الدراما السورية في رمضان 2017... «يا ويلنا»

دراما سورية,دراما,رمضان 2017

14 مايو 2017

جاء في تقرير صحافي للزميل أمين حمادة في صحيفة الحياة "الشقيقة" أن الدراما السوريةتصل إلى موسم 2017 مثقلة بالجراح على صعد مختلفة داخلياً وخارجياً. تزيد مسافة التأخر فنياً خلف نظيرتها المصرية وفق ما توضح الإعلانات الترويجية المنشورة للأعمال الحاضرة في شهر رمضان، بخاصة على مستويات الإخراج والصورة والإنتاج. تُجمع الأعمال السابقة التي تعالج درامياً الحرب في سورية وتغيب في الموسم الحالي، على أن الأزمة إضافة إلى شرها المباشر، تجعل كل ما كان مستتراً من سوء يطفو على السطح. بهذا المنطق تستمر الدراما السورية بلا جناحين، الأول تكسره «شروط المعركة» والسياسة والأمن، والثاني تكسره صاحبة الشأن كمقيم لزفاف بأهل العريس بلا ذوي العروس، إذ تخرج من حصادها كُتاباً أمثال حسن سامي يوسف وسامر رضوان وفؤاد حميرة، وتستبعد مخرجين مثل الليث حجّو، وتنفي حاتم علي من الداخل، والممثلين المصنفين «معارضة» فلجأوا إلى مصر التي تقدّرهم، وحتى من هم خارجها لحسابات لا يدركها منطق كـ «تهجير» قيس الشيخ نجيب، إضافة إلى توجه فنانين آخرين إلى السينما والمسرح كملجأ فني بحثاً عن مستوى أفضل مثل أيمن زيدان والمخرج باسل الخطيب، إلى جانب اعتكاف بعضهم لعدم وجود ما يقنع فنياً مثلما فعل الممثل قصيّ خولي.

ويضرب خط النكبة أخيراً جذر الصناعة بحرمان طلاب السنة الأخيرة في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، والذين هم رافد الشاشة الصغيرة مستقبلاً، من تقديم مشاريع التخرج أمام الجمهور بقرار من العميدة جيانا عيد، بسبب اتهامات لهم بـ «قلة الأدب» وضرب الأساتذة، الأمر الذي تنفيه الدفعة كما استنكر ممثلون كثر مثل طلال مارديني ويزن السيّد العقاب الجماعي.

من دون الغوص كثيراً في تحديد ضفة الحق، الأزمة الأخلاقية واقعة بغض النظر عن هوية الجاني والضحية. وتستمر الأزمة الأخلاقية بالتجلي في غياب فعلي وعدم حضور لائق من قبل أهل الدراما والإعلام وحتى الجمهور، في جنازتي الممثلتين الراحلتين نجاح حفيظ وهالة حسني.

وتحافظ الدراما السورية، بلا ثناء، على تفوقها مقابل الجارة اللبنانية مع حاجتها «الموسمية» لنجومها كشروط عرض في سبيل زيادة احتمالات الطلب عليها في لبنان، بفارق تراجعها تسويقياً في مواجهة الأسعار الزهيدة التي تعرضها الفضائيات والقنوات التلفزيونية العربية، وعدم جدوى السوق المحلية في حسابات الربح والخسارة المادية. تظهر هذه المشكلة أن الفن الذي ينوي حفظ هويته، عليه خلق سوق محلية تكفيه «شر الحاجة» إلى الخارج، قبل الانتشار. كل ذلك يدفع بعض أهل الصناعة إلى التنبيه من مآل الأمور بعدما تحولت أعمالهم في الأعوام السابقة من نافذة عربية على الممثل/ة اللبناني/ة إلى العكس.

يكتب مدير الإنتاج السوري يامن ست البنين عبر حسابه الشخصي على موقع «فايسبوك»: «يا عيب الشوم اسم نيكول سابا قبل باسم ياخور وكاريس بشار إخراج شيخ الكار!!!»، في إشارة إلى مسلسل «مذكرات عشيقة سابقة» (نور شيشكلي وهشام شربتجي). وتنشر الفنانة أمل عرفة قولها: «الشمس ما بتتخبى بغربال... والسطحية والتفاهة ما بتتخبى ورا بارفان ولا لغات ولا تياب حلوة وخروق ولا ورا وجوه الشمع يااااااويلنا إذا ما كنّا إيد وحدة، ياااااويلنا ياااااويلنا».

في الشكل ينخفض الكم من نحو ثلاثين مسلسلاً إلى قرابة العشرين، مع اتخاذ خيارات فنية تدير ظهرها للأزمة الكبرى في سورية، وتميل إلى الزاوية الترفيهية أكثر من صفة الواقعية التي طالما تشكلت بها هويتها.

وتستند إلى الأعمال الشامية «الماركة المسجلة» سورياً، بنحو ثلث إنتاجها لتخطي أزمة التسويق بدلالة استمرار الأجزاء، في فعل يساهم بتطور نوعي كالبطولة النسائية في «وردة شامية» (مروان قاووق/ تامر إسحق) و«خاتون» (طلال مارديني وسيف رضا حامد/ تامر إسحق) في جزئه الثاني، إضافة إلى المواءمة الفعلية بين التاريخ والدراما في «قناديل العشاق» (خلدون قتلان/ سيف الدين سبيعي). وتشمل «البيئة الشامية» استمرار «باب الحارة» بجزء تاسع (سليمان عبد العزيز/ ناجي طعمة)، إلى جانب الجزء الرابع من «طوق البنات» (أحمد حامد/ محمد زهير رجب) والثاني من «عطر الشام» (مروان قاووق/ محمد زهير رجب).

وتركز الدراما السورية على الجانب الاجتماعي ضمن إطار الحب والعلاقات والعائلة في الثلث الثاني من أعمالها، مثل مسلسل «شبابيك» من كتابة مجموعة من الكتاب بإشراف بشار عباس، وإخراج سامر البرقاوي، في حلقات منفصلة تحمل كلاً منها موضوعاً وممثلين مختلفين، مع تضمن بعضها قصصاً من صلب الأزمة. وتستمر الجرعات الرومانسية بعيداً من الحرب إلا كخلفية بعيدة، في مسلسل «حكم الهوى» (ريم عثمان/ محمد وقاف) في عشرة ثلاثيات، تنسجم أحداثها مع أغنيات السيدة فيروز. ويغلب الطابع الإنساني مع حضور الأزمة إلى جانب الحب في مسلسل «ترجمان الأشواق» (محمد عبدالعزيز وبشار عباس/ محمد عبد العزيز)، حول حكاية ثلاثة أصدقاء يساريين تفرقهم الظروف وتجمعهم في الزمن الحالي مع رحلة شخصية «نجيب» (عباس النوري) في بحثه عن ابنته المفقودة. وتتضمن هذه الفئة مسلسل «الغريب» (عبدالمجيد حيدر/ محمد زهير رجب).

وتحضر الكوميديا في أعمال عدة ولكن بطابع الـ «لايت» على الأغلب، من خلال «جنان نسوان» (فادي غازي) حول الغيرة والشك في العلاقات الزوجية، إضافة إلى مسلسل «أزمة عائلية» (شادي كيوان/ هشام شربتجي) بنمط الـ «سيتكوم»، عن معاناة العائلة السورية في زمن الحرب بطريقة كوميدية. وأيضاً عبر مسلسل «سنة أولى زواج» (يمان إبراهيم/ نعيم الحمصي) حول المشاكل التي يقع فيها الطرفان في بداية حياتهما الزوجية. ويبرز في الأعمال الكوميدية مسلسل «سايكو» (أمل عرفة وزهير قنّوع/ كنان صيدناوي) حيث تجسّد عرفة خمس شخصيات مختلفة عن بعضها، بخطوة فنية جريئة. وتستمر سلسلة «بقعة ضوء» في جزئها الثالث عشر من إخراج فادي سليم للمرة الأولى.

وفي جانب «الخيال الفانتازي» وفق ما يصفه كاتب عدنان العودة، يحضر مسلسل «أوركيديا» (حاتم علي) كأضخم إنتاج سوري للموسم الحالي. وتدور أحداثه حول صراعات بين ثلاث ممالك.