قصص شجاعة مليئة بالمغامرات: قرار غيّر حياتي

قرار,غير حياتي,قصص شجاعة,مليئة,بالمغامرات,الأفضل,المصيرية,مشروع توعية,شغفي,بكرة القدم,خارج التوقعات,ابتهال إسماعيل,بسمة صبحي,محمّد نبيل,أوغندا,هبة خميس,نظام صحي,السيجارة,مصطفى كمال,تامر مدحت,أنا والأيتام,هبة محمّد قطب,السمات الشخصية,محمّد هاني

هدير الحضري - (القاهرة) 31 ديسمبر 2016

في لحظة ما، قد تتخذ قراراً يغيّر حياتك الى الأفضل، ورغم أن بعض القرارات المصيرية تحتاج الى الشجاعة أو المغامرة، فإنه عندما تصر عليها تكون النتائج رائعة.

«لها» ترصد قصصاً لأشخاص امتلكوا شجاعة اتخاذ قرار غيّر حياتهم نحو الأفضل.


مشروع توعية
حين أنجبت طبيبة الأسنان ابتهال إسماعيل ابنتها «لِيلِي» منذ خمس سنوات، لم تكن تدرك أن الأعراض التي ظهرت عليها مثل جميع الأطفال كـ«المغص» وغيره، ستخبّئ وراءها قصّة كبيرة ستغيّر مجرى حياتها.
في البداية قررت الأم فحص طفلتها عند عدد من الأطباء الذين كانوا يعالجونها من الأعراض فقط، حتى استطاع أحدهم بعد مرور عام ونصف العام أن يشخص حالتها بـ«حساسية على الألبان واللحوم الحمراء»، وهو ما كان يسبب لها الألم، من هنا بدأت الأم تكرّس حياتها للبحث عن كل المنتجات الصالحة الخالية من الألبان ومشتقاتها، وتقول: «أذهب إلى السوبر ماركت فأقرأ مكونات كل منتج بدقة، ولا أطمئن قبل أن أتواصل عبر الإيميلات الإلكترونية مع الشركة المصنّعة نفسها في أي بلد حول العالم، إذ إن غالبية تلك المنتجات تكون مستوردة، لأطمئن أكثر الى أن تلك المنتجات لا تمثل أي خطورة على صحة طفلتي».
بعد طول عناء، أصبح لدى ابتهال كمية كبيرة من المعلومات حول التعامل مع الأطفال الذين لديهم حساسية من هذا النوع، خاصّة أنها كرست وقتها لصنع الطعام التقليدي بمكونات صحية لا تتعارض مع الحساسية، أو لابتكار وصفات جديدة لهم، ومن هنا اتخذت قراراً بأن تكرّس وقتها لخدمة الأمهات اللواتي يعانين مع أطفالهن ويفقدن القدرة على التصرف في بداية الطريق.
وتضيف ابتهال: «أعلم أن الأمهات اللواتي اكتشفن حساسية أطفالهن على الألبان شعرن بالضبابية في بداية الأمر كما شعرت أنا، فقررت أن أطلق مشروع التوعية هذا لمساعدتهن، وأنشأت مدونة إلكترونية وصفحة عبر «فايسبوك» جذبت الكثير من المتابعين لتقديم النصائح وعرض المنتجات والوصفات الصالحة للأطفال النباتيين، خاصة أن ثقافة التعامل مع هذا النوع من الحساسية لم تكن منتشرة في مصر وقتها. كما أرى أن تكريس وقتي لمساعدة الأمهات يرضيني تماماً، مع أنني لا أجني منه أي أرباح، وأشعر بالسعادة حين تصلني منهن رسائل تشير إلى أنهن وجدن من يساعدهن».

شغفي بكرة القدم!
بسمة صبحي، شابة عشرينية، وجدت نفسها شغوفة بكرة القدم، في وقت لا تهتم فيه غالبية الفتيات في مصر بتلك الرياضة، إضافة إلى ذلك، يرى المجتمع أن الفتاة المهتمة بالرياضة تكون «مسترجلة» وتافهة أحياناً، على حد قولها.
قرّرت بسمة أن تطلق كتابها الأول عن رياضة كرة القدم لتكون بذلك أول فتاة تكتب عن هذا المجال... وتقول: «شعرت بأنني أنجزت شيئاً مختلفاً، ليس لكوني فتاة فقط، بل لأنني رأيت أن لا كتب في مصر تتحدّث عن الرياضة. أحب القراءة وبحثت كثيراً عن كتب رياضية، لكنني لم أجد إلا تلك التي تتناول حدثاً معيناً، كتاريخ الأهلي أو الزمالك أو الأولتراس».
صدور الكتاب مثّل لحظة انتصار لبسمة، لكنها كانت متخوفة قبيل إصداره من اعتقاد الناس بأن الكتاب لن يكون قوياً، لمجرد أن من قامت بكتابته فتاة، بسبب العرف السائد بأن الفتيات لا يفقهن شيئاً في الرياضة. ورغم التعليقات الإيجابية التي أعقبت صدوره، وجدت بسمة من يهاجمها، بحيث كتب لها أحدهم عبر صفحة الكتاب عبر «فايسبوك»: «خليكي في المطبخ أحسن».
حاربت بسمة من أجل حلمها، فتحمّلت تكاليف إصدار الكتاب وواجهت العديد من المشكلات، الى أن انتهت من إصداره، لكن بعدما خرج كتابها إلى النور، شعرت بالفخر وبأنها قدّمت معلومات رياضية مفيدة وبالعامية المصرية، وقد تخطّت صفحة كتابها «محطات رياضية» الـ 12 ألف متابعة... وتقول: «أحلم بإصدار كتب رياضية أخرى تنشر الثقافة الرياضية، وأعمل حالياً على إعداد كتابي الثاني».

خارج التوقعات
محمّد نبيل، يبلغ من العمر 26 عاماً، كان يحلم في صغره بأن يصبح «رحالة» ويزور مختلف بلدان العالم، وبعد سنوات بدأ بالفعل في تحقيق حلمه. يقول محمد الذي يعمل مهندساً في إحدى شركات الحديد: «منذ ثماني سنوات كنت متطوعاً في جمعية تساعد الأجانب على تعلم اللغة العربية مقابل تعليم لغتهم للمصريين، حينها استوقفتني فتاة أجنبية وسألتني عن الأماكن التي يمكنها زيارتها في مصر، حدّثتها عن الأهرامات والأقصر وأسوان والنيل، فقالت لي: «لا، أريد أن أزور مصر الحقيقية وكنوزها»، حينها أدركت أنني لا أعرف بلدي جيداً، فقررت البدء باكتشاف 27 محافظة في مصر، ومن ثم استكشاف العالم، وأدركت بعدها أن مصر بالفعل بلد جميل».
ويضيف: «كل ثلاثة أشهر كنت أزور مكاناً جديداً لاكتشافه، سواء مدن القنال والإسكندرية، وحتى السلوم، أو النوبة وحدود السودان، زرت سيناء فرأيتها جنّة الله على الأرض، وسرت مسافات طويلة في الصحراء متسنماً الجمل لمدة أيام، يمكنني القول إن السفر غيّر حياتي بالفعل، وعزّز ثفتي بنفسي».

يؤكد محمد أن تجربته ساعدته على فعل أشياء لم يكن يتوقع أن يقوم بها، كأن ينام في محطة قطار، أو أن يبيت في بيت عمدة في إحدى قرى الصعيد، أو يستلقي في جوار كتلة نيران في بني سويف.
وحين انتهى من زيارة بلده كاملاً، قرر محمد أن يعاود استكمال حلمه في زيارة بلدان العالم، واتخذ من هذا الأمر تحدياً جديداً، خاصةً أنه كان يواجه صعوبات مادية، لكنه اعتاد أن يتكيف بأقل ميزانية ممكنة، فزار الهند والأردن وهو يستعد اليوم لرحلة إلى الصين. أما عن عمله، فيقول: «أحرص على تجميع أيام الإجازات السنوية لأتمكن من السفر فيها، وأبدأ في تجهيز أوراق السفر مبكراً، وأخطط لتمضية الإجازة بأقل تكاليف ممكنة، أي أنني أستطيع السفر بدون أن يتأثر عملي بذلك».

أوغندا ثمّ...
هبة خميس، مصورة صحافية، قررت أن تسافر إلى الدنمارك بمنحة دراسية، لكن بعد فترة فضّلت الذهاب إلى أوغندا كمتطوعة لمساعدة الأطفال... وتقول: «تعلّمت في مصر والدنمارك، لكن في أوغندا عشت حياة أخرى وآمنت بنفسي، كنت ألاحظ كيف تغير أسلوب تفكيري وقراراتي فشعرت بأنها تجربة التجلّي التي قادتني الى معرفة التغيير الذي طرأ عليّ... فالسفر التطوعي يساعد الإنسان على اكتشاف نفسه، لأنه يذهب بهدف مساعدة الناس فقط، ويستطيع أن يتبعد موقتاً عن فكرة المسؤولية والضغط المجتمعي، فيساعد نفسه بينما يساعد الآخرين. هناك أشياء أخرى تعلمتها لم تظهر حتى الآن، لكنها ستظهر في المستقبل، لأن ذلك علامة على التغيير الحقيقي».
وترى هبة أن العمل التطوعي منحها السكينة والسعادة، وأتاح لها فرصة الاستمتاع بحياتها، وأعطاها دفعاً لتحويل حياتها الى الأفضل، كما ساعدها في تقبّل نفسها والتخلّص من فكرة الانتظار، وجعلها غير مهتمة كثيراً بآراء الناس... وكلها أمور كانت بداية طريقها الى النجاح... وتضيف: «اتباعنا للعرف، أو الخوف من صورتنا أمام الناس يعطلنا ويجعلنا جميعاً نسخاً متطابقة عن بعضنا، وحين نتغاضى عن الناس والصورة المثالية للشخص الذي يريدها المجتمع، نسمع صوت الله في داخلنا».

نظام صحي غيّر حياتي
مصطفى كمال، 31 سنة، تغيرت حياته تماماً حين قرر أن يتبع نظاماً غذائياً صحياً، فقلّل من تناول اللحوم والدواجن والأسماك والمنتجات المعلّبة، وأصبح حريصاً على تناول الأطعمة الخالية من الدهون والسكر والملح... ويقول: «غيّرت نمط غذائي حين شعرت بأن الطعام غير الصحي قد أتعبني، وعندما سمعت أن هناك أشخاصاً كثيرين أصبحوا أكثر هدوءًا وارتياحاً بعدما لجأوا الى الحمية الغذائية».
ويؤكد مصطفى أن حياته تغيرت تماماً، وأصبح يشعر بالخفة وبسرعة الهضم، لأنه يبتعد عن الدهون، كما استطاع أن يجد بدائل صحية للطعام الذي استغنى عنه.

السيجارة الأخيرة!
تامر مدحت، مهندس له من العمر 34 عاماً، اعتاد التدخين لأكثر من خمسة عشر عاماً، حتى بلغ حداً من الشراهة... ويقول: «كنت أنتزع فلتر السيجارة ليدخل الدخّان المكثّف الى صدري».
ذات يوم كان تامر جالساً في منزله، فخطرت في باله فكرة الامتناع عن التدخين بعدما شعر أن السيجارة أصبحت تتحكّم تماماً في حياته، وبالفعل قرر أن تكون تلك السيجارة الأخيرة، ثم تخلص فجأة من العلبة التي يحملها، وأتلف كل ما يدخر من سجائر في منزله... ويتابع: «حين ذهبت إلى العمل، قلت لأصدقائي أنني توقفت عن التدخين، فتعجبوا وقالوا: هكذا فجأة؟ ثم أكدوا لي: ستعود إليها بعد ساعتين فقط لأنك مدخن شره، فزادني كلامهم تصميماً على استكمال التحدي الذي بدأته».
ظل تامر يشعر بالتوتر وأُصيب بالأرق الشديد، فلجأ إلى المكسرات أحياناً لتشغله عن فكرة العودة، ثم فكر في أن يدخن في المنزل ويتظاهر أمام زملائه في الشركة بالامتناع عن التدخين، إلا أنه تراجع عن الفكرة لأنه يخدع بها نفسه.
ويضيف تامر: «مر الأسبوعان الأولان بصعوبة شديدة، لكن بعد مضيهما شعرت بالراحة والتحسن، وبات تركيزي صافياً، وبمرور الوقت أصبحت لا أطيق رائحة السجائر، وأتعجب كيف كنت أدخن بهذه الشراهة وكيف كانت رائحة أنفاسي كريهة، والآن لو دخّن جميع أصدقائي من حولي، لا أشعر أبداً بالرغبة في السجائر».

أنا والأيتام
هبة محمّد قطب، فتاة عشرينية، عملت لفترة طويلة في مجال التنمية والمساعدة التطوّعية، فبدأت عملها مع إحدى الجمعيات الخيرية لتوصيل الملابس الى الفقراء، ثم عملت على مساعدة الأطفال الأيتام في مؤسسة أخرى، ومنذ ذلك الحين تعلمت أن عليها أن تُحسن اختيار من يستحق المساعدة، وتقديمها بإخلاص وصدق.
بعد فترة من العمل التطوعي، توصلت هبة إلى النقطة التي تريد، وعرفت أن شغفها الحقيقي يكمن في مساعدة الأطفال وتنميتهم، ليكبروا ويصبحوا فاعلين في المجتمع.
من خلال عدد من الورش التدريبية، بدأت هبة تدرس السلوك النفسي للأطفال، وتدرس احتياجاتهم لتكون أكثر قدرة على التعامل معهم، وخلال تلك الفترة عملت على تنمية أطفال أيتام في بعض دور الرعاية... وتقول: «وجدت أنني تغيرت كثيراً، فقد تعلّمت أن قلبي يتطهّر كلما قدمت مساعدة، وتعلمت أيضاً من الأطفال دروساً أكثر مما تعلمته من الكبار، كالمسامحة والعواطف الصادقة وحرية التعبير عن المشاعر».
بعدما مارست خلال أربع سنوات وظائف مختلفة، كمدربة تنمية فكرية للأطفال، ومستشار تقييمي في إحدى مبادرات وزارة التضامن الاجتماعي لتحسين دور الأيتام في مصر، تشغل هبة اليوم منصب مديرة لبرنامج تابع لمنظمة اليونيسيف للدعم النفسي والاجتماعي للأطفال اللاجئين.

 السمات الشخصية
يقول الدكتور محمّد هاني، استشاري الصحّة النفسية، إن الأفراد غير متساوين في السمات الشخصية، لذا فإن القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة لتغيير الحياة الى الأفضل تحتاج إلى شخصيات تتمتع بالقوة النفسية، وتؤمن بالتغيير وتُقبل على الحياة.
ويكمل هاني أن الأفراد الذين يرغبون في تحقيق ذواتهم، يكونون عادة أكثر قدرة على اتخاذ قرارات التغيير، في محاولة منهم لصنع النجاح الذي يغريهم بتحقيق أهداف أكبر.
 ويشير إلى أن الأفراد في المجتمع الواحد يعانون إلى حد كبير من مشكلات مشتركة، لكن البعض يصيبه الإحباط ويستسلم للعجز، فيما يصبح آخرون قادرين على التأقلم والحفر في الصخر حتى يجدوا الفرص المناسبة للنجاح أو للتغيير.
ويختتم الدكتور هاني كلامه مؤكداً أن أهم مقومات الصحة النفسية، أن يكون الشخص قادراً على التأقلم مع حياته والتعايش مع مستجداتها، لينال رضا شخصياً ويقيم علاقات اجتماعية ناجحة مع الآخرين.
وينصح استشاري الصحة النفسية الشباب بالرضا عن حياتهم، مع عدم الاستسلام، ومحاولة البحث المستمر عن الفرص التي تغيّر حياتهم الى الأفضل.