مسألة جينية

الكلمات,أسلوب الحياة,تعليم الفن,المتابعة,الموهبة,المراهقة,هالة كوثراني

هالة كوثراني 06 مايو 2015

تتسلّل الكلمات إلى نومي، فأصحو. أتفق مع الفجر. تجمعنا صداقة قديمة منذ أيام الفروض المدرسية. أقدّر هدوءه وسكون الحياة في أوقاته. فسحة من الزمن تسمح باختبار الوحدة الجميل. أصحو مهووسة بما يمكن أن أدوّنه. يتسنّى لي أن أتأمّل الأشياء حولي، أن أحدّق إليها لا أن ألمحها خلال ركضي في سباقات الأيام العادية. أنظر إلى لوحة رسمها ابني منذ نحو عامين. في ألوانها القاتمة شكل من أشكال الرقيّ. وتدعم هذه الألوانُ حزنَ الوجه الذي يتوسطّها. أذكر أنه منحها عنواناً هو «حزن». وأذكر أنني تساءلت يوم رأيتها للمرة الأولى: كيف يمكن أن يلتقط طفل نظرات الأسى تلك؟ أم تراه نقلها مصادفة من صورة ما؟ حين قررت في سنّ صغيرة أنني سأجرّب الكتابة، دوّنت قصصاً سوداء وكنت أستمتع بالنهايات الحزينة. لا بد أنها مسألة جينية، وأنّ الميل إلى فهم الأسى أو تقديره يورّث، برغم أنّ هذا الميل لا يظهر في التصرّفات أو في أسلوب الحياة. ما أخذني إلى هذه النقطة هو أنّ ابني الآن ما عاد يقدّر موهبته في الرسم مذ نقلته إلى محترف جديد. ولم آخذ على محمل الجد شكواه من طريقة «تعليم الفن» لطفل في عمره. ظننتُني أقوم بواجبي حين نقلته إلى مكان اعتبرته أفضل، ولم أستمع جيداً إلى ملاحظاته. الدعم والمتابعة مطلوبان لتنمية الموهبة التي يمكن أن تندثر مع الأيام إذا لم تُعامل بالطريقة المناسبة. والمتابعة أساسية خصوصاً على عتبة المراهقة حين تكثر الضغوط ويصبح أصعب تحدي التمسّك ببذرة الموهبة.