جمال سليمان: ليس في تاريخي ما أخجل منه ولست من مدرسة «الفن للتسلية فقط»

جمال سليمان,مدرسة,الإعلام,نقيب الممثلين,نقيب الفنانين السوريين,مسلسل,المشاهد,الدراما الصعيدية,نجوم,الدراما التلفزيونية,المسلسلات,الأزمة,رمضان

أحمد مجاهد (القاهرة) 04 يونيو 2017

رغم نشاطه الفني وتصويره مسلسلين في وقت واحد، يعترف لنا بأنه فقد حماسته لفكرة الظهور الرمضاني، ويكشف السبب، كما يتحدّث عن العملين الجديدين «أفراح إبليس» و«أوركيديا».
النجم السوري جمال سليمان يرفض أن يكون من مدرسة «الفن للتسلية فقط»، ويرى أن للفن دوراً أكبر وأبعد من ذلك، مثلما يقول رأيه في عابد فهد وقصي خولي وباسل خياط، ولماذا يرفض الرد على نقيب الفنانين السوريين، كما يبين لنا أكثر ما يحرص على غرسه في نجله محمد.


- ألست قلقاً من عدم تحقيق الجزء الثاني من مسلسل «أفراح إبليس» النجاح الذي حصده الجزء الأول الذي قدمته منذ ثماني سنوات تقريباً؟
لا يمكنني معرفة ما إذا كان نجاح الجزء الثاني من مسلسل «أفراح إبليس»، سيكون أكبر من نجاح الجزء الأول أم أقل منه، لكننا نبذل قصارى جهدنا لكي نقدم عملاً فنياً مميزاً، فأحياناً تتم المراهنة على نجاح عمل فني معين ويكون مصنوعاً بطريقة احترافية، ومع ذلك يمر مرور الكرام، وفي المقابل هناك أعمال أخرى نتوقع كفنانين أن يتلقّاها المشاهد بلا مبالاة، لكنها تحظى بنجاح كبير، لذا فإن النجاح أو عدمه يصعب الوثوق فيه.

- من شجّعك على تقديم جزء ثانٍ من مسلسل «أفراح إبليس»؟
لطالما شجعني المنتج لؤي عبدالله، وبدوري تحمست للفكرة لأن الأحداث تحتمل تقديم جزء جديد.

- قدمت أنماطاً مختلفة من الدراما الصعيدية في مسلسلَي «حدائق الشيطان» و«سيدنا السيد» وغيرهما، ما الجديد الذي تقدمه في «أفراح إبليس» باللهجة الصعيدية هذه المرة؟
مسلسل «سيدنا السيد» كان يناقش واقع الصعيد بحكاياته الكثيرة، فالصعيد هو منبع الحضارة المصرية كلها في رأيي، وشهد مراحل تاريخية مختلفة ومتقلّبة، وهو عريق جداً ومسكون بالحكايات، ومهما قدمت مسلسلات صعيدية يبقى هناك مجال لتقديم المزيد منها، والناس يحبون هذه النوعية من المسلسلات، لكن المهم أن نحاول في كل مرة تقديم شيء جديد، ونظهر تأثيرات الحضارة والحداثة في الصعيد، لأنها مثل أي نوع من الدراما، سواء التاريخية أو المدنية، لو كان خيال المؤلف جامداً ومتواضعاً بعض الشيء، والممثلون والمخرجون يتعاملون مع العمل الصعيدي بعيداً من الابتكار وبذل أي مجهود، سيظهر العمل متواضعاً في النهاية، لكن العمل الفني، سواء كان صعيدياً أو غيره، حين يُقدّم بصدقية سيحبّه الجمهور.

- الدراما المصرية تطورت كثيراً في السنوات الأخيرة من حيث التقنيات الخاصة بالصورة والموضوعات، كيف ترى ذلك في مسلسلك «أفراح إبليس- 2»؟
أراه يتحقق بنسبة كبيرة جداً، إذ يتم تصوير المسلسل بأحدث التقنيات، سواء في الكاميرات أو الإضاءة.

- تصوّر للمرة الأولى مسلسلين في وقت واحد «أفراح إبليس 2» و«أوركيديا»، ما السبب؟
كثر كانوا يتوقعون عرض «أفراح إبليس» في رمضان، وذلك ليس صحيحاً، لأن العمل سيُعرض عقب موسم رمضان، وفي الحقيقة سعدت كثيراً بذلك، لأن شهر رمضان أصبح عبارة عن زحمة غير طبيعية، يُظلم بعض المسلسلات خلاله من حيث نِسب المشاهدة، كما أصبح شهراً تُعرض فيه نوعية محددة من الأعمال، ومنذ 30 عاماً وأنا أظهر على شاشة رمضان، لكن اليوم خفّت حماستي للمشاركة في الدراما الرمضانية، رغم أن مسلسل «أوركيديا» سيُعرض في الشهر الكريم، وهو من إخراج حاتم علي وإنتاج هلال أرناؤوط بالتعاون مع تلفزيون أبو ظبي.

- ما سبب حماستك لمسلسل «أوركيديا»؟
لكونه مسلسلاً تاريخياً مميزاً من وحي الخيال، وهو مغامرة فنية جديدة ونصوّره في رومانيا، ويناقش الصراع بين عدد من الممالك، وأتمنى أن ينال إعجاب الجمهور.

- هل صحيح أن العمل يضم نجوماً من سوريا ولبنان؟
يشارك في العمل كلٌ من باسل خياط وسلوم حداد وسلافة معمار، وهو من أضخم المسلسلات، حيث تدور أحداثه في سياق تاريخي.

- اختياراتك في الدراما التلفزيونية تحديداً تتضمن موضوعات ثقيلة فنياً مثل «ناصر» و«أفراح القبة» و«أوركيديا»... هل تتعمّد ذلك؟
المهم بالنسبة إليّ ليس أن يكون لديَّ عمل أصحو باكراً فقط من أجل الذهاب لتصويره، وإنما أن أقدّم عملاً فنياً ذا قيمة معينة، لأن الفنان يخطّ تاريخه بما يقدمه للجمهور، وأحاول قدر الإمكان أن أفعل ذلك دائماً، وبالتأكيد لم تكن كل الأعمال التي قدمتها بالمستوى الفني نفسه، لكن بصورة عامة وبنظرة شاملة الى تاريخي الفني، لا أجد ما أخجل منه أبداً، وبالنسبة إليّ الدراما التلفزيونية تلعب دوراً كبيراً في تحفيز الناس على التفكير في قضايا ومشكلات معينة، وفي رأيي هذا هو الهدف السامي من الفن، أن يراود المشاهدين الكثير من التساؤلات حول قضايا معينة في المجتمع، وألا نسعى من خلال الفن الى التسلية والمتعة والفرقعة، بغض الطرف عن القيمة، فلست من تلك المدرسة أبداً.

- بمَ يختلف «أوركيديا» عن أي مسلسل تاريخي قدّمته في مشوارك الفني؟
«أروكيديا» يناقش القيم الإنسانية، وكيف يفني الإنسان عمره في الصراع من أجل امتلاك أشياء مادية في الحياة، وكسب المزيد من السلطة، فيصبح من دون أن يدري سجين طموحاته المادية ودفاعه عن سلطته، ومع مرور الزمن يصير مشوهاً من الداخل مهما بلغ من جمال خارجي، وهذا كله نراه في الصراع بين ثلاث ممالك متجاورة، وهو صراع بين السلطة والقيم الإنسانية والقيم الأخلاقية.

- هل تهتم بمتابعة نجوم بلدك عابد فهد وقصي خولي وباسل خياط، خاصة أنهم اقتحموا الدراما المصرية أخيراً؟
عابد فهد نجم من الطراز الرفيع وهو صديقي العزيز، وأيضاً قصي خولي وباسل خياط، وأرى أن الدراما السورية قدمت فنانين مميزين نفتخر بهم ونرفع القبّعة لهم، ومن الطبيعي أن يكونوا كغيرهم من النجوم العرب، موجودين في مصر، فهي هوليوود الشرق. لذا، يجب أن نستوعب هذه العبارة جيداً.

- في رأيك، هل ساهمت المسلسلات التي احتوت على مشاهد بلطجة في تفشي ظاهرة العنف في الشارع؟
العنف الذي نراه في حياتنا له أسبابه، وهي أكبر من مسلسل أو فيلم سينمائي، ولا يصح أن نحمّل العمل الفني ما يفوق طاقته على الاحتمال، بالتأكيد هذا يؤثر في الناس، لكن ما نشهده اليوم ترجع أسبابه الى 70 عاماً من الفساد، وعدم الاهتمام بالتنمية الاجتماعية، وتردّي الأوضاع السياسية، والفقر والظلم والتعليم شبه المنهار، في غياب خطاب ثقافي في المجتمعات العربية، وبالتالي كل هذه الأمور خلقت ظواهر للعنف مع الأيديولوجيا الدينية المتطرفة، وتم خلطها مع بعضها البعض فظهر لنا ما يُسمى بـ«الإرهاب»، الذي أرخى بظلّه على مصر والمنطقة العربية، وأرى أنه محاولة لتشويه صورة الإسلام نفسه، وصورة المجتمع المسلم، وبالتالي نعيش اليوم مأساة كبيرة تستدعي إعادة النظر في كل الأمور.

- في رأيك، ما هو الحل للخروج من هذه الأزمة؟
تتفرع من هذه الحرب جبهات عدة، منها الجبهة الثقافية والفكرية، وهنا دور المسلسل والفيلم السينمائي والأغنية وقصيدة الشعر واللوحة الفنية، لذلك آن للحكومات العربية أن تلتفت لذلك، بالتشاور مع الفنانين والمبدعين الحقيقيين، وليست المسألة للبروباغندا أو للمرتزقة فقط، وإنما هي للكتّاب الحقيقيين، وليس لأنصاف المواهب، فالمسألة تحتاج الى علاج على المدى الطويل، لأن الأعمال التي تناقش قضايا الإرهاب تظهر بصورة فنية هزيلة جداً، بطريقة تفقدها أي قيمة، مثل الدواء الذي انتهى مفعوله، ويمكن أن يسمّم الإنسان، فهي مسألة معقدة وتحتاج الى حوار وطني صريح، وأرى أن ذلك لن يحدث أبداً.

- وأين أعمالك من محاربة التطرف؟                          
في عام 2010 قدمت مسلسل «قصة حب»، لكنه لفت نظر النقاد وعُرض عقب شهر رمضان وحقق نجاحاً كبيراً، وكان يناقش ظاهرة التطرف في المدارس المصرية، وما ينطبق على مصر ينطبق على الوطن العربي ومدارسه، وسواء كان أكثر أو أقل لكن يبقى الجوهر واحداً. كانوا يحاولون دفن رؤوسنا في الرمال وحرفنا عن مواجهة المشكلة الحقيقية، لكن المشاكل لا تُحل إلا بالمواجهة في رأيي، وكان هذا المسلسل خطوة من الخطوات لعلاج الأزمة، ورغم اعتزازي به، لا أدّعي أنه نموذج فريد لطرح المشكلة، وأحياناً ليس ضرورياً أن نذكر التطرف مباشرةً، لأننا لو عزّزنا العملة الصالحة، مثل القيم العلمية والتفكير العلمي واحترام المرأة والسعي نحو الأهداف الجيدة في الحياة، والحداثة بشكل أكبر في مسلسلاتنا، بدل أن نأتي بإرهابيين ومشاهد قتل، سيكون ذلك أفضل للمشاهد، وسنقضي على البيئة التي يتكاثر فيها الإرهاب في الوطن العربي.

- هل نجاح مسلسل «أفراح القبّة» جعلك حائراً في اختيار أعمالك الفنية؟
أتمنى بعد كل عمل فني ناجح أقدمه أو أشارك فيه، أن أُنجز عملاً جيداً آخر، فلست من نوعية الفنانين الذين يقعون أسرى نجاح عمل فني معين، مهما كانت درجة نجاحه، «اللي فات فات»، لأن محاولة تكراره تؤدي الى الفشل، فيجب أن ننسى ذلك النجاح ونبحث عن الجديد دائماً.

- رغم قيام زهير رمضان نقيب الممثلين في سوريا بمعاقبتك وبعض الفنانين السوريين، إلا أنك لم تخرج برد على ذلك فما السبب؟
لأن هناك أموراً لا تستحق الرد عليها، وذلك ما تعلمته من خلال خبرتي الطويلة في الحياة، فوقتي ثمين وكلمتي غالية، وهناك أناس لا يثبتون وجودهم إلا من خلال المهاترات والشائعات والتجنّي على الآخرين واستفزازهم، ونخطئ كثيراً حين نعطيهم الفرصة حتى يظهروا، وأؤكد أن الناس لا يُخدعون وسرعان ما يكتشفون الحقيقة، وزهير رمضان لا يستحق الرد عليه، وأشعر بالخجل حين أتحدث عنه، فمأساة وطني أكبر بكثير، ويستحق أن نهتم به جميعاً كسوريين، ونفكر في مساعدته لكي يخرج من هذه المحنة.

- نجلك محمد لا يظهر في الإعلام إلا نادراً، ما هي القيم والمبادئ التي تحرص على غرسها فيه؟
مثل كل الآباء، أحرص على أن يكون ابني صادقاً ويقدّر قيمة النجاح والعمل، ويكون إنساناً جدّياً في الحياة، ويحترم لحظة دخوله مدرسته ولحظة خروجه منها، ويكون لطيفاً مع زملائه، ومجتهداً في دروسه، وأن يكون مستقبله واعداً.