ألزمت  قنوات التلفزيون السعودي، المذيعات بارتداء الزي الموحد  «العباءة والطرحة»، بعد أسبوعين على قرار هيئة الإذاعة والتلفزيون، والسجال القوي الذي دار تحت قبة مجلس الشورى، بمراعاة الزي الموحد للمذيعات السعوديات، وبعد أن تناقلت وسائل الإعلام صورة لمذيعة في قناة «الإخبارية»، مرتدية العباءة والطرحة، يعلوها خط ملون بالأزرق الغامق، لتوضيح هوية القناة، إن كانت ثقافية، أو إخبارية، أو اقتصادية، وغيرها، ضمن ضوابط تحديد المظهر. في وقت كان رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون، عبدالرحمن الهزاع، غرّد على حسابه في «تويتر»: «إن مذيعات القنوات السعودية، سيظهرن بشكل تدريجي، يشمل جميع القنوات بزي موحد، عبارة عن عباءة وطرحة، باللون الأسود، ويُخصص خط ملون أعلى العباءة يوضح هوية القناة».  وتجدر الإشارة إلى أن عضو مجلس الشورى الدكتورة نورة العدوان، كانت قد تقدمت بتوصية الى المجلس، طالبت فيها بمراعاة الزي الموحد للمذيعات، موجّهةً «ملاحظات عدة إلى المذيعات السعوديات، تتعلق بالمبالغة في الزينة والتبرّج وعدم التقيُّد بالزي الوطني «العباءة والطرحة»، وكانت هذه التوصية قد أثارت موجة من الانتقادات تحت قبة المجلس، على نحو ما نقلته بعض الصحف المحلية. فهل خدم هذا الزيّ صورة المذيعة السعودية على الشاشة؟ وهل حظي هذا القرار بتأييد المذيعات  والمشاهد السعودي؟ أسئلة طرحتها «لها» على أصحاب الاختصاص، وبعض المذيعات التي تراوحت آراؤهن بين القبول والرفض.

المغيليث: الزيّ الموحد عودة للثوابت والقيم التي يتمتع بها الشعب السعودي

قال نائب رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون لشؤون التلفزيون المهندس صالح المغيليث «إن الحديث عن توحيد الزي الوطني للمذيعات، أُثير داخل الهيئة، قبل أن يُثار في مجلس الشورى، وهو قرار داخلي ولكن التصريح به جاء بسبب تأخر بعض الترتيبات، والعمل على التصاميم الخاصة بالزيّ، والآلية... وما إلى ذلك». لافتاً إلى أن توصية عضو مجلس الشورى الدكتورة نورة العدوان «وبحسب ما فُهِم منها، تشمل القنوات السعودية الخاصة، إذ تطالبها بأن تقتدي بالتلفزيون السعودي. ومع أننا نحترم قرارات وآراء أعضاء وعضوات مجلس الشورى، ذلك أنهم يحرصون على المصلحة العامة، إلا أن هذا القرار بالتحديد تم اتخاذه من فترة طويلة، وليس له أي علاقة الجدال والنقاشات المُثارة في الشورى».
وعن الزيّ الموحد للمذيعات السعوديات، أشار المغيليث إلى أنه «يتكون من الطرحة والعباءة، وهما باللون الأسود، وسيتم وضع خط ملون على العباءة، ليدل إلى لون القناة. فمن المتعارف عليه، أن القنوات السعودية تختلف من حيث الألوان، عن بعضها بعضاً. فالقناة السعودية التي كانت تُعرف بالقناة الأولى، لونها هو الأخضر. أما قناة الإخبارية فلونها الأزرق، والقناة الرياضية لونها الأحمر، والقناة الاقتصادية بين البنفسجي والوردّي، بالإضافة الى الشعار الخاص بكل قناة»... مؤكداً أن «جاهزية قناة الإخبارية، هي التي جعلتهم سبّاقين في تنفيذ هذا القرار، وسيتم تجهيز بقية القنوات، وفور الانتهاء من التجهيزات، سيلتزم الجميع بالزي الموحد».
وحول ردود الأفعال على هذا القرار، خاصة من الوسط الإعلامي في التلفزيون السعودي، ذكر المغيليث أن «المذيعات تقبّلن هذا القرار بصدرٍ رحب، ولم يكن هناك أي جدال بين القبول والرفض، وبكل صراحة خفف عليهن  العبء المادي، خاصة في مسألة الملابس، لكننا لم ننظر الى الأمر بشكل مادي، بمقدار ما انه عودة للثوابت والجذور والقيم التي يتمتع بها الشعب السعودي».

فدوى الطيار: صدور القرار تأخر كثيراً

رحّبت المذيعة في القناة الثقافية في التلفزيون السعودي فدوى الطيار بهذا القرار مع أنها ترى أنه «تأخر كثيراً، وكان لا بد من اتخاذه منذ زمن طويل، ذلك أن مثل هذا القرار يُخفف العبء المادي على المذيعة، التي تستقطع من راتبها مبلغاً لتوفير احتياجاتها من الملابس والإكسسوارات اللازمة في عملها. كما أن من الجميل جداً رؤية جميع المذيعات بزيٍ رسمي موحد، هو العباءة حتى وإن كانت باللون الأسود، ما يضفي نوعاً من الوقار والحشمة، ناهيك بتلافي الحساسية بين المذيعات من حيث ارتداء الأزياء الثمينة أو تلك المتواضعة»... مؤكدة أن «غياب لوائح معينة خاصة للزي الموحد في التلفاز، أخّر التزامنا بهذا الزيّ، مع أن قناة الإخبارية كانت على أتم الاستعداد للبدء في تنفيذه، وهي مسألة حيوية لا أرى فيها أي سلبية، فظهور المذيعات الخليجيات على التلفاز بالزيّ الرسمي الموحد، يمنحهن الإيجابية لأنفسهن وللمشاهدين أيضاً». 

سميرة مدني: أرحب بهذا القرار باستثناء تحديد اللون 

من جانبها، أوضحت المذيعة السعودية سميرة مدني أنها بين البينين، في القبول والرفض، قائلة: «لكوني مذيعة في مجتمع يُحتّم عليّ أن أظهر بالزي الرسمي، أوافق على هذا القرار. بصفة عامة، وعند النظر الى كل مذيعة في هذا المجال، سواء في دول الخليج أو في العالم العربي، نجد أن لديها زيّاً تسوده الحشمة، لكن ما قد أرفضه في هذا القرار هو اللون الموحد وتقييد المذيعة بارتداء العباءة باللون الأسود فقط، إذ يمكن تنفيذ هذا الزيّ بألوان معتدلة، وغير صارخة تناسب بيئة العمل».

البندري أحمد: قرار حكيم لا ينقص من قدري فـدوري إيصال صوت المواطن، لا عرض الأزياء

رأت المذيعة السعودية والمراسلة التلفزيونية في قناة الإخبارية البندري أحمد هذا القرار «حكيماً جداً، لما يمنح المذيعة من انضباط وتنظيم واحترام لبيئة العمل، وللمشاهدين أيضاً. فنحن كمذيعات نهدف إلى إيصال صوت المواطن، لا عرض الأزياء على الشاشات. كما أن توحيد الزي لا ينقص من قدري، طالما أنه يخضع لضوابط الزي الإسلامي الشرعي وتقاليده، ولن يؤثر في أدائي، بل على العكس، من الجميل أن نظهر بزيّ رسمي. وفي ما يتعلق باللون، فهو مع شعار القناة، قد يلفت انتباه المشاهدين الى أن هذه المذيعة لقناة اقتصادية أو إخبارية وغيرها»... لافتة إلى أن هذا القرار «أضاء على مسألة مهمة خاصة بالمرأة السعودية، وهي الاهتمام بالمظهر الخارجي الذي يتطلب منها شراء الكثير من العباءات، سواء العملية أو الرسمية، والذي يحتاج بدوره الى تحديد موازنة معينة، لأنها صورة القناة، وواجهتها أمام المشاهد».

مهى شلبي: العباءة والطرحة حشمة ووقار ونظرة اطمئنان من المجتمع

وأشارت الإعلامية السعودية مها شلبي من قناة الاقتصادية في التلفزيون السعودي، الى أنها ليست مع القرار أو ضده، قائلة: «بمعنى أن مجتمعي هنا، يُحتم عليّ الظهور بالزيّ الرسمي، حتى وإن نظرنا الى المذيعات في الوطن العربي ودول الخليج، نجد أن هذا القرار بتطبيقه في السعودية ليس غريباً عن ظهور باقي المذيعات خارج السعودية، لذا أنا أؤيد هذا الأمر وأحترمه. فالعباءة تمنح المذيعة الوقار والحشمة... والزي الموحد، سواء داخل الاستديو أو خارجه، يجعل المجتمع ينظر اليها نظرة اطمئنان. وفي ما يخص الألوان، أجد أن من الصعب إجبار المذيعة على ارتداء لون واحد طيلة ظهورها على الشاشة، خاصة إن كانت لا ترتدي الألوان الصارخة، أو النشاز التي قد تؤذي المُشاهد، وهذه هي النقطة التي لا أؤيدها في هذا القرار، إذ يجب فتح باب الاختيار أمام المذيعة في انتقاء الألوان المعقولة للعباءة والطرحة التي ترتديها».

منى أبو سليمان: العباءة للمرأة ليست كما الثوب للرجل، ويجب فتح باب الاختيار في ما يتعلق باللون

أما الإعلامية منى أبو سليمان فأكدت أن هذا القرار يحتمل «الإيجابية والسلبية معاً، بمعنى أن القنوات السعودية هي قنوات موجهة الى الشعب السعودي، والعباءة هي الزيّ الرسمي للمرأة السعودية، وأنا لستُ ضد هذا القرار، لكن من المفترض أن يكون الأمر اختيارياً بالنسبة الى الألوان. فمن الممكن أن ترتدي المذيعة الألوان الغامقة كالرمادي والبني وغيرهما من الألوان التي تناسب بيئة العمل، سواء كانت في الأخبار أو في القنوات الأخرى، كالقناة الاقتصادية أو الرياضية أو الثقافية، وأتمنى أن يكون هذا الامر مُتضمناً في القرار الذي أصدرته هيئة الإذاعة والتلفزيون». وأضافت أن «تمييز المذيعات بحسب القناة بخط على الطرحة والعباءة، يرمز الى القناة ولونها، يوضح أن متخذي القرار ذكور، متعمدين بذلك جلب الشكاوى من بعض المشاهدين، وفي الوقت نفسه يعملون على الإساءة الى القناة، لأن جزءاً من المشاهدة يعتمد على  استمتاع المشاهِدات بأزياء المذيعات، حتى وإن كانت عباءة. بالنسبة إلي، إنها النظرة الذكورية التي تعتقد بأن العباءة للمرأة، كما الثوب للرجل، وبالتأكيد هي ليست كذلك فقط».