في السعودية: تخصّصات طبّية وتجارب شخصية تحدد جنس الطبيب!

السعودية,دراسة كندية,الطب,الأطباء,جنس الطبيب,أمل باقازي,الطبيب,الدكتورة إيمان الشريف,الدكتور علاء سلطان,الجراحة التجميلية,سوزان المشهدي

ميس حمّاد (جدة) 20 ديسمبر 2014

لم يعد الطب مقتصراً على الرجال، فقد أصبحت المرأة تنافس الرجل في هذا المجال، وقد تتفوق عليه أيضاً. لكن البعض لا يزال يعتقد أن الطبيب يتفوق بالخبرة والكفاءة على المرأة. فهل تفضيل الرجل الطبيب نابع من حكم الاعتياد أم من قلة ثقة بالطبيبة المرأة؟  سؤال طرحته «لها» في هذا التحقيق على بعض السيدات السعوديات، آخذة أيضاً بآراء المختصين.

كشفت دراسة كندية جديدة، بُنيت على استطلاعات واسعة عن جنس من يمارسون الطب، أن الطبيبات أفضل في تقديم الرعاية الصحية والتعامل مع المرضى، لكن الأطباء يتفوقون عليهن بكونهم أكثر عدداً وأسرع إنتاجية.  وبيّنت أن الطبيبات يتميزن بكونهن يمنحن المرضى وقتاً أطول ويكثفن الفحوص والتحاليل الطبية، ويملن إلى الاستشارة والمقارنة بشكل أكبر، قبل إعطاء الرأي النهائي والعلاج. وذكرت الدراسة التي أجريت في جامعة «مونتريال»، أن هذا التباين بين الطبيبات والأطباء يزداد وضوحاً كلما تقدّموا في السنّ، وذلك اعتماداً على سجلات عمل حوالى 870 منهم، وكانت نسبة النساء بينهم أقل من النصف بقليل.

«اختيار جنس الطبيب نابع من تجربة شخصية وسمعة حسنة»

قالت الصحافية أمل باقازي إنها تختار الطبيب الرجل في اختصاصات طبية معينة «كطب الأسنان الذي يحتاج إلى رجل خاصة في خلع الأضراس، فأنا أثق بالطبيب في هذا المجال. كما أنه في مجال جراحة الأعصاب أشعر بأن هذا التخصص يحتاج إلى من هم أكثر احترافاً من النساء، وفي مجال النساء والولادة يتعامل الرجل مع الحالة بسلاسة وإنسانية أكثر من المرأة، لكن الطبيبة الأنثى ترى أن هذا الوضع طبيعي،  وحالة ولادة عادية. كما أنني في العادة أذهب إلى طبيب بالسمعة، وبعد أن أتأكد من أن فلانة أو صديقة أو أحداً من أفراد العائلة سبق أن تعامل معه».

ولفتت إلى أن هناك تخصصات تفضل فيها الطبيبة الأنثى كالطب النفسي، معللة ذلك بأن «المرأة في الطب النفسي مبدعة، وقادرة على أن تُشعر مريضتها بالراحة النفسية فلتتحدث معها بكل سهولة، أكثر من الطبيب الرجل».

وأكدت أن «التجارب الشخصية بين الطبيبات والأطباء، هي نقطة الحسم في اختيار جنس الطبيب، سواء رجل أو امرأة... أنا ذهبت إلى طبيبة في فترة الحمل، إلا أنني وللأسف أجهضت بسبب خطأ منها لا يُفسر إلا بأنه جهل منها في التعامل مع الحالة».

«الطبيب يتفوق على الطبيبة في مجالات معينة»

تتفق أم عبدالرحمن مع باقازي في اختيار الطبيب في المجالات المتعلقة بطب الأسنان، وجراحة الأعصاب، وأمراض الغدد، والأمراض الجلدية، لإيمانها بأن «الطبيب الرجل متفوق في هذه المجالات على الطبيبة المرأة، وقادر على التعامل مع الحالات، خاصة في طب الأسنان. لكنني أجد أن في المجالات المتعلقة بالنساء، الطبيبة أفضل من الطبيب لأن المريضة تشعر براحة أكثر عندما تفحصها امرأة».

وعن تجربتها الشخصية، قالت إنها عانت تقرحات جلدية وراجعت طبيباً لحل المشكلة، فطلب أن تراجعه بعد 10 أيام، وعندما عادت «لم يكن الطبيب موجوداً، فأخبرتني الفتاة في الطوارئ أن هناك طبيبة في مجال الأمراض الجلدية، إلا أنني رفضت وحصلت على موعد آخر يكون فيه طبيبي موجوداً»، لأن «الراحة النفسية التي أشعر بها تجاه طبيب معيّن كفيلة بأن تجعلني أختاره دون سواه».

د. الشريف: في العمليات الجراحية يثقون بالطبيب الرجل لاعتقادهم بأنه الأقوى

من جانبها، قالت عضو الأكاديمية الأميركية لتجميل الفم والأسنان الدكتورة إيمان الشريف إنها تصادف  بعض الأشخاص الذين يرفضون الطبيبة «لشعورهم بأنها ضعيفة وتخشى القيام بعمليات جراحية. ويأتي تفضيل البعض الطبيب الرجل بحجة أنه أكثر ذكاء وحِرفية من الطبيبة، خصوصاً في العمل الجراحي. وسمعت من كثيرين أن هناك من يُقوّم الطبيبة من خلال شكلها وأن الرجل هو القوي، خصوصاً في خلع الأسنان أو الأضراس».

ولفتت إلى أن هناك مرضى «ممن اضطروا لدخول عيادتي لعدم توافر طبيب، كما أن هناك مرضى يفضلون الطبيبة على الطبيب، لاعتقادهم بأنها رقيقة في التعامل معهم أكثر من الرجل الخشن».

وعن تجربتها الشخصية، ذكرت الشريف أنها لجأت إلى طبيبة أثناء الوضع لاقتناعها بأن «من هم داخل المجال الطبي يعرفون مدى نجاح الطبيبات في مجالات طبية نسائية كثيرة. أما الأشخاص العاديون فيخشون الطبيبة ويفضلون الطبيب، لكنني في الآونة الأخيرة بدأت أجد أن الطلب على الطبيبة ازداد، والدليل أن هناك أسماء نسائية في مجال الطب ذاع صيتها».

د. سلطان: عدد الأطباء الذكور فاق عدد الإناث في اختصاصات معينة

من جانبه، قال الاستشاري في جراحة التجميل والأستاذ المساعد في جامعة أم القرى ووكيل كلية البترجي لشؤون المستشفيات الدكتور علاء سلطان، إن سبب تفضيل الطبيب على الطبيبة يعود «إلى شخصية المرأة وطريقة تعاملها بلطف. والسبب الآخر قد يعود إلى أن عدد الأطباء فاق عدد الطبيبات في اختصاصات معينة، على أمل أن يرتفع هذا العدد في المستقبل القريب فيصبحن قادرات على إثبات أنفسهن بصورة أكبر».

ولفت إلى أنه في مجال الجراحة التجميلية، «الطبيبات أقل عدداً من الأطباء. وفي شكل عام يفوق عدد الأطباء المتخصصين في كل المجالات الطبية عدد الطبيبات، لذلك نجد أن البعض بات يقتنع بفكرة أن الطبيب هو الأفضل والأكثر خبرة من الطبيبة. وشخصياً أنا أذهب إلى طبيب وليس طبيبة في مجالات معينة، كالجراحة. لكنني أعتقد أن هناك تخصصات طبية يفضل أن ترأسها طبيبة، فأجد أن طب الأطفال مكان يناسب المرأة أكثر من الرجل نظراً إلى طبيعتها كأنثى وأم».

د. النجيمي: لو كان الطبيب يملك خبرة أكثر في بعض المجالات فالذهاب إليه جائز شرعاً

قال عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة، وعضو مجمع فقهاء الشريعة في أميركا وأستاذ الفقه والأنظمة في كلية الشريعة في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وأستاذ الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء في الرياض الدكتور محمد بن يحيى بن حسن النجيمي، إنه «إذا كانت الطبيبة بمستوى الطبيب في المهارة، لا يجوز للمرأة أن تذهب إلى طبيب والعكس صحيح. لكن إذا كان الطبيب يملك خبرة أكثر من الطبيبة، كما هو واقع في بعض التخصصات، وذهبت المرأة إليه، فإن هذا جائز شرعاً ولا تؤثم، خصوصاً أن الأطباء في الوقت الحالي ليست لديهم خلوة بوجود الممرضات والمساعدات».

وأكد أن هناك بعض المجالات الطبية تدخل ضمن «التخصصات الخطرة جداً والعمليات التي تحتاج إلى قلب قوي وشجاع لا تمتلكه الطبيبة المرأة، خصوصاً في مجال الأعصاب. وأعتقد أن الرجل هنا أكفأ من المرأة. أما في ما يخص الولادة القيصرية، فنجد أن كثيرات من الاستشاريات يستدعين الأطباء لمساعدتهن».

المشهدي: تجارب الآخرين لها تأثير واضح في تفضيل جنس الطبيب

وذكرت الكاتبة السعودية والاختصاصية الاجتماعية سوزان المشهدي أن «العادات والتقاليد لا تلعب دوراً في تفضيل الطبيب على الطبيبة، بل العكس هو الصحيح، إلا أنني أرى أنها خبرة سابقة تُعمم وتنتشر وتثبتها الأيام، ومفادها أن الرجل يهتم أكثر بتفاصيل الحالة. وقد تجد المريضة اهتماماً أكبر وتفهماً لدى الطبيب. ليس ضرورياً أن أُعمم هذه المسألة، لكن هناك حالات حصلت بالصدفة، ولمسناها على أرض الواقع، لنجد أن الرجل الطبيب أكثر اهتماماً، ومن الممكن ألا يكون أكثر علماً من المرأة بقدر اهتمامه الذي يريح المرضى في تعاملهم معه».

وأشارت إلى أن «تجارب الآخرين لها تأثير واضح في تفضيل جنس الطبيب، فأخطاء الأطباء أو الطبيبات تؤثر في سمعتهم وفي أحيان كثيرة في المستشفيات والعيادات، وعلينا ألا نعمم هذه المسألة، لكنها تحدث من وقت إلى آخر. فالخبرة تكتسبها ممن حولك ولها تأثير واضح في حياتك».