إيمان المصرية أسمن امرأة في العالم... «لها» تكشف قصّتها؟

المصرية,إيمان عبدالعاطي,السمنة,المفرطة,الصحف,حملة,الإنترنت,القنوات,الرأي العام,طبيب هندي,رحلة علاج,مشكلات,الزيادة,الأطباء,الهورمونات,جلطة,حرمان,استغاثة

أحمد سالم - (القاهرة) 23 أبريل 2017

حياة تملأها الآلام والمتاعب، عاشتها المصرية إيمان عبدالعاطي، نتيجة إصابتها بالسُمنة المفرطة منذ ولادتها، حتى بلغ وزنها ما يقارب نصف الطن، مما جعلها حبيسة غرفتها، وتعيش في عزلة تامة من دون أصدقاء أو معارف لأكثر من 25 عاماً.

أصبحت إيمان، التي يقول عنها البعض إنها أسمن امرأة في العالم، بين ليلة وضحاها حديث الصحف العالمية، بعدما شنّت شقيقتها حملة على الإنترنت وعلى القنوات الفضائية، وطالبت بتوصيل قضية شقيقتها إلى الرأي العام، حتى تدخّل طبيب هندي وسافرت إيمان إلى الهند في رحلة علاج استمرت ثلاثة أشهر.
لها تكشف القصة الكاملة لإيمان، وتتحدث مع والدتها وشقيقتها، اللتين تفتحان لنا خزنة أسرار لا يعرفها أحد عن أسمن امرأة في العالم.
تقول شيماء شقيقة إيمان: «تعاني إيمان مشكلات صحية منذ ولادتها، حيث ولدت بوزن يفوق الـ 5 كيلوغرامات، وعندما لاحظت والدتي هذه الزيادة الكبيرة في الوزن ذهبت إلى الأطباء، وبدورهم شخّصوا المرض بأنه خلل في الهورمونات، وتفاقمت المشكلة مع تقدم إيمان في السن، واستمرت زيادة الوزن بشكل ملحوظ، إلى أن فقدت القدرة على المشي على قدميها، اللتين لم تعودا تتحملان ثقل جسمها، وكنا طوال تلك الفترة نتابع حالتها مع الأطباء، وكان الحل الوحيد هو تعاطيها عقاراً لعلاج الغدة، ولأن تلك المرحلة من عمر إيمان كانت في الثمانينيات، فلم يكن هناك تقدم علمي يسمح بعلاج مثل هذه الحالات، فازدادت حالها سوءاً وصارت تحبو على ركبتيها، ومع مرور الأيام بلغ وزنها 300 كيلوغرام».

جلطة وحرمان
وتؤكد شيماء: «طوال تلك الفترة كانت إيمان تواظب على الحركة قدر استطاعتها، حتى تتمكن من حرق أكبر كم من الدهون، على أمل أن تتعافى من حالتها، لكن بعدما تعرضت لجلطة دماغية عام 2014، وكانت بسبب ارتفاع حاد في نسبة الكوليسترول في الدم، أُصيبت بشلل تام في الجانب الأيمن من جسمها، وبالتالي فقدت القدرة على التحرك، وأصبحت طريحة الفراش، لا تقوى على قضاء حاجاتها، وفجأة تضاعف حجم إيمان، بسبب احتباس السوائل في جسمها، ففقدت حتى القدرة على الجلوس في مكانها، وأقصى ما قام به الأطباء في مصر يومذاك هو علاج حالتها بالمسكنات، التي كانت لا تجدي نفعاً في التخلص من الآلام التي يسببها لها التضخم الهائل في الوزن».
وتضيف: «تركت إيمان مدرستها منذ أن كان عمرها 11 عاماً، بسبب إصابتها بالخمول، إلى جانب معاناتها صعوبة في الحركة، كما حُرمت الشابة الثلاثينية (37 عاماً) من الزواج، بل حُرمت أيضاً من تكوين صداقات، فكل من تعرفهم في الحياة لا يتعدون نطاق أسرتها».

استغاثة
في آخر العام الماضي، ناشدت شيماء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لنقل شقيقتها إلى المستشفى العسكري، وعن ذلك تقول: «في تلك المرحلة، أصبح مرض إيمان عضوياً ونفسياً، حيث تعرضت لاكتئاب حاد أُصيبت على أثره بمرض الاضطراب الانشقاقي، وهو اضطراب تعدد الشخصية، وطلبنا مراراً من كبار الاستشاريين أن يأتوا إلى منزلنا للكشف على الحالة بأنفسهم، لكنهم رفضوا، وكان التشخيص النهائي أن إيمان تحتاج الدخول إلى مستشفى كبير مجهز بأحدث التقنيات، ولطالما تمنيت أن تخضع أختي للعلاج في مستشفى القوات المسلحة في مصر، ورفضتُ أكثر من عرض لتلقيها العلاج في الخارج، وعرضت قناة «العربية» السعودية أن تتبنى حالتها، وأن تُعالج في المملكة، كما تلقيت عرضاً آخر من دولة الإمارات، لكنني كنت أفضّل أن تدخل أختي الى مستشفى مصري».
أمضت إيمان أكثر من 25 عاماً في غرفتها، ممدّدة على فراشها، وتقول شقيقتها: «كل أمنيتها في الحياة أن تعاود المشي على قدميها، وأن تذهب لأداء العمرة، كما أن لا صديقات لها، وذلك بسبب العزلة التي تعيش فيها مع سمنتها المفرطة، وكانت تؤنس وحدتها بلعب «البلايستيشن»، وتصفّح هاتفها المحمول».

الأم تروي مأساة ابنتها...
تعد والدة إيمان، الجندي المجهول في حياة الفتاة الثلاثينية، فتعرض مأساة ابنتها قائلة: «إيمان أهم شيء في حياتي، كنت أمضي معها كل الوقت، إما لقضاء حاجاتها أو لتسليتها، حتى أنها كانت إذا خرجت من المنزل لشراء بعض الأغراض، تتحدث معي على الهاتف وتحثّني على العودة، فهي مثل الطفل الرضيع، تحتاج دائماً إلى من يسلّيها ويهتم بها، ولا تحب أن تبقى لوحدها، حتى إذا ذهبت للنوم ليلاً تصاب بحالة غيبوبة وتشنج، فأهرول مسرعة للاعتناء بها».
وتضيف والدة الفتاة، التي تعيش في منطقة سموحة في محافظة الإسكندرية: «آخر وزن وصلت إليه إيمان قبل الزيادة المفرطة كان 300 كيلوغرام، لكن خلال شهرين فقط تجاوز وزنها الـ 500 كيلوغرام، وذلك بسبب احتباس المياه في جسمها، لكن الغريب في الأمر هو تصلّب جسمها، وخصوصاً في الجانب الأيمن منه، مما اضطرها الى التركيز على الجانب الأيسر للتنقل، كما اشترينا جهازاً للتنفس الاصطناعي مخصصاً لها، ونواظب على تغيير الفراش مرتين يومياً كي لا يُصاب جسمها بالتقرحات، وهذه كانت معاناة بحد ذاتها، وبالطبع لم أتضايق من كل هذا لأنها ابنتي، لكنني كنت أشعر بالحزن على حالها. أما بالنسبة الى ملابس إيمان فكنت أخيطها بنفسي لعدم توافر مقاسات تناسب ضخامة جسمها، كما حرصت على تزيين ثيابها بطبعات بألوان زاهية عسى أن تخفف بعضاً من معاناتها النفسية».

الرحلة إلى الهند
بدأت بوادر الانفراج والحل في مأساة إيمان عندما راسلت شقيقتها، مستشفى كبيراً في الهند لتبنّي حالتها، حيث تزدهر العمليات الجراحية لتخفيض الوزن، وبالفعل وافق المستشفى، وأثارت الحالة تعاطف الطبيب الهندي «مفضل لاكدوالا»، وعمل على تذليل العقبات لدخولها إلى الهند، بعدما رفضت الحكومة الهندية منحها تأشيرة دخول، وتواصل مباشرة مع وزيرة الخارجية سوشما سواراج، للسماح بدخول المريضة، وبالفعل انتقلت إيمان إلى الهند في 11 شباط/فبراير من العام الجاري، بصحبة فريق من الأطباء، وقال أحد مساعدي الطبيب المعالج إن رحلة علاجها ستستغرق حوالى 3 أشهر.
كانت عملية نقل إيمان في غاية الصعوبة، حيث تمت الاستعانة بقوات الدفاع المدني لتنفيذ المهمة، إذ اضطر عناصر الدفاع المدني لهدم أحد الجدران في غرفة إيمان لتسهيل عملية خروجها الى الشرفة، ومن ثم إنزالها من الطبقة الرابعة بواسطة رافعات، وبالتالي نقلها إلى مطار «برج العرب»، ومن ثم نقلها بواسطة طائرة للشحن الجوي مزودة بأجهزة للتنفس الاصطناعي ومعدّات للطوارئ إلى مدينة مومباي الهندية، حيث تقع المستشفى التي ستُعالج فيها، وقد نقلت إلى المستشفى بواسطة سيارة للنقل الثقيل، وأُدخلت بواسطة رافعات الى غرفتها التي تبلغ مساحتها 90 متراً مربعاً، ووُضعت على سرير ضخم مجهّز بآلة لقياس الوزن بصورة دورية، وكانت تلك المرة الأولى التي تخرج فيها إيمان من غرفتها التي بقيت حبيسة جدرانها طوال 25 عاماً.
وفي التاسع من آذار/مارس الجاري، أعلن مستشفى «سيفي»، وهو المستشفى الذي تُعالج فيه إيمان، أن الشابة المصرية فقدت 100 كيلوغرام من وزنها، بعدما خضعت لجراحة ناجحة لاستئصال جزء من معدتها، وكشف الفريق الطبي في بيان أن الفتاة تقتات حالياً على السوائل. وأكد الطبيب «لاكدوالا» نجاح المرحلة الأولى من العلاج، على أن تخضع لجراحة أخرى في غضون العامين المقبلين، مؤكداً أن هذه الاستراتيجية ستؤدي إلى خسارة إيمان الكثير من الكيلوغرامات الزائدة.
ورغم ذلك، ما زالت إيمان أسمن امرأة في العالم، ويقول الطبيب المعالج إنها تتبع نظاماً غذائياً معيناً لإنقاص الوزن بصورة سريعة، يساعدها في إنقاص وزنها بمعدل 20 إلى 30 كيلوغراماً في الشهر، وهذا النظام يقضي بتناول 1800 سعرة حرارية في اليوم، ومعظم طعامها عبارة عن سوائل تتناولها بواسطة أنبوب، بسبب صعوبات في البلع أُصيبت بها نتيجة السكتة الدماغية، وأشار الطبيب إلى تحسن حالتها بشكل ملحوظ مع فقدان المياه المتراكمة في جسمها.{