من هي نيفين خشاب؟ العالِمة اللبنانية-السعودية التي فازت بجائزة «لوريال-يونيسكو»

نيفين خشاب,العالم العربي,العلوم,مقابلة,لوريال–يونيسكو,نساء عربيات,المواهب الشابة,جائزة «لوريال-يونيسكو للمرأة في العلوم»,جامعة (KAUST),جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا,الولايات المتحدة,باريس,L'Oreal,لوريال,تكريم

منى السعيد (باريس) 08 أبريل 2017

حازت العالِمة اللبنانية-السعودية نيفين خشاب جائزة «لوريال-يونيسكو للمرأة في العلوم» عن الدول العربية والقارة الإفريقية، الى جانب 4 عالِمات من أميركا اللاتينية، جنوب أميركا، أوروبا وآسيا. وحظيت البروفيسورة خشاب بهذا التكريم نتيجة عملها الدؤوب والاكتشافات التي حققتها في أبحاثها في عالم الكيمياء العضوية، وعلم «تقنية النانو» في جامعة (KAUST)، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في جدّة.  وبعد فوزها بالجائزة، خصّت نيفين مجلة «لها» بمقابلة تحدثت فيها عن دراستها وتجربتها الرائدة والمراحل التي قطعتها، خصوصاً في ضوء تجربتها في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا، والتي تعمل فيها منذ 8 سنوات مع فريق عمل في الأبحاث والتعليم. خشاب زوجة وأم وُلدت في منطقة المصيطبة في بيروت. وخلال حديثنا معها، شدّدت على ضرورة تشجيع الفتيات في العالم العربي على التخصص في مجال العلوم. ولم يغب عن بالها أن تسلط الضوء على حجم الإبداع، وعدد المثقفين والعلماء والأطباء في العالم العربي، لافتة الى أن روح الأمل والتجدد هي التي ستتصدر مستقبل عالمنا العربي، وليس الحروب.

 

- نعرف أن نيفين خشاب لبنانية-سعودية. هل لك أن تحدّثينا عن أصولك، خصوصا أنك تجمعين بين لبنان والمملكة العربية السعودية؟
والدي لبناني، ووالدتي سعودية. ولدت في قلب العاصمة بيروت، وتحديداً في المصيطبة التي عشت فيها وترعرعت.
درست في كلية البنات في المقاصد، ومن ثم التحقت بالجامعة الأميركية في بيروت. تخصصّت في علم الكيمياء، وفي عام 2002 سافرت الى الولايات المتحدة لأتابع دراساتي العليا. عملت حوالى 9 سنوات في الولايات المتحدة، وبعد افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في المملكة العربية السعودية، اتصلوا بي حتى أنضمّ إلى الهيئة التعليمية هناك.

- ماذا عن تجربتك في التخصص في الولايات المتحدة؟
تخصّصت أولاً في الكيمياء العضوية في جامعة «فلوريدا»، وعندما حصلت على الدكتوراه، التحقت بجامعة «كاليفورنيا» في لوس أنجليس وتخصصت بعلم «تقنية النانو» لمدة عامين. كما عملت في جامعة «نورث وستن» في شيكاغو مع العالِم فريزر ستودارت، والذي فاز هذا العام بجائزة نوبل في الكيمياء، فتدرّبت معه على علم «تقنية النانو» Nano Technology لصناعة هذه المواد التي نسمّيها نحن العلماء Nano Machines، او «الآليات»، وهي بحجم النانو. فهذه التقنية هي بحّد ذاتها علم. على سبيل المثال، عندما تنظرين الى شعرة من شعر رأسك، تكون مئة مليون مرة أصغر من حجمها، فهذا علم دقيق جداً. لذا، نعمل على الذرّات والروابط بين هذه المركبات للتحكم بها بدقّة.

- لنتوقف عند مرحلة انتقالك الى المملكة وكيف شققت طريقك الى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا...
عندما كنت في جامعة «نورث وسترن»، تعرفت إلى أشخاص كانوا قد بدأوا العمل مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا، وهم يعرفون أن أصولي سعودية من طرف والدتي التي هي من جدّة، فسألوني عن رأيي، ولماذا لا أنضم الى جامعة الملك عبدالله للعلوم؟ بصراحة، كنت في البداية متخوفة بعض الشيء، لأنه أُتيحت لي فرصة البقاء في الولايات المتحدة والعمل هناك. كنت خائفة من ألا أتمكن من القيام بأبحاثي، فالأفكار المسبقة عن المرأة العربية أنها لن تتمكن من إجراء بحوث علمية... لكن بعدما اطلعت على حجم التقدم في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في ما يتعلق بالآلات ومستوى المختبرات الممتاز، أدركت أنني سأتمكن من القيام بأبحاث عالية الجودة، فقررت العودة، وكان ذلك منذ 8 سنوات، وما زلت أُجري الأبحاث وأعلّم الطلاب هناك.
كان هذا السبب الأساس في قراري، لكن السبب الثاني في عودتي الى المملكة والتعليم هناك، هو مساعدة الفتيات على متابعة دراساتهن العليا في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا، لأنني أتذكر أنه عندما سافرت الى الولايات المتحدة للتخصّص، عارض أهلي الفكرة ودبّت المشاكل بيننا بسبب خوفهم عليّ، فكيف سأعيش لوحدي في الولايات المتحدة!

 - لننتقل الى مرحلة وجودك في باريس وحصولك على جائزة «لوريال-يونيسكو».
عليّ أن أقول أولاً إنني فوجئت بالخبر. كانت مفاجأة جميلة بالتأكيد أن يتمّ اختياري للفوز بهذه الجائزة. هذه الجائزة لا يمكن أن تتقدمي للحصول عليها، ومن الضروري أن يرشحك احد لها.
كان في جامعة «ستانفورد» أستاذ يُدعى ريتشارد زيير، أخبرني انه سيرشّحني عن هذه الجامعة، لأننا كنّا قد أجرينا معاً أبحاثاً علمية، وكان يعتقد أنني أقوم بعمل مهمّ في المنطقة العربية والشرق الأوسط، فقال لي أريد ان أرشحك لهذه الجائزة: «جائزة لوريال-يونيسكو»... وتلقيت اتصالاً، قيل لي فيه: «مبروك، لقد تم اختيارك من بين مرشحين كثر عن كل الدول العربية وإفريقيا». بالفعل، كانت مفاجأة، فلم أكن أتوقع ذلك، بسبب عمري (35 عاماً)، فكل الذين يفوزون بهذه الجائزة هم أكبر سنّاً.
قلت في نفسي، ربما لا يعود فوزي بالجائزة الى عملي فقط، بل هو نتيجة خبرة. وأعتبر نفسي محظوظة لأنهم اختاروني، وسعيدة بتكريمي وحصولي كباحثة عربية على هذا الاعتراف والتقدير، خصوصاً أنني أعمل في دولة عربية. فالعالم كله يطّلع على الأبحاث، على الجهة العلمية الموجودة في الدول العربية. وأشعر بالفخر، فهذا الإنجاز يعطي فرصة للفتيات للدخول إلى الحقل العلمي. وكل ما يُشاع عن لا أحد يكترث للأبحاث التي تُجرى في الدول العربية، لا أساس له من الصحة. فهذه الجائزة العالمية أثبتت العكس.

- ما هي مشاريعك المستقبلية؟
سأبدأ عملي وأُطوّر أبحاثي في جامعة الملك عبدالله، وسأُشجع الفتيات  على التعلّم والتخصص في الدراسات العليا والحصول على الدكتوراه في مجال العلوم. فهذا هو هدفي الأساس.

- «لوريال–يونيسكو» كرّمت أيضاً نساء عربيّات عن فئة المواهب الشابة...
أظن ان «لوريال-يونيسكو» تقوم بعمل رائع إذ تسلط الضوء على المرأة العربية. هناك جائزتان: الاولى هي التي فزت بها وتتعلق
بالذين يحققون أعمالاً واكتشافات. والجائزة الثانية هي لتشجيع  المواهب الشابة والصاعدة.
كل عام يختارون ثلاث فتيات عربيّات، او نساء أحرزن تقدماً في عملهن، لتشجيعهن. هذا العام لدينا ثلاث فتيات فزن عن فئة المواهب الشابة من تونس، لبنان والإمارات.

- لو عدنا الى الوراء، من هو الشخص الذي دعمك أكثر؟
جدّتي رحمها الله كانت أكثر من دعمني. فمنذ صغري، كانت تقول لي دائماً: «من الضروري ان تتعلّمي وتعملي ويكون لك مستقبل باهر». أتذكر كلامها هذا دائماً. أيضاً والدي ووالدتي، فبعدما حصلت على شهادة في الدراسات العليا وسافرت ونلت الدكتوراه وأنجزت عملاً جيداً يتحدث عنه العالم أجمع، أصبحا يفخران بنجاحي ويقدّمان لي المزيد من الدعم، ويهتمان برعاية أولادي عندما أُضطر للسفر. واليوم يدعمني زوجي بقوة ويقف دائماً الى جانبي.

- كيف تعرفت إليه؟
زوجي فلسطيني وتعرفنا إلى بعضنا البعض في السعودية. كنت أذهب الى المملكة مراراً بحكم ان أمي سعودية وعائلتها تعيش هناك فأزورهم دوماً.

- ووالدك في بيروت؟
والدي ووالدتي منفصلان. والدتي تقيم اليوم في بيروت، ووالدي في ألمانيا.

- ألا تعتقدين أنك امرأة محظوظة لكونك ملمّة بالثقافتين العربية والغربية بما يشمل التكنولوجيا والهوية وهو تنوع فريد...
أنا محظوظة بالفعل. يمكن أن تسافري الى أوروبا والولايات المتحدة وتتعلمي من الثقافات الأخرى الكثير. لكن كعرب، كل العلوم متوافرة لدينا، ومع ذلك نتطلع الى العلم في أوروبا. من الضروري أن نعود الى علومنا القديمة حتى تتعرف الشعوب العربية على هذه العلوم وتستند إليها في التطور التكنولوجي. ولا يجوز أن نعتمد دوماً على الغرب.
لدينا الكثير من المواهب والأدمغة العربية في كل أنحاء العالم، انظري الى هارفرد ونازا! لا يمكننا أن نحصي عدد العلماء العرب أو المتحدّرين من أصول عربية، المنتشرين في بقاع الارض. لذا، أتمنى ان تُفتتح في كل الدول العربية جامعات بمستوى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا لتشجيع الأدمغة المهاجرة على العودة الى الدول العربية وإجراء الأبحاث العلمية المتطورة.

- ولكن هناك جامعات وتخصصات في عدد من الدول العربية...
هذا صحيح، إلا أنها تركز على التعليم ولكن ليس بمستوى البحث العلمي نفسه. ليس لدينا نموذج كذاك الموجود في جامعة الملك عبدالله.
نلاحظ ان الفتيات في العالم العربي حققن الكثير من الإنجازات، ولكننا في الوقت نفسه نتحسّر على ما يحدث في الدول العربية... هناك تقدم يقابله تراجع بالمستوى نفسه.

- تحدثت عن شرق أوسط جديد بينما تخاطبين الجمهور لدى تسلّمك الجائزة، ماذا قصدت؟
نعم قلت للجمهور: «أريدكم ان تتطلعوا الى شرق أوسط وعالم عربي جديد. لا تفكروا في الحروب ولا حتى في المشاكل، فهذا العالم العربي الذي نطمح اليه، فيه الكثير من القدرات والعلوم، وسينبثق منه الأمل  بغد مشرق».