الفيتامينات على مواقع التواصل الإجتماعي هل تصدّقين كل ما نشر؟

الفيتامينات,على مواقع التواصل,الإجتماعي,هل تصدقين,كل ما نشر,بشرة مشرقة,شعر كثيف,نصائح,الفاشنيستات,ماركات,العطور,الماكياج,منتجات العناية,عقاقير,مكملات غذائية,قوام مشدود,هوس,المراهقات,الفائض,الناقص,العبوات,ميزانية,علاجات,الكولاجين,الترويج,الدعاية,الوتر الحساس,اهتمام,القشور

02 يناير 2017

فتاة جميلة ببشرة مشرقة وشعر كثيف، تصور أحد المنتجات بين يديها لتظهر أظافرها الطويلة واللامعة... صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، لتجعل الفتيات والسيدات يتمنين بأن يصبحن مثلها. وبعدما كانت نصائح «الفاشنيستات» تقتصر على ماركات العطور والماكياج ومنتجات العناية بالبشرة، أصبحت اليوم تتضمن عقاقير وفيتامينات ومكملات غذائية، للحصول على بشرة متوهجة وشعر صحي وقوام مشدود. أسماء كثيرة وأنواع مختلفة، تتهافت عليها السيدات ويطلبنها من الأسواق الأميركية بكميات كبيرة، ويداومن على أخذها لأشهر. في هذا التحقيق ننشر تجارب لسيدات مع تلك الفيتامينات مدعّمة بآراء خبراء ومختصين...


«الحلوى الزرقاء» وهوس المراهقات بالشعر الطويل
حلوى الفيتامينات، موضة جديدة تكتسح مواقع التواصل الاجتماعي، وتلاحقها غالبية المراهقات والسيدات، وكانت شرارة تزايد الطلب عليها، هو ترويج «المودل روز» لها، فروان زياد، 18عاماً، كانت قد طلبت تلك الحلوى من أحد حسابات «الإنستغرام» لتجربتها، تقليداً لصديقاتها اللواتي جربنها من قبل. وبعد متابعة حساب «المودل روز» التي نصحت بها لمشاكل الشعر والأظافر، ورغم أن روان لا تعاني أي مشاكل في شعرها ولا في بشرتها أو حتى أظافرها، قررت تناولها لتأكدها من أنها إن لم تنفع فلن تضر لاحتوائها على الفيتامينات، ولكن سرعان ما توقفت عن تناولها بعدما لم تلحظ أي تحسن، واكتشفت أنها كانت مجرد هدر للمال لعدم حاجتها الفعلية اليها.

الفائض أفضل من الناقص
أما السيدة أمال سالم، 45 عاماً، المطلعة على أكثر حسابات التواصل الاجتماعي شعبية لجهة الاهتمام بالصحة والجمال، فقررت اتباع نظام جديد يكفل لها الوقاية، وفق ما قال عدد من مشاهير «السوشيال ميديا»، وذلك بشراء مجموعة من الفيتامينات، مثل الكالسيوم والحديد والفيتامين (د)، وأخيراً الفيتامين (أ)، وبدون أي تحاليل أو استشارة طبية واظبت السيدة أمال على تناول هذه الأقراص، لمدة تجاوزت السنة، لتفادي علامات التقدم في السن وهشاشة العظام، من دون النظر إذا كان جسمها يحتاج اليها ام لا، فالفائض أفضل من الناقص على حد تعبيرها، ولم تعانِ أي عوارض سلبيه حتى الآن.

المزيد من العبوات
عانت ولمدة طويلة مشكلة تساقط الشعر، والتي تعود الى نقص حاد في الحديد. شروق سيف، 29 عاماً، بحثت عن حلول جذرية لمشكلة نقص الحديد، وكانت تتناول أدوية وصفها لها طبيبها، إضافة إلى اتباع نظام غذائي صحي، لتحسين صحتها بشكل عام، وإضافة الى ذلك، طلبت أقراص فيتامينات متنوعة من موقع أميركي معروف يبيع أنواعاً كثيرة ومختلفة من المكملات الغذائية والمنتجات العضوية والفيتامينات، وقد لاحظت تحسناً كبيراً في طبيعة بشرتها وازداد شعرها كثافة، وكلما انتهت من عبوة سارعت الى شراء الأخرى، والتي ربما تكون من المنتج نفسه أو بديلاً له. وترى شروق أن هذه المنتجات طبيعية وآمنة وفق ما جاء في التعليمات المرفقة بها، كما لا تشكل خطراً على الصحة، لكن يجب الحذر عند شراء المنتجات الأصلية من المواقع المعروفة، لانتشار حبوب مقلّدة منها وقد تضر بالصحة.

نتائج مبهرة اختفت فور التوقف عن تناول الفيتامينات
وعن النتائج المبهرة، لاحظت السيدة أم زين الدين، 26 عاماً، تساقطاً حاداً في شعرها بعد مضي أشهر قليلة على ولادتها طفلها الأول، وتبعاً لنصائح الكثير من زميلاتها وجاراتها، طلبت منتجاً من منتجات الفيتامينات المعروفة والمستوردة من أميركا، وفي  الأسبوعين الأولين لتناوله لاحظت تحسناً ملموساً، لكن بعد مرور ثلاثة أشهر، توقفت عن تناوله لخوفها من رسالة تم تداولها على «الواتس أب»، وتفيد بتسبب هذه العقاقير بتضخم في الغدد، وأورام سرطانية، وما إن توقفت عن أخذ تلك الفيتامينات حتى عاد شعرها الى التساقط كالسابق.

تعويض النقص ذريعة لتناول الفيتامينات
ولتطبيق المعادلة الصحية، تجد هوازن عبدالله، 32 عاماً، أن تناول هذه الفيتامينات يحقق التوازن في الجسم، فطبيعة عملها المرهقة، وضيق الوقت الذي لا يسمح لها بإعداد مأكولات صحية ومفيدة وتناولها، دفعاها لتناول الفيتامينات بغية تعويض النقص الذي يحتاج اليه جسمها، فواظبت على شراء نوع ينصح به الكثير من المشاهير والمذيعات، ولا يسبب زيادة في الوزن، أو يترك آثاراً جانبية، خصوصاً أن هوازن تثق في المنتجات الأميركية المرخصة وتعتقد بأن تصنيعها يخضع لرقابة عالية ومعايير ممتازة، فلا ضرر إن اعتادت عليها ولو لفترة زمنية طويلة.

ميزانية شهرية لأقراص الفيتامين
وبحثاً عن نعومة البشرة وصفائها وتأخير ظهور التجاعيد، وجدت السيدة رنيم محمود، 36 عاماً، أن تناولها لحبوب الكولاجين هو الحل المثالي لكل مشاكل البشرة والتصبّغات، ولاحظت بعد أسابيع من المواظبة اليومية على تناول ستة أقراص منها تحسناً في طبيعة بشرتها، واختفاء آثار الندوب القديمة. وللحصول على نتيجة أفضل، دعّمت رنيم تجربتها لتلك الأقراص باستخدام زيوت ومقشرات للبشرة، حيث ترى أن هذه الفيتامينات أصبحت ضمن المستحضرات الضرورية للحفاظ على شباب البشرة ونضارتها، فهي تخصص مبلغاً شهرياً لشراء هذه المجموعة من أحد الحسابات، مؤكدةً أنها لا تجد أي خطورة في تناول هذه الأقراص، بحيث كتب على عبواتها أنها آمنة ولا تحتاج إلى وصفة طبية، كما أن معظمها نباتي وخالٍ من الجيلاتين.

فيتامينات لكثافة شعر اللحية
ولم تعد عدوى أقراص الفيتامينات تقتصر على الجنس اللطيف، فبعد موضة الذقن الكثيفة، قرر العديد من الشبان الذين يعانون من الشعر الخفيف في الوجه تناول أقراص فيتامينات، من شأنها تكثيف الشعر في منطقة الوجه، فالسيدة رانيا فهد، 33 عاماً، ابتاعت لزوجها هذه الفيتامينات، من أحد المواقع المعروفة، ووفق ما كُتب على العبوة، فإن ظهور النتيجة يحتاج الى ثمانية أسابيع، لكن زوجها لم يواظب عليها باستمرار، ولذلك فلم ترَ رانيا النتيجة المرجوة.

علاجات تساقط الشعر مختلفة ولا تقتصر على الفيتامينات
وتبعاً لأهم المشاكل التي تدفع السيدات لتناول هذه الفيتامينات، يرى الدكتور سامي سهيل الصوان، استشاري التجميل والأمراض الجلدية في عيادة المدى في جدة، أن أسباب تساقط الشعر تعود الى شقين، أولهما مشاكل داخلية لها علاج محدد، وثانيهما مشاكل عامة لا علاج محدداً لها. وبالنسبة الى المشاكل العامة فهي تتمثل في تعرض السيدة للإرهاق، أو لأزمة نفسية، أو بعد الوضع، فتُصاب السيدة بحالة تسمى «تساقط الشعر العام»، وهنا من الممكن التعويض بالفيتامينات كأسلوب علاج. أما بالنسبة الى المشاكل الداخلية فقد تكون مثل «الثعلبة»، وهذه حالة مرضية ولها علاج محدد. أيضاً هناك ما يسمى بـ «التساقط الذكوري أو الهورموني»، وهذا لا يمكن الكشف عنه إلا من خلال طبيب مختص، حيث يتم عمل الفحوص العيادية لمعرفة موضع تساقط الشعر، لكون مكان التساقط يحدد السبب، فالتساقط في مقدم الرأس غالباً ما يكون سببه هورمونياً، كما تلعب فروه الرأس وسلامتها دوراً في تساقط الشعر، وبعد الكشف تُطلب تحاليل للدم لمعرفة مستوى الفيتامينات والهورمونات في الدم، وتشخيص أي أمراض لها علاقة بتساقط الشعر. تلك المرحلة يليها العلاج، والذي إما يكون علاجاً موضعياً أو بتناول أدوية، وتختلف المدة العلاجية باختلاف الحالة، فتساقط الشعر الهورموني يحتاج الى عقاقير هورمونية تؤخذ مدى الحياة، إما موضعياً أو من طريق الفم. أما نقص الفيتامينات أو الثعلبه فعلاجها يتوقف فور التحسن.

نتائج الفيتامينات تزول بسرعة في حين تدوم نتائج الكولاجين طويلاً
أما السبب الثاني الذي يدفع الكثيرات الى تناول الفيتامينات، فهو البشرة وصحة الجلد. ويؤكد الصوان أن أي نتائج مبهرة قد تحصل بعد تناول الفيتامينات تكون عرضة للزوال بعد شهر من التوقف عن تناول هذه الكبسولات، لكون دورة حياة الجلد 28 يوماً. أما بالنسبة الى حبوب الكولاجين فهي تختلف بذلك عن الفيتامينات، لكونها مؤلفة من مكونات الجسم، وتدوم نتائجها طويلاً... فخطة العلاج الخاصة بعقاقير الكولاجين تكون لمدة ثلاثة أشهر في السنة الواحدة. ويرى الدكتور سامي أن اللجوء الى أي علاج بدون استشارة طبية هو إضرار بالصحة، وإهدار للوقت والمال في شيء قد لا يكون الشخص بحاجة اليه.

الترويج لمنتجات تحتوي على فيتامينات خطر
وبعيداً عن النتائج الخارجية، وفي تعمق أكثر حول المضمون، يكشف الدكتور خالد بن علي المدني استشاري التغذية العلاجية في عيادات أدفانس في جدة، ونائب رئيس الجمعية السعودية للغذاء والتغذية، أن تناول الفيتامينات بدون استشارة طبية ولفترات طويلة له أخطاره، فمواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام ليست وسيلة لأخذ المعلومات، وبالتحديد الصحية منها، فما استفاد منه شخص قد لا يستفيد منه شخص آخر، كذلك يجب الانتباه الى مسألة العمر والحالات المرضية التي قد تتضارب أدويتها مع هذه الفيتامينات وتسبب مشاكل خطرة، وأن لا بد من معرفة أن الغذاء الصحي والمتوازن هو منبع الفيتامينات في الجسم، والاهتمام به أولى من تناول عقاقير قد تضر ولا تنفع، ومن المفترض أن يتم فحص الدم، لمعرفة الفيتامين الذي يحتاجه الشخص، قبل تناول الأدوية.

الدعاية تلعب على الوتر الحساس
وبحثاً عن السبب النفسي وراء هذا التوجه الذي يشكل ظاهرة، توضح الدكتورة منى الصواف، الاستشارية النفسية والمستشارة الدولية لعلاج الإدمان لدى السيدات، أن التأثر الشديد بإعلانات هذه المنتجات يعود الى اهتمام السيدة بمنابع الجمال لديها والتي تتمثل في الشعر والبشرة والأظافر، حيث إن هذه المقومات تجعلها ترزح تحت تأثير وسائل الدعاية والإعلان، مما يجعل القائمين على الدعاية يستغلون هذه الثغرة ويستخدمون وسائل تلعب على الوتر النفسي لأي سيدة تهتم بأنوثتها وجمالها، فيصورون  منتجاتهم بطريقة مغريه قد لا تكون حقيقية. فتلك الفتاه التي تمسك بمنتج الفيتامينات قد لا تكون لديها مشكلة، لا في شعرها ولا بشرتها، وغالباً ما تهتم الشركات المروجة بوصول هذه الدعاية الى أكبر نسبة من المتابعين، لدفعهم للشراء ولو لمرة واحدة. وللأسف، ثقافتنا المحلية كمستهلكين، تمنعنا من النظر الى ما يُكتب على العبوة، من محتويات، أو محاذير، أو حتى أحياناً إمكانية استرجاع النقود في حال عدم الاستفادة من المنتج.

اهتمام السيدات بالقشور هو الدافع وراء تلك المنتجات
وفي تحليل نفسي لمعظم شرائح السيدات اللواتي يلجأن الى مثل هذه المنتجات بدون ضرورة طبية، تؤكد الصواف أن تلك الشرائح غالباً ما تكون مهتمة بالجمال والقشور الخارجية، فالمرأة في هذه الحال تريد النتائج الخارجية، من دون النظر أو الالتفات الى خطورة ذلك على أعضائها الداخليه، فتوهم نفسها بأنها تتبع برنامجاً صحياً وتحافظ على بشرتها ورشاقتها، في حين لا تكون تهتم بالأساسيات كالخضوع لحمية غذائية مفيدة أو ممارسة الرياضة واتباع نمط حياة صحي.