقابة الجامعية».
وبسبب ذلك الزحام الذي تشهده المجمعات التجارية كل ثلاثاء، تضطر حنين لتأجيل كل خطط التسوق إلى أيام أخرى كي لا تتعرض لمضايقات من الشباب في هذا اليوم.

مها الشيخ: حريصة على إلغاء التزاماتي يوم الثلاثاء كي أخصصه للقاء الصديقات
في المقابل، ترى الموظفة في إحدى شركات القطاع الخاص مها الشيخ أن يوم الثلاثاء هو الأنسب للخروج مع صديقاتها العاملات مثلها، ولا سيما أن كل الالتزامات العائلية عادة ما تتركز في نهاية الأسبوع، وهو ما يجعل من ذلك اليوم فرصة للاجتماع بالصديقات في أجواء بعيدة عن العمل.
وتقول: «ما يجعل يوم الثلاثاء مناسباً لتخصيصه للصديقات هو أنه لا يعتبر بداية الأسبوع مثل يوم السبت الذي ترتبط فيه الموظفة بضغط العمل، وفي الوقت نفسه ليس كالأربعاء والخميس والجمعة وما يصاحبها من تجمعات أسرية»، وتوضح أنها تحاول قدر المستطاع إلغاء التزاماتها العائلية التي قد تصادف يوم الثلاثاء من أجل التفرغ لصديقاتها».
وتفضّل الشيخ كل ثلاثاء الاتفاق مع صديقاتها على مكان مناسب يراعين عند اختياره قربه منهن جميعاً وجودة الخدمات المقدمة فيه من طعام و شيشة وغيرهما، ويحرصن على الخروج في الفترة المسائية بسبب ارتباطهن بالعمل خلال النهار.
أما ما يجعلها حريصة جداً على لقاء صديقاتها يوم الثلاثاء فهو أن اجتماعاتهن تعد هادفة ومفيدة باعتبارهن يطرحن مواضيع مختلفة للنقاش وتبادل الخبرات، كل بحسب تخصصها ومجال عملها بعيداً عن المناقشات النسائية التقليدية، الأمر الذي يجعلها مقتنعة تماماً بأن ظاهرة تخصيص الثلاثاء لخروج النساء صحية جداً.

رانيا الغفير: أرفض تخصيص يوم معيّن للخروج مع صديقاتي ولا أحب زحام الثلاثاء
وبخلاف الشيخ، ترفض منسوبة إحدى الجمعيات الخيرية في جدة رانيا الغفير تخصيص يوم محدد للخروج مع صديقاتها كونها لا تحب الأجواء المزدحمة.
وأرجعت سبب تفضيل النساء الخروج الثلاثاء تحديداً إلى أنه يسبق يوم الأربعاء، وبالتالي يتفرغن فيه لأنفسهن قبل ارتباطهن بأسرهن خلال عطلة نهاية الأسبوع، لافتة إلى وجود موظفات لديها يخرجن ضمن مجموعات إلى المطاعم والمقاهي فور انتهائهن من ساعات دوام يوم الثلاثاء، إضافة إلى إقامة سهرات نسائية داخل المنازل في المساء تحت مسمى «ثلوثيّة».

آلاء العويني: تنقصنا عروض المطاعم والمقاهي الثلاثاء لجذب النساء بشكل أكبر
وبشيء من الحياد، ذكرت الموظفة في معهد «وول ستريت» لتعليم اللغة الإنكليزية آلاء العويني أن اهتمام النساء بيوم الثلاثاء للخروج ملحوظ كثيراً لدى طالبات المدارس والجامعات، غير أنها شخصياً لا تهتم بالتنزه في هذا اليوم تحديداً كونها تخرج يومياً كلما سنحت لها الفرصة.
وتقول آلاء إن تحديد يوم خاص للفتيات في أماكن التنزه على مستوى دول العالم مرتبط بتقديم عروض مغرية وأحياناً مجانية على المأكولات والمشروبات وغيرها في المطاعم والمقاهي، «وهذا ما نفتقده هنا بالسعودية، الأمر الذي جعل تخصيص فتياتنا ليوم الثلاثاء من أجل الخروج أمراً لا يتعدى التقليد فقط لبقية الدول».
وفي ما يتعلق بها، تضيف: «أحاول انتهاز أي وقت فراغ لي من أجل الخروج مع صديقاتي بصرف النظر عن تحديد اليوم».

مدير أحد المقاهي: إقبال النساء علينا يوم الثلاثاء يزداد بنسبة بين 30 و40 في المئة
يؤكد مدير أحد المقاهي في مدينة جدة حمّادي الشيخ طيّب، أن يوم الثلاثاء معتمد رسميّاً من إدارة المقهى على أنه نهاية الأسبوع، وكذلك الحال في معظم المقاهي والمطاعم، من واقع خبرته في هذا المجال وتنقّله في العمل بين أكثر من مكان.
ويقول إن إقبال النساء على المقهى يوم الثلاثاء من كل أسبوع يزداد بنسبة تراوح ما بين 30 و 40 في المئة عمّا هي عليه خلال أيام الأسبوع الأخرى، لافتاً إلى أن أكثر الزبائن في هذا اليوم هن من السيدات رغم وجود قسم للشباب، عدا عن أن الفترة الصباحية تقتصر على طالبات الجامعة والمدارس، بينما تشمل ساعات المساء سيدات وفتيات من أعمار مختلفة.
وبهدف الاستفادة من هذا الإقبال، ذكر أن المقهى يقدّم العديد من العروض كل يوم ثلاثاء من حسومات تصل إلى 25 في المئة، إلى جانب تقديم بعض أصناف الحلويات مجانا للزبائن، إلا أنه يتم تحديد حد أدنى للطلبات يبلغ 100 ريال على الفرد الواحد أسوة بيومي الأربعاء والخميس على خلفية الزحام الذي يشهده المقهى. 

د.باقادر: هذه الظواهر قد تحدث تغييرات في العادات والتقاليد
من جانبه، يرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك عبد العزيز في جدة الدكتور أبو بكر باقادر«أننا مجتمع استهلاكي، لم تعد الأسر ترغب في جعل بيوتها مستهلكة، وهو ما دفع إلى تخصيص أيام للنساء أو الرجال بغرض الخروج إلى الأماكن العامة، فاستغلّت المؤسسات التجارية الأمر لمصلحتها وبدأت تأسيس تقاليد جديدة من خلال تقديم إغراءات متنوعة في المقاهي والمطاعم وغيرها».
وذكر باقادر أنه من ناحية الاقتصاد الاستهلاكي، فقد تأسست ثقافة خروج الرجال في نهاية كل أسبوع إلى أماكن معينة تقدّم خدمات متكاملة خارج المنزل، وهو ما سيحدث أيضاً بشكل أكبر للنساء. وبما أن الخدمات الأساسية داخل البيوت أصبحت تقدّم بواسطة الخادمات فإنه لن يكون هناك ضغط محسوس على العنصر الرجالي من جرّاء اعتياد النساء على تخصيص يوم للخروج فيه، ولا سيما أن حضور المرأة في السعودية لم يعد ذلك الدور التابع التقليدي.
وأبدى تخوفه مما سماه «الحرّيات» التي تقوم بمبادرات من المؤسسات الراعية للاستهلاك والكسب التجاري، خصوصا أنها قد تؤدي إلى تغييرات في العادات والتقاليد، إلى جانب أن ظاهرة مثل تخصيص يوم خاص لخروج النساء من شأنها أن تكون مدخلاً للاختلاط المذموم بين الجنسين. ويضيف: «خطوة تخصيص يوم الثلاثاء لخروج النساء إلى الأماكن العامة لن تقف عند ذلك الحد، وإنما قد تقدّم بعض المؤسسات الاستهلاكية كالمطاعم والمقاهي ممن تنعدم فيها الرقابة عروضاً مغرية لجذب المخطوبين أو حديثي الزواج تمهيداً لتشجيع الصداقات بين أفراد من الجنسين وتجمّعهم في مثل تلك الأماكن».

CREDITS

تصوير : محمد يحيى