تسعة تعديلات تهدف إلى حماية حقوق المرأة السعودية وتعزيز مواطنتها

تسعة تعديلات,حماية حقوق المرأة,السعودية,تعزيز مواطنتها,مواد نظام الأحوال,عدم التفريق,حق حصولها على الوثائق

14 نوفمبر 2015

وافق مجلس الشورى السعودي على اقتراح تعديل بعض مواد نظام الأحوال المدنية المُقدم من أعضاء المجلس، وهم: الأميرة سارة الفيصل والدكتور ناصر بن داود والدكتورة هيا المنيع والدكتورة لطيفة الشعلان، وذلك استناداً الى المادة 23 من نظام مجلس الشورى، فاقترح الأعضاء تسعة تعديلات، تهدف الى منح الأم العديد من الحقوق، وترسيخ مبدأ حماية حقوق المرأة كما قررتها الشريعة الإسلامية، والتشديد على حماية الحقوق التي نصّت عليها الأنظمة السعودية، وتعزيز مواطنة المرأة السعودية، من خلال التأكيد على عدم التفريق في الحقوق بينها وبين المواطن، وخاصة حق حصولها على الوثائق الوطنية.


ورصد أعضاء المجلس عدداُ من الأسباب التي دفعتهم الى تقديم المقترح، منها عدم حصول الأم على وثيقة رسمية تثبت علاقتها بأولادها، واستغلال بعض أولياء الأمور أسماء المضافين الى دفتر العائلة، استغلالاً مادياً وأمنياً، وابتزاز بعض الأمهات مالياً عند حاجتهن الى استخدام دفتر العائلة لتحقيق مصالح أولادهن.
«لها» ناقشت إحدى مقدِّمات هذا المقترح، وهي عضو مجلس الشورى، السعودية الدكتورة هيا المنيع، فأكدت بدورها أن «هذه التعديلات ما هي إلا تحقيق للعدالة وتقدير للأم بمساعدتها في الحصول على أوراق أبنائها الثبوتية»، آخذة كذلك برؤية الكاتب السعودي عبدالله العلمي عن مدى تأثير هذه التعديلات في حقوق المرأة في المجتمع السعودي.
يؤكد المقترح المُقدم عدداً من المبادئ الأساسية، التي تتمثل في الاستغناء عما لا حاجة اليه من مواد النظام، وتحديثه ليتوافق مع المعمول به حالياً، من حيث الإجراءات، وملاءمة النظام لسواه من الأنظمة درءاً للتعارض. وبعد أن تدرس اللجنة الأمنية المقترح من كل جوانبه دراسة شاملة، سترفع تقريرها إلى المجلس لمناقشته واتخاذ القرار المناسب في شأنه.

شملت هذه التعديلات تسعة مطالب تعزز حقوق الأم،

وهي كالآتي:
1 - ترسيخ مبدأ حقوق المرأة.
2 - حماية الحقوق التي نصت عليها الأنظمة السعودية.
3 - تعزيز مواطنة المرأة السعودية.
4 - عدم التفريق في الحقوق بينها وبين المواطن.
5 - منحها الحق في الحصول على الوثائق الوطنية.
6 - رفع الأضرار المترتبة على عدم حصولها على دفتر عائلة مستقل.
7 - حفظ كرامتها من الاستجداء للحصول على دفتر العائلة.
8 - منحها وثيقة رسمية تُثبت صلتها بأولادها.
9 - حماية المحاضر الرسمية من التزوير في الأحوال الشخصية.

د. المنيع: هذه التعديلات تحقيق للعدالة وتقدير للأم بمساعدتها في الحصول على أوراق أبنائها الثبوتية
تقول إحدى مقدّمات هذا المقترح وعضو مجلس الشورى، الدكتورة هيا المنيع: «كما يعلم الجميع، فإن النظام الحالي قد وضع قبل أكثر من 30 عاماً، مما يعني أنه لا يستوعب المتغيرات الاجتماعية الحالية، وتبدل الطباع داخل الأسرة. في البدء، أشكر وزملائي، الإخوة والأخوات في اللجنة الأمنية على الموافقة بالإجماع على المقترح بدافع مصلحة المجتمع، وذلك بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، وتحقيقاً للمادة 26 من نظام الحكم التي تنص على (حماية حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية)، وتأصيلاً لعدم التفريق في الحقوق بين المواطن والمواطنة السعودية، خاصة حقوقها في الوثائق الوطنية».
وتلفت المنيع إلى أن «النظام السابق قد وُضع وفق منظور يناسب مرحلته، حين كان المجتمع صغيراً والمرأة لا تشارك في العملية التنموية خارج منزلها، مع وجود الرجل ضمن محيطه العائلي بشكل شبه دائم».
وتضيف: «مع تطور مجتمعنا اليوم، واتساع مشاركة الرجل وكذلك المرأة، بات من الضروري تعديل النظام بما يتيح خدمة جميع الأطراف، خاصة الأبناء والأم، مع إلزامية البطاقة المدنية للمرأة. ولا بد أيضاً من رفع مستوى مسؤوليتها داخل أسرتها، كحق التبليغ عن ابنها الذي أنجبته في حال غياب والده. مثلاً نجد الأب اليوم على الحدود الجنوبية يدافع عن وطنه، فهل نطلب منه متابعة التبليغ عن الولادة أم تقوم بذلك زوجته وأم أبنائه؟ والشيء نفسه بالنسبة الى الطبيب والمسافر وغيرهما... مع التطرق الى بعض المظاهر الاجتماعية السلبية الناتجة من الطلاق، أو تعليق المرأة وهجرانها، بحيث يصبح بعض الأطفال ضحايا الخلافات الأسرية، مما يؤدي الى حرمانهم من التعليم أو العلاج، وحرمانهم أحياناً من الوثائق الرسمية، أي الهوية المدنية، بسبب رفض بعض الآباء إضافتهم الى بطاقة العائلة، كما يخدم هذا التعديل المرأة السعودية المتزوجة بغير سعودي».
وتؤكد المنيع أن «هذه التعديلات تحفظ حق الأم والأبناء، وتخفف العبء عن كاهل الآباء في حال انشغالهم. وفي المجمل، هي تحقيق للعدالة، وتقدير للأم بمساعدتها في الحصول على أوراق أبنائها الثبوتية، والتعامل معها كمواطنه لها حقوق وعليها واجبات، وضمان لحقوق الأبناء، في ظل أي خلافات داخل الأسرة الواحدة».

العلمي: ما يهم الشارع السعودي أن تترجم تلك التوصيات الى قوانين واضحة تحفظ للنساء حقوقهن وكرامتهن
أما الكاتب السعودي عبدالله العلمي فيؤكد أن «تصويت أعضاء مجلس الشورى بالأغلبية (96 صوتاً) لمصلحة توصية تتوافق مع دراسة مقترح بعض التعديلات على نظام الأحوال المدنية جاء ليؤكد ثلاثة مبادئ أساسية: المبدأ الأول، تعزيز المادة الثامنة في النظام الأساسي للحكم (بتحقيق العدل والمساواة). المبدأ الثاني، تطبيق اتفاقية السيداو (القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة) التي وقعت عليها السعودية بموجب مرسوم ملكي. والمبدأ الثالث، تأكيد التزاماتنا الدولية بما فيها عضويتنا في لجنة حقوق الإنسان والمجلس التنفيذي لمنظمة المرأة. كما أن تأييد 96 عضواً فـي مجلس الشورى لمشروع تعديل نظام الأحوال المدنية، مقابل رفض 28 عضواً فقط، قد أسقط أقنعة التشدد الفكري في المجلس، في مقابل أعضاء تقدموا بهذه التوصية ونجحوا بالاستعانة بتحليلهم الهادئ والرصين للمعطيات العلمية والاجتماعية المنطقية».
 ويذكر العلمي أن «حيثيات التوصية تؤكد حقائق الأمور ومعطياتها، ومنها ترسيخ مبدأ حماية الحقوق كما أقرّته الشريعة الإسلامية، وحماية الحقوق التي نصت عليها الأنظمة والقوانين السعودية، كما تساهم التوصية أيضاً في تعزيز مواطنة المرأة السعودية، والتشديد على عدم التفريق في الحقوق بينها وبين المواطن، خصوصاً حق حصولها على الوثائق الوطنية غير المشروط. وهذه إشارة واضحة الى المساواة بين الرجل والمرأة. كذلك تنادي التوصية برفع الأضرار العلمية والعملية والمادية، المترتبة على عدم حصول الأم على دفتر عائلة مستقل، وحفظ كرامتها من الاستجداء للحصول على الوثائق التي تحتاج اليها في علاج أبنائها، أو تسجيلهم في المدارس».
ويضيف العلمي: «تقضي التوصية أيضاً بمنح الأم وثيقة رسمية تثبت صلتها بأولادها، وهذا أمر مهم جداً، لأن التوصية تساعد على الحد من معاناة المرأة المطلّقة في الحصول على الأوراق الرسمية لأبنائها. من هذا المنطلق، تؤسس التوصية لتفعيل الدور الأساسي لبطاقة الأحوال المدنية، باقتصار دفتر العائلة على التعريف بمن هم دون الـ15 سنة. وفي الجانب الإداري، من الضروري الموافقة على إحالة المقترح الى اللجنة الأمنية لتتوسع في دراسته بمشاركة المختصين من الأجهزة الحكومية كوزارتي الداخلية والعدل وغيرهما من القطاعات الحكومية والأهلية. فما يهم الشارع السعودي، أن تترجم تلك التوصيات الى قوانين واضحة وجليّة نراها مجسّدة على أرض الواقع لتحفظ للنساء حقوقهن وكرامتهن. فالمرأة السعودية تستحق جائزة الإنجاز العالمية، لإصرارها على النجاح بالطرق السلمية، رغم غياب حقوق أخرى، آمل أن تحصل عليها المرأة».
ويختتم العلمي حديثه مؤكداً أن «مطالب المرأة السعودية شرعية ومنطقية، فهي لا تتعدى إعطاءها حقها في التنقل بحرية في القيادة أو السفر، وإزاحة الوصاية الذكورية عليها، ومنحها حقها في التعليم والعلاج، والابتعاث وتكافؤ الفرص في الحياة الوظيفية. وكل ما تطالب به المرأة السعودية هو تعديل القوانين الوضعية، والأعراف الاجتماعية، التي تمس المرأة وحقوقها الشرعية والمدنية، مثل حقوقها في الميراث والمهر، والتصرّف بالموارد المالية، واختيار شريك حياتها واشتراط عدم التعدد، إضافة إلى حقوق التقاضي، والحضانة والنفقة، ومنح أبنائها الجنسية».