خالد أبو النجا: سأردّ بالقانون على كل المتطاولين!

خالد أبو النجا,السينما,مسلسل,الجمهور,الأعمال الفنية,مسل,مصر,الخيانة العظمى,الفيلم,الدراما التلفزيونية

سعيد أبو زيد (القاهرة) 07 ديسمبر 2014

فجأة وجد نفسه متهماً بالخيانة العظمى، بعد أن حرّك ضده أحد المحامين بلاغاً يتهمه فيه بمحاولة إثارة الناس من خلال تصريحات سياسية تهاجم النظام الحالي.
وقتها كان خالد أبو النجا يحاول التعبير عن رأيه بحرية، عندما أعلن أن التفكير بطريقة أمنية مرفوض بعد ثورتين ناجحتين. لكن هناك من قرر أن يفتح النار عليه ويرشقه باتهامات أخلاقية، ووسط تلك الحملة ضده فاز بجائزة أحسن ممثل أخيراً من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، عن دوره في الفيلم الفلسطيني «عيون الحرامية»، ليجد نفسه بين جائزة يحلم بها نجوم كثيرون واتهام خطير يمسّ وطنيته.
«لها» التقته في حوار تكلّم فيه بصراحة عن كل ما حدث.


- ما هي التصريحات التي أدليت بها وأدت إلى اتهامك بالخيانة العظمى؟
كل ما حدث أنني سُئلت ليلة افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن إحساسي بعودته بعد توقف، فقلت لا تسألوني عن عودة المهرجان لكن اسألوني لماذا توقف ومن كان وراء قرار التوقف لمدة عامين، وعبّرت عن رأيي بصراحة بأن هذا كان قراراً خاطئاً، ولا بد من محاسبة صاحبه، لأنه في الأساس قرار أمني سهل لكنه يعيدنا إلى الخلف.

- لكنك قلت إذا كان من يتولى المسؤولية غير قادر فليرحل، وهو ما فتح عليك النار.
أنا لا أخشى أحداً، واعتدت طيلة عمري أن أعبّر عن رأيي بصراحة، وأظن أن هذا أبسط حقوقنا بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو. والدستور يكفل حرية الرأي والتعبير، ولا أرى مشكلة أبداً في أن أقول لأي صاحب قرار «إذا لم تكن على قدر مسؤولية ارحل».

- هل توقعت أن يصل الهجوم عليك إلى حد اتهامك في أخلاقك؟
هناك أشخاص يمكن أن تتوقع منهم أي شيء وهم يحاولون تملّق السلطة، ولذلك لست مندهشاً من الهجوم الذي حدث ضدي. لكنني لن أسمح بأي تطاول، وهناك محامٍ سيتولى الرد، وسآخذ حقي بالقانون من كل المتطاولين عليَّ.

- هل شعرت بأن جائزة أحسن ممثل من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن فيلم «عيون الحرامية» جاءتك في وقت مناسب وسط حملة الهجوم عليك؟
الجائزة أسعدتني، لكنني لا أربط بينها وبين ما يحدث لي، فما يهمّني أنها تقدير للفيلم، ولا أعتبرها جائزة شخصية لي وإنما هي جائزة لأسرة الفيلم كله.

- وهل كنت تتوقّع هذه الجائزة؟
أجتهد في أعمالي وأترك النصيب على الله سبحانه وتعالى. والحمد لله على فوزي بهذه الجائزة، وأشكر كل من شارك في الفيلم في كل مراحله وعناصره.

- كيف تقوِّم تجربتك في فيلم «عيون الحرامية» وكيف تخطيت العقبات التي واجهتها أثناء تصويره؟ 
أنا فخور بالمشاركة في هذا العمل، الذي يناصر القضية الفلسطينية، وهي القضية العربية المركزية الأولى، كما أنها هم عربي وليس فلسطينياً فقط، وقد واجهت العديد من الصعوبات أثناء تصوير الفيلم، لأن معظم أحداثه صُوّرت على الحدود، وتعرضنا بسببه لمضايقات أمنية عديدة.
لكن الفيلم حظي في النهاية بإعجاب الجميع، واستطعت إتقان اللهجة الفلسطينية في العمل، لأنني استعنت بخبيرة لهجات فلسطينية. وقد جذبتني الحالة النفسية والاجتماعية لبطل العمل، المهندس طارق الذي ظل مسجوناً لأكثر من عشر سنوات في سجون الاحتلال، وعانى الأمرّين جراء هذا الاعتقال. والفيلم يقدم حالة إنسانية أكثر من رصد حالة الشعب الفلسطيني وسط الاحتلال.

- وماذا عن صعوبة هذه الشخصية؟
صعوبتها في الهموم التي يعانيها طارق، وكيف أنه يعاني من أزمة في حياته ولا يستطيع التعامل مع الآخرين، رغم أنه شخص مؤدب ومثقف. وبسبب طارق قرأت أكثر من كتاب عن الأشخاص الذين يدخلون السجن ويحملون على أعناقهم العديد من الأزمات.

- هل تتوقع أن يحصل «عيون الحرامية» على جائزة الأوسكار كأفضل فيلم أجنبي؟
أتمنى ذلك، وأعتقد أن مشهد القنص الموجود في الفيلم لن يبعده عن المنافسة، وستُفهم رسالته بشكل إنساني.

- ما شعورك وأنت تقدم فيلماً فلسطينياً للمرة الأولى؟
أشعر بفخر شديد وحالة من المباهاة الفنية، خصوصاً أن الفيلم كانت فيه روح ثورية عالية تتماشى مع النضال الفلسطيني القائم اليوم. وقد شعرت بمزيج من الأحاسيس المتداخلة وأنا في الأرض الفلسطينية لمدة ثلاثين يوماً، شعرت بأنني عربي أعيش وسط أهلي وفي أرض محتلة.
وبصراحة المخرجة الفلسطينية نجوى نجار قامت بجهد مضاعف، سواء في تصوير الفيلم خلال المدة القليلة التي دخلنا فيها الأرض المحتلة، أو في الحصول على التصاريح اللازمة للعمل. كما أن البطلة الجزائرية سعاد ماسي التي تمثل للمرة الأولى كانت مدهشة في أدائها.

- هل كنت تخطط للظهور هذا العام بثلاثة أفلام من جنسيات مختلفة مصرية وفلسطينية وإماراتية؟
هذا توفيق من الله، خصوصاً أن الأفلام الثلاثة حظيت بتقدير الجميع، وأفادتني بشكل شخصي في إثراء تجربتي الفنية وفي التعرف على مدارس فنية عربية أصيلة، سواء من فلسطين أو الإمارات، وبخصوص فيلمي الإماراتي «من الألف إلى الباء» للمخرج.
علي مصطفى، فقد جسّدت من خلاله شخصية ضابط سوري رغم أن العمل فيه ثلاثة أشخاص، مصري وسوري وسعودي، وكان اختياري لأقدّم شخصية المصري، لكني أقنعت فريق العمل بأنني سأؤدي شخصية الضابط السوري بشكل أفضل، حتى نخرج من إطار النمطية التقليدية، واقتنعوا بذلك فعلاً وكانت فرصة لكسر «التابوهات».

- لكن ألم تتخوف من حاجز اللغة السورية في الفيلم؟
اللهجة لم تكن عائقاً أبداً أمامي كممثل، ومن خلال تجاربي المتعددة هذا التحدي يعطي الفنان مصداقية أكبر أحياناً. كما أن كثيرين من النجوم والنجمات على مدى تاريخ السينما العربية مثلوا بلهجات غير لهجاتهم الأصلية، مثل صباح التي تألقت في اللهجة المصرية رغم أنها لبنانية.

- شاركت في المهرجان أيضاً بفيلم «ديكور» مع حورية فرغلي، فكيف وجدت رد الفعل عليه؟
إقبال الجمهور على مشاهدة الفيلم، وامتلاء القاعة بالمشاهدين، واندماجهم مع قصته، أسعدتني جداً، وكنت واثقاً أن الجمهور سيفهم حقيقة المشاعر والضغوط التي تقابل حورية فرغلي بدور «مها» في الفيلم، وأنا اعتبرت «ديكور» تحدياً من نوع خاص، وهو الفيلم الثاني الذي يجمعني بأحمد عبد الله بعد فيلم «هليوبوليس».

- ما الذي جذبك إلى الفيلم؟
جرأته واختلافه عن الأعمال السائدة، وأنا دائم البحث عن مثل هذه التجارب، ولم أقلق أبداً من كون العمل مصوراً بتقنية الأبيض والأسود، وكانت لديَّ ثقة في إقبال الجمهور عليه، لأنه فيلم مكتمل العناصر، وأنا أعتقد بأن المصداقية في نقل المشاعر هي أساس نجاح أي عمل فني، كما أن الحالة الموجودة في الفيلم بين عالمين مختلفين أمام البطلة، التي تقع في حيرة بينهما وعليها أن تختار أحدهما فيما بعد، تفهّمها الجمهور سريعًا، وهو ما لمسته بنفسي أثناء عرض الفيلم.

- كيف ترى الرسالة التي أراد الفيلم نقلها؟
رسالة الفيلم هي أهمية الاختيار في حياتنا، من خلال حالة الحيرة التي تعيشها «مها» بين «مصطفى» الذي أديت دوره و«شريف» الذي جسّده ماجد الكدواني، وأن يدرك المشاهد أن الاختيار يجب ألا يكون ما بين الأبيض والأسود فقط، بل هناك خيارات عديدة في كل موقف يتعرض له في حياته، كما أن الفيلم يناقش فكرة الاستقطاب التي يعيشها المصريون، ليس بشكل سياسي بحت ومباشر كما يفعل البعض، لكن بشكل إنساني واجتماعي.

- هل أنت مقتنع بضرورة أن يتضمن الفيلم السينمائي رسالة سياسية أو اجتماعية؟
الفن غرضه المتعة في الأساس، لكن بعد ثورات الربيع العربي أصبحنا جميعنا مُسيّسين، والسياسة لم تعد بعيدة عن أي واحد فينا، وكل شخص أصبح له رأيه، ووسط هذه الحالة من الرغبة في التغيير لا يمكن أن يكون الغرض الأساسي للفيلم هو تقديم ساعة ونصف الساعة من التفاهة أو اللاشيء، ينبغي أن نراعي اهتمامات الناس الآن وما يشغلهم، وهو ما أحرص كفنان على الاقتراب منه في أعمالي.
لكن العبقرية ألا أقدم ذلك بشكل خطابي ومباشر، لأنني لست سياسياً بل فنان، لذا أقدّمه بلغتي، وأنا أعتقد تماماً بأن أكبر مكاسب ثورات الربيع العربي أنها جعلت كل شخص سياسياً، له أفكاره التي يحرص على نقلها إلى الآخرين.

- ماذا عن تجربتك الثانية مع المخرج داوود عبد السيد في فيلم «قدرات غير عادية»؟
أنا سعيد جداً بهذه التجربة، لأن داوود عبد السيد ليس فقط مخرجاً لكنه مفكر سينمائي، وتجربتنا الأولى «مواطن ومخبر وحرامي» كانت دفعة قوية لي في بدايتي، وأخيراً تم الاعلان بشكل رسمي أن فيلم «قدرات غير عادية» سيعرض في مهرجان دبي المقبل، بعدما دخل مرحلة المونتاج والميكساج، وأتوقع أن يثير جدلاً كبيراً عند عرضه ككل أعمال داوود عبد السيد.

- هل أنت سعيد برهان المخرجين الكبار أمثال داوود عبد السيد ومحمد خان وغيرهما عليك كفنان في أعمالهما القليلة؟
طبعاً. سعادتي لا توصف، لأن هؤلاء يقدمونني كل مرة بشكل مختلف لجمهوري، ويعملون على شحذ قواي الفنية ورهانهم عليَّ يشرفني ويؤكد لي قيمتي.

- ما سبب ابتعادك عن الدراما التلفزيونية؟
العمل في الدراما ليس سهلاً على الإطلاق، وأنا لا أحب التواجد من خلال أي عمل كما يحسبها البعض، لكنني أدقق في اختياراتي، وأخيراً عثرت على قصة نقوم بكتابتها الآن لتقديمها في عمل اجتماعي، لكني لست متأكداً إن كنت سأقدر على تقديمها الموسم المقبل أم ما بعده، لكن مع ذلك أؤكد أن توقف السينما الفترة الماضية وخصوصاً بعد 25 يناير 2011، واتجاه السينمائيين للتلفزيون، جاء في صالح الدراما، وظهرت تجارب جديرة بالاحترام ومميزة، وهو شيء حدث في العالم كله، لكن مع ذلك لا أخفي قلقي من الأعمال الدرامية، وأحس باستسهال في كثير من أعمالها، رغم أن العكس هو المطلوب، فعائدات الإعلانات الضخمة لا بد أن تدفع المنتجين لتقديم قصص مميزة وأعمال ضخمة لا العكس.

- ما هي ملامح التجربة الدرامية المقبلة ومن هم أبطالها؟
لا أريد أن أكشف شيئاً إلا بعد أن تدخل التجربة حيز التنفيذ ونبدأ التصوير.