في السعودية الزوجة الأجنبية بين الرفض والقبول

المرأة السعودية, الحياة الزوجية, الزوجة الأجنبية, قضية / قضايا إجتماعية

19 أكتوبر 2013

يسافر الكثير من السعوديين إلى الخارج من أجل الدراسة، ولكن البعض وبدل أن يعود بشهادة عالية يتزوج ويأتي بزوجته إلى السعودية. ولأن عادات المجتمع السعودي وتقاليده تتسم بالمحافظة، تقع مشاكل عدة منها عدم قبول أهل الزوج أن يتزوج ابنهم من الخارج. وبعد الزواج تقع الزوجة الأجنبية في السعودية في فخ المشاكل من أهل الزوج أو المجتمع، فلا يتقبلوها بسهولة، ويصبح الزوج في حيرة من أمره. من يرضي؟ زوجته الأجنبية أم أسرته؟


عبدالإلاه: العديد من المشكلات العائلية والاجتماعية

يقول عبد الإلاه البالغ من العمر(48عاماً) لـ«لها»: «صدمت كثيراً بعد عودتنا من الخارج أنا وزوجتي الأجنبية، فربما خانتني توقعاتي وتقديراتي للأمور، وصادفت العديد من المشكلات من الأهل والمجتمع، خاصة أن أهلي من المحافظين ومن المتمسكين كثيراً بالعادات والتقاليد».
أجبرت ظروف الحياة عبدالإلاه على التفكير في الزواج في الخارج، ولم يتردد، خاصة عندما وجد عائلة محافظة ولكن لها عادتها وتقاليدها التي تختلف عن الحياة في السعودية.

بعد الزواج واجهته صعوبة في تقبّل زوجته وسط محيطه الأسري، وتحديداً من بعض السيدات اللواتي يخفن على أزواجهن من التفكير في الذهاب إلى الدولة العربية نفسها والزواج منها، أو حتى من مجالسته والحديث معه عن الزواج من الخارج. وأشار إلى أن زوجته عندما تذهب إلى مناسبات أقاربه كانت تجد كثيراً من التحفظ حيالها بسبب الحذر منها لأنها حسب تفكيرهم يمكن أن تزوّج أزواجهم من الخارج، الأمر الذي أثّر على نفسيتها، وأخذت انطباعاً سلبياً عن المرأة السعودية. وبعد ذلك راحت ترفض حضور المناسبات الخاصة والعامة.


محمد ناصر: الأهم رضا أمي

ويستغرب محمد ناصر البالغ من العمر( 38عاماً) انتقادات السيدات في محيط أسرته بسبب العادات التي نشأت عليها زوجته ويقول: «لا تعني الانتقادات شيئاً مقارنة بالتزامها الحجاب ورغبتها في العيش معي، واحترامها لعائلتي باعتبارها الأساس لديّ، خاصة أنها استطاعت كسب احترام والدتي».


فهد: لماذا أحرم نفسي لأرضي مجتمعي؟

يختلف فهد المتزوج من فرنسية عن سابقه في أن مسألة التوافق والتعايش بين زوجته الأجنبية وأسرته لم تكن هاجسه، عندما قرر أن يتزوّج من الخارج الذي يختلف عن مجتمعه اختلافا كلياً.
ويقول: «لم أفكر بتاتاً في تقبل أسرتي، لأني تزوجت بعد قصة حب أثناء دراستي، ودام الحب بيننا طوال دراستي، وفي النهاية تزوجت من أحببت، وهذا هو المقسوم لي في الحياة، فلماذا أحرم نفسي لأرضي مجتمعي؟».

وأشار إلى أنه عاش نتيجة لذلك جفاء كبيراً ومقاطعة من أهله وأسرته لسنوات. ولكن مقاطعة والدته له أثّرت على نفسيته كثيراً، فدرّب زوجته على بعض عادات المجتمع السعودي.
ويضيف: «من أهم تلك العادات التي تدربت زوجتي عليها الحجاب، وعدم الاختلاط، والكثير من الأمور التي تخص المجتمع السعودي. وساعدني بعض أقاربي في قطع مرحلة مهمة في طريق تأقلم زوجتي مع المجتمع».
ويتابع فهد: « بعد سنوات بدأت عائلتي بتقبل زوجتي شيئاً فشيئاً إلى أن عاد التواصل وتقبّلوا أمر زواجي، خصوصاً عندما سمعت أسرتي من بعض أقاربي الذين كانوا على تواصل معي بتغير في الكثير من الأمور التي تهمهم لدى زوجتي». 


وليد: بعد عام من الزواج والدي ما زال يرفض...

يروي وليد البالغ من العمر(25 عاماً) معاناته مع الزواج من فتاة من المملكة المغربية، فقد وجد اعتراضاً كبيراً من والده، إلا أنه أصر على الزواج منها، واستخرج تصريحاً بالزواج من الخارج. وكانت صدمة لوالده عندما شاهد الإذن ولمس إصرار ابنه على الزواج.
يقول: «رفض والدي الذهاب معي للزواج، إلا أن والدتي ذهبت معي وأتممنا الزواج، وعدت مع زوجتي إلى الوطن». وبعد مرور عام على الزواج استطاع الأهل التأقلم مع زوجته، ولكن ما زال والده رافضاً.


فيصل  لم يواجه عقبات اجتماعية لأن زوجته قريبته

وعلى العكس يقول فيصل: «كان والدي يعيش في دولة الكويت الشقيقة، وتزوّج أمي ذات الجنسية المصرية، وأنجبا ولدين، أنا وشقيقي. إلا أن مشيئة الله أرادت أن يفترقا ونحن صغيران، وبعدها انتقلت للعيش بين مصر والكويت والسعودية».
ويضيف:«في هذه الظروف وهذا الوضع غير المستقر، نشأت قصة حب بريئة بيني وبين ابنة خالتي المصرية، وكبرت معنا القصة حتى أصبحنا عاجزين عن الفراق. ومثل نهاية أي حب صادق، قررنا الزواج ومحاربة كل من يقف في طريقنا، وكان لنا ما أردنا واستطعنا إقناع الجميع بأن نكون لبعضنا. وحينها رسمنا أحلامنا الوردية وخططنا لمستقبلنا، حتى إننا بدأنا اختيار أسماء أبنائنا قبل أن نتزوج. وذهبت إلى مصر وكتبت كتابي عام ٢٠٠٠، ورجعت إلى السعودية وأخذت الأوراق المطلوبة للموافقة على الزواج من الجهات الرسمية، وذهبت إلى الإمارة وقرأت الشروط التي كان من أهمها أن تكون الزوجة قريبة للزوج، وهذا ما أراحني».

ويتابع: «بدأت إنهاء المعاملة، وتكبدت عناء مراجعات الإدارات الحكومية، وجلست ما يقارب السنة، وبعدها فوجئت بعدم الموافقة على الزواج. ذهلت وكدت أفقد عقلي، ولكن نصحني بعض أهل الخير بأن أحضر ما يثبت القرابة بيني وبين زوجة المستقبل، حتى يسهل استخراج صك من المحكمة. وقررت أن أتوكل على الله وأتزوج بابنة خالتي، حتى تنتهي الإجراءات. كان العرس جميلاً، وكان ذلك اليوم أجمل يوم في حياتي، ولكن الأيام الحلوة واللحظات الجميلة تذهب بسرعة. فسرعان ما انتهت إجازتي وعدت إلى الوطن، وكلي أمل بأن أنهي الأوراق، وأحضر زوجتي لكي تعيش معي. وشاء الله أن تحمل زوجتي، وصار بعدي عنها أصعب، لأنها تحمل أول طفل لي، وزادت مسؤولياتي تجاهها، وزاد الضغط عليّ وعليها وأنجبت ابني الأول. وفي خضم انشغالي بمتابعة المعاملة التي أرهقتني، اضطررت للعودة إلى مصر وشاهدت ابني للمرة الأولى وعمره ثمانية أشهر».
ويشير إلى أنه بعد استكمال الأوراق وأخذ الموافقة «قدمت زوجتي إلى السعودية بمباركة الأهل، لأنها قريبة لي ولم أشعر بأنها زوجة أجنبية».


الرأي الاجتماعي: عدم تقبّل العائلة للأبناء من أم غير سعودية يشكّل عائقاً ضخماً...

يقول أستاذ الاجتماع الدكتور عبد العزيز الغريب إن عدداً من السعوديين طلقوا زوجاتهم الأجنبيات بسبب عدم التكافؤ. ويشير إلى أن عدم تقبل العائلة داخل المملكة للأبناء من أم غير سعودية يشكل عائقاً ضخماً «خصوصاً إن تم هذا الزواج من دون علم أو رضا العائلة».
وحول اتّساع ظاهرة زواج السعوديين من أجنبيات، خصوصاً خلال عطلة الصيف، يقول: « تقوم جمعية أواصر بحملة توعية لمحاولة الحد من هذه المشكلة من خلال المحاضرات والندوات التوعوية والنشرات التي توزّعها على المدارس والجامعات والجهات الحكومية والمطارات».

ويضيف: «الشباب في مقتبل العمر هم من يتم التركيز على توعيتهم ونصحهم وإرشادهم حول الزواج وأهمية تحمل المسؤولية قبل الإقدام عليه، وألا يكون نتيجة قرار عشوائي عادة ما تكون نهايته سلبية».
ويحمّل المتخصص في شؤون الأسرة الدكتور محمد الشايع مسؤولية العلاقة التي تربط الزوجة الأجنبية بأسرة الزوج للرجل باعتباره «المحرك الأساسي» لهذه العلاقة.

ويقول: «علاقة الزوجة الأجنبية بالمحيط الأسري للزوج تعود إلى ثقافة الزوج وتأثيره على شكل العلاقة، لذا عليه مسؤولية كبيرة في مسألة تقارب الزوجة من أهله والعمل على إعادة التنشئة الاجتماعية للزوجة». ويوضح «أن الكثير من الأزواج ليس لديه تصور صحيح عن تلك العلاقة التي تربط الزوجة بأسرة الزوج، والشرع لم يذكر في مسألة الحقوق الزوجية عن أهل الزوج شيئاً. وعلى الزوج أن يدرك أن العلاقة التي تربط زوجته بأسرته تبدأ صغيرة ثم تقوى مع مرور الأيام، مع مراعاة لاختلافات التفكير والأمزجة بين أسرته وزوجته».


إحصائية وزارة العدل السعودية

كشفت إحصاءات حديثة لوزارة العدل أن عدد عقود زواج السعوديين من أجنبيات بلغ 2640 عقداً بنسبة 1.6 من إجمالي عقود الزواج في المملكة خلال عام 2011، واحتلت الجنسية اليمنية أعلى معدلات زواج السعوديين من أجنبيات بواقع 1076 عقد زواج، فاللبنانيات ب218 عقداً، فالسوريات ب193، ثم الفلسطينيات ب113، بينما احتلت النساء الكينيات أقل معدلات زواج السعوديين من أجنبيات بواقع زيجة واحدة. ولفتت إلى أن منطقة مكة المكرمة هي الأعلى في عدد زواج السعوديين من أجنبيات بواقع 1357 زيجة، ثم منطقة الرياض ب621، والمدينة المنورة ب232، والمنطقة الشرقية ب179.

وأشارت إلى أن طلاق السعوديين من الأجنبيات بلغ 879 صكاً بنسبة 22 في المئة من إجمالي حالات الطلاق، واحتلت النساء اليمنيات الأعلى في طلاق السعوديين من أجنبيات ب175 صك طلاق، ثم السوريات ب93، ثم المصريات ب66.