كارين رزق الله: «مش أنا» أحدث ثورة على الموجود

كارين رزق الله,ثورة,الدراما اللبنانية,شهر رمضان,الأعمال السينمائية,التصوير,الممثل,الجمهور,الراقصات,الصحف اللبنانية,الزواج المبكر,الكوميديا,شخصية عدائية

كارولين بزي 11 سبتمبر 2016

تعترف الكاتبة والممثلة اللبنانية كارين رزق الله بأن الممثل الذي يؤدي نوعاً واحداً من الأعمال على مدى سنوات سيصطبغ بها، لذلك ترفض أن يُعرف عنها بالممثلة الكوميدية، مؤكدةً أنها ممثلة تؤدي أدواراً كوميدية.
تنطلق كارين من حالات العنف المختلفة ضد المرأة والتي شهدناها في الآونة الأخيرة، في محاولة منها لاستصدار قانون فعّال يحاكم الجاني ويعاقبه على فعلته، فكانت «كريستين» المعنّفة من عائلتها في «قلبي دق»، وها هي «هنا» تشعر بالسعادة بعد وفاة زوجها الذي كان يعنّفها على مدى سنوات، والذي حوّل حياتها جحيماً عكسته على محيطها بعد مماته. في هذا الحوار تتحدث كارين عن أعمالها والحالة الاستثنائية التي شكّلتها بين الأعمال العربية التي عرضت في رمضان الماضي.


- في تجربتك الثانية في شهر رمضان، كيف وجدت أصداء مسلسل «مش أنا»؟
نسبة المشاهدة عالية جداً، وأشكر الناس على محبتهم ومتابعتهم للعمل.

- هل نجاح «قلبي دق» العام الماضي، حفّز الناس على متابعة «مش أنا»؟
بالتأكيد، في البداية نجاح «قلبي دق» حمّس الجمهور، ولكن في طبيعة الحال لو لم تعجبهم الحلقات الأولى من «مش أنا» لما كانوا تابعوه.

- لماذا يحمل العمل عنوان «مش أنا»، علماً أنك كنت قد أطلقت عليه سابقاً «دمعة حب» ثم غيّرت العنوان؟
ما من شخصية في المسلسل تُظهر حقيقتها المفترضة في العمل، وكل منها رددت جملة «أنا مش أنا»، وتصرفت وفق الظروف التي واجهتها، والتي لا تعكس حقيقة طباعها. نحن نستخدم أحياناً أقنعة لنخبّئ أشياء في داخلنا، وكل من يضع قناعاً، يخفي حقيقته من خلاله.

- هل نجاح «قلبي دق» دفعك للخوف من ألا يحقق «مش أنا» نجاحاً بالمستوى نفسه؟
بالتأكيد، شعرت بالخوف والمسؤولية باتت أكبر، ولكنني سعيدة بأن حققنا نسبة المشاهدة العالية نفسها. «مش أنا» حلّ في المرتبة الأولى منذ اليوم الأول لعرضه، وبفارق شاسع عن باقة المسلسلات المعروضة في رمضان، إذ حققنا نسبة 21.6 وهي من النسب النادر تحقيقها في موسم رمضان.

- في ظل الثورة الدرامية التي نشهدها في رمضان، كيف استطاع العمل أن يحجز مكانه هذا؟
أحببت كلمة ثورة، بالفعل أحدث هذا العمل ثورة على الموجود، لأنه شديد القرب من هويتنا ومن واقعنا، كما أن الأعمال العربية لا تشبه واقعنا اللبناني، وأعتقد أن المسؤولية تقع على النص، فمضمونه بعيد عن الواقع، ولا يلامسه بطريقة مباشرة، وربما تلعب اللهجة دوراً أيضاً.

- تعرضت «كريستين» في «قلبي دق» للعنف من أهلها، وفي «مش أنا» تعرضت «هنا» للعنف من زوجها، لماذا كان العنف محور العملين؟
لأننا شهدنا في السنوات الأخيرة سلسلة من جرائم القتل التي ارتكبها الأزواج خلال تعنيف زوجاتهم، وهو محاولة لاستصدار قوانين تحاسب الزوج المعنِّف فعلياً، والذي يخرج من السجن في حال توقيفه بمحاكمة بسيطة، هذا إن حوكم أصلاً. من غير المقبول أن نكون في العام 2016 ونطبّق شريعة الغاب.

- هل حوّل العنف «هنا» إلى شخصية عدائية؟
بالتأكيد، وانعكاس العنف على الأفراد يختلف من شخص الى آخر. فمنهم من يصبحون عدائيين، أو انطوائيين، أو يتحولون إلى مجرمين، فالعنف يؤثر في كل إنسان بطريقة مختلفة. و«هنا» من الأشخاص الذين خبّأوا هذا العنف، وحاولت أن تؤذي غيرها لتشعر بالرضا، واطمأنت الى أنها ليست وحدها التعيسة.

- «كريستين» كانت شخصيتها قوية، بينما «هنا» قوية وعدائية، لكن في بعض المشاهد - ولا سيما عندما اعتقدت أن «مجد» سيضربها - تبيّن أنها ضعيفة للغاية.
بالفعل، «هنا» إنسانة ضعيفة جداً، وتحاول أن تغلّف ضعفها بالعدائية.

- في اللقاء الأول بين «هنا» و«مجد»، كنت عدائية جداً معه ولم يُظهر أي رد فعل سلبي نحوك، علماً أنكما لا تعرفان بعضكما بعضاً، هل من الطبيعي أن يتعرض شاب لهذا الكم من الإهانات ويصمت؟
بالفعل، إذا كان رجلاً محترماً فلن يرد وسيتصرف بأسلوب «مجد» نفسه. كما أنه عاش نحو 14 عاماً في الغربة، ومن الطبيعي أن يتأثر بالطباع الأوروبية الهادئة.

- كيف أقنعت بديع أبو شقرا بالعودة إلى الشاشة الصغيرة بعد غياب طويل عن الدراما اللبنانية؟
اطّلع بديع على النص واقتنع به. تعاوني معه كان رائعاً، فهو شخص مهذب ومثقّف، وأصبح صديقي الدائم ولم يعد يقتصر تعاوننا على العمل. بديع كان يرغب في العودة إلى الشاشة، وعندما قرأ النص أعجبه وعملنا معاً.

- ذكرت سابقاً أنك لم تسعي إلى أداء الكوميديا، هل يزعجك أن يُعرّف عنك بالممثلة الكوميدية؟
يزعجني التعريف عني بالممثلة الكوميدية، ولكن لا يزعجني أن أؤدي أدواراً كوميدية.

- هل ظلمتك الكوميديا؟
أنا ممثلة أؤدي كل الأدوار، ولم تظلمني الكوميديا أبداً. ولكن عندما يؤدي الممثل نوعاً معيناً من الأدوار لفترة طويلة فهو يصطبغ بها. ولكن الناس تقبّلوني بأعمال درامية بعيدة عن تلك الكوميدية، وأحبوا أدائي.

- مروان خوري يغني «تيتر» عملك للمرة الثانية.
على الصعيد الشخصي أحب مروان كثيراً وأهوى الاستماع إلى أغنياته ويستطيع أن يوصل إحساساً عميقاً بكلمات بسيطة، الأمر الذي يتطابق مع أسلوب عملي، إذ إنني أوصل الرسالة من خلال أعمالي بعمق ولكن بأسلوب بسيط جداً. لذلك أعتقد أننا نشبه بعضنا بعضاً من هذه الناحية، ومروان من أكثر الأشخاص الذين يستطيعون التعبير عما أود أن أقوله بطريقة سلسة.

- ماذا عن الإنتاج، هل كان أسهل من السنة الماضية؟
مي أبي رعد محترفة وأحببت العمل معها وسنستمر في تعاوننا، لأننا نعمل في الاتجاه نفسه، كما أنها تُنفق بسخاء على العمل وتحاول أن تقدم الأفضل بما تملك من إمكانات متوافرة لديها. فالتعامل كان سهلاً ولم يكن أمامنا عراقيل.

- هل ميزانية «مش أنا» فاقت ميزانية «قلبي دق»؟
الميزانية هي نفسها ولكن الإنتاج أفضل.

- تطرقت الى موضوع البدانة في «مش أنا» بالإضافة إلى الزواج المبكر، الأبنية القديمة ومشكلة المستأجرين، لم تأخذ قصة «هنا» و«مجد» الحيز الأكبر من العمل، بل الجميع اتخذ مساحة كافية للتعبير عن قضيته.
صحيح، وهذا الأمر في غاية الأهمية إذا لا يمكن أي عمل أن يعتمد على شخصين أو ثلاثة، العمل الجماعي مهم جداً، ومن الممتع أن تكون القصة متفرعة وألا تسلّط الضوء على قضية واحدة، وبالتالي هذا التنوع سيرضي المشاهد ومختلف الأذواق، فهي طريقة أتبعها في أعمالي دائماً. بالتأكيد ثمة من يأخذ دوراً أكبر من الثاني، ولكن ما من شخصية تحوز المسلسل بأكمله.

- بما أنك تجمعين الكتابة والتمثيل معاً، هل ثمة صعوبة بمتابعة العمل المكتوب خلال أدائك للدور التمثيلي؟
لا أبداً، أنا لا أتابع تنفيذ النص، ولكن هناك من يهتم بهذا الموضوع وخصوصاً خلال أدائي دوري، حتى أنني لا أتوجه إلى مكان التصوير إذا لم يكن لدي مشاهد لتصويرها.

- في «قلبي دق» و«مش أنا» القضية الرئيسية كانت العنف ضد المرأة، ولكن في العملين أيضاً استعنت بمواصفات رجلين تحلم بهما كل فتاة.
صوّرت في يورغو شلهوب وبديع أبو شقرا شخصيتين هما حلم كل امرأة، ونتمنى أن يكون هناك رجال بهذه المواصفات وبأعداد كبيرة.

- هل تخاطرين عندما تستعينين بوجوه جديدة؟
لا أعتقد أنها مخاطرة لأننا نختارهم بناءً على اختبار، ونمنح المجال لأشخاص هم ممثلون ويستحقون هذه الفرصة، وابتعدنا عن الفكرة السائدة اليوم والتي يقوم فيها كل منتج باصطحاب فريقه الخاص في كل المسلسلات ويبرز الوجوه نفسها، فليأخذ كل شخص فرصته.

- ذكرت إحدى الصحف اللبنانية أنك أنصفت الكفاءات اللبنانية في العمل على حساب العامل الأجنبي الذي يحوز مبالغ مادية أكثر من اللبناني، ولكن هذه الحالة ليست واقعية.
علينا أن ندرك أن ثمة كفاءات لبنانية تتفوق في مؤهلاتها على الأجنبي، لذلك علينا أن نمنح اللبناني الفرصة ليثبت نفسه، فالأجنبي يتقاضى أجراً أكبر ويُعطى شقة وغيرها من الامتيازات، فليأتوا باللبناني وليوفروا على أنفسهم إيجار المنزل وليعطوه المبلغ الذي يُقدّم للكفاءات الأجنبية.

- لمسنا مزجاً بين الرومانسية والعدائية في الوقت نفسه، أي تهاجم «هنا» «مجد» وحين يهمّ بالرحيل تتمسك به وتطلب منه البقاء... هذا المزج بين المتناقضات ألا يصعّب تأدية الدور على الممثل؟
كلما كان النص قريباً من الواقع كان الدور أسهل على الممثل، وكلما نمّقنا العبارات وأبعدنا الأحداث عن الواقع وقع الممثل في مطب التصنّع، لذلك هذا التناقض الظاهر الذي أشرت إليه هو الواقع بعينه وسهّل علينا أداء دورينا.

- ما هي المدة التي استغرقتها كتابة «مش أنا»؟                             
ستة أشهر.

- ماذا عن التعاون الأول مع المخرج جوليان معلوف؟
جوليان شاب موهوب وعنده بعد نظر، وأتوقع له مستقبلاً واعداً.

- وصفت «قلبي دق» بأنه «فشة خلق» لكل فتاة، ماذا عن «مش أنا»؟
«مش أنا» هو مزيج من المشاكل والعقد والأحاسيس والآلام.

- غيّبت الكوميديا عن «مش أنا» فسيطرت الدراما بشكل كبير على العمل.
هو عمل درامي في الأساس، ولذلك أدخلنا عليه بعض المواقف الكوميدية لكي «نخفف» على المشاهد.

- سلطت الضوء على الراقصات...
نفتقد اليوم مهنة الرقص، ولذلك أردت أن أذكّر الناس بها، ففي السابق كان عدد الراقصات على الساحة الفنية كبيراً نوعاً ما، بينما الآن ربما بالكاد نجد راقصة يقصد الجمهور المسرح لمشاهدتها. علماً أن الرقص فن راق وجميل، ولكن الغريب أنه غائب حالياً.

- «فؤاد» زوج «زينة» الراقصة رفض مهنة زوجته، بينما اعتبرها «مجد» مهنة كسائر المهن.
حاولت أن أطرح وجهتي النظر السائدتين بين الناس في المجتمع.

- قال «مجد» في أحد المشاهد، إن الحب قرار يؤخذ بالعقل، هل بالفعل الحب قرار؟
هذه نظرية، والنظرية الأخرى تقول بأن الحب ليس بيد الإنسان. سلّطت الضوء على النظريتين، علماً أنني لست من مؤيدي أي منهما بالمطلق، لأن الأمور العاطفية تؤخذ أحياناً بقرار وأحياناً من دونه.

- لكن «مجد» صاحب نظرية العقل، وقع في حب «هنا» بغياب القرار وعلى عكس ما يعتقد.
كل شيء في حياته خطّط له تبيّن لاحقاً أنه غلط، والحب ليس استثناءً. ولكن لا حقيقة مطلقة في هذا الموضوع، فذلك يعتمد على تجارب الناس في الحياة.

- إلى أي مدى تهتمين لردود فعل الجمهور ولا سيما من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؟
لا أتوجه بالسؤال للناس عن رأيهم بالحلقة أو بالعمل، كما أنني منذ فترة قصيرة فتحت حساباً على «تويتر». أهتم طبعاً لرأي الناس الذي يعكسونه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن يهمني أكثر رأي الناس الذين ألتقي بهم في الشارع والأماكن العامة والخاصة والمحال التجارية. كما أنني لست من المتابعين الدائمين لمواقع التواصل الاجتماعي، لضيق الوقت، علماً أنني أحاول منذ فترة أن ألتحق بعالم التكنولوجيا قدر المستطاع.

- من خلال برنامجك الإذاعي اليومي، ما هي أبرز القضايا التي تهم الناس؟
كل القضايا التي يعيشونها خلال يومياتهم وتهمّهم، كغلاء المعيشة وانقطاع التيار الكهربائي والمياه... لا يهتمون لمشاكل وقضايا غريبة عنهم.

- هل للمعاناة اليومية التي تلمسينها لدى المستمعين دور في كتابة أعمالك؟
القضايا التي تهم الناس تهمّني، وهي نفسها التي أكتب عنها... همومي هي هموم مجتمعي، والعكس صحيح.

- هل تابع زوجك الممثل فادي شربل العمل؟
تابع العمل وأحبّه كثيراً.

- هل وجّه لك انتقادات معيّنة؟
فادي ينتقد التفاصيل، ربما طريقة المشي أو الكلام، ولكن ليس النقاط الأساسية.

- هل تتقبّلين الانتقاد؟
إذا اقتنعت به أتقبله وأعمل به، ولكن إذا لم أقتنع أتقبله ولا أعمل به.

- هل من مشروع جديد؟
هناك عمل جديد ولكنني لم أبدأ التحضير له، وهو بالتأكيد يلامس وجع المجتمع.

- لماذا لم تتّجهي الى كتابة الأعمال السينمائية؟
ثمة مشاريع عديدة، لكن سأرى إن كان باستطاعتي التوفيق بين العمل الرمضاني المقبل والمُضي في كتابة الفيلم.

- إلى أي مدى يساهم الشعور بالراحة مع فريق العمل خلال التصوير في نجاحه؟
الأجواء في موقع التصوير كانت رائعة، وذلك بالتأكيد انعكس على جودة العمل ونجاحه، وما ترونه على الشاشة ليس نصاً جميلاً أو ممثلين أتقنوا أدوارهم بقدر ما هو فريق عمل متجانس تفانى في عمله.


الدراما اللبنانية

هل تشعرين بأنك انتصرت على فكرة أن العمل الدرامي اللبناني لا ينجح في شهر رمضان؟
لا أسمّيه انتصاراً، بل هو حالة استثنائية أحبها الناس وتابعوها، وهو نجاح للدراما اللبنانية. تفرّق اللبنانيون في السياسة والدين ولكنهم اجتمعوا على متابعة الدراما اللبنانية في رمضان. ومتأكدة من أننا سنرى في رمضان المقبل عدداً أكبر من المسلسلات اللبنانية.